الأسبوع:
2025-12-02@01:57:26 GMT

الشدة المستنصرية.. ناقوس خطر

تاريخ النشر: 6th, July 2025 GMT

الشدة المستنصرية.. ناقوس خطر

في عهد الخليفة الفاطمى (المستنصر) سنة ٤٥٧ هجرية، واستمرت سبع سنوات هي الأكثر قسوة و فتكاً بالمصريين على مَرِّ العصور حيث قضت على ثلثي السكان تقريبا.

حدثت تلك المأساة نتيجة انخفاض منسوب مياه النيل، حيث جفت الأراضي الزراعية، ومات النبات والزرع، وعَمَّ الهَلَع والفَزَع أرجاء البلاد.( تذكَّروا من بنى السد العالي وترحموا عليه).

كما أدى سوء الإدارة، وبقاء الحكام في مناصبهم لفترات طويلة بالطرق الشرعية وغير الشرعية ومنح المناصب للأغبياء وعديمي الكفاءة، إلى تفشى الفساد، وانهيار العدالة، فتفاقمت الأزمة وطالت مدتها.

يذكر المؤرخ الكبير " تقي الدين أبوالعباس أحمد المقريزي" أن المصريين أكلوا الكلاب والقطط التى أصبحت تباع بأسعار باهظة لا يقدر عليها إلا الأغنياء، و بعد مدة قصيرة اختفت الكلاب والقطط من الشوارع، وبدأ الكثير من الناس يأكلون الميتة والجيفة وأوراق الأشجار الجافة.

وتذْكُر بعض المصادر أن ( رئيس الوزراء ) ذهب ليحقق في إحدى الوقائع ويحل خلافاً بين بعض العشائر، وعندما انتهى من مأموريته وخرج لم يجد بغلته، واكتشف أن بعض العامة قد حلَّوا وثاق البغلة وذبحوها وتخاطفوا لحمها. الغريب أن حادث البغلة لم يلْفِت انتباه رئيس الوزراء ومعاونيه، فلم يحاولوا وضْع الحلول للتقليل من خطورة المجاعة، وبدلا من ذلك تم القبض على ثلاثة مِمَن أكلوا البغلة، و عوقبوا بالقتل صلبا. وتُرِكوا فى العراء، وفي الصباح فوجئ الناس

بأن أجساد المصلوبين لم يتبق منها سوي العظام، حيث التهم بعضهم لحوم الجثامين الثلاثة من شدة الجوع.

نشرت مجلة تايم الأمريكية عام ١٩٤٧م تحقيقاً صحفياً جاء فيه أن أول مظاهرة نسائية فى العالم قامت بها سيدات مصريات فى عهد الخليفة الفاطمى " المستنصر بالله" حين جَفَّت مياهُ النيل، وأن قائدة المظاهرة كانت أرملة الأمير " جعفر بن هشام " التي باعت عقدا ثمينًا قيمته حوالي ألف دينار ورثته عن زوجها، لتشتري القليل من الدقيق يكفيها وأولادها، لكن الغوغاء في الطريق، أنزلوا أكياس الدقيق ونهبوا معظمها، فلم يتبق من الدقيق، سوى ما يكفي لخَبْزِ رغيفٍ واحد، فأخذت هذا الرغيف ووقفت على مكان مرتفع بالقاهرة وصاحت: "يا أهل القاهرة، ادعوا لمولانا " المستنصر بالله " الذي أسعد الله الناس في أيامه، وأعاد عليهم بركات حسن تخطيطه، حتى أننى تحصَّلتُ على هذا ( الرغيف ) الذي لا يُطعِم طفلاً يتيمًا، بألف دينار"، فاستدعى والي عكا " بدر الجمالي". ( الذي أطلق على الحي الذي أقام فيه اسم الجمالية ) و تولى وزارة مصر فتحسنت الأحوال بفعل سياسته ( الاقتصادية الحكيمة ) و عودة سريان النيل بفضل الله.

دقات الناقوس تشير إلى ترشيد الإنفاق تحسبا للأزمات، ضرورة تطبيق العدالة الاجتماعية وحتمية إسناد المسئوليات إلى أهل الكفاءة وقوة الانتماء.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

السؤال الذي ينقذك حين لا ينقذك أحد

هناك لحظة يا صديقي يتوقف فيها الإنسان أمام نفسه كما لو أنه يراها لأول مرة؛ لحظة لا تعود فيها الإجابات القديمة قادرة على تهدئة القلق الذي يتحرك تحت الجلد. في تلك اللحظة لا نبحث عن يقين جديد بقدر ما نبحث عن مساحة نتنفس فيها، مساحة تقول لنا إن الضياع ليس خطيئة، وإن السؤال ليس علامة ضعف بل بداية فهم أعمق لما يحدث داخلنا.
وما يجعل السؤال خلاصًا في أوقات كهذه هو أنه يوقظ شيئًا في أعماقنا كان نائمًا لسنوات طويلة. عزيزي القارئ، المجتمع يحب الإجابات لأنها تمنح شعورًا بالبقاء في منطقة آمنة، لكن الفلسفة – ذلك الفن القديم الذي يعلّمنا كيف ننظر للعالم – تخبرنا أن السؤال هو الخطوة الأولى للخروج من الظلام. السؤال حركة، والروح التي تتحرك تبدأ في التعافي مهما كان الألم الذي تحمله.
والحقيقة أن أغلب أسئلتنا ليست موجهة إلى العالم، بل إلينا نحن. نحن نسأل كي نفهم ما الذي جرحنا، وما الذي لم نعد قادرين على احتماله، ولماذا فقدت أشياء كثيرة قيمتها في أعيننا دون أن نفهم السبب. السؤال هنا لا يهدد استقرارنا بل يكشف هشاشته، يزيل الطبقات التي غطينا بها خوفنا، ويجعلنا نرى الحقيقة كما هي لا كما تعلمنا أن نقولها.
يا صديقي، السؤال ليس محاولة للهرب من الواقع، بل جرأة على مواجهته. لأن الإنسان حين يصبح أسيرًا لإجابات لم يخترها بنفسه، يعيش كأن حياته مُدارة من بعيد، بينما السؤال يعيد إليه مركزه، يعيد إليه صوته الذي نسيه وسط الضجيج. والسؤال الجيد لا يقدم خلاصًا سريعًا، لكنه يفتح بابًا كان مغلقًا في الداخل، بابًا لو فُتح تتغيّر طريقة رؤيتك لكل شيء.
ولأن الفلسفة بطبيعتها لا تفرض عليك طريقًا بل تكشف لك طرقًا جديدة، فإن السؤال الفلسفي يمنحك مساحة تُعيد فيها ترتيب فوضاك الداخلية. قد لا تجد جوابًا فورًا، وقد يظل السؤال معلقًا وسط الحياة مثل علامة استفهام كبيرة، لكنه رغم ذلك يمنحك قوة؛ قوة أن تعترف بأنك تبحث، وأنك لست متفرجًا على وجودك بل مشاركًا فيه.
عزيزي القارئ، نحن لا ننجو بالإجابات السهلة، ولا بالطرق التي سار فيها الجميع قبلنا. نحن ننجو حين نمتلك شجاعة أن نسأل: ماذا يحدث لي؟ ولماذا؟ وإلى أين أمضي؟ وهذه الأسئلة ليست دليل ضياع… بل دليل حياة. فالمياه الراكدة قد تبدو هادئة، لكنها بلا نبض. أما السؤال فهو الموج الذي يحرك الروح، يزعج سكونها، لكنه يوقظها في الوقت نفسه.
وفي النهاية، حين يصبح السؤال خلاصًا، فهذا يعني أنك بدأت ترى نفسك بصدق، وأن الرحلة الحقيقية قد بدأت. لا تخف من السؤال يا صديقي، لأن السؤال – وحده – يعرف الطريق إلى الباب الذي تنتظره روحك منذ زمن طويل.

كاتب في السرديات الثقافية وقضايا الشرق الأوسط
[email protected]

مقالات مشابهة

  • الرجل الذي حطم بي بي سي
  • التحفظ على جثة مجهولة غارقة بنهر النيل في القناطر الخيرية
  • غزة تغرق في 4 ملايين طن من الركام.. والبلديات تدق ناقوس الخطر
  • إلهام أبو الفتح تكتب: ما هو سر المتحوّر الجديد الذي يصيب الناس؟
  • إزالة ردم فى نهر النيل بطول 500 متر بالمنوفية
  • أوقاف السويس تنظم ندوة حول التنمّر وأثره على المجتمع بمركز النيل للإعلام
  • شاهد بالصورة.. عقد قران مذيعة النيل الأزرق الحسناء من أحد الإعلاميين
  • السؤال الذي ينقذك حين لا ينقذك أحد
  • السودان.. المنسّقة الأممية تدق ناقوس الخطر: عشرات الآلاف محاصرون في الفاشر والغذاء لا يكفي
  • ما هو القلم الآلي الذي ألغى ترامب كل توقيعاته؟