سيف الدولة لـعربي21: الأنظمة العربية تعاني من التبعية.. والمقاومة الفلسطينية وحدها من تحمي الأمة
تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT
في ظل حرب الإبادة الجماعية والتجويع المتواصل الذي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ووسط صمت عربي رسمي مطبق، يطرح الرأي العام العربي تساؤلات ملحة عن دور الحكومات والأنظمة والشعوب العربية في التصدي لهذا العدوان أو على الأقل دعمه للمدنيين المحاصرين في القطاع.
في هذا السياق، حاورت "عربي21" المفكر والباحث السياسي المصري المهندس محمد عصمت سيف الدولة، مؤسس حركة “مصريون ضد الصهيونية” والباحث في ملف الصراع العربي الصهيوني.
يرى سيف الدولة أن المواقف العربية الرسمية لا تُعزى فقط إلى التخاذل أو الجبن، بل تعكس بنية سياسية واقتصادية قائمة على التبعية العميقة للولايات المتحدة، وهي بنية تقيد أي تحرك خارج مظلة المصالح الغربية.
وفيما يلي نص الحوار:
ما هي الأسباب الجوهرية التي تقف خلف تخاذل الحكومات العربية، خصوصاً الحكومة المصرية، في نصرة غزة ورفع الحصار؟
الأسباب واضحة، فالنظام العربي الرسمي يعيش منذ عقود حالة تبعية استراتيجية للولايات المتحدة، تكبّله وتمنعه من اتخاذ مواقف مستقلة، وخاصة تلك التي قد تُغضب واشنطن أو تهدد أمن الكيان الصهيوني. بالنسبة لمصر تحديدا، هناك اتفاقية كامب ديفيد التي وضعتها خارج إطار الصراع، بل وألزمتها ضمن المادة السادسة بعدم التدخل في أي نزاع مسلح بين الاحتلال الإسرائيلي والأطراف العربية الأخرى، وهذا القيد أصبح جزءا من السياسة المصرية الرسمية.
كيف تفسرون صمت الأنظمة العربية إزاء الوضع الإنساني الكارثي في غزة من مجاعة وإبادة وتطهير عرقي ؟
الصمت الرسمي العربي يعكس في الحقيقة تواطؤا سياسيا أكثر منه مجرد سكوت. هناك خوف من الشارع العربي ومقاومته، وهناك أيضا رغبة دفينة لدى بعض الأنظمة في تصفية القضية الفلسطينية، لأنها ببساطة تُحرجهم، وتكشف عجزهم وتواطؤهم. المقاومة تُعريهم أمام شعوبهم المقهورة التي تخشى من التحرك.
إلى أي مدى تؤثر الضغوط الخارجية على مواقف الحكومات العربية من العدوان على غزة؟
لا يمكن فهم الأداء العربي إلا في ضوء العلاقة العضوية التي تربط أغلب الأنظمة العربية، وخاصة المصرية، مع واشنطن. هذه الضغوط ليست فقط سياسية، بل أيضًا أمنية واقتصادية واستراتيجية.
فالمطلوب من مصر، وفقا للمعاهدات التي وقعتها، أن تظل في موقع الوسيط وليس الحليف للفلسطينيين، وأن تحافظ على أمن الاحتلال الإسرائيلي على حدودها الشرقية.
هل هناك فرق فعلي بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي العربي تجاه غزة٬ لأن النتيجة واحدة خذلان أهل غزة؟
بالتأكيد الشعوب العربية تفيض غيظا وغضبا مما يحدث في غزة، وهي ملتفة بالكامل حول المقاومة، وتطالب حكوماتها بالتحرك. على النقيض، الأنظمة الرسمية تقمع المظاهرات، وتعتقل الداعمين لفلسطين، وتخشى من أي حراك شعبي يمكن أن يمتد ليطال شرعيتها. الشعوب ترى المقاومة شرفا، بينما ترى فيها الأنظمة خطرا وجوديا.
كيف يمكن تفسير هذا الانفصال الحاد بين موقف الشارع وموقف الأنظمة؟
الأنظمة العربية ترى نفسها مسؤولة فقط عن "أمن النظام" لا أمن الأمة. ولذلك فهي تخشى من أن تتحول المظاهرات الداعمة لغزة إلى مظاهرات تطالب بالحرية والتغيير، كما حدث في ثورات الربيع العربي. ولذلك تُغلق الفضاء العام وتحاصر أي فعل جماهيري مهما كان سلميا أو إنسانيا.
ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه التيارات السياسية والمجتمع المدني في التأثير على القرار الرسمي؟
التيارات السياسية والمجتمع المدني تم تفريغهم بالكامل من قدرتهم على الفعل. القمع، والتشويه، والاعتقالات، وقوانين منع التظاهر، كل ذلك أدى إلى تراجع الحركة الوطنية إلى أدنى مستوياتها منذ عقود. ومع ذلك، ما زالت هناك طاقات كامنة في الشارع، يمكن تحفيزها إذا أُتيحت لها مساحة من الحرية.
هل تعتقد أن ضعف التضامن الشعبي في بعض الدول لعب دورا في ارتخاء الموقف الرسمي تجاه غزة؟
لا أوافق على أن هناك "ضعف تضامن شعبي"، بل هناك قمع منهجي لكل تعبير شعبي عن التضامن. الشعوب تريد أن تهتف، تتظاهر، تسيّر قوافل، لكن الأنظمة تمنعها.
حتى التبرعات الخيرية أصبحت تخضع للرقابة أو الحظر. إذا تُركت الشعوب تعبّر عن نفسها بحرية، لرأينا ملايين في الشوارع كما كان في 2009 و2014.
ما الذي يمكن أن تفعله الشعوب العربية القريبة من فلسطين لمساندة غزة في ظل هذا القمع الرسمي؟
للأسف، أغلقت الأنظمة كل الأبواب أمام الفعل الشعبي. لا مظاهرات، لا قوافل، لا إعلام حر، لا مساعدات تمر عبر المعابر. ومع ذلك، الشعوب ستجد طرقها يومًا ما.
والتجربة علمتنا أن الانفجار الشعبي قادم لا محالة حين تتجاوز الأنظمة حدود الصبر الوطني والإنساني. الفلسطينيون ليسوا وحدهم، وكل هذا القمع لن يمنع انفجار التضامن العربي الحقيقي.
ما هي الرسائل التي توجهونها للشعوب العربية، خاصة في مصر والدول المجاورة لفلسطين؟
رسالتي واضحة٬ لا تيأسوا، لا تصمتوا، لا تنسوا. ما يحدث في غزة ليس فقط جريمة، بل هو اختبار حقيقي لإنسانيتنا وهويتنا وأصالتنا. كل من يستطيع أن يفعل شيئًا بالكلمة، بالصوت، بالصورة، بالمقاطعة، بالتضامن فليفعل. لا شيء صغير أمام دماء الشهداء. وحين يسقط الخوف من القلوب، ستكون لنا الكلمة الأخيرة.
أخيرا، كيف تقيمون دور الإعلام العربي، وخاصة المصري، في تغطية العدوان على غزة؟
الإعلام العربي الرسمي يلعب دورا مزدوجا. فهو من جهة يغطي المجازر ويسلط الضوء على الكارثة، لكن في ذات الوقت يحجب الرواية الحقيقية عن الناس، ويتجاهل جوهر القضية٬ أن هذا الكيان الصهيوني هو كيان غير شرعي، وأن المقاومة حق مشروع. الإعلام الشعبي، خاصة عبر وسائل التواصل، هو الذي يقوم اليوم بـالدور الوطني والأخلاقي في فضح الاحتلال وفضح المتواطئين معه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مقابلات غزة المصري سيف الدولة الحصار مصر غزة حصار ابادة سيف الدولة المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأنظمة العربیة
إقرأ أيضاً:
ضياء رشوان: السادات لم يخرج من العباءة العربية في القضية الفلسطينية
قال الكاتب الصحفي ضياء رشوان، إنّه منذ عام 1948، وهو ما أسماه بالبداية الفعلية للقضية الفلسطينية، تغيرت ملامح الشعب المصري وتغيرت نظم سياسية، فقد كان هناك النظام الملكي، ثم النظام الثوري مع جمال عبد الناصر، ثم محمد أنور السادات، وصولا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأضاف رشوان، في حواره مع الإعلامي محمود السعيد، مقدم برنامج "ستوديو إكسترا"، عبر قناة "إكسترا نيوز": "مع تغير سمات في الشعب وتغير نظم الحكم التي كانت متعارضة في أوضاعها الداخلية، لم يقل أبدا إن الحدود الشرقية لا تشكل خطرا على مصر"، مشددًا على أنّ الرئيس الراحل محمد أنور السادات لم يخرج من العباءة العربية في القضية الفلسطينية رغم اختلاف الاجتهادات.
وتابع: "علاقتنا بالقضية الفلسطينية ليست علاقة طرف مستجد سمع عن القضية منذ وقت قريب، فعلاقة مصر بالقضية تتداخل فيها الجغرافيا والتاريخ والمصلحة والأمن القومي، كما أن الدم المصري مختلط مع اهلنا في غزة اختلاطا أسريا وعائليا، بآلاف العائلات من مصر وغزة".