أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت مبكر من صباح اليوم التوصل إلى اتفاق لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، على أن يعلن انتهاء الحرب بعد تفعيل هذا الاتفاق لمدة 24 ساعة، واضعًا بذلك نهاية لما أسماه حرب الأيام الاثني عشر.
حسنًا، لا يمنعنا هذا من السؤال: هل تندلع حرب بين تركيا وإسرائيل على غرار ما حصل مع إيران؟
دعوني أبدأ من حيث ينبغي أن أنتهي: ما دامت مراكز القرار في الولايات المتحدة وإسرائيل تضم أشخاصًا يتخذون قراراتهم استنادًا إلى مراجع لاهوتية غير عقلانية، فإن أيًا من دول العالم لن تكون في مأمن.
على جميع الدول التي تظن اليوم أنها على وفاق مع ترامب، أو أنها لا تواجه مشكلات مع إسرائيل، أن تدرك أنها عرضة للخطر بسبب أولئك الذين ينظرون إلى العالم بعقلية لاهوتية غير عقلانية.
هذه بالضبط هي المعضلة التي تعاني منها أوروبا. فمن لا يتحرك وفقًا للمنطق والحقائق الجيوسياسية، وتحكمه الأوهام والهواجس، فلا حدود لما قد يرتكبه من جنون.
ربما كانت إسرائيل من أكثر الدول توقعًا لما تفعل؛ لأنها لم تعد تخفي حلم "أرض الميعاد"، بل حولته من يوتوبيا إلى هدف سياسي معلن. وعلى كل دولة في المنطقة ترى أن علاقاتها جيدة مع أميركا، إن كانت حدودها تمر عبر ما تعتبره إسرائيل "أرض الميعاد"، أن تدرك أنها ستتلقى مستقبلًا صفعة أميركية.
ففي أميركا أيضًا تيار فكري شبيه بالعقل الإسرائيلي غير العقلاني، وله تقارب أيديولوجي معها. والمشكلة الأساسية لدول المنطقة أنها لم تدرك بعد أنها تعيش في عالم تحكمه دول لا تستند في قراراتها إلى العقل ولا إلى الحقائق الجيوسياسية.
نسختان من العلاقات التركية الإسرائيليةمرت علاقات تركيا مع إسرائيل بمرحلتين. في المرحلة الأولى، كانت الحكومات التي أقامت علاقات وثيقة مع إسرائيل تنظر بعيدًا عن الشرق الأوسط نحو أوروبا. وعلى الرغم من أن أوروبا لم تقبل تركيا عضوًا كاملًا قط، فإنها ظلت تتركها على بابها وتعطيها بصيص أمل.
إعلانوخلال غياب تركيا عن الشرق الأوسط وتخليها عن الدول الإسلامية، تصرفت إسرائيل بحرية تامة. وعندما رفعت تركيا صوتها قليلًا، جاءت الضغوط من أميركا، وظهرت اضطرابات داخلية.
أما التحول الثاني فقد بدأ مع وصول رجب طيب أردوغان إلى الحكم. حينها أظهرت تركيا لأول مرة أن إسرائيل لا يمكنها أن تفعل ما تشاء في المنطقة، وأن تركيا لن تقول "نعم" لكل شيء. وقد تجلى ذلك بوضوح في مؤتمر دافوس عام 2009 حين قال أردوغان لرئيس إسرائيل "وان مينيت" (لحظة واحدة).
كنت حينها مستشار أردوغان الإعلامي، ورافقته إلى دافوس. وعندما ركبنا الطائرة عقدنا اجتماعًا مع باقي المستشارين، وقال أردوغان: "مهما حدث، لن نتراجع عن قرارنا"، معلنًا بذلك بداية مرحلة تاريخية جديدة.
منذ ذلك اليوم، تسعى إسرائيل لزعزعة استقرار تركيا. وعندما لم تفلح وحدها، حاولت تنفيذ انقلاب عسكري داخل تركيا عبر زعيم تنظيم غولن الذي كان مقيمًا في أميركا قبل وفاته هناك.
ففي 15 يوليو/ تموز 2016، جرت محاولة انقلاب عسكري عبر منظمة "فيتو" بقيادة فتح الله غولن، لكنها فشلت. استشهد 251 شخصًا، وأُصيب أكثر من ألفي شخص. وتجاوزت تركيا هذه المحاولة التي حظيت بدعم أميركي وإسرائيلي خفي، وخرجت منها أقوى.
هل تهاجم إسرائيل تركيا؟ما لم تدركه دول المنطقة هو أن إسرائيل، والتي لا تحركها عقلانية أو منطق جيوسياسي، يمكنها ارتكاب أي جنون، بمساعدة تيار مماثل في أميركا. فهؤلاء لا يظهرون مواقفهم المتشددة تجاه الدول الإسلامية فحسب، بل حتى تجاه أقرب حلفائهم في أوروبا.
وما دامت هذه الذهنية تتخذ قراراتها انطلاقًا من مشاعر دينية ولاهوتية، وليس من عقلانية سياسية، فإن الخطر جسيم. وعندما نضع في الحسبان ما قالته الإدارة الأميركية بحق حلفائها التقليديين في أوروبا، يمكننا تصور ما الذي قد تفعله تجاه الدول الإسلامية.
لقد كانت إيران حتى وقت قريب "خطًا أحمر" بالنسبة لأميركا، ومع ذلك، ضربتها إسرائيل. واليوم، تتحدث الصحافة الإسرائيلية عن تركيا باعتبارها العدو المقبل الذي ستواجهه إسرائيل في المرحلة الأخيرة. وهذا ليس مفاجئًا لنا، لأننا نؤمن بأن ذهنية إسرائيل اللاهوتية الحالمة قادرة على ارتكاب هذه الحماقة.
تركيا تستشعر التهديد من إسرائيللقد كانت مهاجمة إيران حلمًا إسرائيليًا قديمًا، لكنها لم تتمكن من إقناع واشنطن به. وقد نجحت أخيرًا في جر أميركا إلى ضرب منشآتها النووية عسكريًا.
ومن يظن أن إسرائيل ستتوقف عند هذا الحد فهو واهم. فقد رأت تركيا في سياسة إسرائيل التوسعية والعدوانية تهديدًا مباشرًا، وبدأت تعدل سياساتها الأمنية تبعًا لذلك. وبعد الهجوم على إيران، صرح الرئيس أردوغان بأن بلاده ستعيد صياغة مقارباتها الدفاعية والأمنية.
ففي بيئة تحولت فيها سياسات إسرائيل العدوانية إلى هجمات عسكرية، لم تعد هناك دولة في مأمن. وخصوصًا بعد أن تحولت "أرض الميعاد" من حلم إلى سياسة قابلة للتنفيذ، رفعت تركيا مستوى إدراكها للتهديد إلى أقصاه.
تركيا، التي تمتلك واحدًا من أقوى الجيوش وصناعات الدفاع في العالم، بدأت تعدل سياساتها الأمنية لمواجهة "التهديد التوسعي" الذي تمثله إسرائيل، وسنرى ذلك بشكل أوضح في المستقبل.
إعلانومن اللافت أن 96٪ من الشعب التركي يرى في إسرائيل تهديدًا ويشعر بالغضب تجاهها. والحقيقة أن لا دولة ولا أمة في الشرق الأوسط ستكون آمنة ما دامت إسرائيل متمسكة بحلم "أرض الميعاد". لكن، لماذا لا يعترفون بذلك؟ هذا ما لا أفهمه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أرض المیعاد
إقرأ أيضاً:
أميركا تدخل حرب إيران وإسرائيل وتقصف مواقع نووية.. ترامب يكشف التفاصيل وطهران ترد
متابعات تاق برس- وكالات – أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن القوات الأميركية نفذت هجوما “ناجحا للغاية” على المواقع النووية الإيرانية الثلاثة فوردو ونطنز وأصفهان فجر اليوم الأحد، بعد ساعات من إقلاع عدة قاذفات “بي-2” تابعة لسلاح الجو الأميركي من قاعدة في الولايات المتحدة متجهة عبر المحيط الهادي.
وقال إن “الآن هو وقت السلام”، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي رصد هجوم صاروخي إيراني ثقيل.
من جهتها، ترجح صحيفة إسرائيل هيوم أن الدفعة الصاروخية الإيرانية تتألف من حوالي 30 صاروخًا.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوقوع 15 مصابا في الهجوم الصاروخي الإيراني بينهم مصابان في حالة خطيرة.
وقال ترامب إنه تم إسقاط حمولة كاملة من القنابل على الموقع النووي الأساسي في فوردو، مؤكدا أن موقع فوردو انتهى.
وأشار الرئيس الأميركي إلى أن جميع الطائرات الأميركية أصبحت خارج المجال الجوي الإيراني.
وأكد أنه لا يوجد جيش آخر في العالم غير الجيش الأميركي يمكنه أن يفعل هذا، مشددا على أن “الآن هو وقت السلام”.
وطالب ترامب إيران بالموافقة الآن على إنهاء هذه الحرب، ووصف هذه اللحظة بأنها تاريخية للولايات المتحدة وإسرائيل والعالم.
وقال ترامب إن على إيران التوقف فورا وإلا سيتم ضربهم مرة أخرى، مشددا على أن أي رد انتقامي من إيران ضد الولايات المتحدة سيقابل بقوة أكبر بكثير مما شهدناه الليلة.
وفي كلمة أخرى له في البيت الأبيض، قال ترامب إن القوات الأميركية شنت هجمات كبيرة على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، وأكد أن هدف الهجمات تدمير قدرات إيران على التخصيب.
وأضاف ترامب أن الضربات حققت نجاحا عسكريا رائعا، وتم القضاء كليا على المنشآت النووية الإيرانية الثلاثة، وجدد مطالبة إيران بصنع السلام الآن.
وشدد الرئيس الأميركي على أنه “ما زال هناك الكثير من الأهداف، وإما أن يكون هناك سلام وإما مأساة لإيران”، وقال إنه سيتم ضرب أهداف أخرى بدقة إذا لم يتم تحقيق السلام.
وأشار إلى أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ستعقد مؤتمرا صحفيا بشأن الهجمات.
تفاصيل الضربة الأميركية
أكد المستشار الإستراتيجي لرئيس البرلمان الإيراني أنه تم إخلاء المنشآت النووية الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان منذ فترة طويلة.
وقالت محافظة أصفهان إن “منشأتي أصفهان ونطنز النوويتين تعرضتا لهجمات من العدو”، مضيفة بأن “الدفاعات الجوية في أصفهان وكاشان تصدت لأهداف معادية وسمع دوي انفجارات في الوقت ذاته”
وقالت وكالة إيرنا الإيرانية إن المواقع النووية التي قصفتها الولايات المتحدة لا تحتوي على مواد يمكن أن تسبب إشعاعا.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن “السكان القريبون من منشأة فوردو لم يشعروا بأي انفجارات شديدة والأوضاع بالمنطقة طبيعية”.⁴
وقال معلق التلفزيون الرسمي الإيراني إن كل مواطن أو عسكري أميركي في المنطقة أصبح هدفا مشروعا الآن.
ونقلت شبكة فوكس نيوز عن مصدر أنه تم استهداف مدخلي منشأة فوردو بقنبلتين، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة استخدمت 6 قنابل خارقة للتحصينات في الهجوم على هذا الموقع.
وأضاف المصدر أن إسرائيل دمرت منشأتي نطنز وأصفهان بنسبة 75% والضربات الأميركية بصواريخ توما هوك أكملت المهمة، لافتا إلى أن التقييمات تشير إلى أن منشأة أصفهان كانت الهدف الأصعب من بين المنشآت المستهدفة بالضربات.
وقال مسؤول أميركي لرويترز إن قاذفات بي 2 الأميركية استخدمت في الهجمات على مواقع إيران النووية.
كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول بالبنتاغون أن عددا من قاذفات بي 2 استخدمت لقصف منشأة فوردو الإيرانية.
ونقلت الصحيفة ذاتها عن مسؤول أميركي أن عدة قنابل خارقة للتحصينات وزنها 30 ألف رطل أسقطت على منشأة فوردو، مشيرا إلى أن التقييمات الأولية للأضرار تشير إلى أن منشأة فوردو أخرجت من الخدمة.
كما نقلت الصحيفة عن السمؤول الأميركي أن قاذفات بي ـ2 التي ضربت المواقع الإيرانية حلقت بلا توقف لمدة 37 ساعة من ميزوري.
وقالت الصحيفة إن أحد أسباب شن الهجوم تقدير الاستخبارات الأميركية أن هجوم إسرائيل أعاق برنامج إيران النووي 6 أشهر.
واشارت نيويورك تايمز إلى أن نظام الحرائق الخاص بوكالة الفضاء الأميركية “ناسا” رصد حدثا حراريا قرب منشأة فوردو النووية الإيرانية قبل نصف ساعة من الإعلان عن الضربات.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أن نحو 30 طنا من المتفجرات ألقتها الطائرات الأميركية على منشأة فوردو النووية.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن أحداث هذا الصباح لها عواقب وخيمة وعلى أعضاء الأمم المتحدة الشعور بالقلق إزاء هذا السلوك الإجرامي.
وأكد أن بلاده تحتفظ بكل الخيارات للدفاع عن سيادتها ومصالحها وفقا لميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح بالرد دفاعا عن النفس، مشيرا إلى أن واشنطن “ارتكبت انتهاكا جسيما لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بمهاجمتها منشآتنا النووية السلمية”.
تزامن ذلك مع تصريحات لمسؤول إيراني رفيع للجزيرة اعتبر فيها أن دخول أميركا إلى جانب إسرائيل يعني أن الحرب ستأخذ أبعادا إقليمية، وهدد باستهداف القواعد الأميركية في المنطقة.
كما كشف أن مفاعل ديمونة النووي قد يكون هدفا مشروعا إذا انتقلت الحرب لأبعاد جديدة.
أكد المستشار الإستراتيجي لرئيس البرلمان الإيراني أنه تم إخلاء المنشآت النووية الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان منذ فترة طويلة.
وقالت محافظة أصفهان إن “منشأتي أصفهان ونطنز النوويتين تعرضتا لهجمات من العدو”، مضيفة بأن “الدفاعات الجوية في أصفهان وكاشان تصدت لأهداف معادية وسمع دوي انفجارات في الوقت ذاته”
وقالت محافظة أصفهان إن “منشأتي أصفهان ونطنز النوويتين تعرضتا لهجمات من العدو”، مضيفة بأن “الدفاعات الجوية في أصفهان وكاشان تصدت لأهداف معادية وسمع دوي انفجارات في الوقت ذاته”.
وقالت وكالة إيرنا الإيرانية إن المواقع النووية التي قصفتها الولايات المتحدة لا تحتوي على مواد يمكن أن تسبب إشعاعا.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن “السكان القريبون من منشأة فوردو لم يشعروا بأي انفجارات شديدة والأوضاع بالمنطقة طبيعية”.⁴
وقال معلق التلفزيون الرسمي الإيراني إن كل مواطن أو عسكري أميركي في المنطقة أصبح هدفا مشروعا الآن.
أميركا تقصف إيرانالنووي الإيرانيحرب إيران وإسرائيل