رام الله- مع استمرار الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية نتيجة احتجاز إسرائيل أموال المقاصة باتت قطاعات حيوية مهددة بالتوقف عن العمل -أبرزها وأهمها القطاع الصحي- نظرا لتراكم ديون الحكومة لصالح الموظفين والقطاع الخاص.

ووفق ما أعلنته الحكومة عقب جلسة طارئة لمناقشة الأزمة المالية يوم 17 يوليو/تموز الماضي، فإن قيمة الأموال المحتجزة تتجاوز 9.

1 مليارات شيكل (نحو 2.64 مليار دولار)، مؤكدة أن "الأمر انعكس بشكل كبير على قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه مختلف القطاعات الحيوية، خصوصا القطاع الصحي وما يعانيه من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية"، وحذرت من شلل قد يصيب هذا القطاع.

وأموال المقاصة هي عائدات ضرائب تجمعها إسرائيل من خلال المنافذ التي تسيطر عليها عن البضائع الواردة إلى الأراضي الفلسطينية، ومنذ 2019 بدأت الاقتطاع منها تحت ذرائع مختلفة، وفي آخر 3 أشهر لم تحول شيئا منها.

وفيما يلي ومن خلال مجموعة من الأسئلة تسلط الجزيرة نت الضوء على القطاع الصحي في الضفة بشكل خاص بعد تدمير الاحتلال القطاع ذاته في غزة خلال حرب الإبادة، وتأثير الأزمة المالية على شركات الأدوية، وإلى أي مدى يستطيع هذا القطاع الصمود.

حصار آليات الاحتلال مستشفى جنين الحكومي في بداية العملية العسكرية المستمرة منذ 21 يناير (الجزيرة) ما حجم القطاع الصحي بفلسطين؟ وما حصة الحكومة منه؟

استنادا إلى تقرير وزارة الصحة لسنة 2024، يبلغ عدد المستشفيات العاملة في الضفة الغربية 60 مستشفى، منها 19 تتبع الحكومة، والباقي إما أهلية أو تتبع القطاع الخاص والأونروا، وتضم 4441 سريرا.

بالمقابل، بلغ عدد المستشفيات العاملة في قطاع غزة 35 مستشفى في نهاية 2022، لكن أغلبيتها اليوم خارجة من الخدمة نتيجة حرب الإبادة، وتم خلال الحرب إنشاء 10 مستشفيات ميدانية حتى نهاية 2024.

إعلان

ويتكون النظام الصحي الفلسطيني من 4 قطاعات رئيسية هي القطاع الصحي الحكومي ويشمل وزارة الصحة الفلسطينية، والخدمات الطبية العسكرية، ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين، والمنظمات الأهلية والقطاع الخاص، وتتشارك جميعها في تقديم خدمات الرعاية الصحية للمواطنين بمختلف مستوياتها، لكن القطاع الحكومي هو الأكثر تضررا.

وحتى نهاية 2024 بلغ عدد الكوادر الطبية البشرية العاملة في مرافق وزارة الصحة الفلسطينية 56 ألفا و373 في الضفة الغربية وقطاع غزة.

نحو 700 صنف من الأدوية والمستهلكات الطبية نفدت من صيدليات وزارة الصحة (الجزيرة) كم عدد المستفيدين من الخدمات الصحية الفلسطينية في الضفة الغربية؟ وما حجم نفقات وزارة الصحة الفلسطينية وإيراداتها؟

بلغ العدد الكلي لمراجعي العيادات الخارجية وأقسام الطوارئ في مشافي الضفة الغربية نحو 3 ملايين مراجع، كما أجريت 178 ألفا و384 عملية جراحية، وسُجلت نحو 88 ألف ولادة خلال 2024.

واستنادا إلى تقريرها السنوي، بلغت نفقات الوزارة عام 2024 نحو مليارين و523 مليون شيكل (الدولار يساوي 3.45 شواكل)، توزعت بواقع مليار شيكل (39.9%) للرواتب، ونحو 959 مليون شيكل لشراء الخدمة من خارج الوزارة، بما في ذلك التحويلات الطبية، و421.5 مليون شيكل لشراء أدوية ولقاحات ومستلزمات طبية، وقرابة 136.5 مليون شيكل ذهبت للنفقات التشغيلية.

في المقابل، بلغت إيرادات الوزارة للعام ذاته نحو 368 مليون شيكل، وذلك من خلال الإيرادات العامة للرعاية الصحية الأولية والإيرادات العامة للمستشفيات الحكومية والإيرادات العامة للمراكز الإدارية وإيرادات التأمين الصحي.

وبلغ عدد المستفيدين من التأمين الصحي نحو مليون و400 ألف نسمة، منهم متعطلون عن العمل وذوو شهداء ومسجلون في وزارة التنمية الاجتماعية وهيئة الأسرى وموظفو القطاع الحكومي.

حذّرت حكومة #السلطة_الفلسطينية، اليوم الخميس، من تداعيات الحرب الشاملة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار سياساته التصعيدية في الضفة الغربية، إلى جانب مواصلة احتجاز أموال المقاصة الفلسطينية.

وقالت الحكومة، في بيان رسمي، إنها تواجه أزمة مالية خانقة تهدد… pic.twitter.com/AqC0uHTnc2

— وكالة قدس برس (@qudspressagency) July 17, 2025

من أين تحصل الحكومة الفلسطينية على الأدوية؟

تحصل وزارة الصحة على أغلب حاجتها من الأدوية عبر الشركات الخاصة، بما في ذلك الأدوية المستوردة.

وفي مقابلة مع الإذاعة الرسمية نهاية يوليو/تموز الماضي، قال الدكتور فتحي أبو مغلي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات الدوائية الفلسطينية وزير الصحة السابق إن الشركات الوطنية تغطي 55% من حاجة السوق المحلي، و45% من احتياجات وزارة الصحة ضمن عطاءاتها، مشيرا إلى خطة لتغطية 70% من احتياجات السوق المحلي و60% من حاجة وزارة الصحة حتى عام 2030.

وأشار أبو مغلي إلى تدمير مصنعي أدوية في غزة، وخسارة سوق غزة الذي كان يشكل بين 25 و30%، في حين تواصل 6 مصانع عملها في الضفة، مقدرا قيمة الاستثمار في قطاع الأدوية بنحو 120 مليون دولار.

ما حجم النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية؟

مطلع 2025 صرح وكيل وزارة الصحة وائل الشيخ للإذاعة الرسمية بأن الوزارة تعاني من نقص في الأدوية والمستهلكات الطبية.

وأشار الشيخ إلى عدم توفر 120 صنفا دوائيا، 20 منها أدوية أورام، في حين أن 420 صنفا من المستهلكات الطبية رصيدها صفر في الوزارة، مشيرا إلى قائمة انتظار طويلة للعمليات في المستشفيات الحكومية، وتحويل العمليات الطارئة إلى المستشفيات الخاصة أو الأهلية بسبب هذا النقص.

إعلان

وأضاف أن مديونية الوزارة قاربت 3 مليارات شيكل، الجزء الأكبر منها للمستشفيات الأهلية والخاصة، وتليها فاتورة الأدوية والمستهلكات الطبية، وهي ديون تراكمية على مدار سنوات.

ووفق تقرير وزارة الصحة لسنة 2024، احتوت قائمة الأدوية الأساسية المتداولة في مؤسسات وزارة الصحة على 459 مادة دوائية فعالة تتمثل في 650 دواء بأشكال صيدلانية مختلفة، وكانت نسبة توفرها 81.4% في مستودع الأدوية المركزي خلال العام 2024.

مدير مركز الاتصال الحكومي د. محمد أبو الرب لإذاعة صوت فلسطين:

•⁠ ⁠الاحتلال يواصل تجميد أموال المقاصة التي تشكل 68% من دخل فلسطين، ما يضعف قدرة الحكومة على تلبية احتياجات القطاعات المختلفة ، مشيرا إلى جهود سياسية ودبلوماسية مستمرة لاستعادة هذه الأموال، واصفاً الحصار المالي…

— جريدة القدس (@alqudsnewspaper) August 6, 2025

كم تبلغ ديونها لصالح شركات الأدوية؟ وكيف انعكس على الشركات وقدرتها على توريد الأدوية لوزارة الصحة؟

يقول المدير التنفيذي لاتحاد موردي الأدوية مهند حبش للجزيرة نت إن إجمالي حجم الدين المتراكم على الحكومة لصالح الشركات الموردة للأدوية والتجهيزات والمستلزمات والمواد الطبية والمخبرية لوزارة الصحة الفلسطينية يبلغ نحو مليار و100 مليون شيكل.

وأضاف حبش أن تراكم الديون أثر بشكل مباشر على الشركات وقدرة بعضها على الاستمرار في التوريد لوزارة الصحة والخدمات الطبية العسكرية إلا في الحد الأدنى، نظرا لاستنزاف قدراتها المالية بسبب نفقات التمويل العالية، موضحا أن الشركات لجأت إلى البنوك لتغطية نفقاتها ثم عجزت عن أخذ المزيد من القروض.

وأكد أن عجز الشركات عن التوريد إلى القطاع الحكومي ألقى بظلاله على التوريد للقطاع الخاص، بما في ذلك المستشفيات التي تراكم ديونها على الحكومة، وأصبحت بالتالي مدينة لشركات الأدوية.

وكشف حبش عن ازدياد أصناف الأدوية التي أصبح رصيدها صفرا في مستودعات وزارة الصحة، حيث جرى تحويل كثير من الحالات المرضية من المشافي الحكومية إلى المشافي الخاصة بسبب نقص الأدوية، موضحا أن 13% من أصناف الأدوية غير متوفرة في مستودعات وزارة الصحة.

وقال إن النقص يمكن احتماله إذا كان يتعلق بأمراض مزمنة وعادية، لكن خطر يشتد عندما يصل النقص إلى أدوية الحفاظ على الحياة والعمليات الجراحية وزراعة الأعضاء وأمراض الدم والسرطانات.

حبش: توريد الشركات لوزارة الصحة يقتصر الآن على الأدوية المنقذة للحياة وقد تتوقف إذا استمرت الأزمة (مواقع التواصل) كيف حاولت الشركات والحكومة التغلب على الأزمة؟

ضمن المساعي لحل الأزمة أشار حبش إلى اتفاق سابق مع وزارة المالية ينص على دفعات منتظمة، وألا يتجاوز حجم الدين 750 مليون شيكل لتخفيف النزيف وعدم مفاقمة الأزمة، لكن الجميع فقد السيطرة وتجاوزت الديون هذا المبلغ.

وبعد التزام طويل في الدفعات بمبلغ 30 مليون شيكل لجميع الشركات كي تستمر ولو في التوريد بالحد الأدنى أشار حبش إلى تراجع الدفعات إلى النصف في الشهور الأخيرة، محذرا من "خطر عال جدا على القطاع الصحي، وربما التوقف التام".

وأشار إلى أن التوريد الآن يقتصر على "بعض الأدوية الحيوية التي تحافظ على حياة المريض، لكن إذا استمر الوضع كما هو فإن توريد هذه الأصناف سيتوقف أيضا".

وفي 10 يوليو/تموز الماضي أعلن المحاسب العام بوزارة المالية محمد ربيع في مؤتمر صحفي أن كافة الديون على الحكومة بلغت 13 مليار دولار موزعة بين القطاع الخاص والبنوك والموظفين ومستحقاتهم والمتقاعدين.

وأضاف ربيع أن إجمالي مستحقات الموظفين بلغ 1.8 مليار دولار والديون لصالح القطاع الخاص 1.6 مليار دولار، و4 مليارات تحت التسوية لهيئة التقاعد الفلسطيني، موضحا أن المستشفيات والأدوية تشكل 70% من مديونية القطاع الخاص.

النجار: عدم توفر الأدوية والمستلزمات سيدخل القطاع الصحي برمته في نفق صعب جدا (الجزيرة) ماذا عن مستقبل الخدمات الصحية؟ إعلان

يقول رئيس نقابات المهن الصحية أسامة النجار للجزيرة نت إن توفير المستلزمات أمر صعب جدا، مشيرا إلى تراكم ديون شركات التوريد، واضطرارها إلى أخذ قروض من البنوك حتى وصلت السقف الأعلى المسموح به للاقتراض.

وأضاف النجار أن "عدم توفر الأدوية والمستلزمات سيُدخل القطاع الصحي برمته في نفق صعب جدا"، مشيرا إلى "نقص يقارب 700 صنف ما بين دوائي ومستلزمات مختبرات ومستهلكات طبية ومعدات مفقودة برصيد صفر في المستودعات، وبالتالي هذا الأمر يزداد النقص ولا يقل".

وتابع "الوضع خطير جدا على الخدمات المقدمة نتيجة أيضا عدم تلقي الموظفين رواتبهم وعدم قدرتهم على الوصول إلى أماكن عملهم أثر بشكل سلبي كبير جدا على الخدمات المقدمة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات وزارة الصحة الفلسطینیة الأدویة والمستلزمات فی الضفة الغربیة الأزمة المالیة لوزارة الصحة القطاع الخاص القطاع الصحی ملیار دولار ملیون شیکل مشیرا إلى بلغ عدد

إقرأ أيضاً:

معاون وزير الصحة السوري لشفق نيوز: نعمل على توحيد سعر الأدوية وتحفيز التصدير

معاون وزير الصحة السوري لشفق نيوز: نعمل على توحيد سعر الأدوية وتحفيز التصدير

مقالات مشابهة

  • سموتريتش: الحرب على غزة كلفتنا 300 مليار شيكل وآمل باحتلال كامل القطاع
  • مونبلييه يبيع «السيدات» لمواجهة الأزمة المالية
  • اجتماع في وزارة الصحة السورية يبحث سبل تطوير القطاع الصحي في حماة والقنيطرة
  • هيئة الاستثمار السورية تبحث واقع مشاريع القطاع الصحي والدوائي المتعثرة
  • تحويل مبنى وحدة سنتريس إلى عيادة شاملة للتأمين الصحي لخدمة المواطنين
  • وكيل سيف الجزيري: الأزمة المالية للزمالك أثرت على أداء النجم التونسي
  • معاون وزير الصحة السوري لشفق نيوز: نعمل على توحيد سعر الأدوية وتحفيز التصدير
  • التأمين الصحي الشامل: حصر المستحقات المالية المتأخرة لدى الجهات المنوطة
  • الصحة الفلسطينية: 6000 وحدة دم وصلت إلى قطاع غزة اليوم