د. علي بن حمد بن عبدالله المسلمي

[email protected]

نرى الواقع في غزة من إبادة جماعية بكل صنوفها، من قتل، وتجويع، وتعطيش، وحصار -برًا وبحرًا وجوًا- وتضييق الخناق على أهلها؛ لإجبارهم على مغادرتها قسريًا، وحشرهم في مكان ضيق في جيتو يهودي هولوكستي؛ تمهيدًا لتصفيتهم والتخلص منهم خارج حدود فلسطين المحتلة.

بالمقابل نسمع النداءات، ونشاهد الشعارات، ونتلمس العقوبات، ونرى المظاهرات، ونستمع للمناشدات سواء تصدر عن طريق قلة من الساسة الأوروبيين، أو بعض من العرب والمسلمين، أو المنظمات الدولية التي أثبتت عجزها وقلة حيلتها تجاه ما يحدث في غزة من إبادة مكتملة الأركان رغم إصدار قرارات دولية ملزمة من قبلها ضد الكيان الغاصب، وخير مثال على ذلك  محكمة الجنايات والعدل الدوليتين لاعتقال مجرمي الحرب في الكيان، علاوة على ذلك علامات الصمت المطبق الذي يخيم دون حراك عالمي حقيقي تجاه ما يحدث في غزة والضفة الغربية ما عدا مظاهرات هنا وهناك من قبل الأوروبيين، وطلبة الجامعات سابقًا في الولايات المتحدة، وبعض دول الاتحاد الأوروبي، والموانئ الأوروبية من قبل العاملين فيها، وقوافل الحرية البرية والبحرية (كاترين) و(حنظلة) والحملة البرية "قافلة الصمود" التي انطلقت  من تونس الخضراء التي يضيق عليها الخناق من أول وهلة قبل وصولها غزة.

وأيضا صمت لم نعهده في فلسطين المحتلة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، و"عرب 48" والمدن الفلسطينية المحتلة، والمهجرين في أرض الشتات في بقاع الأرض، لا كما كان يحدث في الانتفاضات السابقة من إيقاد وهج الشرارة ضد المحتل.

إن ترك أهل غزة المكلومين أطفال ونساء وشيوخ وحدهم بمقاوميهم الأبطال أمام هذه الآلة الإسرائيلية الهمجية الغاشمة التي أظهرت للعالم حقيقتها بتطبيق نظام الغاب، وشعب الله المختار، ومن يقف وراءها من طغاة العصر يحمل في طياتها كثير من الأسئلة.

أين عموم أهل فلسطين والمهجرين مما يحدث في غزة؟ أين العرب مما يجري في غزة؟! أين موقف المسلمين مما يجري في غزة؟! أين الشعوب العربية ومثقفيها وعلمائها وقادتها مما يجري في غزة؟! لماذا نستجدي الحلول من المحتل والحلول بأيدي دول الجوار؟!

وللإجابة على ذلك يتضح ذلك من خلال الآتي:

بالنسبة لأهل فلسطين فإننا نجد وفق قراءة الواقع أنه لا يوجد وحدة بين الأطراف الفلسطينية المختلفة "وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ".

إن الفرقة والاختلاف بين الإخوة الفلسطينيين مصدر ضعف، ويولد كثيرًا من الحقائق، والناس تطرح تساؤلات... فإذا كان المجتمع الفلسطيني مختلفًا فيما بينه، فكيف نستطيع مساعدتهم وهم متفرقون؟!

فنجد هنا أن المثل العماني ينطبق عليهم تمامًا "إذا سلمت ناقتي ما عليّ من رفاقتي".

إن ترميم البيت الفلسطيني أولى، ووحدة الصف مطلب حتمي وضروري لرأب الصدع، فكما يقال: "ما يحك جلدك إلا ظفرك" فنحن ندرك تماما أن القوة في الاتحاد، والهزيمة في الضعف.

أمّا حال أبناء جلدتهم رغم قرارات جامعتهم العربية في القمم السابقة واللاحقة التي تدعو إلى حل الدولتين ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة إلا أنها تبقى "حبرًا على ورق" وكذلك حالهم المعاش، صمت مطبق يدعو للغرابة بين صامت وشامت، وبين مؤيد وداعم وفق الإمكانات المتاحة. ولا يوجد حراك عربي دبلوماسي قوي يضغط على الوضع القائم ما عدا عبارات الشجب، والندب، واللطم على الخدود، رغم أن لديهم عناصر قوة يستطيعون من خلالها الضغط على الدول العظمى المنخرطة مع الكيان الصهيوني المحتل، وأبرز مثال على ذلك: ما فعله الملك فيصل بن عبد العزيز في حرب أكتوبر 1973.

وعلى الرغم من ذلك، لا أحد ينكر دور القطريين الذين يبذلون جهودًا حثيثة للتوصل لحل وقف إطلاق النار في غزة هاشم مع نظرائهم المصريين والأمريكيين، وهناك جماعة أنصار الله في اليمن الذين يساندون غزة عن طريق إمطار إسرائيل بالصواريخ بين الفينة والأخرى، والتحكم في الملاحة في مضيق باب المندب، وكذلك حزب الله الذي كان مساندا لأهل غزة في بداية الحرب، ومحور المقاومة كإيران وسوريا سابقا.

ورغم ذلك البصيص من الأمل تتكشف الحقائق المؤسفة التي تخص العرب ساعة بعد ساعة؛ من خلال الأخبار المرئية والمسموعة التي تبين مدى هذا الذل والهوان الذي وصلت إليه أمتنا العربية.... فهل هناك بصيص من نور سيخرج أمتنا من ظلامها وغياهبها الذي جعلها تحيد عن الطريق المستقيم؟!

أمّا حال المسلمين مثل: حال العرب رغم قرارات القمم الإسلامية إلا أنها لم توضع موضع التنفيذ، بل بقيت حبرًا على ورق أيضا. وبالرغم من هذا الصمت العربي الإسلامي الذي طال أمده، ونأمل أن ينطوي عهده، إلا أن ضمائر بعض المسلمين لا تزال فيها النخوة، والغيرة، ونصرة الضعيف.

وهذا ما لاحظناه من خلال حركات المقاطعة التي انتشرت في شتى بقاع الأرض -لا سيما في أواسط المجتمعات الإسلامية- وهذا يدل على مدى الرغبة الجامحة التي يمتلكها المسلمون لتحقيق العدالة، بالرغم من الخذلان السياسي الذي تشهده الأمة قاطبة.

وكذلك حال العلماء، والمثقفين، والكتّاب، حيث إنه لا يوجد حراك تنسيقي بين علماء المسلمين وغيرهم لحل أزمة غزة، ومعالجتها، والضغط على المسؤولين؛ لإيجاد قرارات فاعلة تصب في مصلحة القضية الفلسطينية.

في حين دول الجوار لديها الحلول الممكنة، ولكن وضعها لا يختلف عن وضع عموم العرب والمسلمين المشغولة بنفسها ومشاكلها الداخلية التي لا تتيح لها ممارسة دورها السيادي.

نستنتج من ذلك أن الوضع الفلسطيني والعربي والإسلامي والدولي وصل إلى مرحلة الضعف الأخلاقي والإنساني تجاه ما يحصل في غزة، وعموم فلسطين، والله غالب على أمره.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

محمد صالح يحتفل بتأهل فلسطين لكأس العرب وسط ظروف الحرب في غزة

صراحة نيوز- يخوض المدافع الفلسطيني محمد صالح بطولة كأس العرب لكرة القدم هذا العام في ظروف يعتبرها “أفضل نسبياً” مقارنة بتجربته السابقة في كأس آسيا التي أُقيمت في قطر مطلع 2024، رغم استمرار الحرب في قطاع غزة حيث تعيش عائلته.

وبأجواء مفعمة بالفرح، ظهر صالح في المنطقة المختلطة الأحد بعد تعادل المنتخب الفلسطيني السلبي مع سورية، وهو التعادل الذي منح “الفدائي” تأهلاً تاريخياً إلى ربع النهائي. وأوضح صالح أنه يعيش حالياً وضعاً شخصياً أكثر استقراراً، لكنه يظل متأثراً بما يعيشه أهله في غزة، قائلاً: “الحرب ما زالت قائمة، وعائلتي لا تزال في غزة”.

رغم دخول هدنة حيز التنفيذ بين إسرائيل و”حماس” في أكتوبر الماضي، فإنها ما تزال هشّة، وسط تبادل الاتهامات بانتهاكها. هذه الأجواء أعادت إلى صالح ذكريات كأس آسيا قبل عامين، عندما تزامنت البطولة مع الحرب، وحينها اضطر للاعتذار بألم لأطفال غزة بعد الخسارة أمام إيران. لكنه اليوم يشعر بسعادة مختلفة: “هذه الفرحة لأهلنا في غزة، ولأرواح زملائنا الشهداء”.

صالح (32 عاماً)، الذي تعرض منزله للقصف في حي الرمال، يعيش حالياً بعض الراحة بعد انتقال والدته وشقيقه الأصغر إلى الدوحة حيث يلعب مع نادي الريان، بينما بقي والده وشقيقه الأكبر في غزة يواجهان صعوبات كبيرة لمتابعة مبارياته بسبب نقص الكهرباء وارتفاع تكاليف الوقود. كما واجهت والدته أزمة صحية ليلة مباراة سورية، لكنه يرى أن الوضع الحالي أفضل من فترة كان يفقد فيها التواصل مع عائلته بالكامل خلال الحرب.

ويتطلع صالح وزملاؤه لتحقيق إنجاز جديد بالوصول إلى نصف نهائي كأس العرب عندما يواجه المنتخب السعودي اليوم الخميس على استاد لوسيل. وأكد المدافع الفلسطيني أنه لا يفضّل مواجهة فريق على آخر: “ندرس أي فريق نواجهه ونلعب بإمكاناتنا، ونحن قادرون على مواجهة أي منتخب عربي”.

ويعتبر صالح أن وضعه الرياضي الحالي ممتاز بفضل احترافه في نادي الريان، على عكس البطولة السابقة عندما كان دون نادٍ، مشيداً بأداء المنتخب الفلسطيني الذي تصدر مجموعته القوية بوجود قطر وتونس، مؤكداً أن الفريق لعب بإمكاناته ويمتلك عدداً كبيراً من اللاعبين المحترفين.

وعن تأثير احتراف لاعبين فلسطينيين في الدوري القطري على فهمهم لطريقة لعب منتخب قطر، قال صالح: “هذا الأمر قد يكون عاملاً مساعداً، فبعض لاعبي قطر زملاؤنا في الأندية، ونعرف أسلوب لعبهم جيداً”.

مقالات مشابهة

  • مدرب فلسطين راضٍ عن الأداء أمام السعودية في كأس العرب
  • لاعب منتخب فلسطين يهاجم أمين عمر بعد ربع نهائي كأس العرب
  • عاجل: منتخب فلسطين يودّع كأس العرب بعد خسارته أمام السعودية
  •  كأس العرب 2025.. السعودية تعبر فلسطين وتتأهل إلى نصف النهائي
  • السعودية تقصي فلسطين وتبلغ نصف نهائي كأس العرب
  • شكرا للفريقين علي المتعة التي قدماها المستكاوي يشيد بمباراة المغرب وسوريا
  • مشاهدة مباراة فلسطين والسعودية في كأس العرب 2025
  • محمد صالح يحتفل بتأهل فلسطين لكأس العرب وسط ظروف الحرب في غزة
  • مقررة أممية: الجوع الذي يعانيه الأطفال في فلسطين نتيجة خيارات” تل أبيب” ودعم العواصم الغربية
  • أبو جزر: بطولة كأس العرب فرصة لإبقاء اسم فلسطين حياً