الجزيرة:
2025-10-12@20:22:06 GMT

حكايات ملهمة بالعربي ترسم ملامح مستقبل مستدام

تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT

حكايات ملهمة بالعربي ترسم ملامح مستقبل مستدام

في زمن تتصاعد فيه التحديات البيئية وتتعمق الأسئلة الاجتماعية، تبرز أصوات تهمس بحلول من قلب التجربة الإنسانية، من علاقة الفرد بأرضه، ومن فضول طفل يحاول أن يبني سفينة من ورق.

هذه الأصوات هي التي احتفت بها قمة "بالعربي" في دورتها الافتتاحية، حيث لم تكن مجرد منصة لعرض الأفكار، بل مساحة لسرد قصص ملهمة، أبطالها 4 من العالم العربي، نسج كل منهم من خيوط واقعه حكاية فريدة عن الاستدامة والإبداع.

رزان زعيتر، تيمور الحديدي، عامر درويش، سمية الميمني، أسماء حملت معها تصورات مختلفة، لكنها التقت جميعها عند حقيقة واحدة: أن الاستدامة ليست ترفا فكريا، بل هي ضرورة وجود، تبدأ من زراعة شجرة في وجه المحتل، ومن تحويل ركام الخرسانة إلى قلعة، ومن تطوير منظومة تحكم عن بعد بدوافع شخصية، ومن إيمان بأن دينارين يمكن أن يمحوا أمية أمة.

المقاومة الخضراء وشجرة الزيتون هوية

اختارت المهندسة رزان زعيتر دراسة الزراعة لا لتكون تخصصا أكاديميا فحسب، بل أسلوب حياة وطريقة للتشبث بالأرض. تقول بصوت يحمل حنين الأرض الأولى: "شعرت أنني شجرة زيتون اقتُلعت من أرضها فلسطين وتبحث عن جذورها". هذه العلاقة الوجدانية بالأرض تحولت إلى فعل مقاومة منظم. فبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1981، وفقدانها لكل مدخراتها، وجدت نفسها في عمّان "صفر اليدين"، لكنها لم تكن منزوعة الأمل.

ومع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، قررت تحويل غضبها إلى عمل مثمر، فأطلقت مبادرة "المقاومة الخضراء" تحت شعار "يقلعون شجرة.. نزرع عشرة"، والتي تطورت لاحقا لتصبح "المجموعة العربية لحماية الطبيعة". ومن دون أي تمويل أجنبي، نجحت المبادرة في زراعة 3.25 ملايين شجرة مثمرة، دعمت بها 47 ألف مزارع يعيلون أكثر من ربع مليون إنسان. هذه الأشجار لم تقاوم فقط غياب الأمن الغذائي وتغير المناخ، بل منعت مصادرة الأراضي التي يستغل الاحتلال قوانين عثمانية قديمة للاستيلاء عليها.

إعلان

ومع استمرار الإبادة الزراعية في غزة، لم تقف رزان مكتوفة الأيدي. أطلقت حملة "إحياء مزارع غزة" تحت شعار "التجويع سلاحهم.. والزراعة مقاومتنا"، والتي أعادت زراعة ألف دونم، على الرغم من أن الاحتلال يمنع إدخال البذور إلى غزة، "ولو بذرة بندورة بحجم السمسم"، لأنه، كما تقول، "يهاب بذورنا".

تختتم رزان كلمتها الملهمة بمقولة من الموروث الفلسطيني: "ما دامت لي زيتونة وليمونة وبئر وشجيرة صبّار، ما زالت لي نفسي، سأقاوم"، ثم توجه دعوتها للجميع: "تعالوا نزرع معا… تعالوا وقاوموا معي".

خيمياء الركام.. بيت من النفايات وقلعة من الأحلام

من مقاومة الأرض إلى البناء عليها، يقدم تيمور الحديدي من مصر رؤية مختلفة، لكنها لا تقل عمقا، عن الاستدامة. في النوبة، حيث بنى منزله بالكامل من مواد معاد تدويرها، يقف هذا البيت شاهدا على إمكانية تحويل ما نعتبره "نفايات" إلى تحف عمرانية تحتفي بالبيئة والثقافة المحلية.

بدأت رحلته بفكرة بسيطة: "بناء بيت صغير باستخدام زجاجات بلاستيكية مملوءة بالرمال كبديل للحجارة التقليدية". هذا الفكر الإبداعي تطور إلى ما يسميه تيمور "الهندسة الفطرية"، وهي فلسفة بناء تقوم على الحلم والتجربة والتناغم مع الطبيعة. يقول: "كنت أحلم وأُطلع الفريق على أحلامي وأشرع في التنفيذ، وأحيانا نهدم ونبني من جديد حسب أفكار جديدة أفضل". لم تكن هناك مخططات هندسية صارمة، بل قراءة لعلامات الطبيعة؛ فالأشجار هي التي حددت مسار الجدران، والشمس والقمر والرياح هي من صمم البيت.

استغرق بناء هذه القلعة الصغيرة 4 سنوات، تم خلالها جمع 180 نقلة ركام خرساني، وآلاف الزجاجات الفارغة، وأطنان من الأخشاب المعاد تدويرها، وإطارات السيارات المستعملة. 80% من مكونات البيت كانت من مواد أعيد تدويرها، لأن "الاستدامة كانت بوصلتي"، كما يؤكد تيمور.

ويرى في هذا الركام الذي خلفته الحروب، كما في غزة اليوم، بذرة أمل. يقول إن "ركام الخرسانة قد يكون بوابتنا لعالم أكثر استدامة، ويحمل بذرة أمل لإعادة الإعمار وإعادة كتابة التاريخ". ويختتم تيمور قصته بقناعة راسخة: "أن أكثر الأفكار جرأة قد تولد من كومة ركام".

"حتى لا تبقى سفننا من ورق"

من فلسطين أيضا، تأتي قصة عامر درويش، التي تحمل في طياتها مزيجا فريدا من الفضول الطفولي والإصرار الذي ولدته القضية. "من منا لم يصنع يوما سفينة أو طائرة ورقية؟"، بهذا السؤال بدأ عامر حديثه، ليروي كيف تطور هذا الفضول إلى شغف بالتكنولوجيا. عندما شعر بالملل من سيارته اللعبة، حولها إلى سفينة تبحر في الماء بمحرك كهربائي صغير.

لكن الابتكار الحقيقي ولد من رحم الحاجة والألم. بعد أن كُسرت يده في حادث عمل، لم يعد قادرا على قيادة الجرافة، ولم يجد جهازا للتحكم عن بعد، فقرر أن يصنعه بنفسه. يقول عامر: "أمام هذا الواقع، لم أستسلم، فقد علمتني قضيتي الفلسطينية عدم الاستسلام حتى بلوغ الأهداف".

باستخدام لوحة قابلة للبرمجة وقطع معاد استخدامها، طوّر منظومة "بلو درايف 48" للتحكم في الآليات الثقيلة عن بعد، ثم توالت ابتكاراته: منظومة للإطفاء عن بعد، جهاز لمكافحة كورونا، جهاز تبريد صديق للبيئة، وآخر لتوليد الطاقة من حركة الأشجار.

ويحمل كل ابتكار من ابتكاراته الرقم "48"، في محاولة رمزية، كما يقول، "لتحويل نكبة 1948 إلى دافع للأمل والتقدم". ويختتم عامر حديثه بعبارة تلخص فلسفته: "قيل إن الحاجة أم الاختراع، ولم يرد أن الحاجة أم الاستيراد. فلمَ لا نصنع ونبتكر ما نحتاج؟ حتى لا تبقى سفننا وطائراتنا… من ورق".

ثورة الدينارين

وبينما تركز النماذج السابقة على الاستدامة البيئية، تطرح سمية الميمني من الكويت بعدا مجتمعيا لا يقل أهمية، منطلقة من قناعة بأن التغيير الحقيقي يبدأ بخطوات بسيطة. من مقال كتبته في جامعتها، ولدت مبادرة "دينارين لكسب الدارين"، التي دعت الطلاب للإسهام بمبلغ رمزي شهريا لدعم التعليم ومحو الأمية في أنحاء العالم.

إعلان

هذه الإسهامات الصغيرة تحولت إلى قوة هائلة، إذ جمع أكثر من مليوني دينار كويتي، أسهمت في تعليم أكثر من 30 ألف طالب في 14 دولة، وإنشاء 25 مشروعا تعليميا، بما في ذلك مدارس متنقلة تصل إلى القرى النائية.

لم تكتفِ المبادرة بالتبرع، بل طورت "مفهوم الشراكة والمعايشة"، فسافر الطلاب المتطوعون ليروا بأعينهم أثر تبرعاتهم في الصين ونيجيريا والسودان وغزة وغيرها. تختتم سمية قصتها بدعوة ملهمة: "لا تستهينوا بالأفكار الصغيرة، إذ يمكن أن تتحول فكرة بسيطة إلى حركة تعليمية عالمية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات عن بعد

إقرأ أيضاً:

تتويج متاحف قطر بـ 3 جوائز في الاستدامة الخليجية

توجت متاحف قطر ضمن المؤسسات الرائدة إقليميًا في مجال الاستدامة، وذلك خلال حفل توزيع جوائز الاستدامة الخليجية 2025 الذي أُقيم في دبي مؤخرا. وذكرت متاحف قطر في بيان امس ان التتويج جاء لتميزها بعد منافسةٍ مع أكثر من 50 جهة بارزة من مختلف أنحاء الشرق الأوسط، لتحصد عددًا من الجوائز المرموقة التي تؤكد ريادتها في تطبيق مبادئ الاستدامة في كافة جوانب اختصاصاتها الثقافية والتشغيلية.
وقد نالت متاحف قطر الجائزة الذهبية عن فئة أفضل مبادرة في مجال الاستدامة في قطاع السياحة والضيافة، ليؤكد هذا التتويج على مكانتها بوصفها مؤسسة يُحتذى بها في مجال النهوض بالسياحة الثقافية المسؤولة والملتزمة بمعايير الاستدامة وتطوير التجارب المستدامة للزوّار. كما حصدت الجائزتين الفضية والبرونزية عن فئة المباني الخضراء، تقديرًا لالتزامها بتطبيق مبادئ العمارة المستدامة واعتماد بُنى تحتية ذات كفاءة عالية في مجال استهلاك الطاقة، إلى جانب ممارسات تشغيلية تراعي الاعتبارات البيئية على امتداد شبكة متاحفها.

قطر متاحف قطر الاستدامة الخليجية

مقالات مشابهة

  • أيمن غنيم: الاقتصاد المصري يستعيد ثقة العالم.. والاستقرار السياسي يصنع بيئة نمو مستدام
  • فايز فرحات: قمة شرم الشيخ تمهد لسلام مستدام بمكاسب فورية للفلسطينيين
  • أعمال يدوية تتحول إلى دخلٍ مستدام في معرض الحرف بالخبر
  • قصة إنسانية ملهمة لفتى نوبي.. «ضي» يحجز المركز الرابع بشباك تذاكر السينما
  • مجدي الهواري يكشف عن أولى حكايات «لعبة جهنم» من «القصة الكاملة»
  • المهندس أحمد بدر يكشف لـ «حقائق وأسرار» ملامح خطة تطوير صناعة الغزل والنسيج في مصر
  • ملامح خطة تطوير صناعة الغزل والنسيج في مصر.. فيديو
  • حكايات من ملفات القضاء.. المستشار بهاء المري يفتح ملفات العدالة والرحمة في معرض دمنهور للكتاب
  • فليك يحدد ملامح خطة تصحيح مسار برشلونة
  • تتويج متاحف قطر بـ 3 جوائز في الاستدامة الخليجية