ما حدود الرد الإيراني بعد الضربة الأميركية؟ الخبراء يجيبون
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
يشهد الإقليم توترا متصاعدا بعد الضربة الأميركية المفاجئة التي استهدفت منشآت نووية داخل إيران، مما أثار تساؤلات عديدة حول طبيعة الرد الإيراني، وحدود التصعيد المقبل، وإمكانية انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة وطويلة الأمد.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل أنها حققت الهدف المركزي من الحرب، تلتزم طهران الصمت وتدرك حساسية الموقف وتسعى إلى ردع موجه دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة.
ويعتقد محللون أن طهران تواجه مأزقا إستراتيجيا في تحديد شكل الرد المناسب، بينما تستمر إسرائيل في تصعيد الضغط العسكري، وتسابق الوقت لتقويض القدرات الصاروخية الإيرانية قبل أن تتحول المواجهة إلى معركة استنزاف.
تنسيق إسرائيلي أميركي محكميقول الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا -في تصريح للجزيرة نت- إن الضربة الأميركية لم تكن قرارا مفاجئا، بل تم الإعداد لها مسبقا، وجرت محاكاة سيناريوهاتها خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، في إطار تنسيق وثيق بين القيادة المركزية الأميركية وإسرائيل.
ويشير العميد حنا إلى أن واشنطن دخلت المعركة لاستكمال أهداف إسرائيلية عالقة، ومنح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مخرجا من أزمته السياسية.
لكنه يؤكد أن هذا التدخل فتح بابا جديدا، حيث تواجه إيران -التي اعتمدت لعقود على مبدأ "الدفاع المتقدم" عبر وكلائها الإقليميين- واقعا جديدا بعد انتقال المواجهة إلى داخل أراضيها، مما يضعف دور وكلائها في حال استمرت الحرب على شكل استنزاف طويل الأمد.
حذر محسوب ورد محدودويرى الكاتب والباحث أسامة أبو أرشيد -من واشنطن- أن طهران حتى الآن حددت ردها العسكري باتجاه إسرائيل، متجنبة الصدام المباشر مع الولايات المتحدة، رغم التصريحات المتكررة لقادتها العسكريين التي تؤكد أن الرد على واشنطن قادم.
ويضيف أبو أرشيد -في تصريحات للجزيرة نت- أن أحد الاحتمالات المطروحة هو شن هجمات سيبرانية، وهو ما حذرت منه وزارة الأمن القومي الأميركية.
إعلانلكنه يشير إلى أن أي رد مباشر على قواعد أميركية في العراق أو الخليج سيضع إيران أمام معادلة صعبة "بين ردع العدو وعدم الانجرار إلى حرب مفتوحة".
ويستذكر تجربة عام 2020، حين ردت طهران على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني بضرب قاعدة عين الأسد، بعد إنذار غير مباشر لتجنب سقوط قتلى، لكن الوضع اليوم أكثر تعقيدا في ظل ضغوط انتخابية على واشنطن.
تصريحات نتنياهودعت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نتنياهو إلى اتخاذ القرار الصعب، واغتنام الفرصة التي أتاحتها الضربة الأميركية الأخيرة عبر الانخراط في تسوية سياسية تقود إلى وقف إطلاق النار.
ومن جانبه، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن إسرائيل تعتبر الضربة الأميركية فرصة إستراتيجية دفعتها لاستثمار اللحظة بكل قوة.
ويشير مصطفى إلى إعلان نتنياهو أن الهدف المركزي للحرب، وهو تدمير المشروع النووي الإيراني، قد تحقق. لكنه يعترف بوجود فسحة زمنية محدودة لاستكمال ضرب القدرات الصاروخية الإيرانية.
ويضيف أن إسرائيل تسعى لإنهاء الحرب بقرار إسرائيلي، مع محاولة إقناع واشنطن بتوجيه ضربة ثانية لضمان تدمير المنشآت النووية بالكامل، وتتبنى إسرائيل سياسة "الهدوء مقابل الهدوء والتصعيد مقابل التصعيد" مع الحفاظ على مسار جوي آمن لضرب أهداف إيرانية، إلى أن تفرض تسوية دبلوماسية أو تضعف قدرة إيران على الرد.
حسابات مفتوحةيشير أبو أرشيد إلى أن الحسابات العسكرية والسياسية التي سبقت الضربة الأميركية تتسم بتعقيدات كبيرة، إذ كشفت تقارير أميركية عن قيام إسرائيل بقصف منصات دفاع جوي إيرانية لتأمين أجواء العمليات لطائرات "بي-2" الأميركية التي نفذت الهجمات.
ويؤكد أن طهران تدرك أن الضربة الأميركية لم تكن ممكنة لولا التحريض الإسرائيلي، مشيرا إلى تبني واشنطن رواية استخباراتية إسرائيلية تتعارض مع تقييمات وكالاتها بأن إيران لم تسع لتطوير سلاح نووي منذ 2003.
ويحذر أبو أرشيد من احتمال لجوء طهران إلى تأزيم الملاحة في مضيق باب المندب بدلا من إغلاق مضيق هرمز، لما لذلك من كلفة عالية على إيران.
ويتفق المحللون على أن الأزمة تتجاوز المنشآت النووية التي استهدفتها الضربات، وتمتد إلى ما يقارب 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب الذي يبدو أن إيران نقلته قبل الهجمات، إضافة إلى المعرفة النووية المتقدمة، والصواريخ الباليستية، والدور الإقليمي لطهران.
وتشن إسرائيل حربا مفتوحة على إيران منذ 13 يونيو/حزيران الجاري، تستهدف منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية، كما اغتالت خلال أيام قيادات بارزة في الحرس الثوري، بينهم رئيس هيئة الأركان، إلى جانب عدد من العلماء النوويين.
ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة الإسرائيلية الإيرانية -عبر ضربات مباشرة على منشآت تخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز وأصفهان- ارتقى التصعيد إلى مستوى غير مسبوق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الضربة الأمیرکیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
لماذ يقلل الخبراء الروس من أهمية لقاء بوتين-ويتكوف في موسكو؟
موسكو – قبل يومين من نهاية المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا أو اتخاذ إجراءات عقابية ضد روسيا، اختتم المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف مباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط تقييم رسمي إيجابي من الجانبين.
ورغم أن الاجتماعات الأربعة السابقة بين الرئيس الروسي وويتكوف حظيت بإشادة من الكرملين والبيت الأبيض، فإنها لم تحقق اختراقا فعليا في مسار وقف الحرب الأوكرانية.
لكن مستشار الرئيس الروسي للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف وصف اللقاء الأخير بأنه "عملي وبنّاء"، مؤكدا أن الطرفين يمكن أن يكونا راضيين عن نتائجه.
وأشار مستشار الرئيس الروسي للشؤون الخارجية إلى مناقشة أفكار لمواصلة العمل المشترك لحل الأزمة، معتبرا أن العلاقات بين موسكو وواشنطن يمكن أن تسلك مسارا جديدا قائما على المنفعة المتبادلة.
من جانبه، قال ترامب عبر منصاته على مواقع التواصل إن الاجتماع كان "مثمرا للغاية". وزادت التوقعات عقب اللقاء، الذي استمر 3 ساعات خلف أبواب مغلقة في موسكو، بشأن احتمال عقد اجتماع قريب بين ترامب وبوتين مطلع الأسبوع المقبل، سيكون الأول بين الرئيسين منذ اندلاع الحرب.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن ترامب أنه أبلغ قادة أوروبيين بنيته إجراء محادثات مع بوتين، وتنظيم لقاء ثلاثي يضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بينما امتنعت موسكو عن التعليق على هذه التصريحات حتى الآن.
ويرى الكاتب في الشؤون الدولية ديميتري كيم أن زيارة ويتكوف إلى روسيا تعكس رغبة واشنطن في إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع الكرملين، لكن من دون مؤشرات على اختراق وشيك في الملف الأوكراني.
ويضيف كيم في حديثه للجزيرة نت أن "مثل هذه الاجتماعات توفر فرصة لتبادل الآراء مباشرة، وهي عنصر مهم في إدارة النزاعات، حتى إذا لم تفض إلى نتائج فورية".
إعلانويشير كيم إلى أن الأولوية في واشنطن حاليا هي التوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية، على أن يتم بعد ذلك الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية، بينما تحرص موسكو على توسيع أجندة المباحثات لتشمل ملفات أخرى تتجاوز أوكرانيا.
ويرى أن "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة لا ترغب في تعاون ترامب مع روسيا، بل تسعى إلى دفع المفاوضات بما يخدم المصالح الأميركية أو المضي في سياسة التشديد وفرض عقوبات جديدة.
ويؤكد أن ويتكوف، بصفته مبعوثا خاصا، ليس مخولا بالتفاوض أو عقد اتفاقات، بل يقوم بدور ناقل الرسائل الدقيقة والسرية بين الطرفين.
تكهنات وهدنة محتملةقبل زيارة ويتكوف، تناولت وسائل إعلام روسية وغربية احتمالات فرض وقف إطلاق نار جزئي في أوكرانيا، عبر هدنة "جوية" محدودة تشمل وقف الضربات بالطائرات المسيرة والصواريخ، شريطة التزام كييف بالخطوة نفسها، كما حذرت تقارير أميركية من أن واشنطن قد تفرض قيودا إضافية على موسكو في حال تعثر المحادثات.
أما المستشار في معهد دراسات الأمن والدفاع ليف زابولوتوف، فيرى أن ترامب لا يملك خطة حقيقية لإنهاء الصراع، وأن إرسال ويتكوف إلى موسكو كان بهدف إظهار أنه يتحرك في هذا الملف.
ويضيف زابولوتوف في حديثه "للجزيرة نت" أن الخطوة جاءت لصرف الانتباه عن إخفاقات السياسة الخارجية الأميركية، مثل فرض الرسوم الجمركية والعقوبات على الهند والصين لتعاونهما مع موسكو، والتي لم تحقق أهدافها، فضلا عن محاولة التغطية على الأوضاع الاقتصادية المتراجعة داخل الولايات المتحدة.
ويتابع زابولوتوف أن ترامب لم يبدِ قدرة على صنع السلام، الذي يتطلب فهما عميقا لجذور الأزمة في المنطقة، معتبرا أن أي حل يظل بعيد المنال ما دامت الإدارات الأميركية أسيرة نفوذ التيار المتشدد وتتجاهل المطالب الروسية، وفي مقدمتها ضمان بقاء أوكرانيا خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو) ووقف توسعه شرقا.
وخلص المستشار في "معهد دراسات الأمن والدفاع" إلى أن زيارة ويتكوف إلى موسكو، بهذا المعنى، "فاشلة" ولم تحقق أي تقدم نحو تسوية الأزمة بين الجانبين.
يشار إلى أنه منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة الأميركية، قام المبعوث الخاص ستيف ويتكوف بعقد 4 اجتماعات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تركزت على محاولة تضييق فجوة الخلافات بين واشنطن وموسكو بشأن مستقبل الأزمة الأوكرانية، وآليات تخفيف العقوبات، وضمانات الأمن الإقليمي في أوروبا.