الثورة نت:
2025-07-05@13:55:32 GMT

طهران تقود ثقافة الانتصار بعقلية المستقبل

تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT

 

أخيراً، أعترف الكيان الصهيوني بانكساره وطالب بوقف لإطلاق النار بينه وبين إيران، وما دفع بنيامين نتنياهو إلى هذا الطلب بواعز أمريكي هو حجم الخسائر داخل كيانه الاستيطاني وعدم رغبة البيت الأبيض باتساع المواجهة في المنطقة.

المجتمع الاستيطاني الصهيوني كان خلال الأيام الماضية ضحية مصطلح البروباغندا الإعلامية الصهيو/ غربية، وصدق إمكانية القضاء على «الخطر الوجودي الإيراني»، لكن اتساع دائرة الدمار في الكيان الصهيوني دفع المؤسسة الأمنية والسياسية للضغط على رئيس الحكومة من أجل التراجع والطلب بوقف إطلاق النار.

هدف الكيان الصهيوني تبدل مع بدء المواجهة العسكرية وهو لم يعد مجرد ضرب المنشآت النووية، فهو يدرك أن هذا هدف بعيد المنال رغم اغتيال العلماء وتخريب الموارد. كما أن تحجيم القوة الصاروخية والقدرة الصناعية الإيرانية لن ينجح أيضًا.

ولكن الهدف الحقيقي «للصهيو أمريكي» هو الاقتصاد الإيراني: قطاع الطاقة، والصناعات البتروكيمياوية، والغازية، والفولاذ وغيرها – وهي مفاصل قوة الدولة الإيرانية ومصادر تماسكها. ولذلك فإن نتنياهو، ومن يشاركه أمريكيًا وأوروبيًا، سعوا إلى إسقاط النظام السياسي في طهران واستبداله بنظام جديد عميل لهم.

ولكن ما أربك هذا المخطط هو إدراك الإيرانيين، بمن فيهم المعارضون الوطنيون في الداخل والخارج، أن بلادهم أصبحت هدفًا لحرب شاملة تهدد وجودهم، واقتصادهم، ومستقبل أجيالهم. لذا فإنهم أكدوا على أن التماسك الداخلي في ظل العدوان قد يعزز بدل أن يتفكك، وهو ما أفرغ استراتيجية «التمرد الداخلي» الذي سعى إليها أعداء إيران من مضمونها.

ينظر البعض لمفهوم «النصر» بشكل سطحي كمجرد تحقيق هدف مادي محدد دون النظر للسياق والملابسات المحيطة به. لكن هناك رؤية أعمق ينبغي أن تأخذ في الاعتبار معايير نسبية لتقييم النتيجة المادية، وكذلك البعد المعنوي المتمثل في تجسيد قيم العزيمة والمثابرة.

ينبغي علينا إذن أن ننظر لمفهوم النصر الإيراني في هذه الجولة بعمق، من خلال منظوريه المادي – حسب معايير نسبية وليست مطلقة – فضلا عن المنظور المعنوي.

ولكن من صنع الانتصار المزدوج، ومن دافع عن الهزيمة وتضرر منها؟

التاريخ وحده سيجيب عن كل الأسئلة التي تطرح وستطرح الآن وفي المستقبل، والتاريخ وحده سيسجل الحقيقة كما هي وسيفرز الناس، بين الذين صمدوا وتصدوا بشجاعة دفاعًا عن بلادهم، وأولئك الخونة الذين غدروا وطعنوا بوطنهم في الظهر قبل وخلال العدوان، وتحالفوا مع أعدائهم وتجار الموت والدمار والحروب. ‏

قريبًا ستفتح صفحات التاريخ.. ولن يمر وقت حتى نقرأ الحقائق كما هي دون «رُتوش» أو تحريف أو تزوير، ألسنا في زمن التزوير والزيف والأكاذيب الإعلامية، الغربية والعربية؟ ‏

اليوم يحق للشعب الإيراني المجاهرة بمشاعر الفخر والعزة والكرامة رغم الخسائر البشرية والمادية، وهو يتذكر بطولات جيشه الذي سجل بدمائه الزكية وبصبره وجهاده أنصع صورة في التاريخ الحديث والمعاصر، فهو لم يقهر جيشًا ­ قيل عنه لا يُقهر­ بل واجه قوة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية أيضًا واجبرها على إعادة قراءة الوقائع على الأرض بعيدًا عن الأوهام والأحلام. ‏

النصر العسكري الإيراني على أهميته البالغة في الجولة الأولى، ليس إلاّ الشق الميداني المباشر من النصر الكبير عندما تبدأ هذه الدولة الإقليمية العظمى في الاستمرار ببناء دولة ذات ثوابت سيادية واجتماعية واقتصادية ومستقبلية، بناء الدولة أو إعادة بناءها أمر في غاية الصعوبة، وببساطة لكي تبني دولة يجب أن تفكر بعقل المنتصر، وعقل المنتصر دائما مشغول بالبناء والمحتوى والتقدم للأمام، وليس مشغولا بالأوهام أو لوم الذات أو التقليل من شأن ذاته أو الخضوع للإملاءات، بل هو موجه داخليًا لتحقيق الانتصارات تلو الانتصارات، فهو مشغول طول الوقت بالانتصار للمستقبل.

أما الشق الثاني الذي قد يفوقه أهمية، فهو الشق السياسي والمتمثل في تراجع المشروع الأمريكي الخطير المعدّ في كواليس إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والدولة العميقة، والمعروف باسم مشروع «الشرق الأوسط الجديد». ‏

ليست هذه استنتاجاتنا وتحليلاتنا، بل هي اعترافات صريحة من قبل المهزومين أنفسهم.‏ فالإعلام الصهيوني، كما الأمريكي، اعترف بالفشل علنًا، وكل من يكابر ويرفض سماع هذه الاعترافات فهو كمن يغمض عينيه ويسير نحو المجهول. ‏

وهنا يمكننا التأكيد على الهزيمة العسكرية التي اصابت الكيان الصهيوني وجيشها من جهة، والهزيمة السياسية للإدارة الأمريكية التي لها نصيب من الهزيمة العسكرية، هي من كان يمنع أي قرار بوقف إطلاق النار بوهم أن «إسرائيل» ستنتصر، وهي التي نقلت الأسلحة الذكية والغبية والمحرّمة دولياً، لظنها أن الكيان الصهيوني قادر على أن يكون القابلة القانونية لتوليد «الشرق الأوسط الجديد» من رحم الدمار والموت والدم في فلسطين ولبنان وسوريا. ‏

وبما أن نصف «الهزيمة» كان مزدوجًا (إسرائيليًا وأمريكيًا)، فالنصر الإيراني كان مزدوجًا بدوره ويسجل بأحرف من نور ونار ودم في سِفر التاريخ، وسيظل مفخرة للمنطقة. ‏وغدًا سنرى من نصّب نفسه محامياً للشيطان ورافضًا الاعتراف بنصر إيران وهزيمة العدوان والمشروع الأمريكي­ الصهيوني. ‏وعندما جاء «نصر الله والفتح» لن يعترف أصحاب «ثقافة الهزيمة» به، بل سيعتبروه كارثة ستحل بالمنطقة ‏ «فللمهزوم ثقافته كما للمنتصر ثقافته» كم قال الإمبراطور والفيلسوف الروماني ماركوس أوريليوس في كتابه الشهير «التأملات».

تقودنا هذه الظاهرة إلى فهم أعمق لكيفية تحول الذاكرة الجماعية الإيرانية خلال العدوان عليها إلى أداة حياة، تُستخدم لإعادة كتابة التاريخ، وصياغة الحاضر، وتوجيه المستقبل، تحت راية “النصر” أو “الشهادة”.

* صحافي وكاتب سوري.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الحرس الثوري الإيراني يكشف عن جزء من قدراته الصاروخية ويؤكد تفوقه العسكري

أعلن اللواء علي فضلي، نائب معاون التنسيق في الحرس الثوري الإيراني، أن طهران لم تُفعّل سوى نسبة محدودة من قدراتها العسكرية والصاروخية خلال المواجهات الأخيرة، في إشارة إلى وجود قدرات غير معلنة تعزز تفوقها الاستراتيجي. 

وفي مقابلة بثها التلفزيون الإيراني مساء الخميس، قال فضلي إن بلاده استخدمت فقط ما بين 20 إلى 30% من إمكاناتها العسكرية العامة، وإن مدينة صاروخية واحدة فقط من أصل عدة مدن مماثلة تم تفعيلها.

جواسيس إيران في إسرائيل.. الكشف عن مخطط لاغتيال شخصيات بارزة بدولة الاحتلالفورين بوليسي: كيف ارتدت الضربات الإسرائيلية على إيران عكسيا؟الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات ضد إيران وحزب اللهأخبار العالم | استشهاد المئات في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة بغزة .. والبنتاجون يؤكد أن الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية تؤخر برنامج طهران لعامينالبنتاجون: الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية تؤخر برنامج طهران لعامينفرنسا تنتقد الغارات على إيران وتؤكد: تنتهك القانون الدوليالبنتاجون: ضرباتنا الوقائية أبعدت إيران عامين عن امتلاك السلاح النوويالتعاون الكامل دون تأخير.. واشنطن ترد على تعليق إيران تعاونها مع وكالة الطاقة الذريةإسرائيل تسعى إلى تفاهم مع واشنطن يضمن لها حرية عمل جوي في إيران على غرار لبنانالخارجية الأمريكية: رفض إيران التعاون مع وكالة الطاقة الذرية غير مقبول

وأوضح فضلي أن أحد أبرز الأسلحة المستخدمة، وهو صاروخ "سجيل"، شكل عنصر مفاجأة للعدو و"كان خارج حساباته"، في إشارة إلى فعاليته ومداه البعيد. وأضاف: "نحن في أفضل أوضاعنا العسكرية منذ أكثر من 45 عاماً، ونعمل منذ سنوات طويلة على إعداد قواتنا لصد أي عدوان".

الجاهزية العسكرية وغياب عنصر المفاجأة

وأكد اللواء فضلي أن القوات الإيرانية لم تُفاجأ بالحرب الأخيرة، بل كانت مستعدة لها مسبقًا، ما يعكس – بحسب وصفه – مستوى التخطيط والتأهب العالي داخل الحرس الثوري. كما شدد على أن طبيعة المواجهة الأخيرة كشفت جانبًا بسيطًا فقط من قدرات إيران الدفاعية والهجومية، لافتًا إلى أن باقي المدن الصاروخية لا تزال خامدة ولم تدخل حيّز الاستخدام.

وتعد المدن الصاروخية الإيرانية منشآت تحت الأرض يُعتقد أنها تحتوي على أعداد ضخمة من الصواريخ بعيدة المدى، ويُستخدم بعضها لأغراض الردع الاستراتيجي. وغالبًا ما تترافق تصريحات قادة الحرس الثوري مع رسائل موجهة إلى الخصوم الإقليميين والدوليين، وخصوصًا الولايات المتحدة وإسرائيل.

الملف النووي بين المعرفة والعقيدة

وفي سياق متصل، تناول اللواء فضلي ملف البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا أن بلاده تمتلك المعرفة والعلم اللازمين لصناعة السلاح النووي. لكنه شدد على أن "المبادئ العقائدية للجمهورية الإسلامية" لا تسمح بإنتاج هذا النوع من الأسلحة، في إشارة إلى فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي التي تحرّم تصنيع السلاح النووي.

واعتبر فضلي أن التركيز الدولي على هذا الملف لا يستند إلى وقائع موضوعية، بل يُستخدم كذريعة من قبل "العدو" لممارسة الضغط السياسي والعقوبات. وأضاف أن إيران تتعرض لحملة ممنهجة، تهدف إلى تقييد قدراتها الدفاعية وتبرير السياسات العدائية ضدها في المحافل الدولية.

جواسيس إيران في إسرائيل.. الكشف عن مخطط لاغتيال شخصيات بارزة بدولة الاحتلالفورين بوليسي: كيف ارتدت الضربات الإسرائيلية على إيران عكسيا؟الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات ضد إيران وحزب اللهأخبار العالم | استشهاد المئات في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة بغزة .. والبنتاجون يؤكد أن الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية تؤخر برنامج طهران لعامينالبنتاجون: الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية تؤخر برنامج طهران لعامينفرنسا تنتقد الغارات على إيران وتؤكد: تنتهك القانون الدوليالبنتاجون: ضرباتنا الوقائية أبعدت إيران عامين عن امتلاك السلاح النوويالتعاون الكامل دون تأخير.. واشنطن ترد على تعليق إيران تعاونها مع وكالة الطاقة الذريةإسرائيل تسعى إلى تفاهم مع واشنطن يضمن لها حرية عمل جوي في إيران على غرار لبنانالخارجية الأمريكية: رفض إيران التعاون مع وكالة الطاقة الذرية غير مقبول التوتر الإقليمي وسباق التسلح

تصريحات فضلي تأتي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية حول برنامج إيران النووي والصاروخي، لا سيما بعد الغارات التي استهدفت منشآت إيرانية ومواقع لفصائل موالية لطهران في المنطقة. ويُنظر إلى البرنامج الصاروخي الإيراني بوصفه أحد أعمدة القوة العسكرية للجمهورية الإسلامية، في ظل استمرار العقوبات الغربية ومحاولات الحد من نفوذها في الشرق الأوسط.

ويُذكر أن "سجيل" هو صاروخ أرض-أرض باليستي بعيد المدى يعمل بالوقود الصلب، ويُعد من أكثر الصواريخ تطورًا في الترسانة الإيرانية، ويصل مداه إلى نحو 2000 كيلومتر، ما يجعله قادرًا على الوصول إلى أهداف في عمق إسرائيل وأجزاء من أوروبا.

طباعة شارك إيران إسرائيل الحرس الثوري الحرس الثوري الإيراني طهران

مقالات مشابهة

  • بين المشروع الصهيوني والمشروع الإيراني: تشابه في البنية واختلاف في الظاهر
  • الخارجية الإيرانية: الخزي والعار على الكيان الصهيوني وحماته بسبب عدوانه على المدنيين الايرانيين
  • الاستخبارات السويسرية تحذّر من تصاعد تهديدات التجسس الإيراني ضد دبلوماسييها في طهران
  • الحرس الثوري الإيراني يكشف عن جزء من قدراته الصاروخية ويؤكد تفوقه العسكري
  • رئيس الأركان الإيراني يتوعد برد «أشد سحقًا» على أي عدوان جديد
  • وزير الخارجية الإيراني: طهران ملتزمة بمعاهدة حظر الانتشار النووي
  • تقدير جديد للبنتاغون عن ضرر البرنامج النووي الإيراني إثر الضربات الأمريكية
  • الرئيس الإيراني يعلّق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • “الأورومتوسطي”: الكيان الصهيوني حوّل غالبية مناطق غزة إلى أراضٍ مدمّرة غير قابلة للحياة