سارة البريكية
أدرك تمامًا أن الحرب ستنتهي كما تنتهي الكثير من المواقف والمصائب الصعبة، فكل هذا له آلامه وأحزانه وشدّته، ولكن لكل حدث مقدار وحيّز من المشاعر والأحاسيس والمواقف، لكن لكل شيءٍ... شيء.
لقد جعنا لمدة طويلة، ولم نجد شيئًا نأكله، وجاع الكثيرون من حولنا لدرجة أنهم ماتوا من الجوع.
كنت دائمًا أسمع أمي وهي تُعد إفطارنا الصباحي قبل الذهاب إلى المدرسة تقول: "كُل، أو ستموت من الجوع".
كنت آكل، رغم أنني أحيانًا لم تكن لديّ رغبة في تناول الطعام.
هذه الكلمة التي كنت أسمعها سابقًا، باتت واقعًا... فقد ماتت جارتنا من الجوع، ومات رجل مسنّ أعزل على كرسيه المتحرك وهو ذاهب ليبحث عن شيء يأكله، ومات طفل آخر في خيمة ذويه من الجوع، ومتنا نحن من القهر.
الجوع الذي يُحلّق في سماء غزة الآن أشبه بانتقام آخر، يختلف عن الحرب ذاتها، فالحرب قصة، وهذا الجوع قصة أخرى.
لم نتوقع أن يمرّ علينا وقت، في هذا الزمن من التقدم والعصر الحديث، نشعر فيه بالجوع...
في زمن تتوفر فيه وسائل الحياة العصرية من طعام وشراب وملبس لأغلب شعوب العالم، لماذا إذن هذا الحصار الذي طال؟!
إننا نتناقص كثيرًا...
فأحلامنا التي رسمناها سابقًا، وأمنياتنا، تتعلق بشخوصٍ حولنا: سواء أخت، أم، أب، أخ، زوجة، أبناء، أصدقاء، أحباب...
أو حتى طموحات كبيرة كانت على أرض الواقع: كمحل، أو عيادة، أو مستشفى، أو مدرسة، أو جامعة...
كل ما صنعناه بحب فقدناه بألم بالغ، وكل من رافقنا بحب مسيرة الحياة... ها نحن نخسرهم واحدًا تلو الآخر.
ولكن إلى متى؟!
هل الدور القادم علينا؟!
نحن مسلمون، نؤمن أن الموت لا محالة منه في أي زمان ومكان، وكلنا راحلون...
لكن الطريقة التي يتم فيها تجويع الأطفال والنساء والشباب والكبار، وحتى الحيوانات، هي طريقة لا تمتّ للإنسانية بصلة.
ويجب محاسبة كل من كانت له يد في ذلك، فالتجويع نوع من أنواع العقاب الجماعي الذي يؤدي إلى أضرار كبيرة في المجتمع.
فلماذا؟!
لماذا لا نرى مظاهرات كبيرة في الشوارع العربية والإسلامية؟
لماذا لا يتم الاعتراض على المجاعة التي تحدث الآن في غزة؟
لماذا العرب في حالة من الجمود التام؟!
إن المشاهد التي ترونها عبر القنوات ليست قصة، أو فيلمًا، أو مسلسلًا، أو مجرد تمثيلية...
بل هذا واقعٌ أليم، واقعٌ قاسٍ، واقعٌ مؤلمٌ جدًا، وأنتم لن تتمكنوا مطلقًا من التعايش معه.
فنحن هنا في غزة نموت كل يوم، ليس بسبب الحرب، وليس بسبب الجوع، وإنما بسبب الخذلان...
نحن كلنا عرب... مسلمون... نعبد الله.
نحن كلنا أبناء أمّنا حواء، وأبينا آدم، وربنا الله، ورسولنا محمد، وكتابنا القرآن.
نحن كلنا نعلم أن المسلم للمسلم كالبنيان، يشدّ بعضه بعضًا.
فهيا... هيا بنا إلى المكان الذي سيجمعنا جميعًا...
لكن أيها العرب...
سؤالي الوحيد فقط: هل ستسعنا الجنة كلنا؟
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: من الجوع
إقرأ أيضاً:
116 وفاة في غزة نتيجة المجاعة ونقص الغذاء والمساعدات الإنسانية
صراحة نيوز- أفاد مصدر في مستشفى الشفاء بمدينة غزة بوفاة طفلة نتيجة الجوع وسوء التغذية، فيما سبق ذلك إعلان المستشفى وفاة فلسطينيين اثنين، أحدهما مصاب بالسكري.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في بيان أن المجاعة تتفاقم في كافة مناطق القطاع، مسجلاً 116 حالة وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية في ظل نقص حاد في الغذاء والماء والدواء. وحذر البيان من انتشار معلومات مضللة حول دخول مساعدات إلى القطاع.
وطالب المكتب المجتمع الدولي بكسر الحصار المفروض على غزة فوراً، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، لا سيما حليب الأطفال، لمساعدة نحو مليونين ونصف مليون شخص يعيشون في ظروف محاصرة.