انتهت الحرب! إلا أنها لم تنته، بأي اعتبار. فاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه شفاهة بين إيران وإسرائيل قد يتمزق إربا في أي لحظة. ولا يزال نظام الحكم متماسكا في طهران. ومثل ذلك يصدق في إسرائيل وفي واشنطن، يلغو رئيس ـ لا يساوي قدراته العقلية المحدودة إلا غروره ـ عن إقامة السلام، ولن يتعلم المسنون الغاضبون المسؤولون أي درس.

وفي الوقت نفسه، يرقد مئات المدنيين موتى، والآلاف جرحى، مع ملايين المرعوبين.

الحرب انتهت! إلا أن السذج فقط هم الذين يصدقون أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل وكبير مروجي الحرب فيها، قد انتهى من القتال. فحتى لو أن دونالد ترامب محق في أن منشآت إيران النووية قد «محيت» حقا (والظاهر أن الأدق هو أنها «تضررت بشدة») فإن ذلك لا ينطبق على معرفتها النووية ومخزونها المراوغ من اليورانيوم المخصب. وعند البادرة الأولى لاستئناف البناء النووي، سواء أكانت هذه البادرة حقيقية أم متخيلة، من المؤكد أن نتنياهو وحلفاءه سيهاجمون مرة أخرى. وقد أوقفهم ترامب الأسبوع الماضي. ولكن هذا رجل يمكن أن يغير رأيه 3 مرات قبل أن يتناول إفطاره.

من الذي يعتقد جادا أن نتنياهو سوف يتخلى بسهولة عن الهيمنة على المجال الجوي لإيران الذي حققته قواته بسهولة غير منتظرة؟ من غير المرجح أن يستطيع مقاومة إغراء استهداف إيران مرة أخرى، وقد رأى ما في الهجمات الطازجة من منافع سياسية. إذ ترد الأخبار بأن نتنياهو يدرس حاليا إمكانية إجراء انتخابات مبكرة. ولعله يرجو أن غنائمه من إيران سوف تخفي إخفاقاته في السابع من أكتوبر 2023 وتخليه عن الرهائن المحتجزين لدى حماس.

ثمة نمط معهود هنا. فمنذ مارس، حينما أطاح منفردا بوقف إطلاق النار في غزة، يسعى نتنياهو إلى إخضاع الأراضي الفلسطينية. وتساقط المدنيون الفلسطينيون صرعى برصاص متكرر من الجيش الإسرائيلي ومن جراء أعمال وحشية للمستوطنين حول مراكز الغذاء في غزة وبلدات الضفة الغربية. وفي أماكن من قبيل رفح، يتكرر الأحد الدامي كل يوم تقريبا. وفي لبنان وسوريا، لا تزال إسرائيل ترمي القنابل آمنة من العقاب. فطاحونة نتنياهو العسكرية لا تكف عن الحركة. فلماذا تتخيلون أن يختلف الحال بأي شكل مع إيران؟

يأسى أغلب الناس لـ«الحروب الأبدية» التي تسمها التدخلات الغربية الكئيبة المستمرة لسنين في أفغانستان والعراق. لكن ليس نتنياهو. فهذا عدوه السلام. والحرب الأبدية هي التي تبقيه في السلطة، وفي دائرة الضوء، وبعيدا عن السجن. وهو شأن فلاديمير بوتين يرى الحرب المستمرة فرصة لتعزيز تأييده الداخلي والتفوق على خصومه. وعنف الدولة المستمر مميت للديمقراطية والشرعية والحكم الرشيد (وفي هذا السياق، يجدر بالأمريكيين أيضا أن يصيبهم القلق، لأن رئاسة ترامب أيضا تسلك مسارا مماثلا لولا أن حربها الأبدية إنما تجري مع «عدو في الداخل»)

برغم نداء نتنياهو المتلفز إلى الشعب الإيراني إذ شجعهم على «الوقوف» في وجه «نظام حكم آثم قمعي»، فإنه لا يكاد يبالي بحريتهم. لأن ما يريده لهم هو ما تريده القوى الإمبريالية دائما أي أن يكونوا بلدا ضعيفا منقسما متدهورا على الدوام لا يمثل تحديا لمصالح إسرائيل الاستراتيجية ويمكن معاقبته في أي وقت. ومن خلال سيطرة إسرائيل على سماء إيران وشنها هجمات سيبرانية سرية وعمليات تخريبية واغتيالات، فلها أن تضمن بقاء إيران ضعيفة وخاضعة للسيطرة إلى الأبد، أو هكذا قد تكون حسابات إيران.

انتهت الحرب...إلا أن الأمر ليس كذلك في طهران هي الأخرى.

فالحقيقة هي أن النظام الإيراني لم يقترب محض اقتراب من السقوط. ولو كان لقنابل إسرائيل من تأثير فهو أنها حشدت له دعما شعبيا وحماسة وطنية. فلقد هوجمت إيران بناء على كذبة (فلا المخابرات الأمريكية ولا الأمم المتحدة دعمت زعم نتنياهو بأنها تتسلح نوويا) ولم تدن الحكومات الأوروبية القصف. وهذه الحقائق سوف تزيد من عمق انعدام الثقة في الغرب. إيران تريد تخفيف العقوبات الأمريكية، وقد توافق على مناقشة هذا، ولكن ليس أنشطتها النووية المستقبلية. وهي تعلق التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبرفض الاحتواء الإسرائيلي، قد تستأنف طهران بمرور الوقت صراعا غير متكافئ وتحيي حروب الوكالة في المنطقة.

ولم تنته الحرب بالنسبة لترامب أيضا (برغم أنه قد يتصور ذلك مخدوعا بأوهام جائزة نوبل للسلام). ولقد أظهر، كما في أوكرانيا وغزة، أن تدخلاته المتهورة وغير المدروسة وغير القائمة على معلومات لا تزيد العالم إلا خطورة. فجعل انسحاب الولايات المتحدة أشد صعوبة عليها إذا ما اندلعت الحرب مرة أخرى. وقد جاءت هجمته المباغتة على إيران ـ وهي شبيهة بالهجمة على ميناء هاربر ـ لتنتهك ميثاق الأمم المتحدة وسوف تكون مسوغا للدول المارقة في اعتداءات غير مشروعة. وهو باستمراره في مساعدة نتنياهو ـ المتهم بكونه مجرم حرب ـ يعرض نفسه للملاحقة القضائية من المحكمة الجنائية الدولية.

لقد أطاح ترامب بالدبلوماسية متعددة الأطراف، وحيَّد حلفاءه الأوروبيين وأهانهم، واعتمد على مبعوثين مبتدئين، ورفض نصائح الخبراء. وعجزه السافر عن الثقة، ونرجسيته الهائلة، سببان إضافيان لعدم إمكانية الاعتماد على الولايات المتحدة. والحرب في الشرق الأوسط لم تتوقف إلا لماما. وحاول ترامب أن يدرك رشفة من كأس المجد، لكنه أفلت الفرصة.

هذه حرب عبثية عبثا محضا مذهلا. لم تحقق أي شيء إيجابي تقريبا. تسببت في بؤس، ودمار، وغياب للأمن. ونادرا ما تحقق القوة الغاشمة غايات سلمية. بل إن دأبها هو أن تؤجج المشكلات القائمة، وهذا ما كان في هذه الحالة. فمتى سيفهم هؤلاء المسنون الغاضبون الأمر؟ لعلهم لن يفهموه أبدا، ما لم يستجمع الديمقراطيون شجاعتهم ويتحدوهم.

سيمون تيسدال من كتاب الأعمدة في ذي جارديان

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وقف الحرب بين إيران وإسرائيل بعيون الصحافة الأوروبية

لم تكن الهدنة بين إيران وإسرائيل، في المشهد الإعلامي الأوروبي، مجرد عنوان عابر في تغطيات الأخبار العاجلة، بل تحوّلت إلى موضوع مركزي للقراءة والتحليل، لا سيما في الصحافة ذات النزعة التحليلية مثل إلباييس الإسبانية، لوموند الفرنسية، دير شبيغل الألمانية.

فبين سطور الافتتاحيات وتقارير الرأي، بدت الهدنة وكأنها مرآة مكبّرة لأزمة ثقة أوسع، تطال طبيعة إدارة الأزمات في الشرق الأوسط. ولم تركّز هذه الصحف على مشاهد الدمار أو عدد القتلى، بل انصب اهتمامها على تفكيك الرمزية السياسية لتوقيت التهدئة، واللغة التي اختارها صانعو القرار، والمصالح المتشابكة التي دفعت الأطراف للقبول بوقف إطلاق النار رغم توتّر المشهد وسخونته الظاهرة.

وفي وقت انشغلت وسائل الإعلام الرسمية في بعض الدول بترويج خطاب "الانتصار الرمزي" أو "الردع المتبادل" جاءت المقاربات الأوروبية أكثر برودا، وأشد ميلا للتشكيك في استدامة التهدئة.

ففي كثير من المقالات والتحليلات، خضع مفهوم "الهدنة" لتشريح مفاهيمي صارم، وهو:

هل نحن أمام رغبة حقيقية في خفض التصعيد؟ أم أنها مجرّد استراحة تكتيكية تفرضها الحسابات الظرفية؟

ولم يكتف الصحفيون الأوروبيون بإعادة تدوير البيانات الرسمية، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، متسائلين: من يملك مفاتيح الاستمرار في هذه الهدنة؟ وهل لدى الأطراف المعنية الاستعداد الحقيقي لاقتناصها كفرصة سلام، أم أنها مجرّد ورقة في لعبة أعصاب مفتوحة؟

هدنة هشة دون ضمانات

يرى الكاتب الفرنسي ألان فراشون (صحيفة لوموند) أن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل لا يمثل نهاية للتصعيد، بل هو هدنة مشوبة بالغموض وتفتقر لأي ضمانات فعلية.

ويعتبر فراشون أن هذا "السكون المؤقت" يخفي خلفه توترات قابلة للاشتعال في أي لحظة، لا سيما في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، وتجاهل الأطراف لمسار دبلوماسي جاد.

إعلان

وبالنسبة له، فإن غياب توافقات حول الملفات الجوهرية، كالقضية النووية والوضع في غزة، يجعل من الهدنة مجرد محطة مرحلية في نزاع يتسع ولا ينحسر، إذ لم تتوفر بعد شروط التهدئة الحقيقية.

ومن جانبها، تعتبر الكاتبة الإسبانية أنجيليس إسبينوزا (صحيفة إلباييس) أن الهدنة لا ترقى إلى مستوى مبادرة سياسية، بل جاءت لاحتواء انفجار وشيك، وتصفها بأنها "تغطية هشّة لصراع تتفاعل جذوره بعمق، ويغذّيه الخطاب العدائي المتواصل".

وتلفت إسبينوزا إلى أن طهران تنظر إلى التهدئة كفرصة لإظهار قدراتها الرادعة لا كتنازل عن طموحاتها الإقليمية، في حين تعاني إسرائيل من تآكل داخلي في الثقة بسبب الارتباك الأمني والسياسي.

وتؤكد أن غياب اتفاقات واضحة، وعدم انخراط أطراف مثل حزب الله، يجعلان من هذه الهدنة إجراء ظرفيا هشا لا يمكن الركون إليه، مشيرة إلى أن القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تفتقر إلى خطة شاملة تضمن تحويل هذا التوقف العسكري إلى عملية سياسية حقيقية، خاصة في ظل تعقيدات الملف النووي الإيراني، وانعدام الثقة المتبادل بين الطرفين.

شتاينكي حذر من هشاشة الهدوء القائم خاصة في ظل استمرار أنشطة الفاعلين الإقليميين مثل حزب الله (شترستوك)

وفي مقاله المعنون "نتنياهو وترامب ضد إيران.. ماذا لو كانا على حق؟" يرى الكاتب الألماني ستيفان كوزماني (صحيفة دير شبيغل) أن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل لم يأت من جلوس على طاولة المفاوضات أو عن تخطيط مسبق، بل كان استجابة مباشرة لأوامر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعية لوقف إطلاق النار الفوري من الطرفين.

ويبرز الكاتب قلقه إزاء هذا التوقف العسكري الذي يصفه بالمفاجئ، خاصة في ظل غياب مساع تفاوضية حقيقية أو دور فاعل للجهات الأوروبية، مما يجعل هذا القرار يبدو غير نهائي، وبالتالي فإن العودة في أي لحظة، إلى الحرب واستمرار حالة عدم الاستقرار، أمر حتمي.

أما الصحفية الفرنسية كلود غيبال (كبيرة المحررين في القسم الدولي لإذاعة فرانس إنتر) فتسلّط الضوء على صمود النظام الإيراني في مواجهة الضربات الإسرائيلية والضغوط الاقتصادية حيث إن الضربات الأميركية لم تُحدث اختراقا في بنية النظام، وإن القيادة الإيرانية نجحت في امتصاص التصعيد بفضل تماسك داخلي مدعوم شعبيا، وردود محسوبة.

ومع ذلك، تُنبه غيبال إلى أن هذا التماسك لا يخفي هشاشة البنية الاقتصادية والسياسية في إيران، التي تجعل مستقبل النظام مرهونًا بتقلبات الداخل وسياسات الخارج، وخصوصا ما ستقرره الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة.

رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء عبد الرحيم موسوي يشكك في التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار الذي وضع حدا للحرب بينها وبلده الذي أكد جاهزيته "لرد قوي عليه في حال تكرار العدوان"

للمزيد: https://t.co/vzfSQ3Ugcl pic.twitter.com/kKmXF1VNb1

— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) June 29, 2025

وفي المقابل، ركز الصحفي الألماني رونن شتاينكي (صحيفة زود دويتشه تسايتونغ) على الجانب الإجرائي من الهدنة، معتبرا إياها ظرفية أقرب إلى استراحة عمليات، وليست مدخلا إلى سلام مستقر حيث يوضح أن إيران، وإن بدت في موقع قوة، فإنها تعاني من ضغوط داخلية تفرض عليها قبول التهدئة مؤقتا، بينما تسعى إسرائيل إلى استغلال الوقف المؤقت للعمليات لإعادة ترتيب أوراقها الأمنية.

إعلان

ويحذر شتاينكي من هشاشة الهدوء القائم، خاصة في ظل استمرار أنشطة الفاعلين الإقليميين غير الحكوميين، مثل حزب الله والمليشيات الحليفة لطهران التي تمتلك القدرة على تفجير الموقف من جديد، مشيرا إلى أن القوى الغربية، رغم احتفائها بالهدنة، لا تملك إستراتيجية متكاملة لمعالجة جذور الأزمة، مما يجعل من استمرار التوتر أمرا شبه محسوم.

أما الكاتب البريطاني جدعون رشمان (صحيفة فايننشال تايمز) فيقدم مقاربة تشكك بعمق في دوافع الهدنة، معتبرا أنها حدثت نتيجة ضغوط سياسية دولية ولا تعكس توافقا فعليا.

ويشير رشمان إلى أن الولايات المتحدة اندفعت نحو التهدئة خشية تداعياتها الانتخابية، وليس ضمن رؤية دبلوماسية ناضجة، ويصف الهدنة بأنها "إملاء جيوسياسي" أكثر من أن تكون اتفاقا نابعا من مفاوضات، مؤكدا أن الطرفين ما يزالان يراهنان على تحقيق مكاسب إستراتيجية لا الدخول في تسوية شاملة.

ويلفت إلى أن إسرائيل لم تخرج بانتصار حاسم، في حين تستثمر إيران التوتر لتأكيد موقعها الإقليمي، وأن الصراع لا يقتصر على الجانب العسكري بل يمتد إلى منافسة أيديولوجية وطائفية على النفوذ بالمنطقة، ويحذر من تجاهل دور الوكلاء الإقليميين كالمليشيات المدعومة من إيران التي قد تفجر الوضع في أية لحظة.

دور قطر واختيار ترامب

يقدّم الصحفي الإيطالي جيانلوكا ديفو (صحيفة لاريبوبليكا) مقاربة أكثر ميلا للتفاؤل الحذر بشأن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، معتبرا إياه نقطة انطلاق محتملة نحو تهدئة مستدامة إذا ما تم استثمارها بحكمة.

وفي مقاله المعنون بـ"هدنة إيران وإسرائيل.. دور قطر واختيار ترامب: كيف تم التوصل إلى وقف إطلاق النار؟" يشير ديفو إلى أن هذا التوقف في الأعمال العدائية يمثل لحظة نادرة لالتقاط الأنفاس في منطقة أنهكتها المواجهات المستمرة.

ويبرز بشكل خاص الدور الخفي والفعال الذي أدّته قطر، عبر التوسط غير المباشر وتهيئة أرضية من الثقة خلف الكواليس، مما أتاح فتح قنوات تواصل ساهمت في بلورة التهدئة.

ويرى ديفو أن الإدارة الأميركية، وتحديدا الرئيس ترامب، لعب دورا تاريخيا في دفع الأطراف نحو وقف إطلاق النار، ليس فقط من أجل احتواء التوتر الإقليمي، بل أيضا لتسجيل حضور سياسي يعزّز صورته كلاعب مؤثر على الساحة الدولية.

ويلاحظ الكاتب أن الهدنة انعكست إيجابيًا على بعض الجبهات الاقتصادية، من بينها أسواق الطاقة، مما جعلها تحقّق بعض المكاسب الفورية على أكثر من صعيد.

ورغم هذه الإيجابيات، لا يُخفي ديفو قلقه من تدهور الأوضاع في كلا البلدين، مذكرا بأن هذه التهدئة مهمة جدا بل فرصة نادرة يجب ألا تُهدر، داعيا المجتمع الدولي إلى البناء عليها، وتحويلها من "فرصة ظرفية" إلى مسار دبلوماسي ناضج يفضي إلى نتائج ملموسة.

View this post on Instagram

A post shared by الجزيرة (@aljazeera)

صراع مركب الأبعاد

في تحليل مشترك نُشر بصحيفة إلباييس، قدّم الصحفيان الإسبانيان إيكر سيسديدوس ولويس دي فيغا رؤية نقدية لتوقيت وظروف إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، واصفين إياه بأنه "ترتيب فرضته الضرورة" أكثر من كونه مبادرة نابعة عن قناعة الأطراف أو تقارب في المواقف.

ويلفت الكاتبان إلى أن هذا الاتفاق جاء في سياق متوتر اختلطت فيه الاعتبارات السياسية بالأمنية، حيث دفعت التحذيراتُ الدولية من انزلاق واسع النطاق الأطرافَ إلى اتخاذ خطوة تهدئة لا تعبّر بالضرورة عن تحوّل جذري في النيات أو التوجهات.

ويشيران إلى أن إسرائيل دخلت الهدنة مثقلة بارتباك وضغط داخلي، بعد فشلها في تحقيق مكاسب ملموسة، مما غذى شعورا عاما بالخيبة والضغط السياسي لدى حكومة بنيامين نتنياهو. وفي المقابل، تعاملت طهران مع التهدئة كفرصة لتعزيز خطابها الدعائي، مستندة إلى شبكة علاقاتها مع الفصائل الإقليمية التي منحتها ورقة ضغط فعّالة على خصومها.

إعلان

ويحذّر الكاتبان من أن غياب أية هندسة تفاوضية جدية، وتفاقم الانقسام الأيديولوجي والطائفي، يجعلان من وقف إطلاق النار لحظة مؤقتة محفوفة بالمخاطر. كما يسلطان الضوء على المزاج الشعبي العام، حيث لا ينظر السكان، في كلا الطرفين، إلى الهدنة كإنجاز، بل كمجرد فسحة زمنية هشّة في انتظار موجة جديدة من العنف.

ويشددان على أن الاستمرار في هذا المسار يتطلب أكثر من مجرد ضبط للنيران، بل يحتاج إلى إرادة سياسية صادقة، وإعادة تعريف الأولويات الإقليمية، وإدماج الأطراف الهامشية في أي حوار محتمل. فبدون ذلك، ستظل الهدنة -على حد وصفهما- حلا سطحيا مؤقتا مهددا بالانهيار عند أول اختبار جدي.

وفي النهاية، يؤكد المشهد الأوروبي أن الهدنة بين إيران وإسرائيل ليست سوى فصل مؤقت في قصة طويلة من الصراع الممتد، وأن الطريق إلى سلام حقيقي لا يزال معتمدا على نضج سياسي، وتفاهمات إقليمية ودولية عميقة، تضع مصلحة الشعوب فوق المصالح الأيديولوجية والتكتيكات العسكرية.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يطلب من ترامب ضمانات لضربة ضد إيران
  • رغم تأكيد ترامب.. مصدر لـCNN: إسرائيل لم توافق على هدنة الـ60 يوما بعد
  • ترامب: إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لإتمام وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما
  • ويتكوف يلتقي اليوم أحد مساعدي نتنياهو لمناقشة خطط بشأن غزة ما بعد الحرب
  • ترامب يسعى لوقف الحرب في غزة الأسبوع المقبل.. سأكون حازما مع نتنياهو
  • ترامب يسعى لـهدنة في غزة الأسبوع المقبل.. سأكون حازما مع نتنياهو
  • وقف الحرب بين إيران وإسرائيل بعيون الصحافة الأوروبية
  • تقرير: إسرائيل لن تلتزم بوقف إطلاق نار يؤدي إلى إنهاء الحرب في غزة
  • روسيا: إسرائيل عادت للتركيز على غزة بعد وقف إطلاق النار مع إيران