حكم قضاء صيام يوم عاشوراء.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 12th, July 2025 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم قضاء صيام يوم عاشوراء؟ فقد اعتاد رجلٌ صيامَ عاشوراء عملًا بالسُّنة، وابتغاءً للأجر والفضل، غير أنه عرَض له سفرٌ في اليوم العاشر من شهر الله المُحرَّم، ففاتَه الصيام، فهل يُشرَع له قضاء صيام يوم عاشوراء؟
. لماذا يصوم المسلمون في هذا اليوم؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن صيام يوم عاشوراء مستحب شرعًا، وهو مِن النفل الراتب الذي يُشرَع قضاؤه، ويستحب للرجل للمعتاد على صيامه الذي فاته صيام هذا اليوم بسببِ عارِضِ ما أن يقضيه طلبًا للأجر والمثوبة.
وقد سنَّ لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صيام هذا اليوم، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينةَ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «مَا هَذَا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يومٌ نجَّى اللهُ بَنِي إسرائيل من عدُوِّهم، فصامه موسى، قال: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. متفق عليه.
وتابعت: لصيام ذلك اليوم عظيم الأجر، والمغفرة للذنوب، فمن اعتاد صيامه كلَّ عامٍ حرصًا على تحصيل الأجر والفضل، واتباعًا لسُنة سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ظفر بالأجر والغفران، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ» أخرجه الإمام مسلم.
فإن فاته صومه -سواء كان هذا الفوت لعذرٍ مِن مرضٍ أو سفرٍ أو غير ذلك أو لغير عذر، وسواء كانت له عادة في صوم ذلك اليوم ولم يمنعه عنها إلا العذر أو لم يكن كذلك- فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يستحب له في تلك الحالة أن يقضي هذا الصوم، وهو المختار للفتوى؛ لأنه صوم نافلة راتب، وقضاء النوافل الرواتب وردت به السُّنة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فمن ذلك قضاؤه صلى الله عليه وآله وسلم سُنةَ الفجر لَمَّا حبسه النوم ومَن معه عن أدائها حتى طلعت الشمس، في حديث رواه أبو قتادة رضي الله عنه، وفي هذا الحديث: فَمَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّرِيقِ، فَوَضَعَ رَأسَهُ، ثُمَّ قَالَ: «احفَظُوا عَلَينَا صَلَاتَنَا»، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ استَيقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمسُ فِي ظَهرِهِ، قَالَ: فَقُمنَا فَزِعِينَ، إلى أن قال: "ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَكعَتَينِ، ثُمَّ صَلَّى الغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصنَعُ كُلَّ يَومٍ. أخرجه الإمام مسلم.
ومنه قضاؤه صلى الله عليه وآله وسلم اعتكاف العام الذي أراد نساؤه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن الاعتكافَ معه فيه، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: فَلَمَّا انصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغَدَاةِ أَبصَرَ أَربَعَ قِبَابٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، فَأُخبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا؟ آلبِرُّ؟ انْزِعُوهَا فَلَا أَرَاهَا»، فَنُزِعَت، فَلَم يَعْتَكِف فِي رمَضَانَ حَتَّى اعتَكَفَ فِي آخِرِ العَشرِ مِن شَوَّالٍ. أخرجه الإمام البخاري.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: يوم عاشوراء صيام يوم عاشوراء قضاء يوم عاشوراء قضاء صيام يوم عاشوراء شهر المحرم دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم دار الإفتاء رضی الله ى الله ع
إقرأ أيضاً:
حـفظ المـال
لقد أحاط الإسلام المال بسياجات متعددة من الحفظ، فنهى عن أكل الحرام بكل صوره وأشكاله نهياً قاطعاً لا لبس فيه، يقول الحق سبحانه: ”يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا ومن يفعل ذلك عدوانًا وظلمًا فسوف نصليه نارًا وكان ذلك على الله يسيرًا”، ويقول سبحانه: «إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون فى بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا».
وعن ابن عباس (رضى الله عنهما) أن سيدنا سعد بن أبى وقاص قال: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلنى مستجاب الدعوة، فقال له النبى (صلى الله عليه وسلم): «يا سعد، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذى نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام فى جوفه فلا يقبل منه عمل أربعين يوماً، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به»، وقد كان بعض الصالحين يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة حرام.
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «إن الحلال بين وإن الحـرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه ومن وقع فى الشبهات وقـع فى الحرام كـالراعى يـرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن فى الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ألا وهى الـقـلب»، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا إنى بما تعملون عليم}، وقال: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم}، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذى بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!».
ويقول (عليه الصلاة والسلام): «إن رجالاً يتخوضون فى مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة» (صحيح البخارى)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به».
فأكل الحرام قتل للنفس وإهلاك وتدمير لها فى الدنيا والآخرة، فهو فى الدنيا وبال على صاحبه فى صحته، وفى أولاده، وفى عرضه، وفى أمواله، «ولعذاب الآخرة أشد وأبقى».
وحثنا الشرع الحنيف على كتابة الدين وتوثيقه والإشهاد عليه فقال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأبَ كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذى عليه الحق وليتقِ الله ربه ولا يبخس منه شيئاً فإن كان الذى عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأبَ الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم».
الأستاذ بجامعة الأزهر