جريدة الوطن:
2025-07-05@12:57:03 GMT

بريكس تشكل النظام العالمي

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

بريكس تشكل النظام العالمي

قمَّة «بريكس» التي عُقدت في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا (22ـ24 أغسطس 2023م) تُعدُّ محطَّة انطلاق فعليَّة لنظام عالَمي جديد. هذه المجموعة التي تأسَّست رسميًّا في روسيا عام 2009م بالإعلان عن تأسيس نظام عالَمي ثنائي القطبيَّة، وضمَّت أهمَّ خمسة اقتصادات عالميَّة صاعدة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا والتي تُشكِّل 40% من نسبة السكَّان حَوْلَ العالَم، ورُبع مساحة اليابسة.

وتُسهم اقتصادات المجموعة بنسبة وصلت إلى 31.5% من الناتج العالَمي متجاوزةً بذلك مجموعة الدوَل الصناعيَّة السَّبع الكبرى التي تُسهم بنسبة 30.7% من الناتج الاقتصادي العالَمي. ويبرز مشهد الانطلاقة الجديدة للمجموعة من خلال الإعلان عن انضمام ستَّة أعضاء جُدد من مختلف دوَل الجنوب العالَمي هي الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعوديَّة والإمارات بحيث اصطلح على تسمية المجموعة «بريكس+». ومع انضمام هذه الدوَل الاقتصاديَّة إلى المجموعة، ومن ضِمْنها أهمُّ دوَل الطَّاقة في العالَم إيران والسعوديَّة، سوف تُمثِّل قوَّة اقتصاديَّة ضاربة، وستُحقِّق انطلاقة عالميَّة. وتنوي «بريكس» وضع سلَّة عملات للتعامل التجاري بَيْنَ دوَل المجموعة وقروض ميسَّرة، كما يؤمَّل أن تضمَّ دوَلًا أخرى في المستقبل القريب بشكلٍ منتظم ومتوازن، حيث تقَدَّمت (24) دولةً بطلبٍ رسميٍّ للانضمام إلى مجموعة «بريكس»، وهناك (40) دولةً لدَيْها الرغبة بالانضمام إلى المجموعة، وبالتَّالي فإنَّ الهدف الذي أنشئت من أجْلِه هذه المجموعة يتجسَّد على أرض الواقع رغم بعض الصعوبات التي يحاول المحور المنافس ترويجها بالحديث عن نُظُم غير متجانسة في المجموعة أو هيمنة الاقتصاد الصيني عَلَيْها أو الحديث عن قروض غير مستدامة. لكنَّ هذه التنظيرات ـ بطبيعة الحال ـ ليست إلَّا محاولة تشويش للتقليل من أهمِّيتها، ومحاولة التأثير على الاهتمام الدولي للانضمام إليها، ولا شكَّ أنَّ هذا التوجُّه العالَمي للانضمام إلى مجموعة «بريكس» يُمثِّل أكبر تهديد للنظام العالَمي أحادي القطبيَّة.
يتحدث البروفيسور ريتشارد وولف أستاذ الاقتصاد الأميركي بشكلٍ واقعي عِندما يحذِّر الولايات المُتَّحدة من هذا الواقع العالَمي الجديد، وتهافُت الدوَل للانضمام إلى مجموعة «بريكس» رغبة في الانعتاق من الهيمنة الأميركيَّة والنظام الأحادي القطبيَّة، وعَدَّ وولف أنَّ الواقع الدولي سوف يفرز نظامًا عالميًّا جديدًا، كما يُلقي باللوم على بلاده بسبب ممارساتها الاستعلائيَّة مع دوَل العالَم الثالث وأسلوب القرصنة والسَّطو على أموال الدوَل دُونَ وجْه حقٍّ. وما ذكَره وولف في الحقيقة هو واضح للعيان منذ أن تصدَّرت الولايات المُتَّحدة المشهد العالَمي أعقاب الحرب العالَميَّة الثانية، ولكنَّ أميركا ما زالت تعوِّل على قُدْرتها في إحداث توازن مع التحَوُّلات الدوليَّة بالنظر إلى قُدْراتها العسكريَّة والاقتصاديَّة ونطاقها السِّياسي حَوْلَ العالَم واستمرار نفوذها. لكنَّ تلك السِّياسة الأميركيَّة التي اعتمدت العصا والجزرة وممارسات واشنطن السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة هي السَّبب الحقيقي في تآكل صُورتها وتململ المُجتمع الدولي من قيادتها الأحاديَّة، وهذا الواقع لا يزيد دوَل العالَم إلَّا إصرارًا على الانعتاق من هذا النظام العالَمي أحادي القطبيَّة وهو ما يحدث الآن.
الوعي العالَمي ـ لا سِيَّما في دوَل الجنوب ـ يرتكز على حقيقة واحدة تقول إنَّ عالَمًا أحادي القطبيَّة لَمْ يؤسِس للعدالة الدوليَّة، وهو نظام لا ينبغي أن يستمرَّ في قيادة العالَم، وبالتَّالي هو مُعرَّض للسقوط متى ما توافر البديل المناسب. وبالفعل فإنَّ شواهد الظُّلم والطُّغيان جاوزت الحدود منذ الحرب العالَميَّة الثانية واستخدام القنابل الذريَّة، مرورًا بالكثير من التدخُّلات العسكريَّة حَوْلَ العالَم، واستخدام البَند السَّابع، وقضيَّة العقوبات الاقتصاديَّة المستمرَّة حتَّى اليوم، هو ما شكَّل حالة الرفض لعالَمٍ أحادي القطبيَّة، والبحث عن نظام أكثر أمنًا وعدالةً وتوازنًا في العلاقات الدوليَّة. وهنا برز الحراك السِّياسي الاقتصادي لمجموعة «بريكس» التي تشقُّ طريقها لتشكيل نظام عالَمي جديد مُتعدِّد الأقطاب.
المُسكِّنات الاقتصاديَّة الأميركيَّة التي يزمع أن تقَدَّمَ عَبْرَ قمَّة مجموعة العشرين أو قمَّة أميركا مع دوَل الآسيان أو قمَّة السَّبع الصناعيَّة الكبرى «خطَّة مارشال جديدة» كُلُّها لَنْ تُغيِّرَ من الواقع العالَمي الرافض للأحاديَّة القطبيَّة، وهذا التغيُّر في المناخ السِّياسي الدولي بدأت بوارقه تلمع بشكلٍ متصاعد لتشكيل نظام دولي جديد.

خميس بن عبيد القطيطي
khamisalqutaiti@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العال م نظام ا التی ت الدو ل

إقرأ أيضاً:

برلماني: مشاركة مصر في قمة بريكس توسع آفاق التعاون الاقتصادي

أكد المهندس أحمد عثمان أحمد عثمان، عضو مجلس النواب، عضو الأمانة المركزية بحزب مستقبل وطن، أن مشاركة مصر في النسخة السابعة عشرة لقمة مجموعة "بريكس"، التي تُعقد في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل يومي 6 و7 يوليو، تحت شعار "تعزيز تعاون دول الجنوب من أجل حوكمة شاملة ومستدامة" تساهم في تعزيز مكانة مصر المتصاعدة على الساحة الدولية، وثقة المجتمع الدولي في القيادة المصرية ودورها المؤثر في القضايا العالمية، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة.

برلمانية:تخصيص 3 مليارات جنيه للعلاج على نفقة الدولة يؤكد التزام الحكومة برعاية المصريينبرلمانية: تمكين المرأة اقتصاديًا هو الضمان الحقيقي لحماية حقوقهابرلمانية: تخصيص 3 مليارات جنيه للعلاج على نفقة الدولة يخفف معاناة غير القادرينبرلماني: ثورة 30 يونيو أنهت مشروع الإسلام السياسي فى الإقليم

وأكد "عثمان" أن مشاركة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أعمال القمة، تمثل رسالة واضحة على حرص مصر على التفاعل مع تكتلات اقتصادية عالمية فاعلة، وعلى رأسها "بريكس"، التي أصبحت تضم عددا من أكبر اقتصادات العالم الناشئة، وتمثل ما يقرب من نصف سكان العالم، وحصة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وأوضح عضو مجلس النواب، أن انضمام مصر رسميًا إلى مجموعة "بريكس" اعتبارا من يناير 2024 فتح آفاقا جديدة للتعاون متعدد الأطراف، وخاصة في مجالات التمويل والاستثمار والتكنولوجيا والنقل والطاقة، مشيرا إلى أن القمة الحالية تتناول عددا من القضايا الحيوية، على رأسها تعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة بين الدول الأعضاء، ودعم الاستثمارات في البنية التحتية والتنمية المستدامة، وتوسيع الشراكات مع دول الجنوب.

كما أشار "عثمان" إلى أن مصر تسعى من خلال هذا التواجد إلى تعزيز مصالحها الاقتصادية، وجذب مزيد من الاستثمارات من دول مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا، إضافة إلى الترويج للمشروعات القومية الكبرى التي تنفذها الدولة المصرية، لافتا إلى أن "بريكس" تمثل مظلة داعمة لاقتصادات الدول النامية، وتُعد فرصة لإعادة صياغة العلاقات التجارية بعيدًا عن الهيمنة التقليدية.

ونوّه بأن الملفات التي ستُناقش في القمة، مثل التغير المناخي، الأمن الغذائي، التحول الرقمي، وأمن الطاقة، تمس أولويات الدولة المصرية، وتتماشى مع رؤية مصر 2030، خاصة أن القاهرة تطرح نفسها كنموذج رائد في أفريقيا والعالم العربي لتحقيق التنمية المستدامة رغم التحديات، مشددا على أن تواجد مصر في تجمعات كبرى مثل "بريكس" يؤهلها للعب دور أكبر في توجيه السياسات الاقتصادية الدولية، ويعكس ثقة الشركاء الدوليين في القيادة المصرية.

طباعة شارك المهندس أحمد عثمان أحمد أحمد عثمان مجلس النواب مستقبل وطن بريكس

مقالات مشابهة

  • برلماني: مشاركة مصر في قمة بريكس توسع آفاق التعاون الاقتصادي
  • مدبولي يشارك في قمة "بريكس" بالبرازيل نيابة عن الرئيس السيسي غدًا
  • روسيا تعلن دعمها إنشاء صندوق ضمان لتعزيز استثمارات مجموعة “بريكس”
  • حزب التجمع يعلن أسماء مرشحيه في انتخابات مجلس الشيوخ غدا
  • رضا عبد العال لمجلس الزمالك: بطلت شيكابالا.. متمسك بعبدالله السعيد ليه؟
  • النقد الدولي يعلن التواصل مع السنغال رغم تعليق التمويل سابقا
  • "المصرية لتجارة الجملة" تشكل لجنة قانونية لمراجعة ملفات العاملين والطعن على الأحكام القضائية
  • الكويت تطلق نظام تأشيرات إلكتروني لتسهيل دخول الزوار والمقيمين
  • بعد 12 عاما من 3 يوليو.. هل حقق نظام السيسي الاستقرار السياسي الكامل؟
  • مختص: تطبيق نظام التأمينات الاجتماعية للصالح العام