أعلن دانيال إيك، مؤسس ورئيس شركة سبوتيفاي، عن تغييرات جذرية في هيكل القيادة، تدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير المقبل. فابتداءً من العام الجديد، سيتولى كلٌ من غوستاف سودرستروم، الرئيس المشارك ورئيس قسم المنتجات والتكنولوجيا، وأليكس نورستروم، الرئيس المشارك ورئيس قسم الأعمال، منصب الرئيسين التنفيذيين المشاركين للشركة، بينما سيحتفظ إيك بدوره كرئيس تنفيذي عام يركز على الرؤية المستقبلية طويلة المدى.

وأوضح إيك في بيان رسمي أن هذه الخطوة ليست مفاجئة، بل تأتي تتويجًا لعملية نقل تدريجية للمسؤوليات جرت خلال السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن غوستاف وأليكس لعبا دورًا محوريًا في نمو سبوتيفاي منذ بداياتها. وأضاف: "لقد أسهما في رسم ملامح الشركة منذ تأسيسها، وهما الآن على أتم الاستعداد لقيادة المرحلة التالية من تطورنا. هذا التغيير يعكس ببساطة أسلوب عملنا الحالي، حيث أصبحت الإدارة اليومية والاستراتيجية التنفيذية بين أيدٍ أثبتت كفاءتها."

وأوضح إيك أن دوره كرئيس تنفيذي سيكون أكثر تركيزًا على المسار الاستراتيجي الطويل للشركة، وعلى إبقاء التواصل الوثيق بين مجلس الإدارة والرئيسين التنفيذيين المشاركين. وبحسب ما ورد في رسالة داخلية وجهها إلى موظفي سبوتيفاي، فإن إيك يطمح أيضًا إلى المساهمة في إنشاء المزيد من “الشركات العملاقة” التي تعتمد على التكنولوجيا لحل التحديات الكبرى التي يواجهها العالم اليوم.

ويأتي هذا التحول الإداري بينما يواصل دانيال إيك توسيع اهتماماته خارج قطاع الموسيقى، إذ قاد هذا الصيف جولة استثمارية ضخمة بقيمة 700 مليون دولار في شركة التكنولوجيا الدفاعية الأوروبية “هيلسينج”. وتعمل الشركة على تطوير برمجيات ذكاء اصطناعي متقدمة لتحليل بيانات الأسلحة وأجهزة الاستشعار في ساحات القتال، مما يساعد في اتخاذ قرارات عسكرية أسرع وأكثر دقة. كما بدأت “هيلسينج” مؤخرًا في تصنيع طائرات بدون طيار لأغراض عسكرية، وهو ما أثار جدلاً واسعًا وأدى إلى انتقادات من بعض الفنانين داخل منصة سبوتيفاي.

وقد أعرب عدد من الموسيقيين المستقلين عن رفضهم لاستثمار إيك في هذا المجال، فيما ذهبت فرقة “ماسيف أتاك” إلى حد سحب كتالوجها الموسيقي بالكامل من سبوتيفاي احتجاجًا على الخطوة، معتبرة أن الاستثمار في تقنيات حربية يتناقض مع قيم الإبداع والسلام التي يفترض أن تدعمها المنصة الموسيقية.

رغم الجدل، يبقى دانيال إيك أحد أبرز رواد التكنولوجيا في أوروبا. فقد أسس سبوتيفاي عام 2006 بالتعاون مع مارتن لورينتزون، لتتحول خلال أقل من عقدين إلى أكبر منصة لبث الموسيقى في العالم، تضم اليوم نحو 700 مليون مستخدم نشط شهريًا، بينهم أكثر من 240 مليون مشترك مدفوع.

وقد شهد عام 2024 تحولات كبيرة داخل سبوتيفاي، إذ أطلقت الشركة أخيرًا خدمة البث الصوتي عالي الدقة (Lossless Audio) التي طال انتظارها، ما يعزز من مكانتها أمام المنافسين مثل آبل ميوزيك وتايدل. كما واجهت المنصة تحديات جديدة مع الانتشار السريع للأغاني المنتجة بالذكاء الاصطناعي، وهو ملف تحاول الشركة التعامل معه بحذر.

وفي وقت سابق من هذا العام، عدّلت سبوتيفاي سياساتها الداخلية لمعالجة الاستخدامات المضللة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، خصوصًا تلك التي تُنتج محتوى زائفًا أو منسوخًا. ومع ذلك، لا تزال الشركة تسمح بنشر الأغاني والألبومات التي تم إنشاؤها بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي، ما يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول مستقبل الإبداع الموسيقي في عصر الخوارزميات.

يرى محللون أن هذا التغيير في القيادة يمثل نقطة تحول في مسيرة سبوتيفاي، إذ سيتفرغ إيك لتوسيع نفوذه الاستثماري وبناء شركات تكنولوجية ناشئة، بينما يتولى فريق الإدارة الجديد مهمة الحفاظ على النمو والابتكار داخل المنصة. ومع تصاعد المنافسة في سوق بث الموسيقى العالمي، يبدو أن سبوتيفاي تستعد لدخول مرحلة جديدة من التحول الرقمي بقيادة جماعية تسعى إلى موازنة الإبداع الموسيقي مع قوة الذكاء الاصطناعي.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

دراسة: معظم الناس يواجهون صعوبة في التفريق بين الأصوات البشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي

كشفت دراسة جديدة أنه مع ازدياد تغلغل الذكاء الاصطناعي في حياتنا، لا يستطيع معظم الناس التمييز بين الأصوات البشرية والأصوات الاصطناعية المستنسخة منها. اعلان

لم يعد من السهل اليوم معرفة ما إذا كان الصوت الذي نسمعه يعود إلى إنسان حقيقي أو إلى خوارزمية ذكية. ففي عالم أصبحت فيه أدوات الذكاء الاصطناعي جزءًا من تفاصيل الحياة اليومية، من المساعدات الصوتية مثل "أليكسا" إلى روبوتات المحادثة، تتزايد سرعة التطور لدرجة تربك حتى الأذن البشرية.

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة PLoS One، اكتشف باحثون أن أغلبية الناس باتوا غير قادرين على التفريق بين الأصوات الحقيقية وتلك التي تولدها تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد استمع المشاركون إلى 80 تسجيلاً صوتيًا، نصفها بشري والنصف الآخر توليدي، وطُلب منهم تقييمها بناءً على مدى الموثوقية أو السيطرة التي ينقلها الصوت.

النتائج كانت لافتة: فقد تمكن معظم المشاركين من كشف الأصوات الاصطناعية المصمّمة من الصفر، لكن الأصوات المستنسخة من تسجيلات بشرية حيّرتهم، إذ اعتبر 58 في المئة منهم أنها حقيقية، مقابل 62 في المئة فقط تعرّفوا بدقة على الأصوات البشرية.

وقالت الدكتورة نادين لافان، كبيرة الباحثين في جامعة كوين ماري في لندن، إن "الأمر اللافت هو أن الأصوات المستنسخة عبر الذكاء الاصطناعي باتت تشبه الأصوات البشرية إلى حد يصعب التفريق بينهما". وأضافت أن الدراسة اعتمدت على أدوات تجارية متاحة للجميع "يمكن لأي شخص استخدامها دون خبرة تقنية أو تكاليف كبيرة".

بين الاحتيال والإبداع: وجهان لتقنية واحدة

تُستخدم تقنيات استنساخ الأصوات عبر الذكاء الاصطناعي بتحليل الخصائص الصوتية الدقيقة وإعادة توليدها بدقة شبه تامة. لكن هذه القدرة أثارت أيضًا موجة من القلق بسبب استغلالها في عمليات الاحتيال الصوتي.

فقد أظهرت دراسة لجامعة بورتسموث أن ثلثي من تجاوزوا سن الخامسة والسبعين تعرضوا لمحاولات نصب عبر الهاتف، وأن 60 في المئة من هذه المحاولات اعتمدت على مكالمات صوتية، بعضها باستخدام أصوات مستنسخة لتقليد أقارب أو أصدقاء.

Related تقرير: خُمس الشباب البريطاني يستخدم الذكاء الاصطناعي لتخطيط عطلاتهمدراسة تكشف أن الجمع بين المدرب البشري والذكاء الاصطناعي يعزز فعالية برامج إنقاص الوزنحين يتحوّل "الزميل الرقمي" إلى منافس.. هل دخلنا عصر استبدال البشر بالذكاء الاصطناعي؟

وفي مجالات أخرى، مثل الترفيه، يزداد الجدل حول حقوق الملكية الصوتية. فقد انتقدت الممثلة سكارليت جوهانسون شركة "أوبن إيه آي" بعد أن استخدمت صوتًا بدا قريبًا جدًا من صوتها المستخدم في فيلم HER ضمن خدمة "شات جي بي تي". كما استخدمت تسجيلات مزيفة في أوقات سابقة لتقليد أصوات سياسيين وصحافيين بغرض التضليل أو التأثير في الرأي العام.

وتحذر لافان من التبعات الأخلاقية لهذه الاستخدامات، مشددة على أن "الشركات المطوّرة لهذه التقنيات يجب أن تتعاون مع خبراء الأخلاقيات وصناع القرار لوضع قواعد واضحة حول ملكية الأصوات والموافقة على استخدامها".

58 في المائة من الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة أخطأوا في اعتبار الأصوات المستنسخة بالذكاء الاصطناعي أصواتاً حقيقية. Canva إمكانات إنسانية جديدة

ورغم المخاوف، تفتح هذه التقنية آفاقًا إنسانية واعدة. إذ يمكن أن تُحدث ثورة في حياة الأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام أو يعانون من صعوبات في النطق. وتوضح لافان أن "ما يميز التقنيات الحديثة هو أنها تمكّن المستخدم من استعادة صوته الأصلي أو تصميم صوت جديد يعكس شخصيته وهويته".

كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يطوّر أدوات التعليم، ويزيد من فرص الدمج والتنوع في الإعلام والتعليم. فقد أظهرت دراسة حديثة أن استخدام الأصوات الاصطناعية في التعليم السمعي ساعد الطلاب، خصوصًا الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، على التركيز والتفاعل بشكل أفضل.

ومن التطورات اللافتة أيضًا قدرة الذكاء الاصطناعي على ترجمة الصوت إلى لغات متعددة مع الحفاظ على النبرة والهوية الصوتية نفسها، وهو ما قد يفتح الباب أمام تواصل عالمي أكثر إنسانية وواقعية.

نحو مستقبل تمحو فيه التقنية الفوارق

مع ازدياد حضور الأصوات الاصطناعية في حياتنا، يزداد الاهتمام البحثي بفهم كيفية استجابة الناس لها. تقول لافان إنها تسعى في أبحاثها القادمة إلى دراسة تأثير معرفة الشخص بأن الصوت أمامه غير بشري على ثقته به، مضيفةً: "قد يكون من المثير أن نعرف ما إذا كان الناس سيثقون بصوت لطيف وواضح رغم علمهم بأنه من إنتاج الذكاء الاصطناعي، أو كيف سيتعاملون معه عند حدوث خطأ".

بين الاحتيال والمساعدة، وبين التزوير والإبداع، يظل الصوت الاصطناعي ساحة جديدة للتفاعل بين الإنسان والآلة — ساحة قد تغيّر جذريًا الطريقة التي نسمع بها العالم من حولنا.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • محمد بن راشد يفتتح «جيتكس جلوبال 2025» ويطّلع على أحدث حلول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
  • هل يُعيد الذكاء الاصطناعي صياغة بيئة التعلم؟
  • «دبي الرقمية» تعرض في «جيتكس» مبادراتها الرائدة بمجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
  • ترامب: سنفعل شيئًا لا يُصدق.. وأشيد بالدول العربية التي تعهدت بإعادة إعمار غزة
  • مسابقة سنوية وخطط إلزامية.. تحول استراتيجي لأندية السلامة المرورية بالشرقية
  • إطلاق "هاكاثون" للذكاء الاصطناعي في التكنولوجيا المالية تحت مظلة "فينتك إيچيبت"
  • تحت رعاية بنك «saib» ومظلة «فينتك إيچيبت».. إطلاق «هاكاثون» للذكاء الاصطناعي في التكنولوجيا المالية
  • دراسة: معظم الناس يواجهون صعوبة في التفريق بين الأصوات البشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي
  • شركات التكنولوجيا الأمريكية تخسر 770 مليار دولار بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الصين