الكيان الصهيوني وتجويع الشعب الفلسطيني
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
بعد فشله الذريع في تحقيق أهداف الحرب ضد المقاومة الفلسطينية وبعد هزيمة الكيان الصهيوني الاستراتيجية في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، قامت العصابات الصهيونية التي تحكم الكيان باستخدام تجويع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كأسلوب إجرامي غير إنساني لتحقيق المشروع الصهيوني في تهجير الشعب الفلسطيني خارج القطاع ووضع مليوني فلسطيني أمام خيارين: الموت من الجوع أو الهجرة خارج القطاع، ومن هنا شاهد العالم عبر شاشات التلفزة وشبكات التواصل الاجتماعي أحد أبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ الحديث حيث يسقط العشرات من الأطفال والنساء وكبار السن من الجوع والقتل والتدمير في أبشع جريمة يشهدها القرن الحالي.
إن سلاح الجوع هو سلاح شيطاني يقوم به المجرم نتنياهو وحكومته المتطرفة لتحقيق أهداف سياسية واستراتيجية عجز عن تحقيقها. ومن هنا فإن المجتمع الدولي لا بد أن يقوم بمسؤوليته الأخلاقية والقانونية والإنسانية أمام هذا الوجع الإنساني من خلال الضغط السياسي على الكيان المحتل كما أن المنظمات الحقوقية والمدنية لابد أن تفضح ممارسات الكيان غير الإنسانية وممارساته الشيطانية وهو يستخدم الجوع أداة لتحقيق مآربه الخبيثة.
ما يجري في قطاع غزة جريمة مكتملة الأركان ودليل على وحشية الكيان الصهيوني وتجرده من كل القيم الإنسانية، ومن هنا فإن أمام العرب، قيادات وشعوبا، مسؤولية تاريخية لنجدة أكثر من مليوني فلسطيني يتضورون جوعا في مشهد مؤلم لا تقره قوانين أو أخلاقيات، وعلى ضوء ذلك نتطلع أن يتخذ مجلس جامعة الدول العربية قرارات فعلية وليست نظرية لنجدة الشعب الفلسطيني من خلال إيجاد آليات لإدخال الغذاء والدواء إلى داخل قطاع غزة خاصة وأن موجة الموت من الجوع قد بدأت خاصة في أوساط الأطفال وكبار السن وهم الأقل احتمالا للجوع وحتى بقية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض إلى إبادة جماعية منذ ٢٢ شهرا.
على صعيد الموقف الدولي فإن إدارة الرئيس الأمريكي تتحمل مسؤولية جسيمة من خلال عدم وقف تلك المأساة، ومن هنا فإن المسؤولية الأخلاقية تفرض على أكبر دولة في العالم أن تضغط على الكيان الصهيوني لوقف جريمة الجوع والتي تعد جريمة حرب في معايير وأسس القانون الدولي الإنساني. كما ينبغي على دول الاتحاد الأوروبي أن يكون لها موقف ضد جريمة الاحتلال الإسرائيلي من خلال الضغط واستخدام الوسائل التي تجبر الاحتلال الإسرائيلي على وقف جريمته الشنعاء ضد الشعب الفلسطيني وخاصة إدخال المساعدات الغذائية والطبية لإنقاذ ملايين الأرواح في قطاع غزة، خاصة وأن نتنياهو هو مجرم حرب في نظر القانون الدولي حيث صدرت بحقه مذكرة اعتقال من قبل محكمة الجنايات الدولية ومعه وزير الدفاع السابق جالانت.
وعلى ضوء المأساة الإنسانية في قطاع غزة فإن على منظمات الأمم المتحدة ووكالات المنظمة أن تتحرك لإيصال الغذاء والدواء إلى الفلسطينيين الذين يتعرضون لأبشع حصار وجريمة إنسانية عرفها التاريخ الحديث، كما أن على المنظمات الحقوقية والبرلمانات الغربية والعربية ومؤسسات المجتمع المدني أن يكون لها دور فاعل من خلال اختراق ذالك الحصار الظالم.
لقد ارتكب الكيان الصهيوني جرائم كثيرة منذ قيام الكيان عام ١٩٤٨ ضد الشعوب العربية والشعب الفلسطيني بشكل خاص وقد حان الوقت لمواجهة هذا الكيان المجرم لأن سلوكه العدواني ومشروعه الاستيطاني يشكل خطرا على الأمن القومي العربي وعلى النسيج المجتمعي العربي، وهذا السلوك الإجرامي للكيان الصهيوني في قطاع غزة يعطي مؤشرا واضحا بخطورة التعامل مع تلك العصابات في إسرائيل حيث إن منهجية الكيان الصهيوني قامت على أسس عصابات شتيرن والهاجانا وهي المنهجية نفسها التي تقوم بها إسرائيل وتدعي بأنها دولة عضو في الأمم المتحدة، رغم أن الكيان لا يحترم القوانين والتشريعات الدولية ولا يعطي للأمم المتحدة أي اعتبار وكأنه كيان فوق الجميع. ومن هنا فإن الكيان الصهيوني لا يزال يعيش بنفس العقلية والسردية ومشروعه الصهيوني لا يزال متواصلا وهو التوسع الجغرافي في العالم العربي ويزحف الآن على محافظة السويداء جنوبي سوريا مستغلا قضية الدروز والأوضاع غير المستقرة للدولة السورية.
إن خطر المشروع الصهيوني هو خطر حقيقي، وإن قضية السلام مع هذا الكيان هو وهم، خاصة وهو يرتكب المجازر اليومية ضد الشعب الفلسطيني ويقصف النازحين وطالبي المساعدات ظلما وعدوانا، فأي منطق سياسي أو أخلاقي يأتمن تلك العصابات والتي تريد السيطرة على المنطقة العربية من خلال السلام المزعوم وتنفيذ خطط حكماء بني صهيون.
إن استخدام سلاح الجوع من قبل الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة هو أكبر دليل على وحشية هذا الكيان وأن التطبيع معه في المستقبل يعد من الأخطاء الاستراتيجية وتسليم المجتمعات العربية لعدو غادر له أطماعه التي لا تنتهي.
نتطلع إلى قرارات حاسمة من الاجتماع الوزاري العربي لإدخال الغذاء إلى قطاع غزة وإنقاذ الآلاف من الأرواح علاوة على ضرورة الضغط العربي على إدارة ترامب لوقف تلك المأساة الإنسانية واستخدام المصالح الاقتصادية كورقة مهمة في الحوار الجاد مع واشنطن ووقف نتنياهو مجرم العصر عن فكره الإجرامي ضد الأبرياء المدنيين في قطاع غزة الذين يتعرضون لأبشع جريمة إبادة جماعية عرفها التاريخ الحديث.
عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی فی قطاع غزة من خلال
إقرأ أيضاً:
الوطني الفلسطيني: تصريحات السفير الأمريكي حول الاستيطان تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي
قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح إن التصريحات الصادرة عن السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي والتي حاول فيها تبرير سماح حكومة الاحتلال بإنشاء 19 مستوطنة جديدة، تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية وتمثل موقفا سياسيا خطيرا يوفر غطاء سياسيا للاستيطان غير الشرعي.
وأضاف فتوح - في بيان له اليوم /السبت/ أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) - أن الاستيطان بجميع أشكاله، سواء تم تسميته تراخيص أو توسعا عمرانيا أو إجراءات ادارية هو استيطان غير قانوني ومدان وفقا للقانون الدولي الإنساني ووفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي أكد بشكل واضح عدم شرعية جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وطالب بوقفها الفوري.
وأكد أن الإدعاء بأن هذه الإجراءات لا تمثل ضما أو إعلانا للسيادة، هو محاولة للتلاعب بالمصطلحات القانونية والسياسية ولا يغير من حقيقة أن الاستيطان هو أداة من أدوات فرض الأمر الواقع وتقويض حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وجزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال.
وشدد فتوح على أنه لا يوجد أي طرف في العالم مخول بمنح الشرعية للاحتلال أو لسياساته الاستيطانية، وأن الشرعية الوحيدة التي يجب احترامها هي شرعية القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والإجماع الدولي الذي رفض الاستيطان واعتبره عقبة أساسية أمام السلام، مطالبا الإدارة الأمريكية بالالتزام بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية، واحترام قرارات الشرعية الدولية، والكف عن المواقف التي تشجع على انتهاك القانون الدولي وتغذي سياسة الإفلات من العقاب.
وحذر فتوح من أن مثل هذه التصريحات لا تخدم السلام ولا تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بل تعمق الصراع وتكرس الاحتلال وتقوض أي فرصة حقيقية لسلام عادل ودائم قائم على إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه الوطنية المشروعة كاملة.