الدولة والتوقيت؟.. أول رحلة خارجية لوزير دفاع إيران بعد ضربات إسرائيل وأمريكا
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
(CNN)-- سافر وزير الدفاع الإيراني، عزيز ناصر زاده، إلى الصين، حليفته الدبلوماسية والاقتصادية، في أول رحلة خارجية له، حسبما أُعلن، منذ الاشتباك الذي استمر 12 يومًا مع إسرائيل والذي جرّ الولايات المتحدة لفترة وجيزة.
وعزيز ناصر زاده هو واحد من 9 وزراء دفاع ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية أنهم حضروا اجتماعًا لمنظمة شنغهاي للتعاون، وهي مجموعة أمنية إقليمية تقودها الصين وروسيا، ازدادت أهميتها مع سعي بكين وموسكو إلى بناء تكتلات دولية بديلة لتلك التي تدعمها الولايات المتحدة.
وبدأ الاجتماع الذي استمر يومين، الأربعاء، في مدينة تشينغداو الساحلية الصينية، بعد يوم واحد فقط من وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل الذي قضى على أيام من الهجمات الجوية بينهما، تخللتها ضربة أمريكية على ثلاث منشآت نووية إيرانية، وتزامن اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون مع اجتماع قادة الناتو في لاهاي، حيث قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن الولايات المتحدة ستجتمع مع إيران "الأسبوع المقبل" لمناقشة اتفاق نووي محتمل.
وسلط اجتماع بكين، الذي جاء ضمن فعاليات رئاستها الدورية لمنظمة شنغهاي للتعاون، الضوء على دور الصين كلاعب دولي رئيسي، حتى مع بقائها على هامش الصراع الإسرائيلي الإيراني إلى حد كبير، وعلى الأهمية التي توليها طهران لعلاقتها ببكين، ولم يتطرق وزير الدفاع الصيني دونغ جون مباشرةً إلى الصراع في تصريحاته أمام الدول المجتمعة، الأربعاء، كما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية، بل سعى إلى ترسيخ مكانة الصين كدولة ذات رؤية بديلة للأمن العالمي.
ودعا وزير الدفاع الصيني دول منظمة شنغهاي للتعاون - التي تضم، بالإضافة إلى الصين وروسيا، الهند وإيران وباكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وبيلاروسيا - إلى تعزيز التنسيق و"الدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين" و"دعم الاستقرار الاستراتيجي العالمي".
ووفقًا لوكالة أنباء الصين الرسمية (شينخوا)، أعربت الدول المشاركة عن "استعدادها القوي لتعزيز وتطوير التعاون العسكري"، ونقلت على لسان وزير الدفاع الإيراني أنه "أعرب عن امتنانه للصين لتفهمها ودعمها لموقف إيران المشروع"، وكذلك أنه "يأمل أن تواصل الصين دعم العدالة وأن تلعب دورًا أكبر في الحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي وتخفيف التوترات الإقليمية".
وأدان المسؤولون الصينيون الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على إيران في 13 يونيو/ حزيران، والذي أودى بحياة كبار القادة العسكريين وأشعل فتيل الصراع الأخير، بالإضافة إلى القصف الأمريكي الذي تلاه، كما أيدت الصين وقف إطلاق النار وانتقدت تدخل واشنطن في الصراع ووصفته بأنه "ضربة موجعة للنظام الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية".
بكين، الداعم الدبلوماسي والاقتصادي الرئيسي لإيران، عمدت إلى تعميق تعاونها في السنوات الأخيرة، بما في ذلك إجراء تدريبات بحرية مشتركة، ولطالما عارض المسؤولون الصينيون العقوبات الأمريكية على إيران، وانتقدوا انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.
ولا تزال الصين أكبر مشترٍ للطاقة الإيرانية بفارق كبير، رغم أنها لم تُبلغ عن مشترياتها من النفط الإيراني في بيانات الجمارك الرسمية منذ عام 2022، وفقًا لمحللين، وتُظهر تقارير شبكة CNN أنه تم تسليم مواد كيميائية صينية الصنع، ضرورية لإنتاج وقود الصواريخ، إلى إيران في الأشهر الأخيرة.
وفي الأيام الأخيرة، بدت الصين غير راغبة في التورط أكثر في الصراع بما يتجاوز جهودها الدبلوماسية، كما يقول المحللون، بل استغلت الوضع كفرصة أخرى لتصوير نفسها كلاعب عالمي مسؤول، وتصوير الولايات المتحدة كقوة لزعزعة الاستقرار.
ويذكر أن منظمة شنغهاي للتعاون تأسست عام 2001 على يد الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان لمكافحة الإرهاب وتعزيز أمن الحدود، وقد نمت في السنوات الأخيرة تماشيًا مع طموح بكين وموسكو المشترك للتصدي لنظام التحالف الأمريكي الذي يعتبرانه قمعًا لهما.
ورغم أن المنظمة ليست تحالفًا، إلا أن المجموعة تقول إنها تهدف إلى "بذل جهود مشتركة للحفاظ على السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وضمانه"، ومع ذلك، لطالما اعتُبرت منظمة شنغهاي للتعاون محدودة، وذلك بسبب تداخل المصالح والخلافات بين أعضائها، بما في ذلك باكستان والهند، اللتان انخرطتا في صراع عنيف في وقت سابق من هذا العام، وكذلك الصين والهند، اللتان تشهدان توترات حدودية طويلة الأمد.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أسلحة أسلحة إيران البرنامج النووي الإيراني الجيش الأمريكي الجيش الإسرائيلي الجيش الإيراني الحرس الثوري الإيراني الحكومة الصينية النووي الإيراني شنغهاي طهران منظمة شنغهای للتعاون الولایات المتحدة وزیر الدفاع
إقرأ أيضاً:
فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
ترى الباحثة الخبيرة في الشؤون الصينية يو جيه، أن أعظم ما صدّرته الولايات المتحدة إلى الصين هو نموذج لبناء القوة العالمية، مؤكدة أن سلوك بكين الحالي الذي يراه الأميركيون تهديدا هو انعكاس لخيارات واشنطن الإستراتيجية.
وقالت، في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية، إن خطة الصين الخمسية القادمة (2026–2030) للرئيس شي جين بينغ توضح كيف استوعبت الصين الدروس الأميركية وأعادت صياغتها لتلائم طموحاتها على الساحة الدولية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأمين العام للناتو: الحرب قد تضرب كل بيت في أوروباlist 2 of 2إلباييس: ترامب لم يرحم قادة أوروبا ووصفهم بالضعفاءend of listواستعرضت الكاتبة، وهي باحثة أولى متخصصة في شؤون الصين بمعهد تشاتام هاوس البريطاني، 3 دروس تعلمتها الصين من منافستها التقليدية، تظهر كيف تتلمذت بكين على يد واشنطن في فن سياسات "القوى العظمى".
الدرس الأول: بناء المرونة الاقتصاديةأحد أهم الدروس التي استخلصتها الصين من التجربة الأميركية هو مفهوم المرونة الاقتصادية. وتعود جذور هذا التفكير الصيني إلى ستينيات القرن الماضي، حين قطع الاتحاد السوفياتي إمدادات التكنولوجيا الحيوية، المدنية والعسكرية، عن بكين، مما رسّخ في ذهنية قادة الصين أن الاعتماد الخارجي يساوي هشاشة الاقتصاد.
وفي منتصف العقد الماضي، ومع تدهور العلاقات مع واشنطن، أدركت بكين حجم اعتمادها على سلاسل توريد التكنولوجيا المتقدمة من دول قليلة. ومن هنا -تتابع الكاتبة- جاءت مبادرات تشجع الإنتاج الوطني لتعزيز الاكتفاء الذاتي في القطاعات الحساسة.
وترى الكاتبة أن هذا المسار يعكس صدى السياسات الصناعية الأميركية نفسها، التي أدركت من جهتها أن سلاسل التوريد المتشابكة في عصر العولمة تصبح نقطة ضعف وقت الأزمات.
أكدت الكاتبة أن واشنطن لطالما استخدمت ضوابط التصدير سلاحا لدعم تفوقها العسكري والاقتصادي، بدءا من إستراتيجيات الحرب الباردة ووصولا إلى فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قيودا على أشباه الموصلات.
إعلانوتعلمت الصين من ذلك أن السيطرة على نقاط ضعف الخصم نفوذ سياسي، يسمح للقوة العظمى بالتأثير على مجرى الأمور بما يتفق مع رؤيتها، إذ بدأت باستخدام قدرتها التجارية الهائلة وهيمنتها على المعادن النادرة لحماية أولوياتها الإستراتيجية.
تدرك بكين أن لعب دور "شرطي العالم" سيعرضها لنفس الأخطاء التي أضعفت الولايات المتحدة
وفرضت بكين قيودا على صادرات الغاليوم والجرمانيوم والغرافيت، وأصدرت قوانينها الخاصة للسيطرة على الصادرات وأنشأت قوائم "الكيانات غير الموثوقة".
ولا تعزز هذه الإجراءات مكانة الصين الدولية فحسب، برأي الكاتبة، بل تقدّم رسالة لبقية دول العالم التي تعتمد على بكين، مفادها أن الاقتراب من واشنطن قد يكون له عواقب اقتصادية وسياسية وخيمة.
ترى الكاتبة أن الصين استوعبت خطأ الولايات المتحدة الأكبر: التورط العسكري الزائد في نزاعات بعيدة ومعقدة. فمن فيتنام إلى العراق وأفغانستان، أظهرت تجربة واشنطن أن القوة العظمى تفقد نفوذها عندما تُستنزف في حروب طويلة.
لهذا السبب -يتابع المقال- تتبع بكين سياسة خارجية براغماتية تميل إلى الحذر والانضباط، هدفها حماية قوة الصين لا استهلاكها. ففي الشرق الأوسط، تحافظ الصين على علاقات بدول متنافسة، مثل إيران والسعودية، وتتجنب التورط في أزمات لا تستطيع السيطرة عليها.
وعلى الرغم من تصعيدها في تايوان وبحر جنوب الصين، تدرك بكين أن لعب دور "شرطي العالم" سيعرضها لنفس الأخطاء التي أضعفت الولايات المتحدة، وفقا للكاتبة.
وخلص المقال إلى أنه إذا أرادت الولايات المتحدة فهم دور الصين وأهدافها في النظام الدولي الحالي، فعليها أولا أن تعترف بأن الصين ليست خصما للنظام الأميركي، بل نتيجة له.