مصر تُعيد الروح لغزة .. والأسواق تحتفل بانهيار الأسعار
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
بعد شهور من الاختناق الاقتصادي والجوع الصامت، تنفست غزة أخيرًا الصعداء، لا بفعل هدنة سياسية، بل عبر شاحنات المساعدات التي تدفقت من الجنوب. في لحظة فارقة، لم تكن مجرد طرود غذائية، بل رسائل تضامن إنساني محمّلة بالأمل، قادمة من مصر. وبينما انخفضت الأسعار بشكل غير مسبوق في الأسواق الغزية، علت أصوات المواطنين بكلمة واحدة: "شكرًا مصر".
في مشهد غير مألوف منذ بداية الحرب، شهدت أسواق غزة اليوم انهيارًا حقيقيًا في أسعار السلع الأساسية. بعد أن كان كيلو السكر يُباع بـ400 شيكل، انخفض إلى 50 شيكل فقط. وسعر جوال الدقيق هبط من 150 شيكل إلى 15 شيكل، أما البصل الذي كان يُباع بألف شيكل، فصار في متناول اليد بـ100 شيكل فقط.
سكان القطاع الذين عانوا لأشهر من استغلال بعض التجار لحالة الحصار، خرجوا اليوم من صمتهم، لا للاحتجاج، بل للفرحة التي لم يعرفوها منذ زمن طويل. أحدهم قال: "ما كنا نحلم نشتري كيلو سكر من 3 شهور، اليوم رجعت الموائد لأطفالنا".
التجار يرضخون تحت ضغط "المساعدات المصرية"التحول لم يكن بفعل قرار سياسي أو اقتصادي داخلي، بل نتيجة مباشرة لتدفق المساعدات المصرية التي أغرقت الأسواق. أجبرت هذه الوفرة المفاجئة التجار على التخلي عن الأسعار الجنونية، بعد أن باتت البضائع متوفرة بكميات تكفي الجميع.
وبينما كانت شحنات المساعدات تصل من الجو والبر، بدت السوق الغزية وكأنها تعود للحياة. الأرفف امتلأت، والمواطنون اصطفوا لشراء سلع طال انتظارها.
قوافل مصرية لا تهدأ.. والمشهد الإنساني يتغيرأنطلقت من القاهرة القافلة العاشرة من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. عشرات الآلاف من الأطنان من الأغذية والأدوية والمياه والمستلزمات الطبية غادرت مصر محملة بروح الدعم والمروءة.
وتُعد هذه القوافل جزءًا من تحالف العمل الأهلي التنموي والهلال الأحمر المصري، الذي لم يتوقف عن العمل منذ تعليق العمليات العسكرية في بعض مناطق القطاع. قناة "القاهرة الإخبارية" وصفت القافلة بأنها "شريان حياة جديد لغزة".
الهلال الأحمر المصري.. أكثر من نصف مليون طن مساعداتالدكتورة آمال إمام، المديرة التنفيذية للهلال الأحمر المصري، أعلنت أن مصر أرسلت حتى الآن أكثر من 36 ألف شاحنة، محملة بأكثر من نصف مليون طن من المساعدات. هذا الرقم الضخم يعكس التزامًا نادرًا بدعم الأشقاء في وقت الأزمات، بعيدًا عن أي أجندات.
وأكدت إمام أن العمل يتم دون توقف من خلال مراكز الهلال الأحمر في العريش، مع تنسيق محلي ودولي يهدف لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها في أسرع وقت ممكن، وبدون أي عوائق.
انخفاض مفاجئ للأسعار.. بصمة مصرية واضحة
أكد اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن ما يحدث في غزة اليوم من انخفاض كبير في أسعار السلع الغذائية والاحتياجات الأساسية، ليس وليد الصدفة، بل نتيجة مباشرة للتدفق الكثيف والمنظم للمساعدات المصرية عبر معبر رفح.
"مصر لا تقدم فقط مواد غذائية، بل تُخفّف ألم شعب بأكمله"، هكذا وصف السيد المشهد، مؤكدًا أن هذه التحركات جاءت في توقيت حرج، بينما كانت غزة تغرق في أزمة إنسانية خانقة.
من قلب غزة، تناقلت وسائل الإعلام شهادات شعبية صادقة، تعكس امتنان سكان القطاع للدور المصري. بعض المواطنين تحدثوا عن سلع كانت تُباع بأضعاف ثمنها، أصبحت فجأة في متناول الجميع.
الأسواق انتعشت، والمساعدات التموينية المصرية أغرقت الرفوف، لتعيد قليلًا من الكرامة إلى أسر فقدت الأمل.
الخبير الاستراتيجي أوضح أن مصر لا تتحرك عشوائيًا، بل تُدير العملية بإحكام ودقة، بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري، وتوزيع المساعدات وفق أولويات إنسانية بحتة.
وليس هذا فحسب، فبينما تتحرك قوافل الإغاثة، تتحرك أيضًا الجهود السياسية من القاهرة باتجاه تثبيت التهدئة ووقف إطلاق النار، في تناغم يؤكد الرؤية الاستراتيجية المصرية الشاملة للأزمة.
"مصر لا تتحرك بدافع الجغرافيا فقط، بل من منطلقات تاريخية وأخلاقية"، هكذا عبّر السيد عن جوهر الدور المصري.
وأضاف: "ما تقوم به القاهرة هو موقف سياسي وإنساني ثابت، لا ينتظر المقابل، ولا يسعى للثناء، بل يقوم على إيمان راسخ بأن غزة جزء من أمن مصر القومي، وقضيتها جزء من ضمير الأمة".
الرسالة المصرية اليوم ليست مكتوبة في بيانات سياسية، بل تُقرأ في ملامح الأطفال الذين عادت إليهم الحياة، وفي الأسواق التي استعادت نبضها.
في صمتٍ نبيل، تتحمل مصر الفاتورة الأكبر، لكنها لا تتحدث عن ذلك أمام الكاميرات، بل تترك الأفعال تتحدث عن نفسها.
في زمن باتت فيه المصالح تتقدّم على المبادئ، تظل القاهرة ثابتة في دعمها لغزة.. دون شروط، ودون حسابات ضيقة، فقط باسم الإنسانية والتاريخ والمصير المشترك.
من بين الركام، ينبعث الأمل، ومن عمق الأزمة تتجلى الأخوّة.
وهكذا، تبقى مصر، كما كانت، حاضنة الأشقاء، وسند الملهوف، وصوت الضمير العربي في زمن الصمت.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة السلع مصر رفح الهلال الأحمر الهلال الأحمر الأحمر المصری مصر لا
إقرأ أيضاً:
القاهرة الإخبارية: استمرار تدفق المساعدات المصرية إلى غزة رغم تعنت الاحتلال
أكد رمضان المطعني، مراسل قناة «القاهرة الإخبارية» من أمام معبر رفح، إن عمليات إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ما زالت مستمرة، ضمن القافلة التاسعة التي يسيرها الهلال الأحمر المصري، رغم التعقيدات والتباطؤ الكبير الناتج عن تعنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح المراسل، خلال مداخلة مع الإعلامية منى عوكل، على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الفوج الخامس من القافلة التاسعة بدأ بالدخول صباح اليوم في تمام الخامسة والنصف، حيث توجهت الشاحنات نحو معبر كرم أبو سالم، تمهيدًا للوصول إلى قطاع غزة، لافتًا إلى أن المشهد على الأرض لا يزال ثابتًا منذ أيام، حيث تصطف مئات الشاحنات في الساحة الخارجية أمام المعبر وتمتد حتى المنطقة اللوجستية في رفح المصرية، بانتظار دورها في الدخول.
وأشار إلى أن بعض الشاحنات بدأت في الخروج بالفعل بعد تفريغ حمولتها في المعبر، بينما لا تزال أخرى تنتظر، في ظل استمرار رفض وتعنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تعرقل دخول المساعدات وتعيد بعضها بذريعة «مزاعم واهية».
وأضاف المطعني أن القوافل التي دخلت حتى الآن - منذ انطلاق المبادرة - تشمل نحو 20 ألف طن من المساعدات، تتنوع بين مواد غذائية، وأدوية، ودقيق، وخبز، في واحدة من أضخم عمليات الدعم منذ بداية إطلاق القوافل.
وأكد أن آلاف الشاحنات لا تزال جاهزة وموجودة في المنطقة اللوجستية قرب المعبر، فضلًا عن أخرى تنتظر في شوارع مدينة العريش والمخازن الرئيسية، ما يعكس حجم الدعم المصري المتواصل رغم العراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال.
واختتم المراسل بالإشارة إلى أن وتيرة دخول الشاحنات قد شهدت بعض التسريع خلال الأيام الأخيرة، إلا أن الأعداد الكبيرة التي تنتظر الدخول لا تزال تمثل تحديًا إنسانيًا ولوجستيًا، في ظل الحصار القاسي المفروض على القطاع.
اقرأ أيضاًقافلة مساعدات تضم 200 شاحنة تصل غزة بدعم مصري وأممي وعربي
تحرك 45 شاحنة مساعدات إماراتية إلى معبر كرم أبو سالم تمهيدًا لدخولها إلى غزة