عربي21:
2025-07-12@05:38:52 GMT

ماذا يريد فاتح أربكان؟

تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT

هاجم رئيس حزب الرفاه الجديد فاتح أربكان، رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، واتهمه، في كلمته التي ألقاها قبل أيام أمام أنصار حزبه في مدينة دوزجة، بالمشاركة في تدمير العراق وليبيا وسوريا ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير. وقال إن الصهيونية العالمية والولايات المتحدة احتلت العراق وقامت بتقسيمه إلى ثلاثة أقسام، كما وصفت القذافي بالدكتاتور وأسقطت نظامه، وأنها رمت بشار الأسد بتهم لا أساس لها من أجل إبعاده عن الرئاسة، وجعلت سوريا غير مستقرة، ووضعتها أمام عتبة التقسيم، وبدأت بعد ذلك تستهدف إيران، كما قال.



تصريحات فاتح أربكان التي دافع فيها عن بشار الأسد والنظام السوري البائد، أثارت ضجة كبيرة، في صفوف الإسلاميين الأتراك والعرب، وأعرب كثير منهم عن خيبة أملهم في نجل الزعيم الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان، وقالوا إن أباه لو كان على قيد الحياة وسمع تلك التصريحات لما قبِل بذلك. إلا أن هذا القول غير دقيق، لأن ما ذكره فاتح أربكان ليس بعيدا عن الأدبيات والشعارات السياسية التي كرَّس أبوه حياته لترسيخها.

تصريحات فاتح أربكان التي دافع فيها عن بشار الأسد والنظام السوري البائد، أثارت ضجة كبيرة، في صفوف الإسلاميين الأتراك والعرب، وأعرب كثير منهم عن خيبة أملهم في نجل الزعيم الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان
أربكان الأب، رحمه الله، بنى آرائه السياسية على معاداة الدول الغربية والصهيونية العالمية، والدعوة إلى الوحدة الإسلامية، بغض النظر عن توجهات أنظمة الدول، كما رأى أن الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة بسيطة يمكن تجاوزها. وكان يُحمِّل الولايات المتحدة مسؤولية إسقاط صدام حسين واحتلال العراق، ولكنه كان يتجاهل الدور المحوري الذي لعبته إيران والمليشيات الشيعية التابعة لطهران في الاحتلال وفي ما آل إليه الوضع في العراق. كما أن إيران بدأت تزرع حقل جماعة "مللي غوروش" في حياة أربكان الأب لتجني الآن الثمار في الساحة السياسية التركية، كدفاع حزب السعادة وحزب الرفاه الجديد عن مواقف طهران في كافة الملفات.

رجب طيب أردوغان ورفاقه تربوا في مدرسة أربكان الأب، ولكنهم حين أدركوا أن طريقة ممارسة السياسة في الأحزاب التي أسسها الراحل تصطدم دائما بجدار المحكمة الدستورية في زقاق مغلق، انشقوا عنه وأسسوا حزب العدالة والتنمية، ليتبنوا خطا سياسيا مبنيا على الواقعية والانفتاح على عموم المجتمع، بدلا من التعلق بالشعارات. وأدى هذا الانشقاق إلى نجاح غير مسبوق في الساحة السياسية التركية، فيما ظل غير المنشقين عن أربكان الأب يمارسون السياسة في حزب السعادة بذات الطريقة القديمة التي تراجعت شعبيتها لدى الشارع بشكل كبير.

فاتح أربكان يبني سياسته على الاستثمار في إرث أبيه واستغلال حب الناس له. ولذلك، يذكر أربكان الأب في خطاباته وتصريحاته عشرات المرات، كما فعل في تلك الكلمة التي قال فيها إن أباه كم كان مصيبا حين حذَّر من المؤامرة التي تعرضت لها الدول الإسلامية، في إشارة إلى تغيير الأنظمة في العراق وليبيا وسوريا. بل يذهب إلى أكثر من ذلك، ويحاول أن يقلِّد أباه في صوته وحركات يديه واختيار كلماته وأسلوب خطابه، كي يستذكر المستمعون الراحل ويتعاطفوا مع نجله.

هناك شريحة من الناخبين المتدينين يعارضون الحكومة في دعمها للمرأة وتبنيها سياسة التمييز الإيجابي لصالحها، كما يرفضون التطعيم الإجباري بشدة، ويرونه مؤامرة تستهدف الشعوب المسلمة. ويطالبون بأن تفعل تركيا أكثر مما تفعله حاليا لدعم الفلسطينيين وسكان قطاع غزة. وينتقد هؤلاء، في هذه الأيام، موافقة البرلمان التركي على قانون المناخ لتطبيق اتفاق باريس للمناخ، ويقولون إن القانون ليس لصالح تركيا، بل يخدم مصالح الدول الكبرى.

أربكان الابن يسعى إلى الحصول على أصوات تلك الشريحة، بالإضافة إلى أصوات محبي أبيه، إلا أن حزب السعادة ينافس حزب الرفاه الجديد في ذلك
أربكان الابن يسعى إلى الحصول على أصوات تلك الشريحة، بالإضافة إلى أصوات محبي أبيه، إلا أن حزب السعادة ينافس حزب الرفاه الجديد في ذلك، علما بأن الخلاف الأهم بين الحزبين أن أربكان الابن أراد أن يتولى رئاسة حزب السعادة ولكن كبار قادة الحزب من رفاق أربكان الأب لم يسمحوا له بذلك، ما دفع فاتح أربكان إلى تأسيس حزب جديد، ليعلن أنه هو الوريث الوحيد والحصري لإرث أبيه السياسي. وبفضل انضمامه إلى تحالف الجمهور الذي دعم أردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حصل حزب الرفاه الجديد على خمسة مقاعد في البرلمان التركي، إلا أن أحد نوابه استقال فيما بعد لينضم إلى حزب العدالة والتنمية. كما اعتمد في الانتخابات المحلية الأخيرة على ترشيح أشخاص كانوا يريدون خوض الانتخابات باسم حزب العدالة والتنمية إلا أن الأخير لم يرشحهم، ورفع شعبيته من 2,80 في المائة إلى 6,19 في المائة.

شعبية حزب الرفاه الجديد بدأت تتراجع بعد انشقاقه عن تحالف الجمهور المؤيد للحكومة، وانضمامه إلى صفوف المعارضة. تشير نتائج استطلاعات الرأي إلى أن شعبية حزب الرفاه الجديد حاليا حوالي 3 في المائة فقط. ويؤكد فاتح أربكان أنه سيترشح حتما للانتخابات الرئاسية، ولكن حزبه قد يخوض الانتخابات البرلمانية ضمن تحالف انتخابي مع أحزاب أخرى. ولأن باب عودة حزب الرفاه الجديد إلى تحالف الجمهور مغلق من الطرفين، فليس أمام فاتح أربكان إلا التحالف مع حزب الشعب الجمهوري أو الانضمام إلى تحالف أحزاب السعادة والمستقبل والديمقراطية والتقدم. ومن المؤكد أن هذا الخيار الثاني هو الذي يرغب فيه أنصار حزب الرفاه الجديد وهو الأفضل له، إلا أن فيتو حزب السعادة قد يحول دونه.

x.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه أردوغان تركيا حزب الرفاه تركيا أردوغان اربكان حزب الرفاه مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات صحافة مقالات تكنولوجيا مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الرفاه الجدید فاتح أربکان حزب السعادة إلا أن

إقرأ أيضاً:

أوجلان والكلمة التي أنهت حربا

آخر تحديث: 12 يوليوز 2025 - 7:24 صبقلم: فاروق يوسف تخلى حزب العمال الكردستاني عن خيار الكفاح المسلح معلنا نزع سلاحه. فهل يعني ذلك اعترافا بالهزيمة؟كان عبدالله أوجلان زعيم الحزب واضحا في كلامه. الاستمرار في ذلك الخيار يعني المشي في طريق مسدودة.لقد سبق للزعيم الكردي الذي تم اعتقاله عام 1999 في سياق صفقة سياسية مبتذلة على المستوى الأخلاقي أن دعا غير مرة من سجنه إلى طي صفحة الحرب.كان من الصعب على الحزب الذي تأسس عام 1984 أن يطوي تلك الصفحة التي انطلق منها من غير أن تتغير المعادلات السياسية في تركيا. تلك المعادلات المتحجرة التي كانت قائمة على عدم الاعتراف بوجود الأكراد جزءا من التركيبة الوطنية في تركيا.

لقد أنهى أوجلان الحرب بكلمة. غير أن تلك الكلمة ما كان لها أن تكون بذلك التأثير لولا أن الواقع السياسي التركي قد قدّم لها كل أسباب القوة قاوم الأكراد تحجّر العقل السياسي التركي بطريقة تعبّر عن معرفة عميقة بتعثر إمكانية الحوار تحت مظلة وطنية جامعة. فبغض النظر عن نوع النظام الحاكم في أنقرة، دينيا كان أم مدنيا فإن الاعتراف بحقوق الأكراد القومية كان خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، حتى أن تركيا لم تكن تعترف بوجود الأكراد قومية مستقلة وكانت تسمّيهم بأتراك الجبل.

وعلى الرغم من أن الحرب على الساحة الكردية قد كلفت تركيا خسائر بشرية ومادية هائلة فإن دولة أتاتورك كانت مستعدة لخرق القانون الدولي واحتلال أجزاء من سوريا والعراق من أجل مطاردة المتمردين الأكراد.كان خيار السلم على الأراضي التركية التي يقيم فيها الأكراد مُستبعدا حتى بعد اعتقال أوجلان. ذلك لأن حزب العمال وقد وجد له حاضنة في شمال العراق كان يأبى أن ينضم إلى زعيمه في معتقله ويستسلم. وإذا ما كان حزب العمال قد استفاد من الاستقلال النسبي للإقليم الكردي في شمال العراق فإنه استفاد أيضا من  الظرف الإقليمي المضطرب بحيث كانت تركيا حائرة في أن تحارب على أيّ جبهة، في سوريا أم في العراق أم في الداخل التركي.ولا يخفى على تركيا وهي الضليعة بمؤامرات الناتو التي هي جزء منه ما تخطط له الولايات المتحدة وهي تعمل على تأثيث وجودها في المنطقة بأسلوب استعماري جديد. كل تفكير بتركيا قوية يبدو ساذجا في ظل استضعافها محليا من خلال المسألة الكردية. ولأن تركيا بدت عاجزة عن حل مشكلة محلية فقد بات الحل الدولي قريبا. فعلى الرغم من أن تركيا كانت حاضرة  في المعالجة الدولية للمسألة السورية فإن ذلك لم يضمن لها انحياز الجانب الأميركي.يملك الأكراد اليوم تمثيلا قويا في الحياة السياسية التركية. ذلك ما يعني أن تركيا قد تغيّرت. ولأن تركيا قد تغيّرت فقد آن للأكراد أن يتغيّروا.

من المهم أن أنبه هنا إلى أن أكراد تركيا على الرغم مما عانوه من تهميش وعزل وازدراء إلا أنهم لم يطالبوا إلا بحقوقهم المدنية وهي حقوق المواطنة المتوازنة والسوية من المؤكد أن أكراد حزب العمال لم يتخلوا عن خيار الكفاح المسلح إلا بعد أن ضمنوا أن هناك حياة وطنية عادلة في انتظارهم.

من المهم أن أنبه هنا إلى أن أكراد تركيا على الرغم مما عانوه من تهميش وعزل وازدراء إلا أنهم لم يطالبوا إلا بحقوقهم المدنية وهي حقوق المواطنة المتوازنة والسوية. وكما يبدو فإن تركيا تغيرت عبر الزمن. لذلك صار على الأكراد أن يتغيّروا ويغيّروا نهجهم وطريقتهم في التلويح بمطالبهم. والأهم من ذلك أن مبدأ الكفاح المسلح لم يعد مقنعا للكثير منهم، أولئك الذين انخرطوا في الحياة السياسية التركية من خلال الأحزاب التي صار لها صوت في الشارع. كان عبدالله أوجلان حكيما ورجلا مسؤولا حين صارح شعبه بأهمية الاستجابة لتلك التغيّرات والتفاعل معها بطريقة إيجابية. فالمهم بالنسبة إليه وإلى شعبه أن يكون الهدف الذي اختاروا من أجله اللجوء إلى الكفاح المسلح قد تحقق أو في طريقه إلى أن يكون واقعا وليس الكفاح المسلح هدفا في حد ذاته. هنا تكمن واحدة من أهم صفات الزعيم العاقل. ليس من المعلوم حتى الآن ما هي الصفقة التي تخلّى حزب العمال بموجبها عن سلاحه منهيا الحرب التي أضرّت بالأكراد مثلما أضرّت بتركيا.لكن اللافت هنا أن رجلا لا يزال قيد الاعتقال منذ أكثر من ربع قرن كان قادرا على أن يقول كلمة النهاية. وهو ما يعني أن الطرفين، الكردي والتركي، يثقان بذلك الرجل الذي وهب شعبه الجزء الأكبر من عمره.لقد أنهى أوجلان الحرب بكلمة. غير أن تلك الكلمة ما كان لها أن تكون بذلك التأثير لولا أن الواقع السياسي التركي قد قدّم لها كل أسباب القوة.

مقالات مشابهة

  • أوجلان والكلمة التي أنهت حربا
  • أمين الإفتاء: يحكم ما يريد بعزته كأننا صلينا ألف ركعة لم ترد في كتب السنن
  • يناديها سالينتي .. من هي المرأة التي تفهم ترمب أكثر من نفسه؟
  • لماذا يريد ريال مدريد تأجيل مباراته الأولى في «الليجا»؟
  • إنقاذ 4 أشخاص كانوا على متن السفينة التي استهدفها الحوثيون
  • حماس تصر على مطالبها ونتنياهو يريد صفقة لكن ليس بأي ثمن
  • الدبيخي: الأندية التي تم خصخصتها يجب عدم دعمها
  • صاحب “خطة الجنرالات”:” ثمن باهظ لا نصر.. العالم كله يريد إنهاء الحرب باستثناء حكومة إسرائيل “
  • نتنياهو يريد “ايران مثل ليبيا” وترامب يرد بـ”فرصة نرويجية”