الأدب مرآة مجتمعه، فلا يوجد أدب قوي في دولة ضعيفة، والعكس صحيح. لقد كان انعكاسا حقيقيا لنهضة السوفيات ومعبرا عن نهضة الروس، ليصبحوا واحدة من أكبر القوى العالمية في القرن العشرين. ثم جاء الأدب الأميركي ليكون ترجمة طبيعية لقوة الدولة وصورة حقيقية عن تفوقها، وما زال الأدب الأوروبي معبرا عن تفوق الغرب وتقدمه.

وكان أدب أميركا اللاتينية الحديث مقدمة لتحرير دول هذه المنطقة من عقال الهيمنة والفساد إلى الديمقراطية وإصلاح الدولة.

والآن يشهد العالم نهوضا صينيا عظيما، ويواكب هذه النهضة الاقتصادية ارتقاء أدبي رفيع. ولأن دول العالم الثالث ما زالت تدور في فلك الغرب المعادي لكل ما هو شرق، مقتفية آثار غبار "الميديا" الغربية لطمس العيون فلا ترى حقيقة تقدم الأدب الصيني واعتلائه ربى سامقة في الآداب الإنسانية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"فيلة صغيرة في بيت كبير" لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميلlist 2 of 2الدكتور حلمي القاعود فارس الهوية والأصالةend of list

وحديثا جاء الاعتراف بالأدب الصيني من الغرب نفسه، اعترافا بجدارته وحيويته وعمق محتواه، وهناك سباق شرس لترجمة الأدب الصيني إلى كل لغات العالم.

ورغم الصلات والعلاقات العربية الصينية القديمة على طول التاريخ، التي أدت إلى احتضان الصين الدين الإسلامي في مناطق كثيرة من ربوعها، فإن ترجمة الآداب الصينية لم تكن على نفس مستوى العلاقات البينية. ومع النهضة الحديثة له، تولدت حركة ترجمة كبيرة للأدب الصيني في البلاد العربية.

ولن يتسع المجال هنا لرصد كل الترجمات العربية للأدب الصيني، ولكن في العام الماضي كانت رواية "الزمن المفقود" للصيني وانغ شياو بو الأكثر قراءة في العالم العربي على تطبيق "أبجد". وهي من الروايات القليلة التي كسرت حاجز الرهبة بين القارئ العربي والثقافة الصينية.

وتحقق في تلك الرواية مجموعة من السمات رفعت من إقبال المتلقي العربي عليها، أبرزها: أن الحدوتة فيها قوية، وفكرة الجنون أو فلسفة الصعاليك موجودة، وأبطالها من أبناء الشعب العاديين، ومن الممكن للمتلقي العربي أن يتخيل أنه أحدهم. وكل هذه العوامل أو السمات ساعدت المتلقي العربي على أن يعيش داخل أجواء الرواية.

الدكتور أحمد السعيد الخبير في الشأن الصيني الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة (الجزيرة) ضد الثورة الثقافية

رواية "الزمن المفقود" موضوعها سنوات الثورة الثقافية في الصين -منتصف الستينيات وحتى منتصف السبعينيات- أو ما يطلق عليها "سنوات الصين السوداء" في العصر الحديث. وهي تحكي عن الزمن المفقود للرجل الذي يحاول أن يكون بطلا لكنه يسقط في النهاية بلا بطولة أو إنسانية. وتجري الأحداث لما بعد الثورة الثقافية حيث تمزج الرواية بين البطولة الفردية والقومية.

إعلان

ويعد الروائي الصيني وانغ شياو بو أشهر من كتب عن الحب والسياسة في الأدب الصيني، وبحسب الأرقام فهو من أكثر كتاب العالم تأثيرا. وهو أيضا الملهم والملك المتوج بالصين على قلوب الشباب ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وقد توقف قلبه فجأة وهو بالأربعينيات من عمره سنة 1997، وبرغم رحيله المبكر فهو ينافس الأحياء من الأدباء على لافتات الأكثر مبيعا في الصين.

ويعد الصينيون وانغ أعظم من كتب سردا ونثرا وشعرا بالصينية في العصر الحديث، وهو من اقتحم الدروب السرية للنفس البشرية ففضحها بلطف ثم عالجها بعنف. ويكتب عن الحب فيجبرك على التفكير في السياسة، ويكتب عن العلاقات الإنسانية فتفكر في مغزى الحياة وتناقضاتها.

وأنت تقرأ الرواية تشعر أنها ليست بعيدة عنك، مثلها مثل رواية 100 عام من العزلة، تستطيع أن تتخيل نفسك واحدا من شخصيات ماكوندو، وتعيش نفس أجوائها. وقد منعت الرواية في البداية ثم نشرت في هونغ كونغ، ثم نشرت بعد وفاة المؤلف بالصين، وحتى الآن لا تنقطع إعادة طباعتها عدة مرات في العام الواحد.

ورواية الزمن المفقود نزلت إلى الشارع الصيني المزدحم تعبر عن أبناء الشعب في أدق تفاصيلهم الحياتية، محتفظة في ذات الوقت بالعمق السردي، بعد أن تخلصت من إيثار الحكمة والغموض الفلسفي الذي تتميز به الرواية الصينية.

وعلى العكس، عندما تقرأ رواية "الذرة الرفيعة الحمراء" للكاتب مو يان، الحائز جائزة نوبل عام 2012، التي يسرد فيها لمحات من تاريخ الريف الصيني في ظل الغزو الياباني للصين من عام 1937-1945، تشعر وأنت تقرأها كأنك خارج أجواء الرواية، وهذه صفة يتسم بها الأدب الصيني بشكل عام.

ومع أن رواية "الزمن المفقود" منعت بعض الوقت في الصين، فإنها كانت تباع في تايوان، ومؤلفات وانغ شياو بو هي الأكثر تأثيرا على مواليد الثمانينيات والتسعينيات في الصين. وبرغم رحيله المبكر عام 1997 وهو دون الـ45 من عمره، فأعماله تطبع كل عام وتباع بأرقام خرافية، ومقالاته مؤثرة جدا، منها كتاب "الأغلبية الصامتة" الذي يعتبر "إنجيل الصينيين".

الرواية الأكثر تأثيرا على مواليد الثمانينيات والتسعينيات بالصين (الجزيرة) الذائقة التابعة

ورواية "الزمن المفقود" من ترجمة الدكتور أحمد السعيد الخبير بالشأن الصيني، والأستاذ الزائر بجامعة الاتصالات الصينية، والرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة الذي التقيناه لنحلق معه في الوضع الثقافي الصيني ونعرف من خلاله أين العرب من الثقافة الصينية، وكيف عبرت الثقافة عن طموحات ومستقبل الشعب الصيني.

لماذا لا نرى الأدب الصيني في المنطقة العربية مقارنة بانتشاره بالغرب وبقية أنحاء العالم؟

– ما يحدد معايير انتشار الأدب المترجم في المنطقة العربية هو الذائقة الغربية، وليست الذائقة العربية. ولما يكون الكاتب مشهورا في اللغة الإنجليزية، تكون فرصته أكبر في الانتشار بالعربية أو اللغات الأخرى، التي هي لغات المفعول به، وليست لغات الفاعل. وأضرب لك مثالا بالكاتب الياباني هاروكي موراكامي، فلأنه يكتب بالإنجليزية أصبح مشهورا في بريطانيا، ونحن في مصر وفي المنطقة بالكامل لم نعرفه على أنه ياباني، بل عرفناه لأنه مشهور في الغرب.

إعلان

والأمر الآخر لعدم انتشار الأدب الصيني كما ينبغي هو القطيعة الثقافية التي حدثت بين الصين والعالم بعد الثورة الصناعية أواخر السبعينيات، ثم بدأت الصين تركز على البناء الاقتصادي للدولة، فلم تهتم بإحياء حركة جيدة للأدب الصيني، فضلا عن أن الأدب الصيني شديد العمق لأنه أدب فلسفي، والقارئ العادي المعتاد على قراءة "سوشيال ميديا" ستكون درجة تلقيه للأدب الصيني غير مريحة.

وأيضا هو أدب مثقل بكثير من الأحداث التاريخية والسياسية والثقافية بالنسبة للصين، فتشعر أنه محتاج إلى كتالوج لكي تفهمه. فمثلا، الكاتب الصيني مويان الفائز بجائزة نوبل عام 2012، قليلون هم من قرؤوا أدبه وفهموه. ولأن الأدب الصيني ثقيل، فهو يحتاج قبل ترجمته إلى عين كاشفة لانتخاب ما هو مناسب للترجمة إلى اللغات الأخرى، أو أن ينشأ في كل عمل مترجم كتالوج يشرح من خلاله المقصود ومرامي الأدب الصيني.

ومن ناحية أخرى، تجد أن الأدب الصيني المترجم إلى العربية بدأ مع انتشار الآداب الروسية التي غزت العالم، ثم انتقلت الذائقة الأدبية العالمية إلى الأدباء الأميركان، ثم انتقلت الموجة إلى أدب أميركا اللاتينية بالطفرة التي طفت على سطح العالم مع الواقعية السحرية، وكل هذه المراحل استغرقت سنوات من البناء.

ولهذا تأتي اختيارات دور النشر بناء على شهرة الكاتب أو العمل في أوروبا أو أميركا. فعندما تقول "واشنطن بوست" هذه قائمة أشهر 100 رواية في العالم، تتسابق كل دور النشر لشراء حقوقها وترجمتها، وأكيد لن تختار عملا صينيا، لأن القوى الناعمة الغربية دائما تظهر نفسها على أنها الأفضل، وتنتقي لنفسها ما يخدم أهدافها. فمثلما ترى أن الأعمال العربية المترجمة في الغالب ما يخدم الرؤية الغربية عن العرب.

والأدب الصيني صعب على الذائقة العربية، لأننا في الأصل ثقافة "حواديت": ألف ليلة وليلة، كليلة ودمنة. أما الصين، فهي ثقافة فلسفة، ولهذا الحبكة السردية ليست أصل الرواية، والأصل هو قراءة واعية لما بين السطور. والكاتب يبعث برسالة، وعلى القارئ أن يكون واعيا لما يقول الكاتب لأن هذه هي الطريقة الصينية في التعبير: الاقتضاب والاستعارات الكثيرة. والموجة الإنسانية في أدب "التنين الأصفر" هي المقابل الحقيقي لإرهاب راعي البقر.

هذه الرواية وصفها النقاد بأنها بمثابة "إعلان تمرّد أدبي" على القيم المحافظة (الجزيرة) أدب إنساني

– وهناك روايات مثل "العصر الذهبي" لـ"وانغ" وكذلك "الربع الأخير من القمر" للكاتبة تشيه زيه جيان، قال عنها النقاد إنها "100 عام من العزلة الصينية" فعالمها مليء بالسحر، لكن البطلة ترويه لنا وكأنه شيء عادي.

وهي أعمال مؤثرة في الصين جدا، إنما ثقافة المتلقي مغايرة لثقافة الأصل، والأدب لا يمكن نشره بالدولار والدينار، لأنه من قوى التأثير الناعمة التي من ميزاتها أنها تقنع المتلقي بأنها اختياره وليس بالضغط والجبر من قوى أجنبية.

من هم الأدباء الصينيون الأكثر شهرة على الساحة العربية وعالميا بعصرنا الحالي؟

– الكاتب ليو جين يون هو الأكثر ترجمة ومبيعا على الساحة العربية، ومن أعماله المعروفة: "طلاق على الطريقة الصينية"، "تاريخ آخر للضحك" و"1941″، و"جهة العمل"، "رب جملة بعشرة آلاف جملة".

ويأتي الكاتب الثاني في المبيعات ليو خوان، وهو الأشهر داخل الصين، وكل أعماله لا تتجاوز 7 روايات، وجميعها مترجمة إلى العربية. ورواية "نهر الزمن" طبعت 4 مرات، والإقبال عليها في تزايد.

كما يأتي مو يان الفائز بجائزة نوبل عام 2012، وأعماله كلها ترجمت إلى العربية، ومبيعاتها جيدة رغم صعوبة فهمها إلى حد ما.

ومن أشهر الكتاب في الصين أيضا الروائي شيو تسي تشين، الذي فاز بجائزة ماو دون الأدبية المحلية، وهي تعادل نوبل في قيمتها المعنوية والمادية داخل البلاد.

إعلان

ونحن نترجم لحوالي 30 أديبا صينيا هم الأكثر تأثيرا وانتشارا ومبيعا داخل الصين، وشيو تسي تشين كاتب شاب، وكتاباته كلها عن الشباب، ولهذا التلقي عنه سهل.

وتتحدث روايته الأكثر شهرة المترجمة إلى العربية "رحلة إلى الشمال" عن مجموعة من العائلات التي تواجه تحديات مختلفة في بكين، إلى جانب رواية "بكين" التي تتناول حياة المهاجرين من المناطق الريفية إلى العاصمة، وروايتي "لقاء في بكين" و"حكايات ضاحية بكين الغربية".

ويضاف إليهم الروائي الذي رحل شابا، وانغ شياو بو. وهؤلاء الخمسة هم الكتاب الأكثر تعبيرا عن الأدب الصيني، وهم الأكثر انتشارا، والجمهور في المنطقة العربية مهتم كثيرا بأعمالهم.

أما الكاتب يان لي، فهو كل عام موجود على ترشيحات جائزة نوبل، وله أعمال لم يسمح بنشرها في الصين، مع أنه يعيش هناك مرفها ويشغل منصبا حزبيا كبيرا. وأعماله تباع بسلاسة كبيرة، لأن الصين لا يوجد لديها سياسة المنع.

الكاتب يجسد صراع الإنسان الصيني البسيط مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة (الجزيرة) كيف تتعامل الدولة في الصين مع السياسة الثقافية؟ وهل لديها خطة لنشر ثقافتها بالخارج؟

– تلتزم الدولة الصينية بالدعم الكامل لترجمة ونشر الأدب الصيني بالخارج، وبدون توجيه سياسي مباشر. والناشر الأجنبي هو من يختار الرواية أو الكتاب المراد ترجمته، ويتقدم به للمشروع الموجه بالدعم من وزارة الثقافة أو وزارة الإعلام أو اتحاد الكتاب أو من دار النشر نفسها، ويحصل على الدعم اللازم للترجمة طالما انطبقت عليه الشروط.

ما أثر النهضة الثقافية على الإنسان الصيني في الوقت الحالي؟

– النهضة الثقافية أدت إلى أن أكثر 10 أدباء دخلا في الصين في السنوات العشر الأخيرة ولا يوجد لديهم كتاب واحد مطبوع، فكلهم يكتبون أدبا رقميا على المنصات. ومعنى ذلك أنهم شباب، وأن الأجيال الشابة والصغيرة هناك تقرأ بشغف. والأهم من ذلك أن هؤلاء الكتاب يكتبون عن أحداث اجتماعية تهم الناس، فهم عيونهم ومشاعرهم على نبض المجتمع وأين تكمن مشكلاته.

هذه الرواية أكثر ترجمة وانتشارا عربيا (الجزيرة) لا رقابة على الأفكار كيف تتم الرقابة على الأفكار داخل الصين؟ وهل تختلف فكرة الرقابة عما هي عليه بالغرب أو الدول العربية؟

– فكرة الرقابة المتخيلة لدينا غير موجودة لدى الصينيين. وأضرب مثالا على ذلك: كنت مرافقا للكاتب مو يان، الحائز على جائزة نوبل عام 2012، في معرض الكتاب بالجزائر 2019، وكانت الصين ضيف الشرف. وفي الندوة سأله أحد الحضور: هل تعتقد أن في الصين حرية للإبداع الأدبي؟

ورد الكاتب بسؤال: ماذا تقصد بالحرية؟ وما تعريفك للحرية؟

فأجاب السائل: الحرية المطلقة.

فقال مو يان: يعني لو كتبت رواية عن البوذية في الجزائر، التي دينها الإسلام، هل الحكومة الجزائرية ستتركني أفعل ما أشاء؟ هل أستطيع أن أهاجم الإسلام أو أهاجم العادات والتقاليد الجزائرية داخل الجزائر؟

فما أقوله هنا إنه لا توجد حرية مطلقة. أنا لا أستطيع أن أذهب إلى ألمانيا وأكتب رواية في مدح النازية وأدعي أن هذه حرية. وبنفس الإطار، في الصين، المجتمع هناك هو من يقرر حدود الحرية التي يتحرك فيها الأفراد، وفي الإطار المسموح به أنا حر جدا.

ويود بالصين نقد مجتمعي واضح. فمثلا، رواية "طلاق على الطريقة الصينية" للروائي ليو جين يون هي نقد مباشر للمسؤولين حتى نائب رئيس الدولة. ولنفس المؤلف رواية "سرير الغرباء" التي تحكي قصة فساد حاكم مقاطعة على درجة وزير. والروائي مو يان يكتب رواية "الضفادع" التي تمثل نقدا شديدا جدا لسياسة الدولة في سياسة الطفل الواحد. كذلك وانغ شياو بو يكتب وينتقد "الإيمان الأعمى" بالحزب الشيوعي، وينتقد الأغلبية الصامتة التي لا تفكر.

ويكاد لا يوجد عمل أدبي صيني لا يوجه انتقادات للمجتمع، ولكن على الطريقة الصينية. ولن تجد كاتبا صينيا يكتب عن الجنس أو السياسة بشكل مباشر، فالكتابة دائما غير مباشرة، والقراءة عملية وعي وإدراك لما يرمي إليه الكاتب.

الطلاق بهذه الرواية مدخل لفضح الفساد الإداري والتعقيدات البيروقراطية (الجزيرة) في ظل النهضة الاقتصادية الحديثة بالصين، هل تواكب الثقافة هذا النهوض؟ وهل للثقافة والأدب أثر في هذه النهضة؟

– ما يحكم الصين ليس السياسة، بل الثقافة، لأنها بالنسبة للإنسان الصيني هي الدين. ومنظومة الدين عند الشرق أو الغرب بديلها في الصين الثقافة. ووضع الثقافة في هذا البلد يشبه أو يوازي وضع الدين في المنطقة العربية.

إعلان

والثقافة عند الصينيين موضوعها وإطارها أشمل من فهمنا نحن، فالثقافة ليست أدبا وفنونا فقط بل أسلوب الحياة وطريقة العيش، وسلوك الفرد في المجتمع، وهي تعليم أسس الكونفوشيوسية والطاوية، وتعليم الماركسية على الطريقة الصينية.

ولهذا (فالرئيس الصيني) شي جين بينغ في كل أحاديثه لا بد أن يرفق بها اقتباسات من أمهات الكتب الصينية التي تدرس للطلبة في كل مراحل التعليم، مثل: كتاب "الأغاني"، "حوليات الربيع والخريف"، "السندات التاريخية"، "حلم المقصورة الحمراء"، "حوارات كونفوشيوس"، كتاب "الطاو".

ولديهم ما يسمى "الأربعة كتب المقدسة"، و"الخمسة كتب الكلاسيكية"، مثل كتاب "التعليم الكبير" وكتاب "التغيرات". وكلها مؤثرة في الثقافة وتترك أثرها في كل شخص في الصين.

ولكي تفهم الصين لا بد من فهم ثقافتها، حتى تدرك كيف ستكون تحركاتها. وهناك حملات في الصين حاليا تدعو لإحياء الكونفوشيوسية لأنها تدعو للبر والتراحم واحترام الكبير للصغير، وطاعة أولي الأمر واحترام الآخر.

وكذلك هناك دعوات لإحياء الطاوية التي تدعو إلى التجانس بين الإنسان والطبيعة وتجنب الصراعات.

وماو تسي تونغ (مؤسس الصين الحديثة) أديب وناقد وله مؤلفات في النقد الأدبي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات على الطریقة الصینیة فی المنطقة العربیة إلى العربیة الصینی فی فی الصین لا یوجد کتب عن

إقرأ أيضاً:

العلاقات التنزانية الصينية.. دار السلام تتجه شرقا

مع اقتراب تنزانيا من استحقاق انتخابي حاسم في أكتوبر/تشرين الأول 2025، تتجه الأنظار إلى علاقاتها المتنامية مع الصين، التي باتت تلعب دورا محوريا في مشاريع التنمية والبنية التحتية، وفي صياغة توجهات السياسة الخارجية لدار السلام.

ويأتي هذا التوسع في التعاون بعد عام حافل شهدته العلاقات الثنائية في 2024، حين احتفلت الدولتان بمرور 6 عقود على بدء العلاقات الرسمية، وأعلنتا ذلك العام عاما للثقافة والسياحة المشتركة.

وقد تخللت المناسبة فعاليات ثقافية وعسكرية غير معتادة، شملت مناورات بحرية مشتركة، وبناء مقر جديد لقوات الدفاع الشعبي التنزانية في دودوما بتمويل صيني.

كما تبادل الحزبان الحاكمان زيارات رفيعة المستوى، في مؤشر على تنامي العلاقات على المستويين الرسمي والحزبي، وتكريس الصين كشريك إستراتيجي في مرحلة ما قبل الانتخابات.

انعكاسات إقليمية

تنتمي تنزانيا إلى مجموعة شرق أفريقيا بصفتها عضوا مؤسسا، ما يضعها أمام تحديات في الحفاظ على توازن علاقاتها الخارجية، خاصة مع تصاعد النفوذ الصيني في سياساتها الداخلية والخارجية.

وفي هذا السياق، يرى الدكتور عبد الله محمد إبراهيم، الباحث في الشؤون الأفريقية، أن هذا التقارب قد يثير تساؤلات داخل الكتلة الإقليمية حول توجهات دار السلام، ويضعف قدرتها على لعب دور الوسيط أو القائد الإقليمي، خصوصا في ظل التنافس الصيني-الغربي المتصاعد في المنطقة.

الرئيسة التنزانية خلال زيارتها بكين في سبتمبر/أيلول 2024 للمشاركة في قمة الصين-أفريقيا (غيتي)المكاسب التنزانية

استفادت تنزانيا من مشاريع صينية ضخمة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتعليم والصحة.

من أبرز هذه المشاريع إعادة تأهيل ميناء بيجامو، وتحديث خط سكة حديد تنزانيا-زامبيا، إلى جانب إلغاء الرسوم الجمركية على صادرات تنزانية إلى السوق الصينية.

كما خصصت بكين نحو 50 مليار دولار لدعم التنمية في أفريقيا، منها 29 مليار كقروض ميسرة و11 مليارا مساعدات مباشرة، في خطوة تعكس التزاما طويل الأمد تجاه القارة.

فخ الديون؟

رغم أن الصين تستحوذ على نحو 12% من ديون أفريقيا، فإن تنزانيا تتبع نهجا أكثر حذرا مقارنة بدول أخرى في المنطقة.

إعلان

فقد بلغت ديونها الخارجية نحو 72.9 تريليون شلن تنزاني (29 مليار دولار أميركي تقريبا)، منها 16% للصين والهند.

ويشدد الدكتور عبد الله على أهمية الشفافية في العقود وضمان الجدوى الاقتصادية للمشاريع، لتفادي سيناريوهات مشابهة لما شهدته دول مثل زامبيا وسريلانكا، التي واجهت أزمات ديون خانقة نتيجة شروط غير متوازنة.

الصين عادت للتفاوض مع تنزانيا حول إعادة تأهيل ميناء بيجامويو بشروط أقل إجحافا (رويترز)الشراكة التجارية

تُعد تنزانيا من أكبر المتلقين للمساعدات الصينية في أفريقيا، ورغم أن بكين تحتل المرتبة الخامسة بين وجهاتها التصديرية، فإن الميزان التجاري يميل بشكل واضح لصالح الصين.

وقد عاد مشروع ميناء بيجامويو، الذي توقف سابقا بسبب شروط اعتُبرت مجحفة، إلى طاولة النقاش بعد تولي الرئيسة سامية سولوهو حسن السلطة، في مؤشر على رغبة حكومية في إعادة التفاوض بشروط أكثر توازنا تحفظ المصالح التنزانية.

الاستثمارات الصينية

بلغت الاستثمارات الصينية المباشرة في أفريقيا نحو 60 مليار دولار عام 2023، مع تركيز خاص على قطاعات التعدين والبنية التحتية.

وقد أُنشئت منصة استثمارية في مقاطعة هونان الصينية لجذب رؤوس الأموال إلى تنزانيا، كما دخلت أكثر من 600 شركة تكنولوجية صينية السوق التنزاني، مع خطط لإقامة معرض إلكترونيات دائم في دار السلام، ما يعزز حضور الصين في الاقتصاد الرقمي المحلي.

زيارة الرئيسة سامية للصين

في سبتمبر/أيلول 2024، وقعت الرئيسة سامية اتفاقيات إستراتيجية مع نظيرها الصيني، شملت تطوير خطوط السكك الحديدية، وإعفاءات من الديون، وقروضا ميسرة.

كما أُعلن عن ترقية العلاقة إلى مستوى "الشراكة الإستراتيجية"، تضمنت مشاريع في الزراعة والطاقة والبنية التحتية، إلى جانب دعم قدرات تنزانيا الصناعية والتكنولوجية، في إطار رؤية تنموية مشتركة.

مشاركة رئيس الأركان التنزاني في احتفالات ذكرى تأسيس الجيش الصيني (سفارة الصين لدى تنزانيا)العلاقات العسكرية

تُعد تنزانيا من أقدم الشركاء العسكريين للصين في أفريقيا.

وقد أُجريت مناورات مشتركة متعددة، آخرها في يوليو/تموز 2024 بمشاركة موزمبيق، ضمن برنامج "السلام والوحدة".

كما بنت الصين منشآت عسكرية إستراتيجية في تنزانيا، وتزودها بما يقارب 90% من معداتها العسكرية، ما يعكس عُمق التعاون الدفاعي بين البلدين.

التنافس الدولي

تزامنت المناورات الصينية مع مباحثات أمنية بين تنزانيا والولايات المتحدة، في مشهد يعكس تنافسا دوليا على النفوذ في دار السلام.

كما أن العقيدة العسكرية التنزانية مستوحاة من جيش التحرير الشعبي الصيني، الذي ساهم في تأسيس الجيش التنزاني بعد الاستقلال، ما يمنح الصين نفوذا رمزيا وتاريخيا داخل المؤسسة العسكرية.

القوة الناعمة

تدير الصين معهدي كونفوشيوس في جامعات تنزانية، وتقدم منحا دراسية سنوية للطلاب المحليين.

ورغم توقف الدراسة في الصين بعد جائحة "كوفيد-19″، استمرت الأنشطة الثقافية، بما في ذلك مقالات دورية في الصحف التنزانية عن الثقافة الصينية، ما يعزز حضور الصين في الوعي الثقافي المحلي.

الصين تعمل على نشر الثقافة الصينية في تنزانيا عبر معهد كونفوشيوس بجامعات تنزانية وغيرها (سفارة الصين لدى تنزانيا)الدعم الحزبي

يربط الحزب الشيوعي الصيني وحزب تشاما تشا مابيندوزي التنزاني تاريخ من العلاقات الأيديولوجية الوثيقة.

إعلان

ففي يونيو/تموز 2024، استقبل الحزب التنزاني وفدا صينيا، وأُعيد إحياء مدرسة "نيريري" لتدريب الكوادر الحزبية بتمويل صيني، في خطوة تعكس رغبة بكين في دعم الحلفاء السياسيين بأفريقيا.

الانتخابات المقبلة

يستعد حزب تشاما تشا مابيندوزي لخوض انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2025، مرشحا الرئيسة سامية، وسط استبعاد زعيم المعارضة تيندو ليسو من المنافسة، ما أثار توترات سياسية داخلية.

ومن شأن التعاون الحزبي مع الصين أن يمنح الحزب الحاكم دعما تنظيميا وأيديولوجيا إضافيا، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد.

ورغم التحديات الإقليمية والدولية، تواصل تنزانيا تعزيز علاقتها مع الصين، مدفوعة بالحاجة إلى التنمية السريعة والبنية التحتية الحديثة.

وبينما لا تشترط الصين قيما ديمقراطية في علاقاتها، فإنها تتوقع دعما دبلوماسيا في قضايا مثل تايوان.

وفي ظل محدودية البدائل الغربية، تبقى الصين شريكا جذابا لتنزانيا، وإن كان ذلك يثير تساؤلات حول التوازنات الإقليمية ومتطلبات الديمقراطية.

مقالات مشابهة

  • حكم صلاة الجنازة على الغريق المفقود.. اعرف رأي الشرع
  • أبوظبي تستضيف المؤتمر السنوي لجوائز التنين الدولية لعام 2025
  • بوتين يطلع نظيره الصيني على نتائج محادثاته مع المبعوث الأمريكي
  • «أبوظبي للمعارض» يستضيف مؤتمر جوائز التنين الدولية لعام 2025
  • العلاقات التنزانية الصينية.. دار السلام تتجه شرقا
  • حين تسمو بنا الكلمة فنبقى
  • بغداد وبكين تبحثان التحضيرات للقمة العربية–الصينية الثانية
  • الجيش ينضم إلى مجموعة التنين... والمملكة المتحدة تجدّد التزامها بدعمه
  • مجلس الشؤون الإنسانية الدولية يطلق برنامج «صنّاع محتوى التأثير الإنساني» في المجتمعات العربية
  • تعرف على شركة (CCCC).. العملاق الصيني وراء بناء نصب "تشنغ خه" في صلالة