البيئة والاقتصاد في مرمى الحرائق... خبراء يحذرون من مخاطر احتراق الغابات
تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT
مع حلول فصل الصيف من كل سنة، تعود حرائق الغابات إلى الواجهة، لتهدد مساحات واسعة من الغطاء النباتي للمملكة، وتخلف وراءها آثارا وخيمة، ليس فقط على المستوى البيئي والإيكولوجي، بل أيضا على المستوى الاقتصادي.
ورغم التراجع الكبير الذي سجل في أعداد حرائق الغابات خلال السنة الماضية، إذ انخفضت وفق أرقام الوكالة الوطنية للمياه والغابات بنسبة 86% مقارنة بسنة 2023، إلا أن الخرائط والمعطيات الاستباقية التي شرعت الوكالة في إصدارها منذ 16 يونيو المنصرم لاستباق الظاهرة، تكشف وجود مخاطر قصوى لاندلاع الحرائق في عدد من الغابات خلال هذه السنة، خاصة بالمناطق الشمالية.
الحرارة والجفاف… وقود الحرائق
تزداد مخاطر اندلاع حرائق الغابات، وفق الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، مصطفى بنرامل، في ظل تزامن ارتفاع درجات الحرارة مع استمرار ظاهرة الجفاف، التي يعيش المغرب تحت وطأتها منذ سنوات.
ووفق الخبير، فإن الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة نتيجة التغيرات المناخية العالمية، يساهم بشكل مباشر في تبخر المياه في التربة وجفاف الغطاء النباتي، وبالتالي تحوله إلى وقود سهل الاشتعال.
وأضاف بنرامل، ضمن تصريحه لموقع « اليوم24″، أن التراجع الحاد في نسب التساقطات المطرية، وما نتج عنه من تراجع في منسوب الأنهار والمياه الجوفية، يساهم بدوره في إضعاف قدرة النباتات والأشجار على الاحتفاظ بالرطوبة، وبالتالي يجعل الغابات أكثر هشاشة وعرضة للاحتراق حتى بفعل شرارة بسيطة.
آثار بيئية وخيمة
تتعدد أشكال التأثير السلبي لحرائق الغابات على البيئة، وتشمل وفق بنرامل: تدهور التنوع البيولوجي، وفقدان الغطاء النباتي، إضافة إلى تزايد انبعاثات الغازات الدفيئة وتدهور جودة الهواء، فضلا عن اضطراب الموارد المائية المحلية.
وتؤدي حرائق الغابات، حسب الخبير، إلى نفوق عدد مهم من الكائنات الحية سنويا، كما تُدمر المواطن الطبيعية التي تعتمد عليها هذه الكائنات للبقاء، مما يُهدد بانقراض بعض الأنواع المحلية ويُخل بتوازن النظام البيئي.
ويضيف بنرامل أن انتشار النيران يحفز تراجع الغطاء النباتي الضروري لحماية التربة من الانجراف والتعرية، ونتيجة لذلك تصبح الأراضي أكثر عرضة للتصحر، خاصة في المناطق التي تعاني أصلًا من الجفاف والتغير المناخي.
ووفق المتحدث ذاته، فإن الحرائق تطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون (CO₂) والميثان (CH₄)، مما يُفاقم من ظاهرة الاحتباس الحراري، كما أن الدخان الناتج عن الاحتراق يحتوي على جزيئات دقيقة ومواد سامة تلوث الهواء، مما يؤثر سلبًا على صحة السكان المجاورين للغابات، خاصة الفئات الحساسة مثل الأطفال والمسنين ومرضى الجهاز التنفسي.
ونبه الخبير البيئي إلى دور السلوكيات البشرية غير المسؤولة في تحفيز الحرائق، مثل الإهمال أو الحرق الزراعي غير المراقب، محذرا من أن أي خطأ بسيط يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية تصعب السيطرة عليها، خاصة في ظل تراجع كثافة الأشجار والنباتات التي تقاوم الحرائق بطبيعتها.
منظومة اقتصادية مهددة
لا تقتصر الآثار السلبية لحرائق الغابات على الجوانب البيئية والإيكولوجية فحسب، بل تمتد، وفق الخبير الاقتصادي بدر الزاهر الأزرق، لتنعكس على المنظومة الاقتصادية للقطاع، الذي يساهم بنسبة 1.5% من الناتج الداخلي الإجمالي، بمعدل يقارب 17 مليار درهم سنويا.
وقال الخبير ضمن تصريحه لـ »اليوم24″، إن الحرائق تهدد مكانة الغابات كمنظومة اقتصادية متكاملة من شأنها أن تعزز الاقتصاد الوطني بشكل كبير، وتساهم في خلق المزيد من مناصب الشغل، وتعوض التراجع الحاصل في مجموعة من القطاعات.
وفي هذا الإطار، أشار الزاهر الأزرق إلى مجموعة من الأنشطة والمهن الغابوية المدرة للدخل، مثل السياحة الإيكولوجية والنشاط الرعوي، كما تحدث عن دور الغابات في تأمين خشب البناء والصناعة، وكذا البلوط الفليني الذي يوفر المغرب 4% من عرضه العالمي.
وحسب الخبير الاقتصادي، فإن السعي للحفاظ على هذه الوظائف التي يؤديها القطاع الغابوي، إضافة إلى التحديات المناخية المتزايدة، هي الدوافع التي حفزت اتخاذ الدولة مجموعة من التدابير، منها إطلاق استراتيجية « غابات المغرب 2020-2030 » التي تضم أبعاد اقتصادية متعددة، إضافة إلى الانفتاح على شراكات دولية من أجل تطوير المنظومة الغابوية.
وشدد بدر الزاهر الأزرق على أن الغابات المغربية مازالت بحاجة لتثمين أكبر، واستغلال أكثر عقلانية، للحافظ على ثرواتها وفتح آفاق جديدة للاستثمار الاقتصادي فيها، خاصة على مستوى السياحة وتطوير المنتجات الغابوية، وربطها بالمجال الصناعي.
كلمات دلالية حرائق
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: حرائق الغطاء النباتی حرائق الغابات
إقرأ أيضاً:
حريق هائل بكريت اليونانية وعمليات إخلاء ونزوح
قال مسؤولون إن مئات من رجال الإطفاء كافحوا حريقا اندلع اليوم الخميس في جزيرة كريت أتى على الغابات وبساتين الزيتون وأدى إلى إجلاء أكثر من ألف شخص، وهذا يسلط الضوء على مدى ضعف المنطقة في مواجهة حرائق الغابات المدمرة، وسط موجة حر تضرب أوروبا.
وأدت الرياح العاتية والطقس الجاف إلى ظروف مواتية لانتشار الحرائق في اليونان، وهذا أعاق جهود السلطات للسيطرة على الحرائق، في حين شهدت أجزاء كبيرة من أوروبا موجة حر مبكرة في الصيف ارتبطت بوفاة 8 أشخاص على الأقل في جميع أنحاء المنطقة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4موجة حر "قاسية" تجتاح المغرب خلال الأيام المقبلةlist 2 of 4موجة حر شديدة تضرب أجزاء من أوروبا وتحذيرات من حرائقlist 3 of 4توسع حرائق الغابات بكوريا الجنوبية وأوامر إخلاءlist 4 of 4الجفاف المتزايد يؤجج حرائق كاليفورنياend of listونشرت السلطات اليونانية نحو 230 رجل إطفاء، وطائرات هليكوبتر، لاحتواء الحريق الذي اندلع قبل يوم بالقرب من بلدة إيرابيترا على الساحل الجنوبي الشرقي لأكبر جزيرة في اليونان.
وقال مسؤولون إن الحريق اتسع بسبب الرياح القوية حتى وصل إلى المنازل والفنادق التي تم إخلاؤها في وقت سابق.
وقال المتحدث باسم إدارة الإطفاء فاسيليس فاثراكوجيانيس، في الوقت الذي كانت فيه قواته تقاتل إلى جانب التعزيزات من أثينا للسيطرة على عدة حرائق مشتعلة: "هناك هبات رياح في المنطقة، بعضها بلغت قوتها 9 درجات على مقياس بوفورت، وهذا أدى إلى اشتعال الحرائق مجددا وإعاقة جهود إخمادها".
وتم إجلاء أكثر من ألف ساكن وسائح من 4 مستوطنات على الأقل، ونُقلوا إلى ملجأ مؤقت في ملعب داخلي في إيرابيترا. وغادر بعضهم جزيرة كريت بالقوارب، وفقا للسلطات.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن أضرارا لحقت ببعض المنازل لكن لم تقع إصابات خطيرة، رغم أن بعض الأشخاص نقلوا إلى المستشفى بسبب مشاكل في الجهاز التنفسي، حسبما قال مسؤول.
وتقع اليونان ودول أخرى في البحر الأبيض المتوسط في منطقة وصفها العلماء بـ"بؤرة حرائق غابات ساخنة"، حيث تكثر الحرائق خلال فصول الصيف الحارة والجافة. وقد ازدادت هذه الحرائق تدميرا في السنوات الأخيرة، وفقا للسلطات، بسبب التغير المناخي السريع.
إعلانوفي تركيا المجاورة، فر آلاف الأشخاص من حرائق الغابات في الوقت الذي تكافح فيه البلاد الحرائق في منطقتي تشيشمي وأوديميس لليوم الثاني على التوالي في مقاطعة إزمير الساحلية الغربية.
وأظهرت لقطات تلفزيونية محلية أن الرياح أعاقت جهود الإطفاء مع اقتراب النيران من الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى تشيشمي، كما تصاعدت سحب من الدخان الكثيف فوق المناطق الجبلية.
وكانت وزارة الصحة الإيطالية قد أصدرت تحذيرات حمراء لـ18 مدينة مع ارتفاع درجات الحرارة إلى 38 درجة مئوية (100.4 درجة فهرنهايت) في المدن الكبرى. وحذر وزير الطاقة الإيطالي جيلبرتو بيتشيتو فراتين من احتمال انقطاع التيار الكهربائي مؤقتا بسبب ارتفاع استهلاك الطاقة جراء استخدام مكيفات الهواء.
كما أغلقت شركة المرافق السويسرية "أكسبو" وحدتي المفاعل التابعتين لها في محطة الطاقة النووية في بيزناو بسبب ارتفاع درجات حرارة مياه النهر.
وأعلنت فرنسا الإنذار الأحمر جراء موجة الحرّ الشديدة الثلاثاء والأربعاء، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية في باريس، وأغلقت مئات المدارس والمرافق بما فيها الطابق العلوي من برج إيفل.
ويقول العلماء إن موجات الحر وصلت في وقت مبكر من هذا العام، وهذا أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة بما يصل إلى 10 درجات مئوية في بعض المناطق، إذ تسبب زيادة حرارة مياه البحار في تشكيل حرارية فوق معظم أوروبا، مما أدى إلى احتجاز كتل الهواء الساخن.