يشهد اليمن في العقود الأخيرة تحديات معقدة ومتعددة الأبعاد، لم تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية فحسب، بل امتدت لتشمل التحدي الفكري والديني،  فقد ظهرت في المجتمع اليمني ظاهرة الجاهلية الحديثة، التي تتمثل في التطرف والتشدد الديني المغلف بألوان دينية مزيفة، مما أدى إلى توترات وصراعات داخلية أثرت على وحدة البلاد واستقرارها، في هذا السياق، برزت المسيرة القرآنية إلى مواجهة هذه الجاهلية عبر العودة إلى القرآن الكريم كمرجعية شاملة، وتأسيس خطاب ديني يعزز قيم التسامح والاعتدال، وبناء الإنسان اليمني والهوية الإيمانية الراسخة، وتعزيز الوعي الجماهيري بمبادئ أساسية مثل الولاية والبراءة من أعداء الله، لمقاومة الفكر المتطرف ومحاولات الهيمنة والاستكبار التي تستهدف البلاد.

يمانيون/ تقرير/ طارق الحمامي

 

يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على كيف واجهت المسيرة القرآنية الجاهلية الحديثة في اليمن، من خلال استعراض محاور عدة تشمل العودة إلى القرآن كمصدر رئيسي، تعزيز الوعي الديني والاجتماعي، وبناء الإنسان المتزن، وتكمن أهمية هذا التقرير في كونه يرصد جهودًا عملية وميدانية لمواجهة هذه الجاهلية ، ويعكس تجربة يمنية فريدة في الرجوع إلى القرآن الكريم كمنهج حياة متكامل لإعادة بناء مجتمع أكثر تماسكًا.

 

مفهوم الجاهلية الحديثة في اليمن

مفهوم الجاهلية الحديثة لا يقتصر فقط على التخلف الفكري والابتعاد عن قيم الإسلام الحقة، بل يشمل أيضًا تفشي تيارات فكرية متطرفة تفرّق المجتمع وتستغل الدين لتبرير العنف والاقتتال الداخلي، ومن أبرز هذه التيارات التي تمثل رمزية للجاهلية الحديثة في اليمن هو الفكر الوهابي المتطرف، الذي تغلغل في المجتمع اليمني بأشكال مختلفة ونحل متباينة، يكفر بعضها البعض الآخر، ويصل الأمر إلى استباحة دماء المسلمين.

 

تغلغل الفكر الوهابي المتطرف بأشكاله المختلفة

الفكر الوهابي، الذي تأسس على يد محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر، تبنى عقيدة صارمة وفهمًا ضيقًا للإسلام، كما تبنى منهج التكفير والقتل وفق  قاعدة ’’الدم الدم ، الهدم الهدم’’ ، في اليمن، انتشر هذا الفكر بشكل غير موحد، إذ ظهر في عدة مجموعات ونحل متفرقة، بعضها يتصارع مع الآخر، ما أدى إلى انقسامات داخلية حادة وأحيانًا حروبًا دامية بين التيارات نفسها.

هذه الفصائل الوهابية لا تتفق في تفاصيل معتقداتها، لكنها تتوحد في موقفها المتشدد من باقي المكونات الدينية في اليمن، وتعتبرها خارج دائرة الإسلام الصحيح، مما يبرر في نظرهم استباحة الدماء واستخدام العنف ضدها، هذا التفرق والتناحر الداخلي الذي رسخه هذا الفكر الظلامي هو من سمات الجاهلية الحديثة التي تغلغلت في المجتمع اليمني.

 

دور السعودية والنظام السابق في تغذية الفكر الوهابي

ساهمت السعودية، بفعل دعمها السياسي والمالي، في تعزيز وتمويل هذه الجماعات الوهابية المتطرفة داخل اليمن،  كان ذلك في إطار استراتيجية تهدف إلى توظيف هذه الجماعات كورقة ضغط داخلية، لضمان إشعال الفتنة المذهبية والطائفية في مختلف مناطق اليمن.

النظام السابق في اليمن، بدوره، لم يكن بعيدًا عن هذه السياسة، حيث استغل هذا الدعم السعودي لتعزيز نفوذه في مناطق معينة أو لتأجيج الصراعات الداخلية تحت غطاء المذهبية، مما زاد من تعقيد المشهد اليمني وعمّق الانقسامات الاجتماعية والدينية.

 

الأثر المدمر لتغلغل الفكر الوهابي

هذا التغلغل للفكر الوهابي المتطرف أدى إلى تصاعد أعمال العنف والاقتتال الداخلي بين اليمنيين، مما هدم النسيج الاجتماعي ، ونتج عنه استفحال الفتن الطائفية والمذهبية التي استهدفت وحدة اليمن واستقراره ، وتراجعت القيم الإسلامية القائمة على الرحمة والتسامح التي كانت سائدة في المجتمع اليمني لقرون، وتحولت مناطق كثيرة في اليمن إلى  حاضنة للتطرف والإرهاب، ويرى كثير من الباحثين أن الوهابية تمثل تجسيدًا لفكرة الجاهلية الحديثة لأنها ،ترفض التسامح والتعايش مع الآخر المختلف معها ، وتتبنى خطابًا تكفيريًا يستهدف المسلمين غير المنتمين إليها، وتفرض رؤية ضيقة للدين على المجتمع، مما يزيد من الانقسامات الطائفية والمذهبية.

 

 المسيرة القرآنية في مواجهة هذه الجاهلية

في ظل هذا الواقع، جاءت المسيرة القرآنية كاستجابة ضرورية لمواجهة هذه الجاهلية الحديثة التي تعصف بالوطن، إذ عملت على إعادة بناء الوعي الديني على أسس قرآنية صحيحة، ونشر قيم الرحمة والتسامح والاعتدال، ورفض التكفير والتطرف، ومحاربة الأفكار التي تمثل تهديدًا لوحدة اليمن ونسيجه الاجتماعي ، معتمدة في ذلك على نشر قراءة صحيحة ومنهجية للقرآن الكريم بعيدًا عن التفسيرات المتطرفة ،

 

العودة إلى القرآن كمرجعية شاملة

في مواجهة موجة الجاهلية الحديثة التي انتشرت في اليمن، أدركت المسيرة القرآنية أن الحل الجذري يكمن في العودة إلى القرآن الكريم كمرجعية شاملة لكل الجوانب الدينية والاجتماعية والسياسية ، القرآن كمصدر أساسي للبيان والتشريع، وإعادة بناء الخطاب الديني على ضوء القرآن، وتعزيز الثقافة القرآنية في المجتمع.

 

تعزيز الوعي الجماهيري 

ارتبطت أهمية تعزيز الوعي الجماهيري بمبدأ الولاية والبراءة من أعداء الله، وهو مبدأ إسلامي محوري يقوم على الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراءة من أعداء الله ، الذي يقود إلى بناء الإنسان والهوية الإيمانية ومقاومة الهيمنة والاستكبار، كأساس لمجتمع قوي قادر على مواجهة الجاهلية الحديثة.

 

خاتمة 

المسيرة القرآنية في اليمن تمثل نموذجًا مهمًا في مواجهة الجاهلية الحديثة، ليس فقط بخطابها، بل بممارساتها الواقعية التي تبني مجتمعا قوياً، متسامحا، مستقراً، معتمداً على المنهج القرآني ،  وتبقى هذه المسيرة أملًا لبناء مستقبل أفضل لليمن وشبابه.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی المجتمع الیمنی المسیرة القرآنیة القرآنیة فی تعزیز الوعی فی مواجهة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

نائبة: توطين التكنولوجيا الحديثة ضرورى لتطوير الصناعة وتعزيز المنتج المحلي

قالت النائبة إيفلين متى ، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن توطين التكنولوجيا الحديثة  فى مصر أصبح أمرا ضروريا فى إطار تعزيز المنتج المحلي بدلا من الإستيراد من الخارج.

وأضافت متى لـ"صدى البلد" أننا لدينا من الأيدى العاملة القادرة على تحقيق ذلك من خلال العمل على توطين المنتج المحلي في مصر بالنسبة للتكنولوجيا الحديثة .

وزير البترول: ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لزيادة الإنتاج بالصحراء الغربيةوزير الري يلتقي رئيس وكالة الفضاء المصرية ويعلن توظيف التكنولوجيا الحديثة في إدارة المياه

وكان قد اجتمع الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، بالدكتور عمرو الحاج علي رئيس هيئة الطاقة الذرية، والدكتور حامد ميرة رئيس هيئة المواد النووية، والدكتور شريف حلمى رئيس هيئة المحطات النووية، بحضور الدكتور أحمد فرغل رئيس الجهاز التنفيذى للإشراف على المشروعات النووية، وذلك لمتابعة مستجدات تنفيذ المشروعات، وتطوير الأداء فى ضوء برنامج عمل الوزارة لتعظيم العوائد من الموارد الطبيعية والأصول المملوكة وتوطين الصناعة ونقل التكنولوجيا.

استعرض الدكتور محمود عصمت خطة العمل التكاملي بين الهيئات النووية لتوحيد الجهود وتحقيق الأهداف، والتعاون والتنسيق بين "الطاقة الذرية"، و"المحطات والمواد النووية" وجهاز الإشراف على المشروعات النووية، لدعم المشروعات البحثية التطبيقية وتوطين التكنولوجيا الحديثة وإضافة قيمة اقتصادية من خلال استخدام البنية التحتية المتوافرة، ومنها مراكز الاستشعار والاستكشاف والاستخلاص، ومركز تسييل بيانات المسح الجوي، والذى يعد المركز الوحيد فى المنطقة، ومركز البحوث النووية والذي يحتوي على مفاعلي مصر البحثي الأول والثاني، ومركز بحوث الأمان النووي والإشعاعي، والعديد من المعامل والمراكز والمنشآت البحثية فى مختلف التخصصات العلمية، وذلك فى إطار البرنامج النووي المصرى للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.

تناول الاجتماع مستجدات التنفيذ وتطور الأعمال فى مشروع المحطة النووية بالضبعة، والتنسيق والتعاون والعمل المشترك استعدادا لمرحلة استقبال الوقود النووي، ومشروع إنتاج السلالات المتميزة من القمح والذى تم التوسع فى زراعتها خلال موسم الزراعة الحالي فى العديد من مناطق الاستصلاح والمحافظات للمساهمة في إنتاج طفرات جديدة ذات إنتاجية كبيرة تزيد بحوالي 30% عن الأصناف التقليدية والتي ستساهم في سد الفجوة الغذائية وتحقيق قدر آمن من الاكتفاء الذاتي، ومشروعات الطب النووي، وصناعة النظائر، وتقديم الدعم الفني لجميع  وحدات الطب النووي والإشعاعي بالمستشفيات، وكذلك مستجدات تنفيذ مشروعات توطين صناعة بطاريات أيون الليثيوم، والخلايا الكهروضوئية، والجيل الثالث من الوقود الحيوي، واستكشاف وتعدين واستخلاص الخامات النووية والمواد والمعادن النادرة، ومشروع الاستفادة من الملح الصخري وتصنيع أشباه الموصلات (الرقائق الإلكترونية).

قال الدكتور محمود عصمت أن الهيئات البحثية والعلمية التابعة تمتلك من الكفاءات والخبرات المتراكمة التى يجب دعمها واستثمارها، وهو ما نعمل عليه فى إطار استراتيجية الدولة لتعظيم العوائد من رأس المال البشرى، سيما فى مجال هام وحيوي مثل الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، والاستفادة من الريادة المصرية فى هذا المجال، فى إطار خطة التنمية المستدامة والمشروعات التنموية فى شتى المجالات الاقتصادية خاصة مجالات الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وتطبيقاتها في العلوم الطبية وعلاج الأورام، وإنتاج النظائر المشعة والاستصلاح وزيادة إنتاجية المحاصيل، خاصة محاصيل الحبوب والتصنيع الزراعي، وحفظ المنتجات وتوطين الصناعة والتكنولوجيا الحديثة، موضحا أهمية التنسيق والتكامل والعمل المشترك بين الهيئات النووية والمؤسسات البحثية والعلمية المعنية لدعم توطين التكنولوجيا الحديثة وخدمة الاقتصاد الوطني.

طباعة شارك التكنولوجيا الحديثة المنتج المحلي الإستيراد من الخارج وزير الكهرباء والطاقة المتجددة

مقالات مشابهة

  • صحيفة صهيونية: مليار شيكل هي كلفة مواجهة الصواريخ والمسيَّرات القادمة من اليمن
  • قبلة تهدد المسيرة.. إيقاف لاعب تنس 4 أعوام بسبب مادة محظورة
  • حسن يحيى: الأزهر يبني جسور الحوار مع الشباب ويحصّن عقولهم من الفكر المنحرف
  • افتتاح دبلوم الدراسات القرآنية بكلية الأمير حسن للعلوم الإسلامية
  • نائبة: توطين التكنولوجيا الحديثة ضرورى لتطوير الصناعة وتعزيز المنتج المحلي
  • انطلاق البرنامج التدريبي القراءة التأسيسية القرآنية بمعاهد الأزهر الشريف
  • وزير الزراعة: نستهدف تغطية 65% من احتياجاتنا من القمح العام المقبل.. وتوسيع استخدام الميكنة الحديثة
  • اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة على طريق حورس الحربي بسيناء
  • الطائرات المسيرة تربك الدفاعات الجوية في فرنسا
  • جامعة حلوان تنظم برنامجًا تدريبيًا بعنوان مفاهيم الإدارة الحديثة