عائلتي سبب نكستي.
تراكمات الماضي قضت على كل جميل في حياتي.
سيدتي قراء الموقع الأغر أحييكم على الفضاء الأغر الذي جعلني اليوم أتشجع لأتصل بكم وكل يقين من أنني سأتحصل على جواب يثلج صدري.
سيدتي، بعض الأقدار نعيشها دون أن يكون لنا فرصة الأختيار فيها، تماما كالعائلة، فأنا ومنذ صغري أعرف وسط عائلتي ضغطا رهيبا، أجل، بيتنا منذ نعومة أظافرنا مشحون بالنزاعات والشجار، توتر مستمر بين أمي وأبي، لا الصغير يحترم الكبير بين الإخوة ولا الكبير يحن ويعطف، نفقد الأسلوب الين، والكلمة الطيبة، لا يتحدثون إلا بالسخرية، ولا ينعتون بعض إلا بأبشع الكلمات، ولكم أن تتخيلوا كيف يكون العيش في بيت مبني على التحطيم والإساءة وبما أنني البكر، كنت أنا الضحية لأني مختلفة نوعا في توجهاتي، كنت لامعة في الدراسة لكن لم يمكن بالأمر المهم بالنسبة لهم، كانت لي العديد من الأحلام التي تحولت على طموح أردت تحقيقها لكن الأجواء متعبة، أفقدتني الثقة في كل المحيطين بي، حتى في نفسي، فكل شخص كنت أقابله أخاله سيسخر مني، لذلك ليس لدي أصدقاء.
صدقيني سيدتي، لا اشعر بحلاوة الدنيا بالرغم من تغير الظروف للأحسن، خاصة بعدما اعتليت منصبا محترما، أنا لا اشعر بالسعادة، فمجرد أن أدخل البيت أذهب للنوم وأتمنى أن لا أصحو أبدا حتى لا أدخل مجددا حلبة الصراع مع نفسي، حتى في العمل أشعر بحرج شديد حين يتطرق الزملاء إلا مواضيع تخص الأهل، إلا أنا أتجنب الحديث عنهم، فاعتقد الكثير أنني يتيمة.
أشعر بالاحتراق، لقوة ما أكتمه في قلبي، وأفكار سلبية كثير تدور في ذهني، فهل يمكن التخلص من كل هذا الصراع..؟
أختكم ب.شيراز من الغرب الجزائري.
الـرد:
مرحبا بك حبيبتي، وتحية لكل قراء الموقع، وأتمنى من المولة التوفيق في الرد عليك، أختي الفاضلة، أرى أنك وقعت في فخ عويص، هو سبب الحالة النفسية التي تمرين بها، فما تحسين به هو تهويل للأمور وتصعيد لظروف مرت عليكم لفترة لكنك بقيت متشبثة فيها إلى حد الآن، فتختمر في عقلك، وطمس عينيك عن حقيقة السعادة التي تكمن في الرضا بالقدر والقضاء خيره وشره، فالله سبحانه وتعالى عوضك عن سنين التعب براحة ومنصب وصحة وتغير ظروف عائلته للأحسن وهذا ما كنت تتمنين، فلماذا كل هذا التمسك بالماضي.
عزيزتي سامحني على قساوة الرد، لكن أحيانا لابد أن نتعامل مع بعض الأفكار بتلك الطريقة، كفي عن تمثيل دور الضحية، وأنك مسكينة بسبب ظروفك العائلية طريقة والديك التي باتت من الماضي، فبالرغم من كل ما آلمك سابقا أنت اليوم والحمد لله بصحة جيد، درست وتحصلت على عمل، بفضل من الله وبعون والديك اللذان سخرهما الله لكم بكل صفاتهم السيئة الحسنة، أريدك أن تكوني صادقة وتحللي الوضع على حقيقته، لكن قبل هذا تخلصي من كل تلك الأفكار السلبية، سأنصحك بشيء، أحضري ورقة وقلم، واكتبي عليها كل الأمور الايجابية في حياتك من جهة، والأمور التي برأيك تحتاج إلى تعديل، كوني صادقة وأحصي النعم التي أنت بها بصدق وتحدثي عن إخوتك وأقاربك، وأبواك وكل ما وفراه ولا زالا يوفرانه لك بالبيت، سأخبرك أمرا هنا، مهما كانا والديك، فأنت ملزمة بطاعتهما، وأنهما بمجرد ما تغمض عيناهما -بعد عمر طويل بإذن الله- ستشعرين بشوق شديد إليهما، وأنك ومهما فعلت لم توفهما حقهما، تذكري هذا جيدا، لأني اعتقد أن المشكلة بشكل كبير قد تكون منك أنت.
حبيبتي، بالرغم من كل ما تقدمت بقوله، أأكد لك أنني جد متفهمة لما تشعرين به، لهذا لماذا لا تحاولين أنت تغيير بعض الظروف، فبدل من روتين النوم والعمل، حاولي أن تخلقي جوا لطيفا في البيت، تقربي من أمك، توددي لوالدك، ضمي باقي إخوتك، لان حبك للتخلص من هذا الواقع هو دليل على أنه يوجد بداخلك شيء جميل يمكنه أن يصنع المعجزات، وهذا ما يسمى في علم النفس بالبقعة العمياء، بمعنى جانب لا نراه نحن في أنفسنا، وغيرنا يراه، وإن أنت فعلت عكس تلك الأفكار السلبية سوف تكتشفين تلك البقعة الجميلة المخفية فيك التي من شأنها أن تحسن من أحوالك، والأمر يحتاج منك فقط النية الطيبة واحتساب الأجر لله، ثم المبادرة، وسف ترين كيف ان السعادة ستعرف طريقها لقلبك الجميل.
وفقك الله أختاه وكان في عونك.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
من صنع القنبلة النووية هو «الخوف».. والثقة فقط هي التي تضمن عدم استخدامها ثانية
ترجمة: أحمد بن عبدالله الكلباني -
شهد العالم دخول «العصر النووي» قبل 80 عاما، وتحديدا في 6 أغسطس من عام 1945، حين ألقت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلتها الذرية على المدينة الشهيرة «هيروشيما» في اليابان، مما خلف عددا من القتلى المدنيين يتراوح ما بين 70 ألفا و140 ألف قتلوا أغلبهم بشكل مباشر والباقي كانوا ضحايا الإصابات حتى نهاية ذلك العام.
ومرة أخرى عاد الحديث عن هذه الذكرى المدوية والقوة التدميرية الكبيرة، حينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأول من أغسطس الحالي عن نية بلاده نشر غواصتين، وغالبا من طراز «أوهايو» التي تحمل صواريخ باليستية، وذلك ردا على ما وصفه «بالتصريحات الاستفزازية كثيرا» للرئيس الروسي السابق «دميتري ميدفيديف».
ومن المحتمل جدا أن يكون تصريح دونالد ترامب تصريحا فارغا، ولكن بحديث عن غواصات «أوهايو» فالولايات المتحدة الأمريكية تضم في أسطولها الحربي 14 وحدة منها، والواحدة قادرة على حمل ما يصل إلى 90 رأسا حربيا، وكل واحدة من تلك الرؤوس قادرة على التسبب بأضرار تفوق بعشرة أضعاف القنبلة التي ألقيت على هيروشيما، وبعدها بثلاثة أيام على مدينة «ناجازاكي».
وبعد 80 عاما من ذكرى حادثة هيروشيما وما خلفته من كارثة مدوية، لا يزال العالم إلى اليوم يستعمل السلاح النووي كأداة للتهديد في ظل الحروب.
قبل صنع السلاح النووي في أربعينيات القرن الماضي، كان هناك اعتقاد سائد بأنه من المستحيل أن يتم صنع سلاح نووي، وذلك لأن كمية اليورانيوم والتي ترمز بـ «235» كبيرة جدا ومن الصعب توفرها، ولكن تغيرت هذه النظرية في عام 1940 وتحديدا في شهر مارس، حينما قام العالمان الفيزيائيان اللاجئان «رودولف بيرلز و«أوتو فريش» بالكشف عن سرٍّ عُرف لاحقا باسم «فريش » بيرلز»، وقد كانا يعملان في جامعة برنجهام.
وقد أظهر السر والذي كان بهيئة مذكرة، أنه يمكن صناعة قنبية نووية باستخدام كمية بسيطة من يورانيوم «235»، ولكن ظل الموضوع سرا خوفا من أن تكون ألمانيا النازية بصنع القنبلة النووية قبلهما.
وقد وردت في مذكرتهما: «إذا ما افترضنا أن ألمانيا تمتلك هذا السلاح، أو مجرد أنها ستمتلكه، فسيكون الرد الأكثر فاعلية هو التهديد المضاد بقنبلة مثيلة، واضح جدا أن البدء في إنتاج هذه القنبلة سيكون متأخرا جدا إذا كانت ألمانيا تمتلكه بالفعل، لذلك فإن موضوع صنعه أمر ضروري للغاية».
رفعت مذكرة كل من «رودولف بيرلز و «أوتو فريش» إلى الحكومة البريطانية كوسيلة تحذير، وقد استجاب رئيس الوزراء حينها «ونستون تشرشل» للمذكرة، وقام بإنشاء لجنة «مود» بعد شهر من التحقيقات بشأن الإمكانيات العسكرية للطاقة الذرية.
وقد أصدرت اللجنة تقريرا سريا في يوليو عام 1941 أوصى في البدء بصناعة القنبلة النووية والتعاون بين بريطانيا مع الولايات المتحدة الأمريكية لإنتاج القنبلة، وقد اشتهرت عبارة وردت في هذا التقرير تقول: «لن تخاطر أية دولة في الوقوع في مصيدة الهزيمة، ويجب امتلاك سلاح بهذه الإمكانيات الكبيرة».
فعليا تم استعراض الإمكانيات التدميرية للسلاح النووي في هيروشيما، ثم ناجازاكي، وكان لذلك وقعٌ كبير دفع العديد من الدول إلى تبنّي منطق لجنة «مود».
فقد قام الاتحاد السوفييتي، مدفوعًا بالخوف من احتكارٍ أمريكي للسلاح النووي، باختبار قنبلتها الأولى في عام 1949، وانضمت بريطانيا إلى «النادي النووي» في عام 1952، ثم فرنسا عام 1960، وبعدها الصين عام 1964.
ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل قد طورت قدراتها النووية بحلول أوائل السبعينيات، رغم أنها ما تزال تتبع سياسة «الغموض النووي»، أما الهند وباكستان فقد أعلنتا امتلاكهما للسلاح النووي عام 1998، في حين أجرت كوريا الشمالية أول اختبار لها عام 2006.
ورغم أن الدوافع القومية والرغبة في المكانة الدولية ساهمت في انتشار السلاح النووي، إلا أن الخوف ظلّ المحرك الأبرز، سواء الخوف من تفوّق استراتيجي دائم بيد الخصوم، أو، كما في حالة كوريا الشمالية، الخوف من هجوم خارجي.
وهكذا، لم يكن دور «الخوف» في القصة النووية يقتصر فقط على نشر السلاح، بل كان أيضا عنصرا أساسيا في الحد من استخدامه، وأبرز مثال على ذلك ما حدث في أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر عام 1962.
فكما أوضحتُ في مواضع أخرى فإن الخوف المشترك من كارثة نووية هو ما دفع الرئيس الأمريكي آنذاك «جون كينيدي» ونظيره السوفيتي «نيكيتا خروتشوف» إلى تطوير نوع من التعاطف المتبادل والثقة، وهو ما كان سببا محوريا في التوصل إلى حل سلمي لتلك الأزمة.
لكن، رغم أن الخوف النووي، وما نتج عنه من سياسة «الردع»، كانا من أدوات الحماية من الحرب، إلا أن بناء مستقبل آمن للبشرية على أساس الخوف وحده هو أمر هشّ للغاية.
فالعالم ربما تجنّب استخدام السلاح النووي منذ أغسطس 1945، بفضل دبلوماسية حذرة وشيء من الحظ الجيد، ولكن السؤال المطروح: «إلى متى؟ إلى متى سيصمد هذا الحظ الجيد؟ وهل يكفي ليمنع، مرة أخرى، مزيجا كارثيا من الحظ السيئ والمغامرات الطائشة من التسبب في استخدام السلاح النووي مجددًا؟».
لقد شكّلت التهديدات الروسية باستخدام السلاح النووي في حرب أوكرانيا، إضافة إلى الصراع العسكري الذي اندلع في مايو 2025 بين الهند وباكستان، وكلاهما دولتان نوويتان، مؤشرات مقلقة على أن التهديد النووي لا يزال قائما بقوة فوق رؤوس البشرية.
صحيح أن الحرب الباردة اتسمت بجو من الريبة الشديدة والخوف النووي، إلا أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي آنذاك كان لديهما على الأقل قنوات تواصل موثوقة وبعض آليات الضبط المشترك.
فقد تم توقيع اتفاقيات للحد من التسلح بعد أزمة الصواريخ الكوبية، ونجحت في الحدّ من التنافس النووي بين القوتين خلال الستينيات والسبعينيات، واستمر ذلك حتى بدايات الثمانينيات.
أما اليوم، فقد انهار نظام الحد من التسلح تقريبا بالكامل، كما أن قنوات التواصل الموثوقة بين القوى النووية الكبرى باتت شبه معدومة، وبات من الصعب تصور وجود آفاق جادة لتنظيم التنافس النووي بين روسيا والولايات المتحدة والصين.
وبهذه المناسبة، أي مرور 80 عاما على دخول العالم «العصر النووي»، أصدرت هيئة نوبل، وهي تجمع لعدد من الحائزين على جائزة نوبل وخبراء في الشأن النووي بجامعة شيكاغو، «إعلان 2025 من أجل الوقاية من الحرب النووية»، وجاء فيه: «لا يمكن بناء الأمن في نهاية المطاف على أساس الخوف».
فإذا كانت القنبلة النووية وُلدت من رحم الخوف، فإن ضمان عدم استخدامها مستقبلا يتطلب استبدال الخوف بالثقة.
وبعد مرور عشرة أعوام على بدء العصر النووي، أصدر ألبرت أينشتاين والفيلسوف برتراند راسل بيانًا وقّعه أحد عشر شخصا من الشخصيات البارزة، وكان الهدف من البيان، في جوهره، هو بناء الثقة بين الشرق والغرب، وقد ختم البيان بكلمات شهيرة تقول: «نحن نناشدكم كبشر إلى بشر، تذكروا إنسانيتكم، وتناسوا كل ما عداها،
إن استطعتم فعل ذلك، فقد فتحتم الطريق إلى جنة جديدة، وإن لم تفعلوا، فأنتم تسيرون نحو خطر الموت الجماعي».
واليوم، نجد أنفسنا أمام نفس الخيار الذي طرحه البيان قبل عقود، طريق يؤدي إلى الفناء، وآخر يقود إلى النجاة من خلال الاعتراف بإنسانيتنا المشتركة.
وفي اليابان، نجد تجسيدًا لهذا الحس الإنساني كل عام في أغسطس، حينما تُقام الفعاليات التذكارية للسلام في مدينتي هيروشيما وناغازاكي، ففي هذه الفعاليات، يتم تذكّر الضحايا ومن لا يزال يعاني من آثار القصف النووي، ويُوجَّه الأمل نحو مستقبل خالٍ من السلاح النووي.
قد تكون القنبلة النووية وُلدت من «الخوف»، لكن بناء الثقة، وهو ما يمكن أن ينشأ من هذا الخوف ذاته، هو وحده الكفيل بضمان ألّا تُستخدم هذه القنبلة مجددا.
نيكولاس جون ويلر أستاذ العلاقات الدولية بقسم العلوم السياسية والدراسات الدولية بجامعة برنغهام
نقلا عن آسيا تايمز