FP: لماذا تراجعت أهمية أوروبا في حرب إيران وغزة ولم تعد مهمة لترامب
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تقريرًا مطوّلًا للصحفية أنشال فوهرا، سلطت فيه الضوء على التراجع الملحوظ في تأثير أوروبا على مجريات الأحداث في الشرق الأوسط، لاسيما في ظل التصعيد العسكري بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران، وتهميش واشنطن للدور الأوروبي في اتخاذ القرارات الحاسمة.
بحسب التقرير، فقد سعت الدول الأوروبية إلى رفع صوتها في وجه التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة، وناقش وزراء خارجية 23 دولة في الاتحاد الأوروبي، في اجتماع بتاريخ 23 حزيران/يونيو الجاري، إمكانية اتخاذ إجراءات ضد الاحتلال الإسرائيلي على خلفية حرب الإبادة التي تقوم بها في غزة، في ظل تقارير أوروبية داخلية خلصت إلى احتمال خرق إسرائيل للمادة الثانية من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد، والتي تنص على احترام حقوق الإنسان.
إلا أن هذه الجهود الأوروبية تراجعت على وقع التصعيد العسكري الأكبر بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي من جهة، وإيران من جهة أخرى، حيث تم تجاهل دعوات أوروبا لضبط النفس، ولم تُجدِ الاجتماعات الدبلوماسية المتكررة في تحقيق أي اختراق يُذكر.
لقاء جنيف.. لا نتائج ولا جدول
قبل يوم واحد من الغارات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، التقى الثلاثي الأوروبي (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) بكبيرة دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي ونظرائهم الإيرانيين في جنيف. ولم يسفر الاجتماع عن أي تقدم، إذ اشترطت طهران وقف القصف الإسرائيلي قبل العودة إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن.
وقد أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، مايا كالاس، عبر منصة "إكس" أن "طهران تدرك تمامًا ما هو على المحك"، في حين أشار دبلوماسي أوروبي إلى أن إيران أبدت استعدادًا لمواصلة الحوار مع الأوروبيين دون تقديم تنازلات ملموسة، وهو ما عُد تقدماً طفيفاً.
في 20 حزيران/يونيو الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن أوروبا "غير قادرة على المساعدة" في حل النزاع، وأمر بشن غارات جوية واسعة على المنشآت النووية الإيرانية مستخدمًا قنابل خارقة للتحصينات، زاعمًا أنها "دمرت" قدرات إيران النووية، دون أن يُعلم الحلفاء الأوروبيين مسبقًا.
ورأت فوهرا أن الأوروبيين أخفوا مشاعرهم الحقيقية تجاه تلك الضربات وتجاه إدارة ترامب عموماً، إلا أن العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين عبّروا عن إحباطهم من التنسيق الهش مع واشنطن، خاصة أن الأخيرة تتصرف وفق أجندتها الخاصة دون مشاورات.
أزمة أمنية وتجارية في أوروبا
وتجد أوروبا نفسها اليوم أمام أزمة مركبة، إذ إنها مطالبة بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى نحو 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في قمة الناتو المقبلة، في وقت تسعى فيه لإقناع ترامب بعدم فرض رسوم جمركية بنسبة 50٪ على واردات أوروبية، اعتبارًا من 9 تموز/يوليو القادم.
وتؤكد فوهرا أن الأوروبيين، رغم اختلاف رؤاهم عن واشنطن، باتوا أكثر التزامًا بخط الرئيس الأمريكي، تجنبًا للمزيد من الأزمات مع الحليف العابر للأطلسي.
وعلى المستوى السياسي، أظهر الأوروبيون مواقف متضاربة. ففي حين أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن شكوكه في فعالية الأساليب العسكرية لتحييد البرنامج النووي الإيراني، أعلن تأييده لخفض تخصيب اليورانيوم إلى "الصفر"، تماشيًا مع الرؤية الأمريكية والإسرائيلية.
الموقف ذاته تبنّته ألمانيا وبريطانيا، حيث عبّر المستشار الألماني فردريتش ميرز عن دعمه المطلق للاحتلال الإسرائيلي، قائلًا: "هذه الحرب القذرة التي تخوضها إسرائيل، هي من أجلنا جميعًا".
وفي تناقض صارخ، لم تصدر أي دولة أوروبية إدانة للهجوم الإسرائيلي على إيران، ما فسره مراقبون بأنه انحياز واضح، سيقوّض مستقبل علاقات أوروبا مع طهران.
غياب الأدلة النووية
ويشير علي فائز، مدير برنامج إيران في "مجموعة الأزمات الدولية"، إلى غياب أي معلومات استخباراتية تؤكد أن إيران تسعى لتطوير سلاح نووي. وأضاف أن تبنّي الأوروبيين لمبدأ "التخصيب الصفري" جاء كمبرر لدعم الضربات الأمريكية والإسرائيلية، معتبرًا أن هذا الموقف يفضح التبعية الأوروبية للولايات المتحدة.
ويُضاف إلى ذلك تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية صدر في 12 حزيران/يونيو الجاري، أشار إلى تقاعس إيران عن التعاون مع المفتشين، ما زاد من قلق الأوروبيين، خاصة في ظل رفع طهران لنسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وهي نسبة تقترب من عتبة الـ90% المطلوبة لصنع سلاح نووي.
بحسب التقرير، يتمثل القلق الأكبر لدى أوروبا، في ما قد تفعله طهران ردًا على تجاهل الغرب. إذ حذّر فائز من احتمال قيام إيران بعمليات سرية داخل أوروبا، واحتجاز مزيد من الرهائن، فضلًا عن فتح الباب لتهريب المخدرات من أفغانستان إلى الحدود الأوروبية، لا سيما في حال قررت إيران الرد عبر إغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20 مليون برميل نفط يوميًا.
وقد أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين٬ عن خشيتها من ارتفاع أسعار الطاقة، ودعت إلى اجتماع أمني طارئ لبحث التداعيات الاقتصادية والأمنية للحرب.
غياب الرؤية الأوروبية
وتَخلص فوهرا إلى أن أوروبا، التي لا تزال ترزح تحت تأثير موجات اللجوء التي أعقبت الحرب السورية، باتت ضعيفة التفكير والطرح، وعاجزة عن تقديم مقترحات دبلوماسية خلاقة. فقد كان المقترح الأمريكي السابق بإنشاء اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم بمشاركة إيران ودول الخليج، أكثر واقعية وإبداعًا من أي مشروع أوروبي.
وتبقى المفارقة، بحسب التقرير، أن الغارات الأمريكية لم تحسم الجدل حول مصير اليورانيوم المخصب الإيراني، حيث لا يزال موقعه مجهولًا، ما دفع ماكرون للقول: "اليوم، لا أحد يعرف بدقة مكان وجود اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. علينا استعادة السيطرة على البرنامج النووي الإيراني عبر التفاوض والخبرة الفنية".
ورغم الحديث الأوروبي عن مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي، لم يُتخذ أي إجراء عملي. وأشارت مايا كالاس إلى أن الهدف لم يكن معاقبة إسرائيل، بل تحسين الوضع الإنساني في غزة، في تصريح اعتبره مراقبون دليلًا على ضعف الموقف الأوروبي أمام الانتهاكات الإسرائيلية.
وفي ختام التقرير، تؤكد فورين بوليسي أن أوروبا باتت اليوم في أضعف موقع لها في الشرق الأوسط منذ عقود، بعد أن فقدت نفوذها على واشنطن، وتعرضت هيبتها للتهشيم أمام التصعيد المتسارع في المنطقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية غزة الاتحاد الأوروبي الإيرانية ترامب إيران غزة الاتحاد الأوروبي ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
لا تتضمن برنامج تفتيش... عراقجي يعلق على زيارة نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران
قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ماسيمو أبّارو، سيصل إلى طهران الاثنين، موضحاً أن زيارته "لا تتضمن أي برنامج تفتيش"، ومؤكدا أنه "لن يبدأ التعاون حتى نصل إلى اتفاق إطار جديد، وهذا الإطار سيكون بالتأكيد مبنيًا على قانون البرلمان الإيراني". اعلان
وقال عراقجي، في تصريح للصحفيين في طهران الأحد، على هامش اجتماع مجلس الوزراء، إن الاتصالات مع الأوروبيين "مستمرة"، موضحاً أنهم طرحوا مسألة "استعادة العقوبات فورا" عبر ما يُعرف بـ"آلية الزناد".
أوروبا لم تعد طرفاً
شدد على أن "هذه الآلية ليست من صلاحيات أوروبا"، وأن "أوروبا لم تعد من وجهة نظرنا طرفا مشاركا في خطة العمل الشاملة المشتركة"، مشيراً إلى أن هناك نقاشات فنية وقانونية بهذا الشأن، وأن "موعد الجولة المقبلة من المفاوضات لم يُحدد بعد".
وكانت إيران قد عقدت دورتين من المحادثات مع الترويكا الأوروبية في جنيف وإسطنبول، في وقت سابق، وذلك بعد تهديد بريطانيا وفرنسا وألمانيا بتفعيل "آلية الزناد"، التي تتيح إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران بشكل تلقائي في حال عدم التزام طهران ببنود الاتفاق النووي.
يذكر أن كلاً من إيران والولايات المتحدة كانتا عقدتا 5 جولات من المحادثات بوساطة سلطنة عُمان، لكن تم تعليق المفاوضات نتيجة حرب يونيو/ حزيران الفائت التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، والتي شاركت فيها الولايات المتحدة عبر استهداف المنشآت النووية.
فيما واجهت المحادثات نقاط خلاف رئيسية، مثل طلب واشنطن من طهران وقف تخصيب اليورانيوم محلياً بشكل تام، وهو ما رفضه الجانب الإيراني.
Related عراقجي يُعلّق على قرار الحكومة اللبنانية بشأن السلاح: أُعيد تنظيم حزب الله ونحن ندعمهطهران تستبعد محادثات قريبة مع واشنطن.. وعراقجي يسخر من نتنياهو: "أي صنف يُدخّن؟"عراقجي: أمريكا خانت الدبلوماسية.. وتعاون إيران مع الوكالة الدولية سيأخذ شكلاً مختلفاًالممر الأرمني الأذربيجاني
وعن العلاقات الإقليمية وموضوع "ممر زنغزور"، أوضح وزير الخارجية الإيراني أن "وزير خارجية أرمينيا سيتصل به غدا"، وأن "رئيس الوزراء نيكول باشينيان سيكون على تواصل أيضا"، كما سيزور نائب وزير خارجية أرمينيا طهران يوم الثلاثاء.
وأكد أن "المشاورات مستمرة"، وأن موقف طهران "واضح تماما" بشأن الممر، مضيفاً: "نرحب بأي سلام بين أرمينيا وأذربيجان، وقد أكدنا سابقا استعدادنا للتعاون والمساعدة في عملية السلام، لكننا نرفض أي ترتيبات تمس بسيادة الدول أو تغيّر الحدود".
كما أضاف أن البيان المشترك بين أرمينيا وأذربيجان "يحترم سيادة جميع دول المنطقة وسلامة أراضيها ويرفض أي تغيير للحدود"، مؤكّداً أن "موضوع ممر زنغزور قد تم تجاوزه بالكامل". لكنه أعرب عن "مخاوف خاصة" بشأن "طريق عبور داخل الأراضي الأرمينية تديره شركة أرمينية-أمريكية".
وحذر من أن "أي وجود أجنبي في المنطقة قد تكون له عواقب سلبية على السلام والاستقرار"، مؤكدًا أن إيران "تتابع التطورات عن كثب وتواصل مشاوراتها مع الطرفين".
يذكر أنه أذربيجان وأرمينيا وقّعتا اتفاق سلام في البيت الأبيض، يوم الجمعة، برعاية الولايات المتحدة والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنهى نزاعا استمر أكثر من 30 عاما بين البلدين.
ينص الاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، وإنشاء طريق يمر عبر أراضي أرمينيا يربط أذربيجان بجيب ناخيتشيفان، ويُسمى هذا الطريق "مسار ترامب للسلام والازدهار".
هذا الطريق، المعروف بـ"ممر زنغزور"، يمر بالقرب من الحدود الإيرانية الشمالية الغربية، ولهذا تتابع إيران هذا الموضوع عن كثب لأنه قد يؤثر على الأمن في المنطقة، من وجهة نظرها.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة