المحيطات تزداد عتمة.. ما تأثير ذلك على النظم البحرية؟
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
كشفت دراسة جديدة أجرتها جامعة بليموث البريطانية أن 21% من مساحة المحيطات بالعالم زادت قتامة في الفترة بين 2003 و2022، بما في ذلك مناطق ساحلية واسعة، وهو ما يشير إلى شدة تأثير التغييرات المناخية، ويؤشر إلى أزمة بيئية خطيرة.
ويعدّ تعتيم المحيط أحد مظاهر الاحتباس الحراري، إذ تكشف الأبحاث أن المناطق الساحلية والبحار المفتوحة أصبحت أكثر عتمة بشكل ملحوظ.
وبحسب الدراسة التي نشرت في شهر مايو/أيار الماضي يقلل ذلك من عمق المنطقة الضوئية، مما سيؤدي في النهاية إلى تكثيف التنافس على الموارد، وتهديد النظم البيئية البحرية، وإنتاج الأكسجين، وصحة المحيطات.
وبحسب الدراسة، فإن عوامل زيادة قتامة المحيطات تتغير حسب المنطقة. ففي المناطق الساحلية، مثل بحر البلطيق، تُلامس الأمطار على اليابسة الرواسب، بما في ذلك الصخور والمعادن وبقايا النباتات والحيوانات، بالإضافة إلى العناصر الغذائية في البحر. مما يُقلل من نفاذ الضوء إلى الماء ويؤدي إلى بيئة أكثر ظلمة.
أما في المحيط المفتوح، فقد يؤدي تكاثر الطحالب بشكل متكرر وكثيف، نتيجةً لارتفاع درجات حرارة المحيط إلى استنفاد الأكسجين في الماء، مما يُقلل أيضا من نفاذ الضوء.
ووفقا للدراسة، فإن التركيزات المرتفعة من العوالق والجسيمات العالقة وغيرها من المكونات النشطة بصريا، والتي يمكنها تغيير مسار الضوء تحت المحيط، يمكن أن تقلل من نفاذ الضوء الطبيعي، مما يؤثر سلبا على كمية الضوء المتاحة للعمليات الحيوية الضوئية في المحيطات.
بمعنى آخر، تُظلم المحيطات عندما يصعب على الضوء اختراقها، ولم تؤثر هذه الظاهرة على قدرة العوالق على التمثيل الضوئي وإنتاج الطاقة فحسب، بل تقلصت أيضًا موائل الحياة البحرية المعتمدة بشكل كبير على الضوء.
توصل باحثون إلى أن أكثر من 9% من مساحة المحيطات، أي 32 مليون كيلومتر مربع، وما يعادل تقريبا مساحة أفريقيا تشهد انخفاضا في أعماق المنطقة الضوئية بأكثر من 50 مترا، في حين شهد 2.6% من مساحتها انخفاضا بأكثر من 100 متر.
إعلانوالمناطق الضوئية هي الطبقات العليا من المسطحات المائية التي تتلقى ما يكفي من ضوء الشمس لعملية البناء الضوئي. وتُعد هذه المنطقة من أكثر الموائل إنتاجية على كوكب الأرض، وهي أساسية للحفاظ على دورات بيوكيميائية عالمية سليمة.
وتعيش 90% من الكائنات البحرية، بما في ذلك العوالق والأسماك وغيرها من الكائنات الحية التي تعتمد على الضوء، في المنطقة الضوئية للمحيطات، حيث يخترقها ضوء كافٍ لتحفيز العمليات الحيوية مثل البناء الضوئي وإنتاج الهيدروجين.
وكانت أبحاثٌ سابقة قد أظهرت كيف تغيّر لون سطح المحيط على مدار الـ20 عاما الماضية، ربما نتيجة لتغيرات في مجتمعات العوالق. لكن نتائج الدراسة الجديدة تقدّم دليلا على أن هذه التغيرات تُسبّب تعتيمًا واسع النطاق، مما يُقلّل من مساحة المحيط المتاحة للحيوانات التي تعتمد على الشمس والقمر في بقائها وتكاثرها، كما قال الأستاذ المشارك في الحفاظ على البيئة البحرية بجامعة بليموث.
يُقدّر العلماء أن نحو نصف أكسجين الأرض يُنتَج في المحيطات. ويأتي معظمه من العوالق البحرية، كالنباتات العائمة والطحالب وبعض البكتيريا التي تقوم بعملية البناء الضوئي.
ويقول تيم سميث، الأستاذ في مختبر بليموث البحري "إن عددا متزايدا من الكائنات الحية بات يتنافس على كمية محدودة من الغذاء في مساحة تتقلص باستمرار، وقد يُحدث ذلك تغييرات جوهرية في النظام البيئي البحري بأكمله".
ويضيف أنه إذا تقلصت المنطقة الضوئية بنحو 50 مترا في مساحات شاسعة من المحيط، فستُجبر الحيوانات التي تحتاج إلى الضوء على الاقتراب من السطح، حيث ستضطر إلى التنافس على الغذاء والموارد الأخرى التي تحتاجها.
من جهته يرى توماس ديفيز أن "نتائج الدراسة تبعث فعليا على القلق، فنحن كبشر نعتمد على المحيط ومناطقه الضوئية في الهواء الذي نتنفسه، والأسماك التي نأكلها، وقدرتنا على مكافحة تغير المناخ، وصحة كوكبنا ورفاهيته".
وفقًا للدراسة، لوحظت أكبر انخفاضات في عمق المنطقة الضوئية عند قمة تيار الخليج وحول كلٍّ من القطب الشمالي والقطب الجنوبي، حيث يشهد الكوكب أوضح آثار تغير المناخ.
كما وجدت الدراسة أن بحر الشمال والبحر السلتي (قبالة الساحل الجنوبي لأيرلندا) والسواحل الشرقية لإنجلترا وأسكتلندا، وسواحل ويلز، والعناصر الشمالية للبحر الأيرلندي، أصبحت جميعها أكثر قتامة خلال العقدين الماضيين.
إن حجم الخسارة في عمق المنطقة الضوئية الناتجة عن تعتيم المحيطات على مدى الـ20 عاما الماضية كبير جدا لدرجة أن فريق البحث صرّح بأن هذه الخسارة تُمثل واحدةً من أكبر خسائر الموائل على وجه الأرض.
ستؤثر قلة الضوء في المحيطات في نهاية المطاف على تخزين الكربون، مما سيؤدي إلى تفاقم تغير المناخ، ويؤثر على سبل عيش مليارات البشر الذين يعتمدون على الأسماك والبحر.
وتلعب العوالق النباتية دورا محوريا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون الجوي من خلال عملية التمثيل الضوئي. عندما تموت، يتسرب جزء من هذا الكربون إلى قاع البحر، مما يُزيله من الغلاف الجوي بشكل فعال، ويساعد في تقليل غازات الاحتباس الحراري.
إعلانوبدون ظروف مواتية لنمو العوالق والبكتيريا والطحالب بسبب قلة الضوء أو التلوث، تقل كمية ثاني أكسيد الكربون المُمتصة، ويُنتج الأكسجين بشكل أقل، مما يُسرّع الاحتباس الحراري العالمي.
من ناحية أخرى، بدون ضوء كافٍ للنمو والتنقل والصيد والتواصل والتكاثر والتمثيل الضوئي، ستستمر الكائنات البحرية في الهجرة إلى مساحات متزايدة الصغر من المحيط. وهذا سيُعرّضها لمنافسة أشد على الموارد ويُقلّل من فرص بقائها، وبالتالي يضعف التنوع البيولوجي.
ويرى أوليفر زيلينسكي، مدير معهد لايبنيز لأبحاث بحر البلطيق في ألمانيا، أن إعتام المحيطات "يمكن أن يُعطّل شبكات الغذاء البحرية، ويُغيّر توزيع الأنواع، ويُضعف قدرة المحيط على دعم التنوع البيولوجي وتنظيم المناخ".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات المنطقة الضوئیة فی المحیطات فی المحیط
إقرأ أيضاً:
ندوة ضمن فعاليات جرش تسلط الضوء على حقوق المرأة والطفل
صراحة نيوز- اللجنة الإعلامية لمهرجان جرش
ناقشت ندوة ثقافية حوارية نظّمها اتحاد الكتّاب والأدباء الأردنيين بالتعاون مع دائرة المكتبة الوطنية، ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته الـ39، قضايا “حقوق الطفل والمرأة في المجتمع”، بمشاركة نخبة من المتخصصات في مجالات الأدب والحقوق والتربية، هنّ: الكاتبة وفاء الأسعد، والدكتورة سارة السهيل، والدكتورة مجدولين خلف، ، وذلك مساء الخميس، في مقر المكتبة الوطنية.
وأكدت الكاتبة والناشطة الحقوقية وفاء الأسعد، خلال الندوة، أن وعي المرأة بحقوقها يشكّل ركيزة أساسية في استقرار الأسرة وبناء مجتمع متوازن، موضحة أن مؤلفاتها مثل “وبعدين؟” و”وخزات في أعناقنا”، جاءت كخطوات عملية مدروسة لتوجيه المرأة نحو فهم ذاتها، وضبط انفعالاتها، وتقدير قيمة الحوار الإيجابي والاحترام المتبادل، مشيرة إلى أن الجهل بالحقوق ما يزال سبباً رئيساً في تعرض بعض النساء للظلم أو العنف، سواء داخل الأسرة أو في بيئة العمل.
من جهتها، عرضت الدكتورة سارة طالب السهيل أبرز التحديات التي تواجه حقوق المرأة عالمياً، مشيرة إلى تقارير دولية صادرة عن الأمم المتحدة تؤكد تراجع أوضاع النساء في ربع دول العالم خلال العام الماضي، واستمرار فجوات التمييز في الأجور والمناصب القيادية، لا سيما في مناطق النزاع. كما استعرضت جهود التشريعات العربية والإسلامية التي أنصفت المرأة في التعليم، والعمل، والتقاضي، والزواج، والحضانة، إلا أن التطبيق العملي يصطدم بثقافات مجتمعية تُعطّل تفعيل هذه الحقوق.
وأشارت إلى نجاح الأدب والدراما في التأثير على الرأي العام ودفع السلطات لتعديل بعض القوانين المنصفة للمرأة، داعية الكتّاب والمبدعين إلى تبني قضايا جديدة تمس حقوق المرأة المعاصرة، وتقديمها بأساليب تفاعلية تسهم في توسيع الوعي الحقوقي وتحفيز الإصلاح التشريعي.
بدورها، ركّزت الدكتورة مجدولين خلف على أدب الطفل، وأكدت أن القصة تُعدّ من أهم الوسائل التعليمية المؤثرة في بناء شخصية الطفل وصقل مهاراته. وقالت إن القصة الناجحة لا بد أن تتكامل عناصرها من حيث الفكرة والأحداث والشخصيات والأسلوب، وأن ترتبط بواقع الطفل وتخاطب خياله وحاجاته النفسية، مشددة على أهمية أن تكون اللغة مألوفة ومناسبة لعمر الطفل، وأن تتضمن القصة رسائل تربوية ضمن سياق مشوق ومتسلسل.
ودعت د. مجدولين إلى الابتعاد عن الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية في تربية الأطفال، وتشجيع القراءة المباشرة لما تحمله من فوائد عقلية ونفسية، مثنية على المؤسسات الثقافية التي تواصل إصدار كتب وقصص موجهة للأطفال تراعي مراحلهم النمائية واللغوية.
هذا، وخرجت الندوة بعدد من التوصيات، أبرزها: تعزيز برامج التوعية القانونية للمرأة، تطوير محتوى قصص الأطفال بما يتناسب مع متطلبات العصر، دعم المبادرات الإبداعية التي تعالج قضايا المرأة في الأدب والفن، ومواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق المرأة والطفل، إلى جانب الاستمرار في إقامة مثل هذه الفعاليات ضمن الفضاءات الثقافية المفتوحة أمام الجمهور.
وفي ختام الندوة،التي أدارها جهاد العقيلي، سلم رئيس الاتحاد الشاعر عليان العدوان المشاركين شهادات التقدير بالنيابة عن إدارة مهرجان جرش.