قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير أعده بيتر بيومنت، إن إسرائيل ووسط الشجب الدولي على المجاعة في غزة تحاول تحويل اللوم وإبعاد نفسها عن مسؤولية تجويع الفلسطينيين الواسع في غزة. 

وفي الوقت الذي قدمت فيه عشرات الحكومات ومنظمات الأمم المتحدة وشخصيات دولية أخرى أدلة عن مسؤولية إسرائيل، حاول المسؤولون والوزراء في إسرائيل الإيحاء بأنه لا يوجد جوع في غزة، وأنه إذا كان الجوع موجودا، فهو ليس خطأ إسرائيل، أو إلقاء اللوم على حماس أو الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة في مشاكل توزيع المساعدات.



وتواصلت الجهود الإسرائيلية حتى مع ظهور أحد وزراء حكومتها، وزير التراث اليميني المتطرف، عميحاي إلياهو، وهو يصف سياسة غير مبررة للتجويع والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وهي سياسة نفتها إسرائيل وقالت إنها ليست سياسة رسمية.

ووسط دلائل على تزايد أعداد الوفيات بسبب الجوع في غزة، بما في ذلك وفيات العديد من الأطفال، وصور وروايات صادمة عن سوء التغذية، حاولت إسرائيل التنصل من المسؤولية عما وصفه رئيس منظمة الصحة العالمية بـ"المجاعة الجماعية من صنع الإنسان".



وقد أيدت 28 دولة هذا الرأي في بيان مشترك صدر هذا الأسبوع، بما في ذلك بريطانيا، والذي ألقى باللوم صراحة على إسرائيل. وجاء في البيان: "لقد وصلت معاناة المدنيين في غزة إلى مستويات غير مسبوقة".

وأضاف البيان: "إن نموذج تقديم المساعدات الذي تنتهجه الحكومة الإسرائيلية خطير، ويؤجج عدم الاستقرار، ويحرم سكان غزة من كرامتهم الإنسانية". وجاء فيه: "ندين إيصال المساعدات بالتنقيط والقتل اللاإنساني للمدنيين، بمن فيهم الأطفال، سعيا لتلبية احتياجاتهم الأساسية من الماء والغذاء".

وكان بعض المسؤولين الإسرائيليين أكثر حذراً بعض الشيء في تصريحاتهم العلنية، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي وعد بشكل مبهم بأنه "لن تكون هناك مجاعة" في غزة. إلا أن إحاطة غير رسمية قدمها مسؤول أمني إسرائيلي كبير قبل فترة للصحافيين دفعت إلى موقف أكثر حزما، مؤكدا "لا يوجد جوع في غزة"، ومدعيا أن صور الأطفال الجائعين على الصفحات الأولى حول العالم تظهر أطفالاً يعانون من "أمراض مزمنة".

وظهر ديفيد مينسر، المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، على قناة "سكاي نيوز" قائلا هذا الأسبوع: "لا توجد مجاعة في غزة،هناك مجاعة للحقيقة". 

وفي تناقض مع هذا الادعاء، قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن ربع الأطفال الصغار والأمهات الحوامل أو المرضعات الذين فحصتهم في عياداتها الأسبوع الماضي يعانون من سوء التغذية، وذلك بعد يوم من إعلان الأمم المتحدة أن واحدا من كل خمسة أطفال في مدينة غزة يعاني من سوء التغذية.

ومع ذلك، فإن محاولات إسرائيل للتملص من المسؤولية تقوضها مسؤوليتها الوحيدة والشاملة: فهي، كقوة احتلال في صراع، ملزمة قانونا بضمان توفير سبل العيش لمن هم تحت الاحتلال.



وبينما حاولت إسرائيل باستمرار إلقاء اللوم على حماس لاعتراض المساعدات الغذائية، فقد قوّض هذا الادعاء تقييم أمريكي مسرب، اطلعت عليه "رويترز"، لم يجد أي دليل على سرقة ممنهجة من قِبل الجماعة الفلسطينية المسلحة للإمدادات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة.

وبعد فحص 156 حادثة سرقة أو فقدان لإمدادات ممولة من الولايات المتحدة أبلغت عنها منظمات شريكة في المساعدات الأمريكية بين تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وأيار/مايو 2025، قالت إنها لم تجد "أي تقارير تزعم أن حماس" استفادت من الإمدادات الممولة من الولايات المتحدة.

كما كثفت إسرائيل مؤخرا جهودها لإلقاء اللوم على الأمم المتحدة في مشاكل توزيع المساعدات، مشيرة إلى "عدم تعاون المجتمع الدولي والمنظمات الدولية".

وتتناقض مزاعم إسرائيل مع أدلة واضحة على جهودها لتقويض توزيع المساعدات.

ورغم التحذيرات الدولية من المخاطر الإنسانية التي يشكلها حظر أونروا، الوكالة الأممية الرئيسية للفلسطينيين والمنظمة الأكثر خبرة في غزة، من إسرائيل، فقد أُغلقت عملياتها، مما عقد جهود الإغاثة.

وبدلا من ذلك، اعتمدت إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، على مؤسسة غزة الإنسانية الخاصة عديمة الخبرة والمثيرة للجدل؛ وكانت مواقعها محورا للعديد من عمليات القتل الجماعي للفلسطينيين اليائسين على يد الجنود الإسرائيليين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية المجاعة غزة الاحتلال غزة الاحتلال مجاعة طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الولایات المتحدة الأمم المتحدة فی غزة

إقرأ أيضاً:

مستشفيات غزة تتحول لساحات موت بسبب المجاعة.. أرقام صادمة وأطفال يتحولون لـ«هياكل عظمية»

تتفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة بشكل مأساوي، حيث يموت الأطفال جوعاً في أحضان ذويهم، وسط صمت دولي وعجز مروع في مواجهة أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم في العصر الحديث، بحسب تقارير أممية.

تحولت مستشفيات القطاع إلى ساحات موت بطيء، مع تسجيل وفاة خمسة أطفال خلال أسبوع واحد في مستشفى “أصدقاء المريض” شمال غزة، ليس بسبب القصف أو الأمراض، بل بسبب الجوع وحده.

وأكدت وزارة الصحة في غزة أن عدد الوفيات الناتجة عن المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 113، من بينهم 81 طفلاً، بعد تسجيل حالتين جديدتين خلال الـ24 ساعة الماضية.

وأوضحت الوزارة أن 48 شخصاً على الأقل، بينهم 20 طفلاً، توفوا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية فقط، بسبب الجوع وسوء التغذية، مقارنة بـ10 حالات فقط خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام.

“أطفال لا يستطيعون البكاء”

الدكتورة رنا صبوح، العاملة مع منظمة “ميدغلوبال” الأميركية، أكدت أن الأطفال يصلون المستشفيات في حالات حرجة للغاية: “لا يستطيعون البكاء.. أجسادهم نحيلة للغاية وأعينهم غائرة.. نشهد أنواعا جديدة من الموت”.

في قسم الأطفال، يتقاسم 19 طفلاً أسرة متهالكة، بينهم من تجاوز العاشرة، وهي فئة لم تكن تُعد من المعرضين للمجاعة سابقاً، الطواقم الطبية باتت تضطر لاختيار من يمكن علاجه بسبب نقص الأدوية والمحاليل الوريدية.

مستشفيات بلا غذاء ولا دواء

في مستشفى الشفاء، وصلت جثتان لرجل وامرأة تُظهران علامات المجاعة، أحدهما كان يعاني من السكري والآخر من أمراض قلبية، إلا أن انعدام التغذية الأساسية أدى لوفاتهما، كما توفيت الطفلة سيوار (4.5 أعوام) نتيجة نقص البوتاسيوم، بعد فشل المستشفى في توفير العلاج اللازم.

الأطفال مثل يزن (عامان) تحوّلوا إلى هياكل عظمية، وتعتمد أسرهم على “ماء الباذنجان” كوجبة بديلة لغياب الحليب والطعام، حتى الطواقم الطبية باتت تضطر لحقن نفسها بالمحاليل الوريدية لمواصلة العمل في ظل الجوع والإرهاق.

أرقام صادمة ومعاناة لا توصف

تشير التقديرات إلى أن 90% من سكان غزة يعانون من الجوع، بينما توفي 13 طفلاً على الأقل بسبب المجاعة في يوليو فقط، ووصل عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين لقوا حتفهم منذ بداية العام بسبب سوء التغذية إلى 21.

وتؤكد الأمم المتحدة أن استمرار الحصار الإسرائيلي والقيود المفروضة على دخول الغذاء والدواء يمنع إنقاذ أرواح المدنيين، رغم التحذيرات المتكررة من أن الوضع قد يخرج عن السيطرة بشكل كامل.

صوت المجتمع الدولي؟

صحف عالمية كـ”نيويورك تايمز”، و”بي بي سي”، و”التايمز” و”CNN”، نشرت تقارير مأساوية عن أوضاع الأطفال في غزة، بعضهم يزن أربعة كغ فقط في عمر 11 شهراً، وآخرون بأطراف نحيلة كالعصي، وسط تساؤلات عن غياب الاستجابة الدولية.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أعلن الخميس عن عقد محادثات “طارئة” مع فرنسا وألمانيا لمناقشة الوضع الإنساني في القطاع، مشيراً إلى أن “المعاناة والجوع في غزة لا توصف”.

“حماس” تستغرب تصريحات ويتكوف وتؤكد التزامها بإنجاح المفاوضات

أعربت حركة “حماس” عن استغرابها من التصريحات السلبية التي أدلى بها المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن مسار المفاوضات حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدة أنها تعاملت مع المسار التفاوضي بـ”مسؤولية وطنية ومرونة عالية”.

وقالت الحركة في بيان رسمي الخميس إنها قدمت ردها الأخير على المقترح المطروح بعد “مشاورات موسعة مع الفصائل الفلسطينية والوسطاء والدول الصديقة”، مشيرة إلى أنها تعاطت بإيجابية مع كافة الملاحظات التي تلقتها، في إطار الحرص على إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في غزة والتوصل إلى اتفاق شامل.

وأضاف البيان: “نستغرب تصريحات المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف السلبية تجاه موقف الحركة، في وقت عبّر فيه الوسطاء عن ترحيبهم وارتياحهم لهذا الموقف البناء والإيجابي، الذي يفتح الباب أمام التوصل إلى اتفاق شامل”.

وأكدت “حماس” تمسكها بمواصلة المفاوضات والانخراط فيها بجدية، بما يسهم في تذليل العقبات والوصول إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار.

وكان ويتكوف قد أعلن في وقت سابق الخميس عن سحب الفريق التفاوضي الأمريكي من الدوحة، عقب رد “حماس” على المقترح الخاص بوقف إطلاق النار.

وقال في منشور على منصة “إكس”: “قررنا إعادة فريقنا التفاوضي من الدوحة لإجراء مشاورات، بعد الرد الأخير من حماس، والذي يُظهر بوضوح عدم رغبتها في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة”، معتبراً أن الموقف يعكس “غياب الجدية” و”سلوكاً أنانياً”.

ورغم التصعيد اللفظي، أكد مسؤول سياسي إسرائيلي للقناة 13 العبرية أن المفاوضات “لم تنهَر”، مشيراً إلى أن الوفد الإسرائيلي سيعود إلى قطر عندما تكون هناك فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق.

وفي السياق نفسه، أفادت القناة 12 العبرية بأن مسؤولين أمريكيين أبلغوا عائلات الأسرى الإسرائيليين بأن “الزخم لا يزال قائماً”، وأن هناك فرصة لاستكمال المحادثات في الأيام القادمة.

وأضافت القناة أن بعض التحليلات ترى أن تصريحات ويتكوف تأتي في إطار ممارسة ضغوط أمريكية وإسرائيلية على “حماس” لدفعها إلى مزيد من التنازلات والتجاوب مع مقترحات الوسطاء.

مقالات مشابهة

  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • الغارديان: إسرائيل تحاول حرف مسؤولية المجاعة في غزة على حماس والأمم المتحدة
  • الولايات المتحدة تنسحب من مفاوضات غزة وترامب يهدد حماس بالـموت
  • 117 شهيدا بسبب المجاعة في غزة بينهم 81 طفلا
  • الولايات المتحدة.. إلقاء القبض على ممرضة عملت بـ20 اسما مستعارا ووثائق مزورة
  • مستشفيات غزة تتحول لساحات موت بسبب المجاعة.. أرقام صادمة وأطفال يتحولون لـ«هياكل عظمية»
  • دول غربية تدين سياسة التجويع في غزة وتحمّل إسرائيل مسؤولية الانهيار الإنساني
  • الولايات المتحدة ترفض المشاركة في مؤتمر أممي حول حل الدولتين
  • تحت ضغط دولي خوفا من خطر المجاعة.. إسرائيل تفتح بوابة المساعدات لغزة لإنقاذ صورتها