النفوذ الصهيوني في الغرب.. توازنات تتزعزع
تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT
على مدى عامين متواصلين، ترك الاحتلال الإسرائيلي وراءه كارثة إنسانية من الطراز الأول في فلسطين، حيث دمّر حياة الملايين وهدّد وجودهم بوحشية غير مسبوقة. هذه الحرب البشعة لم تفضح فقط حجم الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، بل كشفت أيضاً تحولات استراتيجية عميقة في مواقف المجتمع الدولي، وأجبرت القوى الغربية على إعادة تقييم علاقاتها مع الدولة المحتلة، مما يعيد رسم ملامح السياسة العالمية تجاه القضية الفلسطينية بحدة وواقعية جديدة.
في قلب العواصم الغربية، تبرز الجماعات المؤيدة لإسرائيل، مثل AIPAC في الولايات المتحدة و Conservative Friends of Israel في المملكة المتحدة، و European Friends of Israel في بروكسيل، كأذرع ضغطٍ فاعلة تسعى للتأثير على صناع القرار السياسي.
في الولايات المتحدة، تُعد AIPAC واحدة من أكثر جماعات الضغط تأثيرًا في النظام السياسي. ففي دورة الانتخابات عام 2024، جهّزت AIPAC "صندوق حرب" ضخم بقيمة تُقدّر بمئات الملايين من الدولارات لاستهداف نواب التقدميين الذين نُظر إليهم باعتبارهم منتقدين لسياسات إسرائيل، وتسبّبت في هزيمة بعضهم، مثل جامال بومان وكوري بوش خلال الانتخابات التمهيدية للكونغرس.
في قلب العواصم الغربية، تبرز الجماعات المؤيدة لإسرائيل، مثل AIPAC في الولايات المتحدة و Conservative Friends of Israel في المملكة المتحدة، و European Friends of Israel في بروكسيل، كأذرع ضغطٍ فاعلة تسعى للتأثير على صناع القرار السياسي.كما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن التأييد الشعبي لإسرائيل يتراجع بسرعة. ففي عام 2017، كان 42% من الناخبين الديمقراطيين متعاطفين أكثر مع إسرائيل، بينما انخفض هذا الرقم إلى 12% بحلول عام 2025، في حين أن 59 ـ 60% منهم باتوا يميلون إلى دعم الفلسطينيين.
في بريطانيا، يبرز Conservative Friends of Israel (CFI) (تأسست سنة 1974) كجماعة ضغط فعالة، وفي عام 2009 كان حوالي 80% من نواب حزب المحافظين أعضاء فيها، مما يعكس مدى تأثيرها داخل البرلمان البريطاني.
في أوروبا، تحاول منظمات مثل European Friends of Israel (EFI) (تأسست سنة 2006) بناء نفوذ في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، لكنها تواجه بيئة أكثر تعقيدًا بسبب تعدد الدول الأعضاء وتنوع المصالح، ما يجعل تأثيرها أقل وضوحًا من نفوذ نظيراتها في واشنطن.
أما الرأي العام فلم يعد يرحّب بإسرائيل كما في السابق، حيث أظهرت آخر استطلاعات YouGov-EuroTrack أن معدلات التأييد لإسرائيل وصلت إلى مستوياتها الأدنى منذ عام 2016.
ففي دول مثل ألمانيا (-44)، فرنسا (-48)، الدنمارك (-54)، إيطاليا (-52)، إسبانيا (-55)، والمملكة المتحدة (-46)، تُسجّل النظرة الإيجابية لإسرائيل أقل من 20%، بينما تتراوح النظرة السلبية بين 63% و70%.
أما بخصوص الموقف من الحرب على غزة، فنجد أن بين 6% و16% أكدوا أن رد إسرائيل على هجمات حماس كان "متناسبًا ومبرّرًا"، فيما يؤمن كثير من الأوروبيين بأن إسرائيل تجاوزت حدود الرد المشروع. هذا وزادت الانتقادات حدّة، إذ بات التعاطف مع الفلسطينيين يتراوح بين 18% و33%، بينما التعاطف مع الجانب الإسرائيلي لا يتجاوز 7% إلى 18%.
أضِف إلى ذلك استطلاعات أخرى تُظهر دعمًا معتبرًا لفرض عقوبات أو إجراءات أوروبية رّدًا على الأفعال العسكرية: ففي نحو خمس إلى أكثر من نصف الدول المستطلعة، يطالب أكثر من نصف الجمهور بفرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وكذلك بمحاكمة مسؤولين إسرائيليين بتهم جرائم حرب أو إبادة جماعية. كما يعتقد جمهور واسع أن إسرائيل تتحمل مسؤولية مباشرة عن الأزمة الإنسانية في غزة.
تأثير التغيّر على صانعي القرار
هذا التحوّل في المزاج الشعبي بدأ يترك أثره على غرف صنع القرار، ولو بشكل غير مباشر. ففي أوروبا، بات بعض القادة الحذرين سياسيًا يتجنبون الارتباط الوثيق بإسرائيل علنًا، خوفًا من فقدان دعم قواعدهم الانتخابية. شهدنا هذا في مواقف البرلمان الإسباني والأيرلندي والبلجيكي، حيث طُرحت قرارات للاعتراف بدولة فلسطين أو تقييد التعاون العسكري مع إسرائيل.
في بريطانيا، رغم قوة اللوبي المؤيد لإسرائيل، اضطرت الحكومة إلى إصدار وعد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد موجة احتجاجات شعبية في لندن ومدن أخرى، ما دفع بعض النواب إلى الامتناع عن التصويت لصالح قرارات داعمة بالكامل لإسرائيل.
هذا التحوّل في المزاج الشعبي بدأ يترك أثره على غرف صنع القرار، ولو بشكل غير مباشر. ففي أوروبا، بات بعض القادة الحذرين سياسيًا يتجنبون الارتباط الوثيق بإسرائيل علنًا، خوفًا من فقدان دعم قواعدهم الانتخابية. شهدنا هذا في مواقف البرلمان الإسباني والأيرلندي والبلجيكي، حيث طُرحت قرارات للاعتراف بدولة فلسطين أو تقييد التعاون العسكري مع إسرائيل.أما في الولايات المتحدة، فقد أُجبر بعض المرشحين في الانتخابات التمهيدية على توضيح مواقفهم من القضية الفلسطينية بشكل غير مسبوق، خصوصًا في ولايات ذات قواعد شبابية كبيرة أو نسبة عالية من الناخبين المسلمين والعرب. حتى بعض السياسيين الموالين تقليديًا لإسرائيل باتوا يستخدمون خطابًا أكثر انتقادًا، في محاولة لمجاراة المزاج الشعبي الجديد، رغم استمرارهم في التصويت لصالح دعم إسرائيل.
هذه الظاهرة توضح أن جماعات الضغط الصهيونية لم تعد تتحرك في فراغ، وأن الرأي العام ـ خصوصًا في الديمقراطيات ـ صار عاملاً ضاغطًا يمكن أن يقيد حرية الحركة السياسية التقليدية، ولو تدريجيًا.
استشراف مستقبل العلاقة
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن الضغوط الصهيونية ما زالت تمارس تأثيرًا حقيقيًا على صُنّاع القرار، وإن على نحوٍ متراجع نسبيًا. لكن التحدي الأكبر يأتي من تغير موازين القوى داخل الرأي العام، خاصة بين الجيل الأصغر والديمقراطيين اليساريين الذين ينظرون إلى إسرائيل بعيون نقدية.
إذا استمرت هذه الاتجاهات، فمن المتوقع أن نشهد خلال العقد المقبل تحوّلًا ملموسًا في سياسات الغرب، خصوصًا في أوروبا، حيث قد تتبلور قرارات متعددة الأوجه تشمل: التقليل من التزامات الدعم العسكري، التشديد على شروط مع الأمم المتحدة، وربما مراجعة اتفاقيات التعاون الاقتصادي.
أما في الولايات المتحدة، فقد يزداد إرغام النخبة السياسية على الالتقاء برغبات القاعدة الانتخابية، حتى لو استمر الضغط المالي والسياسي من جماعات الضغط. هذا قد يؤدي إلى نمط سياسي جديد، يسعى إلى تسوية بين التوازن الدولي والتغير الاجتماعي الداخلي.
بعبارة أخرى: العلاقة بين الصهيونية والغرب ليست على طريق الانهيار، لكنها بالتأكيد في مسار إعادة توازن، حيث تطغى أصوات المواطنين الأكثر وعيًا ونقدًا على مصالح جماعات الضغط التقليدية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الإسرائيلي الغربية الرأي نفوذ إسرائيل الغرب رأي نفوذ قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات صحافة مقالات رياضة سياسة رياضة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الولایات المتحدة جماعات الضغط فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
دحض الباطل
#دحض_الباطل
د. #هاشم_غرايبه
في منشور لأحد المتذاكين، يقدم شكره وعرفانه بجميل من يدعوهم بالكفار، على أنهم يقدمون النفع للبشرية، وينشرون المحبة ويحافظون على حقوق الإنسان، فيما المسلمون عالة على اختراعاتهم ولا ينشرون الا الموت والدمار، ولا ينسى في خضم تذكيره بابداعات هؤلاء أن يلحق أتباع كل الديانات (ما عدا الإسلام) بقائمة الخيّرين النافعين.
يعتقد هذا أنه يمكن أن يمرر حديثه هذا بحجة نقد الواقع المريض من أجل إصلاحه، لكن المتمعن في حماسته المبالغة فيها لمعادي الإسلام، لا شك سيتنبه لمسعاه الخبيث بهدف نشر الإحباط والتيئيس لتبرير الإستسلام للأعداء.
إن انتشار عاهة الإسلاموفوبيا بين بعض مثقفينا، ظاهرة استشرت مع الحملة الصليبية الأخيرة (الحرب على الإرهاب)، قد نتفهم النظرة المتعصبة لدى الغرب، فلذلك جذور تاريخية من الصراع المتواصل، لكن أن يتشرب الفكرة ويتحمس لها مثقف من أبناء الأمة، فهذا خلل ولكنه لا يعدو إصابة أصابت أحد إثنين: الأول من المنافقين التاريخيين الحاقدين على الإسلام، وهؤلاء ليس لعلتهم دواء، والثاني شخص عمي عن الصواب، اشترى بآيات الله ثمنا قليلا، قد يكون وظيفة أو دعما في إحدى المنظمات التابعة لأعداء المسلمين.
مشكلة ليست في هؤلاء، فهم آفة موضعية من جسم الأمة، لكن ضررهم في نشر الأفكار التي تضعف من مقاومة الأمة فتفت من صمودها لتسقط في فك الأعداء الشرهين.
دحض حجج هؤلاء المغرضين سهل، ولا تحتاج إلا لكشف تزييفهم للحقائق، لكني لا أكتب بهدف استعادتهم لصف الأمة، فمن أعمى الله بصائرهم عن رؤية الصواب، لا يمكن هداية بصيرتهم لاتباع الحق. إنما لإجل رفع مقاومة أبناء الأمة ممن يستهدفونهم بتضليلهم بهدف إحباطهم وإفقادهم الأمل بالخلاص من براثن الغزاة.
إن ما يدعيه هؤلاء من أن الغرب لا همّ له إلا انقاذ البشرية من الأمراض، وتسخير علمه لصناعة ما فيه خير الناس وسعادتهم، هو تزييف وتدليس، فالدوافع وراء البحوث الطبية هي تحقيق الشركات الربح الهائل، بدليل أن كثيرا من الأوبئة ثبت أنه تم نشرها من قبل تلك الشركات الكبرى.
أما أن الأوروبيون هم ناشرو حقوق الإنسان والتنوير والمعرفة، فيثبت التاريخ عكس ذلك، ولعل قصة الإستكشافات الجغرافية التي علمونا في المدارس أنها رسالة الغرب الحضارية، بينما هي في حقيقتها استعمار واسترقاق وأطماع في خيرات الآخرين.
سأتحدث في هذا الشأن عن منطقة محددة وهي الفليبين
تقع الفليبين في جنوب شرقي آسيا على شكل أرخبيل يضم أكثر من سبعة آلاف جزيرة، وهي الدول العامرة بالخيرات والثروات الطبيعية ممَّا جلب عليها أطماع الدول الأوروبية، لكن الملاحظ ان جيرانها اليابانيين والصينيين تطوروا وتقدموا مع أن خيرات بلادهم أقل، السبب الوحيد هو أنهم لم يُستدفوا بأطماع المستعمرين الأوروبيين.
انتشر الإسلام في جزر الفليبين كما في باقي مناطق جنوب وشرق آسيا في منتصف القرن الثالث الهجري عن طريق التجار، لكنه تعزز بنزوح كثير من العلماء إليها بعد سقوط بغداد بيد هولاكو.
بدأ الاحتلال الأسباني للفليبين سنة 1565 م، أي بعد قرابة الخمسين عامًا من وصول ماجلان لشواطئها، وبعد قتال عنيف ومرير استولى الأسبان على مملكة «راجا سليمان» في الشمال، ودمر عاصمتها (أمان الله) وأقاموا مكانها مدينة جديدة أسموها (مانيلا).
وخلال تلك الحروب كلها استخدم الأسبان كل أنواع الأسلحة المادية والمعنوية، وتعاون معهم الهولنديون (رغم العداوة الشديدة مع الإسبان) الذين كانوا يحتلون اندونيسيا وصبغوها بصبغة دينية مقيتة، مما يكشف النزعة الصليبية.
استمرت المقاومة الإسلامية في الفليبين بقيادة أبطال دوخوا المستعمرين أمثال “ديبتروان قدرات” والسلطان “نصر الدين” ضد الاحتلال الأسباني حتى عام 1898، حينما اضطر الحاكم الإسباني الى الهرب الى هونج كونج، وبعدها باع الإسبان لأمريكا الفلبين وكوبا وبورتريكو لقاء خمسة ملايين دولار.
استكمل الأمريكان محاربة المجاهدين عن طريق تعزيز التنصير ومحاصرة وتجهيل المسلمين حتى اعلان استقلال الفلبين الصوري عام 1946 ، بعده استمر عملاؤها بالبرنامج ذاته، وشكل “ماركوس” منظمة”إيلاجا” الإرهابية التي كانت تثير الذعر في قرى المسلمين.
والى اليوم يعتبر الغرب مجاهدي جبهة تحرير مورو إنفصاليين، ولا يعترف بحقهم بالإستقلال فيما دعم استقلال مسيحيي جزيرة تيمور عن اندونيسيا الإسلامية.
فهل ذلك يتوافق مع حقوق الإنسان التي يقول ذلك المتذاكي أن الغرب يقدسها!؟.