صحيفة البلاد:
2025-12-14@20:48:49 GMT

القراءة والغرور

تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT

القراءة والغرور

لأن الغرور صفة مقيتة مرتبطة بشعور الشخص بالثقة المفرطة بالنفس أو الإعجاب بها، سواء كان ذلك مبنيًّا على حقيقة أو وهم، فإنها قد تكون معيقًا حقيقيًّا للتطور.
فكما أنه”من علم أنه علم فقد جهل”، فإنه في المقابل من يعتقد بأنه قد حقق من الإنجازات الكثير؛ فإنه قد يتوقف عن بذل الجهد اللازم، من أجل مزيد من التطور اعتمادًا على أنه قد حقق ذلك.

وهنا يأتي دور القراءة في ترشيد نظرة الإنسان لنفسه حين ينفتح القارئ على العالم، ويعرف حدود معرفته بنفسه، وحجم اطلاعه على المعارف في الكون، ونسبة ما يعرفه منها، وهو مصداق ما قاله الباري عز وجل: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا). فالقراءة تولد لدى القارئ وعيًا بضآلة معرفته، حينما يعلم مثلًا بوجود أكثر من 120 مليون كتاب في العالم على الأقل، وأنه مهما حاول؛ فإنه لن يقرأ سوى نسبة ضئيلة منها، كل هذا علاوة على المعارف الأخرى غير المسطرة في الكتب، والمعارف التي لم يكتشفها الإنسان وتتكشف له يومًا بعد آخر. كما أن التخصصات الفرعية والدقيقة، التي يجري اعتمادها يوميًّا في كل حقل من حقول المعرفة تدل على أن الإنسان لن يستطيع- ولو تفرغ للعلم طول حياته- أن يلم حتى بفرع من فروعها؛ بسبب محدودية العمر وعدم القدرة على استيعاب كل شيء، وهي الفكرة التي أوجزها أبو نواس بقوله:
فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً
حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ
كما أن الإنسان كلما قرأ أكثر ساعده ذلك على تهذيب نفسه؛ نتيجة اطلاعه على تجارب الشعوب والمجتمعات في أنحاء العالم، وهو ما يمكن أن يخلق لديه درجة من التفهم لوجهات النظر الأخرى، وربما التعاطف مع الآخر، وإن اختلف معه، كاسرًا لغرور قد يحيط به. ومن الأمور التي يمكن أن يتعلمها الإنسان من القراءة استيعابه استحالة الكمال في شخصية الإنسان، وأنه حتى أكبر الناجحين مر في البداية بمراحل فشل عديدة في حياته قبل أن يصبح ناجحًا، كما أن لديه نقاط ضعف لا يمكنه إنكارها؛ رغم وصوله لأعلى درجات النجاح.
وكلما قرأ المرء أكثر ازدادت قدرته على تقييم نفسه والنظر إليها بشكل أكثر واقعية، وهو ما يكسر حالة الغرور لديه، ويعزز لديه التواضع العلمي والإنساني، والاعتراف بقيمة الآخر دون نظرة فوقية.
*إذا لم تتعلم أن تكبح جماح المثقف فيك، فستجد أنك دائمًا ما تصل إلى الاستنتاجات الخاطئة؛ إذ إنه لا يوجد غرور يوازي غرور المثقف. الكاتبة دوروثي براندي
yousefalhasan@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

هند الخالدي.. حكاياتها ملهمة للأجيال

خولة علي (أبوظبي)
بين صفحات ملونة وأصوات تسرد الحكاية، ينهض جيل جديد يتعلم كيف يرى العالم بعين الخيال، ويكتشف ذاته عبر الكلمة. فالقصة ليست تسليةً عابرة، بل نبض يرافق الطفولة، يرسم في داخلها ملامح الغد، ويعلمها أن للحروف قلباً، وللأحلام جناحين.
من هنا كرّست الكاتبة والناشرة الإماراتية هند الخالدي قلمها لتغرس في الأطفال حب القراءة، وتعيد للحكاية مكانتها الأولى في تشكيل الوعي وتنمية الخيال. آمنت بأن الكلمة قادرة على فتح نوافذ صغيرة في قلوب الصغار، يطلون منها على عالم من الدهشة والمعرفة، وأن كل قصة يمكن أن تكون بذرة لحلم يكبر معهم. بهذا الإيمان، صنعت هند الخالدي مشروعها الأدبي والتربوي، لتقدم عبر دار هند للنشر قصصاً تنبض بالحياة، وتحمل بين سطورها دفء الأمومة وعمق الرسالة الثقافية التي تجعل من الطفل قارئاً فاعلاً لا متلقياً فقط.

نقطة التحول
تعود بدايات هند الخالدي إلى تجربة شخصية مؤثرة مع ابنتها سارة، التي كانت في طفولتها تمتلك صديقة غير مرئية، ما ألهم والدتها لكتابة أولى قصصها بعنوان «صديقة غير مرئية». وتوضح الخالدي أن تلك اللحظة كانت نقطة التحول في مسيرتها، إذ اكتشفت كم هو عمق خيال الطفل، وكم يحتاج إلى من يشاركه عالمه الجميل. وتضيف: بدأت رحلتي لأمنح الأطفال مساحة آمنة للتعبير عن خيالهم، ليجدوا في القراءة مرآة لأحلامهم الصغيرة.
واجهت الخالدي في بداياتها تحديات في تحقيق التوازن بين الخيال والرسالة التربوية داخل القصة، إضافة إلى صعوبة إيجاد رسامين يفهمون روح النص ويجسدون الشخصيات بما يعكس البيئة الخليجية. وتقول: تعلمت أن نجاح القصة يكمُن في الفكرة البسيطة والعميقة، واللغة القريبة من الطفل، والشخصيات التي تشبهه وتشجعه على التفكير الإيجابي. وتؤكد أن الرسوم ليست مجرد مكمل للنص، بل شريك أساسي في تحفيز الخيال وإيصال الفكرة.

ورش تفاعلية
لم تقتصر تجربة الخالدي على الكتابة، بل امتدّت إلى تقديم ورش قرائية للأطفال تعتمد على التفاعل والمرح. ومن أبرزها ورشة «كلمني بالعربي» التي تهدف إلى تشجيع الأطفال على التحدث بالعربية الفصحى بأسلوب ممتع. تقول: أردت أن أظهر جمال لغتنا العربية وهويتها الثقافية بعيداً عن الجمود والتلقين، فحولت القراءة إلى تجربة مليئة بالضحك والاكتشاف.
وتؤكد الكاتبة أن القراءة قادرة على إحداث تحوّل حقيقي في شخصية الطفل، إذ لاحظت بعد ورشها تغير تفاعل الصغار مع الكتب، وزيادة جرأتهم في التعبير عن أفكارهم. وتضيف: الطفل الذي كان خجولاً في البداية يصبح أكثر ثقة حين يشارك القصة أو يستخدم الدمى في التمثيل، لأن القراءة تمنحه صوتاً وفضاءً للخيال، مشيدة بدور الأسرة والمدرسة في ترسيخ عادة القراءة اليومية وجعلها جزءاً من الروتين العائلي.
قدمت الخالدي حتى اليوم 11 إصداراً تنوعت بين القصص التربوية والخيالية والإنسانية، منها «عالمي في كتاب»، والتي نالت عنها جائزة منحة المكتبات في الشارقة. وتطمح في المرحلة المقبلة إلى توسيع نطاق دار هند للنشر لتصل إصداراتها إلى الأطفال في مختلف الدول العربية، مع الحفاظ على الهوية الإماراتية في المضمون.

أخبار ذات صلة احتمال سقوط أمطار غداً افتتاح عيادة «بركتنا» لتوفير الرعاية الصحية للمرضى من كبار المواطنين

مقالات مشابهة

  • الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بفلسطين تزيد من موجة العنف
  • تصنيف نيجيريا خامس أكثر دول العالم عنفا
  • الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”
  • طلب قياسي على تذاكر كأس العالم 2026: 5 ملايين طلب من أكثر من 200 دولة خلال 24 ساعة
  • مؤسسة بحثية: اليمن في المرتبة التاسعة في قائمة أكثر 10 مناطق للصراع حول العالم مرشحة لتكون الأكثر دموية خلال العام 2026
  • كلينسمان: منتخب إنجلترا لديه «خوف فطري» من الفوز بالألقاب الكبرى!
  • هند الخالدي.. حكاياتها ملهمة للأجيال
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • عقيدة ترامب للأمن القومي.. من أكثر المتضررين في العالم؟