وصلت حالات سوء التغذية بين الأطفال في قطاع غزة إلى مستويات سوف تستمر تداعياتها الصحية عليهم حتى لو تم تمكن العالم من إنقاذ حياتهم بإدخال الطعام والشراب وحليب الأطفال.

ويعج مستشفى الأطفال في مجمع ناصر الطبي جنوب القطاع بعشرات الأطفال الذين يواجهون الموت بسبب سوء التغذية وغياب الحليب الصناعي الذي يعتبر الغذاء الوحيد لمن هم دون الـ6 أشهر.

ومع تزايد الحالات اضطر القائمون على المكان إلى تنويم الأطفال في الممرات والردهات فيما هناك آلاف في الخارج لا يجدون ما يحول بينهم وبين الموت، كما يقول مدير المستشفى الدكتور أحمد الفرا.

ويمثل غياب حليب الأطفال من النوعين الأول والثاني معضلة لمن هم دون الـ6 أشهر، حيث لم تعد في القطاع علبة حليب واحدة وإن وجدت فإنها منتهية الصلاحية غالبا ويصل ثمنها إلى 150 دولارا، وفق ما أكده الفرا في مقابلة مع الجزيرة.

شعور عام بالإحباط

ويحاول مجمع ناصر إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأطفال الذين وصلوا إليه من خلال ما يتوافر له من كميات حليب قليلة جدا وفرها متبرعون ومنظمات دولية، في حين تبحث العائلات في الخارج عن بدائل أخرى مثل المياه واليانسون والبابونج.

ويشعر كافة الأطباء -بمن فيهم الأجانب الذين وصلوا مؤخرا لتفقد الوضع- بالإحباط الشديد من الأوضاع المتردية للأطفال الذين تظهر عليهم أعراض لم تعد موجودة في العصر الحديث، مثل تساقط الشعر وتجمّع السوائل وضمور الجسم.

وحتى لو تمكن العالم من إنقاذ هؤلاء فإن إسرائيل ستكون قد حكمت على جيل كامل من الفلسطينيين بنقص مزمن في الذاكرة والذكاء والوزن، لأن الجهاز العصبي للطفل يتكون خلال السنوات الثلاث الأولى من حياته، كما يقول الفرا.

ويتطلب بناء الجهاز العصبي حصول الطفل على العديد من العناصر الأساسية مثل المغنيسيوم والفوليك أسيد وفيتامينات "بي"، و"سي"، و"دي"، وكلها لم تعد متوفرة لأطفال القطاع، مما يدفع أعضاءهم إلى التوقف التدريجي عن العمل.

إعلان

ولا يموت الأطفال في غزة بسبب أمراض مزمنة كما تشيع إسرائيل، لأن كل من قضوا خلال الأيام الماضية ومن يواجهون الموت حاليا لا يعانون أي أمراض سوى سوء التغذية الحاد، وفق الفرا.

ففي مجمع ناصر ترقد حاليا الطفلة سيلا بربخ ذات الـ11 عاما، والتي تزن 3.5 كيلوغرامات، في حين يفترض أن يكون وزنها الطبيعي 10 كيلوغرامات على الأقل، ولا تعاني هذه الطفلة أي مرض آخر.

ومنعت إسرائيل دخول حليب الأطفال بشكل كامل منذ مارس/آذار الماضي، مما دفع إحدى العائلات إلى إطعام رضيع بعض المعلبات، مما أدى إلى إجراء جراحة عاجلة له لإنقاذه من الاختناق.

ولم يعد العاملون في المستشفى يجدون ما يأكلونه بعدما اعتذر المطبخ العالمي عن توفير الطعام لهم قبل أسبوعين، مما يعني استخدام إسرائيل "أقذر أسلحة التاريخ، التجويع" خلال هذه الحرب، كما يقول الفرا.

ويعالج مجمع ناصر نحو 30 طفلا وصلوا إلى مرحلة سوء التغذية الحادة، في حين يواجه 600 ألف طفل دون العاشرة الموت جوعا، بينهم 60 ألفا دون الـ6 أشهر.

تقارير مفزعة

ولا يمكن للأطفال تحمّل غياب الطعام لأن أجسامهم خالية من العضلات، وبالتالي فإن أعضاء الجسم تبدأ في التوقف تدريجيا عن العمل بعد 6 ساعات من غياب الطعام، وعند تفاقم الحالة يتطلب العلاج بروتوكولات محددة ليست متوفرة في مستشفيات القطاع التي لا تمتلك حتى المكملات الغذائية.

وتعليقا على هذا الوضع، أعلنت اللجنة الدولية للإنقاذ اليوم الخميس عن فزعها من التقارير التي تتحدث عن موت الأطفال جوعا في غزة، وقالت إن الحصار هو السبب في ذلك.

كما قالت منظمة أوكسفام إن الأمراض تنتشر في غزة، في حين تواصل إسرائيل منع الطعام والشراب عن الناس، مؤكدة أن الأمراض المنقولة عن طريق المياه في القطاع زادت بنسبة 150%.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة تسجيل 10 وفيات بسبب سوء التغذية خلال 24 ساعة ليرتفع العدد إلى 111 طفلا، في حين تحدّث مكتب الإعلام الحكومي عن 115 وفاة بسبب نفاد الطعام والمياه.

بدوره، قال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس إن القطاع يعيش مستويات قاتلة من سوء التغذية، وذلك بعد يوم من تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن ما يجري حاليا ليس له مثيل في العصر الحديث، وأن المجاعة أصبحت تطرق كل باب في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات سوء التغذیة الأطفال فی مجمع ناصر فی غزة فی حین

إقرأ أيضاً:

إطلاق مبادرة "طفلك طفلنا" للكشف المجاني وعلاج أطفال الشلل الدماغي

شهد ممثلو وزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي للإعاقة انطلاق مبادرة "طفلك طفلنا" خلال فعاليات المؤتمر الأول لعلاج وتأهيل الأطفال المصابين بالشلل الدماغي. 

وجاء المؤتمر الذي نظمته جمعية واحة نور الحياة ليعرض خططًا مستقبلية تستهدف تطوير مراكز متخصصة بالمحافظات لتقديم خدمات التشخيص والعلاج وإعادة التأهيل مجانًا عبر ستة عشر مركزًا موزعًا في أنحاء الجمهورية.

الدولة تعزز برامج الحماية والرعاية لذوي الإعاقة

أكد خليل محمد رئيس الإدارة المركزية لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة بوزارة التضامن الاجتماعي أن الدولة المصرية واصلت خلال السنوات الأخيرة دعمها المستمر لحقوق ذوي الإعاقة. 

وأوضح أن تخصيص عام 2018 كعام للأشخاص ذوي الإعاقة عكس الإرادة السياسية لتعزيز تلك الحقوق.

 وأشار إلى صدور القانون رقم 10 لسنة 2018 الذي مثّل نقلة نوعية في حماية هذه الفئة. 

وأعلن أن مليونًا ومئتي ألف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة يستفيدون من مبادرة تكافل وكرامة بتمويل سنوي يبلغ 11 مليار جنيه. وبيّن أن الوزارة تقدم خدمات عبر 561 مؤسسة تأهيلية تخدم ربع مليون مستفيد سنويًا.

التراث الإسلامي يرسخ قيم العدل ورعاية الأطفال ذوي الإعاقة

أوضح الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن التراث الإسلامي منح الأطفال ذوي الإعاقة مكانة رفيعة تعكس احترام الإنسان وتقدير قدراته.

 ونقل تحيات وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري للحضور مشيدًا بدور المجتمع المدني في الارتقاء بالإنسان باعتباره أساس صناعة الحضارة. 

وأكد أن الاهتمام بتنمية الطفل يمثل ركيزة جوهرية قبل الاهتمام بالمجالات المعرفية الأخرى.

جمعية واحة نور الحياة تعرض حصاد خمسة عشر عامًا من العمل الإنساني

أعلن مصطفى الليثي رئيس مجلس إدارة جمعية واحة نور الحياة أن الجمعية تأسست قبل خمسة عشر عامًا بدافع إنساني للمساهمة في رعاية وتأهيل الأطفال المصابين بالشلل الدماغي. 

وأكد أن المبادرة التزمت منذ تأسيسها بتقديم خدمات متخصصة في خمس عشرة محافظة مع تركيز واضح على محافظات الصعيد لارتفاع نسب الإصابة.

 وشرح أن الشلل الدماغي ينتج عن تلف في خلايا المخ نتيجة نقص الأكسجين خلال مراحل الولادة ويسبب إعاقات حركية أو سمعية أو كلامية. 

وأضاف أن الجمعية تقدم برامج علاج طبيعية وجلسات تخاطب وتنمية مهارات وتنمية حواس إلى جانب الدعم النفسي للأمهات وخدمة العلاج المائي.

أرقام ضخمة للخدمات ونسبة شفاء لافتة

عرض الليثي إحصاءات تفصيلية توضح حجم الجهود خلال خمسة عشر عامًا حيث قدمت الجمعية أكثر من مليوني خدمة علاجية إلى جانب 473 ألف جلسة علاج طبيعي و37 ألف روشتة طبية و11 ألف جبيرة. 

وكشف عن شفاء 1838 طفلًا بصورة نهائية. وأشار إلى أن التكلفة السنوية لعلاج الطفل الواحد قد تصل إلى 67 ألف جنيه مما يجعل التحدي المالي الأكبر. 

وأعلن حلم الجمعية في إنشاء مستشفى متخصص لعلاج الشلل الدماغي بكل محافظة بداية من القاهرة ثم الصعيد.

خبراء الإعاقة يشيدون بالتجربة ويؤكدون الأمل في الشفاء

أكد الدكتور صلاح فضل مسؤول التعليم بالمجلس القومي للإعاقة أن الشلل الدماغي يعد من الحالات الأعلى في نسب التحسن والشفاء عند الاكتشاف المبكر وتقديم العلاج الصحيح. 

ووجه تحية للأمهات اللاتي يواصلن السعي لرعاية أطفالهن رغم الصدمات النفسية والمادية، وأشاد بالمبادرة معتبرًا إياها نقلة نوعية في مجال تأهيل الأطفال ذوي الإعاقة.

مقالات مشابهة

  • «يونيسف»: أطفال غزة ما زالوا يعانون سوء تغذية حاداً
  • يونيسيف: آلاف الأطفال ما زالوا يعانون سوء التغذية منذ وقف إطلاق النار بغزة
  • يونيسيف: الآف الأطفال ما زالوا يعانون سوء التغذية منذ وقف إطلاق النار بغزة
  • يونيسف: عدد مرتفع من أطفال غزة ما زالوا يعانون سوء التغذية الحاد رغم الهدنة
  • حديث صادم للأمم المتحدة.. أطفال غزة يعانون من سوء تغذية حاد
  • أبو الغيط: 55 مليون عربي يعانون نقص التغذية.. و"التجويع" يُستخدم سلاحًا ضد سكان غزة
  • المشروع الإسلامي وتحديات العصر الحديث: استعادة الذات والهوية
  • إطلاق مبادرة "طفلك طفلنا" للكشف المجاني وعلاج أطفال الشلل الدماغي
  • “الأونروا”: 508 أطفال في غزة يعانون من سوء تغذية حاد
  • الأغذية العالمي: 20 مليون شخص يعانون سوء التغذية في السودان