نشر موقع "كاونتر بانش" تقريرا يسلط الضوء على تقرير المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي، والذي يبرز العلاقة الوثيقة بين الشركات الكبرى واقتصاد الاحتلال الإسرائيلي القائم على التهجير والتمييز والإبادة. 

وقال الموقع في هذا التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إن تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي أعدته ألبانيزي بعنوان "من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية" يشير إلى "كيانات الشركات" التي أثرت "الاقتصاد الإسرائيلي المتمثل في الاحتلال غير القانوني والفصل العنصري والإبادة الجماعية الآن".



وأفاد الموقع أن ما يجعل التحقيق الاستقصائي الذي أعدته ألبانيزي مفيدا هو فحصه لعالم الشركات وصلاته بالبرنامج الاستعماري الاستيطاني الذي يهدف إلى إزالة وتهجير السكان الموجودين مسبقًا، فآلية الغزو في أي دولة لا تقتصر  على شاغلي الوظائف المكتبية في البيروقراطيات المدنية وكبار القادة العسكريين فحسب، بل تشمل أيضًا العاملين في قطاع الشركات الحريصين على تحقيق الربح.

وبحسب ألبانيزي فإن قطاع الشركات هو المحرك والمُمكن للمساعي الاستعمارية وما يرتبط بها من عمليات إبادة جماعية، وقد ساهمت المصالح التجارية في تجريد الشعوب الأصلية من أراضيها، وهو أسلوب هيمنة يُعرف باسم "الرأسمالية العنصرية الاستعمارية".

وقال التقرير إن هناك ثمانية قطاعات خاصة تخضع للتدقيق وهي: شركات تصنيع الأسلحة، وشركات التكنولوجيا، وكيانات البناء والتشييد، وتلك الصناعات المعنية بالاستخراج والخدمات، والبنوك، وصناديق التقاعد، وشركات التأمين، والجامعات، والجمعيات الخيرية. 



وتتيح هذه الكيانات الحرمان من تقرير المصير والانتهاكات الهيكلية الأخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الاحتلال والضم وجرائم الفصل العنصري والإبادة الجماعية، بالإضافة إلى قائمة طويلة من الجرائم الإضافية وانتهاكات حقوق الإنسان وفقا للتقرير.

ويضيف تقرير ألبانيزي أن المجمع الصناعي العسكري الذي يُشكل "العمود الفقري الاقتصادي للدولة" يُعدّ محوريًا لاقتصاد الإبادة الجماعية متعدد الأوجه، وتستشهد ألبانيزي بمثالٍ بارز: طائرة إف-35 المقاتلة، التي طورتها شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، بالتعاون مع مئات الشركات الأخرى.

ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اتخذت عملية الاستعمار والتهجير طابعًا مُلحًا بمساعدة القطاع الخاص؛ ففي عام 2024، تم تقديم 200 مليون دولار أمريكي "لبناء المستوطنات"، وبين تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 وتشرين الأول/ أكتوبر 2024، تم إنشاء 57 متسوطنة وبؤرة استيطانية جديدة "مع شركات إسرائيلية ودولية تُوفر الآلات والمواد الخام والدعم اللوجستي". 

وتشمل الأمثلة صيانة وتوسيع الخط الأحمر للقطار الخفيف في القدس، وبناء الخط الأخضر الجديد، الذي يشمل 27 كيلومترا من المسارات الجديدة و50 محطة في الضفة الغربية؛ حيث أثبتت البنية التحتية أهميتها البالغة في ربط المشروع الاستعماري بالقدس الغربية. 

ورغم انسحاب بعض الشركات من المشروع "بسبب الضغوط الدولية"، إلا أن كيانا مثل شركة "كونستروسيونيس إي أوكسيليار دي فيروكاريلز" الإسبانية/الباسكية كان مشاركًا نشطا، إلى جانب موردي آلات الحفر، وموردي المواد اللازمة لجسر القطار الخفيف (شركة هايدلبرغ للمواد الألمانية، وشركة دوسان الكورية الجنوبية ومجموعة فولفو السويدية). 

وأضاف الموقع أن البرنامج الهيكلي والمادي للبناء والتهجير، المصمم لطمس أي مظهر من مظاهر حق تقرير المصير للفلسطينيين، ترافقه سمات أخرى للمشروع الاستعماري مثل "المراقبة والاعتقال"؛ فقد أصبح قمع الفلسطينيين أمرا "مؤتمتا بشكل متزايد"؛ حيث تعمل شركات التكنولوجيا على تغذية شهية إسرائيل الأمنية الشرهة بـ "تطورات غير مسبوقة في أجهزة السجون والمراقبة"، والتي يشمل بعضها شبكات التلفزيون ذات الدائرة المغلقة، والمراقبة البيومترية، وشبكات نقاط التفتيش التكنولوجية المتقدمة. 

ومع صدور التقرير، تنصّلت شركة "لوكهيد مارتن" من المسؤولية، مشيرة في تصريح لموقع "ميدل إيست آي" أن مبيعات السلاح تتم بين الحكومات، وأن المساءلة تقع على عاتق الحكومة الأميركية، في موقف يعكس تملّص القطاع الخاص المعتاد من الأخلاقيات والذنب.

ولفت الموقع إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تواصلا حملتهما ضد فرانشيسكا ألبانيزي، مكرّرتين اتهامات قديمة وتفسيرات قانونية جديدة، رغم ازدرائهما الواضح للقانون الدولي. ويبدو ذلك متناقضا في ظل قرارات بارزة كمذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو في تموز/ يوليو 2024، ومذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهي محاور أساسية في تقرير ألبانيزي.

ووفقا لمحكمة العدل الدولية، فإن على جميع الدول الالتزام بـ"التعاون مع الأمم المتحدة" لضمان "إنهاء الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة وتحقيق حق الشعب الفلسطيني الكامل في تقرير المصير".

اظهار ألبوم ليست



وقد اعتبرت المحكمة أن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي المحتلة يُعد غير قانوني، ويمثل "فعلًا غير مشروع ذا طابع مستمر، نتج عن انتهاكات إسرائيل، من خلال سياساتها وممارساتها، لحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير".

ووصفت إسرائيل التقرير بأنه "لا أساس له من الناحية القانونية وتشهيري"، فيما اتهمت رسالة من إدارة ترامب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، صادرة في 20 حزيران/ يونيو، فرانشيسكا ألبانيزي بـ"معاداة السامية ودعم الإرهاب"، وسخرت من مؤهلاتها القانونية. وتضمنت الرسالة، التي وقعتها السفيرة الأمريكية دوروثي شيا، ازدراءً لقرارات الجمعية العامة وآراء محكمة العدل الدولية، واعتبرتها غير ملزمة للدول أو الأفراد.

وتدعي شيا أن ألبانيزي ”حرفت مؤهلاتها للمنصب بادعائها أنها محامية دولية على الرغم من اعترافها علنًا بأنها لم تجتز امتحان المحاماة ولم تحصل على ترخيص لممارسة المحاماة“. وهو اتهام رائع، بالنظر إلى وفرة الأعضاء القانونيين المؤهلين المزعومين الذين يعملون في القوات الإسرائيلية والمكاتب الأخرى التي تنفذ برنامجها للتشريد والتجويع والقتل.

وأضافت شيا أن الاتهامات الموجهة إلى مختلف الكيانات المؤسسية، ولا سيما أكثر من 20 كيانا أمريكيًا، كانت ”مليئة بالخطاب التحريضي والاتهامات الكاذبة“، حيث قدمت ادعاءات جريئة بـ ”انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان“ و”الفصل العنصري“ و”الإبادة الجماعية“.

وشكلت هذه الاتهامات، التي تم التعبير عنها من خلال رسائل اتهام، ”حملة غير مقبولة من الحرب السياسية والاقتصادية ضد الاقتصاد الأمريكي والعالمي“.

وأضاف الموقع أن الاتهامات الموجّهة لعدد من الكيانات التجارية، ولا سيما أكثر من 20 شركة أمريكية، وُصفت بأنها "مليئة بخطاب تحريضي وادعاءات كاذبة"، لجرأتها في الحديث عن "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"، و"نظام فصل عنصري"، و"إبادة جماعية". واعتُبر توجيه هذه التهم عبر رسائل اتهام "حملة غير مقبولة من الحرب السياسية والاقتصادية ضد الاقتصاد الأميركي والعالمي".

وختتم الموقع بالإشارة إلى أن الشكوى ضد ألبانيزي استندت إلى ذرائع أمنية تجاهلت كليا حقوق الفلسطينيين، معتبرة الأنشطة التي استهدفتها بأنها داعمة للأمن والازدهار الإقليمي، دون أي ذكر للفلسطينيين بوصفهم الضحايا المباشرين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الاحتلال الاحتلال المساعدات مؤسسة غزة البانيزي صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة تقریر المصیر الذی ی

إقرأ أيضاً:

أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا يكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن المجتمع الدولي الذي ظل صامتا تجاه المجزرة التي ارتكبتها القوات الصربية في سربرنيتسا عام 1995 يكتفي الآن بالوقوف متفرجا على الفظائع التي يقترفها الجيش الإسرائيلي في فلسطين.

وأضاف خلال رسالة مصورة في مراسم إحياء الذكرى الثلاثين لمذبحة سربرنيتسا، أنه "رغم قرارات المحاكم الدولية، نرفض أي بيان أو إعلان ينكر مذبحة سربرنيتسا ويمجد مجرمي الحرب، ندين الهجمات والمضايقات التي تستهدف العائدين إلى ديارهم بعد الحرب".

وأكد أنه رغم مرور 30 عامًا على مذبحة سربرنيتسا إلا أن آلام البوسنيين الذين قتلوا بوحشية لا تزال حاضرة في الأذهان.

وأشار إلى أن تنصل المجتمع الدولي من المسؤولية اللازمة لوقف الإبادة الجماعية يُعد تقصيرا لا يمكن تبريره وسيُذكر دومًا بالخزي والعار.

وأوضح أن دعوة تركيا المتكررة لإصلاح الأمم المتحدة، أساسه محاربة عقلية عدم الاكتراث بآلام وأوجاع الشعوب الأخرى.

وأكد أردوغان أن إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 11 يوليو/تموز "يومًا دوليًا لإحياء ذكرى إبادة سربرنيتسا عام 1995"، هو دليل على الإرادة القوية ضد الإبادة الجماعية.

واعتبر الرئيس التركي أنّ ما يرتكبه الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين بقطاع غزة منذ أكثر من 21 شهرا دليل على أن المجتمع الدولي لم يستخلص الدروس اللازمة من مذبحة سربرنيتسا.

وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية ستُحاسب عاجلاً أم آجلاً أمام القانون والتاريخ على الإبادة الجماعية التي ارتُكبت بحق ما يقرب من 57 ألف فلسطيني، بمن فيهم أطفال ونساء وشيوخ وشباب.



وتعتبر مجزرة سربرنيتسا الأسوأ في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث لجأ مدنيون بوسنيون من سربرنيتسا في 11  تموز/ يوليو 1995 إلى جنود هولنديين لحمايتهم، بعدما احتلت القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش المدينة.

غير أن القوات الهولندية التي كانت مشاركة ضمن قوات أممية، أعادت تسليمهم للقوات الصربية لتقترف الأخيرة مجزرة قضى فيها أكثر من 8 آلاف بوسني من الرجال والفتيان.

كما ارتكبت القوات الصربية العديد من المجازر بحق مسلمين إبان حرب البوسنة التي بدأت في 1992 وانتهت في 1995، عقب توقيع اتفاقية "دايتون"، وتسببت بإبادة أكثر من 300 ألف شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة.

ودفن الصرب القتلى البوسنيين في مقابر جماعية، وبعد انتهاء الحرب أطلقت البوسنة أعمال البحث عن المفقودين وانتشال جثث القتلى من المقابر الجماعية وتحديد هوياتهم.

مقالات مشابهة

  • أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا يكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
  • عاجل| مصادر للجزيرة: خريطة إعادة التموضع التي عرضها الوفد الإسرائيلي في المفاوضات تبقي كل مدينة رفح تحت الاحتلال
  • المرأة التي زلزلت إسرائيل وأميركا
  • الاحتلال يقتل الجائعين في غزة.. تقرير أممي يكشف فصلاً من الإبادة
  • 30 عاما على المجزرة.. ما الذي يربط سربرنيتسا بغزة؟
  • بالصور.. 30 عاما على مذبحة سربرنيتسا التي ما زالت تَقطُر دما وتنزف دمعا
  • لماذا تُخيفهم فرانشيسكا ألبانيزي؟
  • رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي: حرب غزة من أكثر حروب إسرائيل تعقيدا وصعوبة
  • تقرير: إسرائيل تكرر في شمال الضفة الأساليب القتالية التي اتبعتها في غزة
  • «الوطني الفلسطيني»: مجازر الاحتلال الإسرائيلي بحق العائلات أبشع أشكال الإبادة الجماعية