القاهرة - صفا

أكد مؤتمر دولي عقد في مصر، الأربعاء، أن "نصرة الشعب الفلسطيني تمثل فريضة دينية ووطنية مصيرية لا يجوز التهاون فيها"، داعيا إلى "تكثيف المؤسسات الدولية والحكومات لإغاثته، وتقديم الدعم الإنساني العاجل دون عوائق".

جاء ذلك في توصيات فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، الذي انعقد يومَي 12 و13 أغسطس 2025 بمصر، وفق بيان لدار الإفتاء المصرية الراعية للمؤتمر.

وقال مفتي مصر رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم نظير عياد، في كلمته الختامية، إن المؤتمر الذي جاء تحت عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، شهد مشاركة واسعة من أكثر من 80 دولة، بحضور نخبة من المفتين والعلماء والوزراء والخبراء.

وأوضح أن المؤتمر تضمن 5 جلسات علمية و4 ورش تفاعلية ناقشت التأصيل الشرعي والتطبيق العملي لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الإفتاء.

وأصدر المؤتمر توصيات عديدة أبرزها بحسب ما ذكر مفتي مصر "التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية واعتبارها قضية العرب والمسلمين جميعًا، وأنَّ نصرة أهلنا في فلسطين تمثل فريضة دينية ووطنية مصيرية لا يجوز التهاون فيها".

ودعت التوصيات إلى "تكثيف المؤسسات الدولية والحكومات لإغاثة شعبنا الفلسطيني، وتقديم الدعم الإنساني العاجل دون عوائق، حمايةً للأرواح البريئة ونصرةً للقضية العادلة".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و499 شهيدا و153 ألفا و575 مصابا من الفلسطينيين، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.

وشددت توصيات المؤتمر ذاته على "ضرورة وَحدة الصف الإسلامي، ونبذ الخلافات، والالتفاف حول الثوابت الجامعة، إدراكًا منا للتحديات الكبرى التي تواجه الأمة".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية يفتتح المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء.. ويؤكد: الخوارزميات تحوَّلت إلى أداة قتل في غزة

افتتح الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء، الذي يُعقد هذا العام تحت عنوان: «صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي».

ورحَّب مفتي الجمهورية بالضيوف من مختلف دول العالم، مُعبِّرًا عن اعتزازه الكبير بالرعاية الكريمة التي يُوليها فخامةُ الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا الحدث العِلمي المتميز، مؤكدًا أنَّ الرعاية تمثل دعمًا مستمرًّا من القيادة السياسية لمسيرة الإفتاء الرشيد، وتهيئة بيئة علمية متقدمة تُعِدُّ جِيلًا جديدًا من المُفْتينَ القادرين على مواكبةِ التحولات الرَّقْمية وتِقنيات الذكاء الاصطناعي.

وأوضح مفتي الجمهورية أنَّ العالم اليوم يشهد تحوُّلات غير مسبوقة بفِعل ثورة الذكاء الاصطناعي، التي أثَّرت بشكل جذري على مختلف المجالات، مثل الطب والتعليم والإدارة، وفتحت آفاقًا جديدة للبحث العلمي وتطوير العمل المؤسسي، ولكنه شدَّد على أنَّ هذه التطورات التقنية تستوجب توظيفًا مسؤولًا يخدم الإنسانية، خصوصًا في مجال الفتوى التي تتطلَّب توازنًا دقيقًا بين المرجعية الشرعية وأدوات العصر الرقمي. وأشار إلى أن الخطر يكمن في برمجة الفتوى دون ضوابط دقيقة، ما قد يحوِّل الدينَ من خطابِ هدايةٍ إلى خطابٍ ماديٍّ جامد، ينفصل عن روحه وأهدافه.

وطرح المفتي مجموعةً من الأسئلة الفقهية الجوهرية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى، مثل قدرة الآلة على فَهْم تعارض النصوص، ومراعاة النيَّات الإنسانية، والسياقات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، وأَثَر اختلاف الزمان والمكان في صياغة الفتاوى، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعيَّ يجب أن يكون أداة مساعدة للمفتي، لا بديلًا عنه، بحيث يظل المفتي هو صاحب الرؤية المسؤولة، المبنية على خشية الله وبصيرة القلب وحكمة المقصد.

وشدَّد مفتي الجمهورية على أهمية تطوير الفتوى لتواكب تحوُّلات العصر الرقْمي، حيث لا يكفي أن تكون دقيقة فحسْب، بل يجب أن تحمل ضميرًا حيًّا ووعيًا أخلاقيًّا، مؤكدًا دَوْرَ المؤسسات الدينية في وضع أُطُرٍ رقابية وأخلاقية صارمة لإدارة نُظم الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى، عبر إشراف هيئات علمية متخصصة تضم علماء شرعيين وخبراء تقنيين وفلاسفة الشريعة، لضمان شرعية المُخرجات وموثوقيتها.

في السياق ذاته أوضح الدكتور نظير محمد عيَّاد أن إدماج تِقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى لا يمكن أن يكون بديلًا عن المفتي الرشيد، وإنما وسيلةٌ لتوسيع أدواته وتعزيز وعيه بمتغيرات العصر، محذرًا في الوقت ذاته من مخاطر استحواذ الخوارزميات الجامدة على مرجعية الفتوى الدينية، وما قد يترتب على ذلك من ترويج لأقوال شاذة، وتشويه للوعي الديني، وفصلٍ للنصوص عن مقاصدها الشرعية والأخلاقية. كما أكَّد أن التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى ينبغي أن يكون بحذر عميق، وأن يظلَّ مرتبطًا بمركزية الإنسان بوصفه فاعلًا أخلاقيًّا ومجتهدًا مسؤولًا أمام الله والتاريخ، مشددًا على أنَّ الأنظمة الذكية لا تملك خشية الله، ولا بصيرة القلب، ولا حكمة المقصد، وهي الأركان الأساسية التي تقوم عليها صناعة الفتوى الرشيدة.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أنَّ الذكاء الاصطناعي قد يكون مفيدًا في المراحل التحضيرية للعملية الإفتائية، لا سيما في تصوير المسائل، وتحليل أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وجمع النصوص وتنظيمها، لكنه لا يملك صلاحية إصدار الحكم الشرعي الذي يظل منوطًا بالمجتهد الرشيد، القادر على الترجيح بين الأدلة، ومراعاة سياقات النوازل، لافتًا النظرَ إلى أنَّ من أبرز التحديات التي تواجه الفتوى في هذا العصر الرقمي هو ما يُعرف بـ"هلوسة الذكاء الاصطناعي"، حيث قد تنتج هذه النماذج فتاوى مختلقة بصياغة مقنعة، ما يُظهر ضرورة أن تظل المؤسسات الدينية حارسةً لشرعية الوعي، وقائدة لعَلاقة واعية بين النص والآلة.

ودعا نظير محمد عيَّاد إلى ضرورة بناء نماذج ذكاء اصطناعي شرعية، مدرَّبة على قواعد الاستنباط، والضوابط اللُّغوية، وفهم المقاصد الشرعية، مع ضرورة إخضاعها لإشراف علمي مشترك بين علماء الشريعة وخبراء الذكاء الاصطناعي وفلاسفة المقاصد، مشيرًا إلى أهمية إنشاء مِنصَّات رقْمية موثوقة للفتوى تخضع لمراجعة مستمرة من لجان شرعية مؤهَّلة، ويُحدَّد لعملها ميثاق أخلاقي خاص، على غرار ما هو معمول به في المجالات الطبية والقضائية.

وفي جزء مؤثر من كلمته، ركَّز مفتي الجمهورية على ما تتعرض له غزَّة من عدوان ممنهج، قائلًا: "إنَّ غزة اليوم ليست مجرد بلد منكوب يُعاني الجوع والتشريد وبطش الاحتلال، بل هي اختبار حقيقي لنبض الفقه، ومرآة لصدق كلمة الفتوى، وصيحة مظلومين لا يجوز أن تغيب عن ضمير الأمة".

وأشار إلى أن الفتوى في جوهرها ليست محصورة في مسائل العبادات، بل هي أداة لبناء الوعي، وغرس قيم العزة والكرامة والدفاع عن الأرض، داعيًا المُفتينَ والعلماء إلى عدم الصمت إزاء المظالم التي يتعرض لها أهل غزَّة. وفي هذا السياق، كشف فضيلة المفتي عن توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل مروِّع في استهداف سكان غزَّة، موضحًا أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدمه لتحليل الصور والتنبؤ بالتحركات واستهداف الأحياء بدقَّة قاتلة، ما أسفر عن سقوط آلاف الضحايا وتدمير البنية التحتية، وقال: "إن هذا المشهد يبرز خطورة التقنية إذا انفصلت عن القِيَم، ويؤكد الحاجة إلى وضع ميثاق عالمي يضبط استخدامات الذكاء الاصطناعي على أساس العدل والرحمة، وصيانة الكرامة الإنسانية"، مؤكدًا أن التقدم التقني إذا لم يصحبه ضمير أخلاقي، تحوَّل إلى أداةِ قمعٍ وعدوان.

كما وجَّه الدكتور نظير عيَّاد نداءً إنسانيًّا إلى أصحاب الضمائر الحيَّة في الشرق والغرب، قائلًا: "ارحموا عجزَ أهلِ غزَّة، فإنَّ لهم عند الله موقفًا يُقتصُّ فيه من الطغاة الذين سفكوا دماءهم ودمَّروا بيوتَهم، وشرَّدوا مَن بَقِيَ من أطفالِهم ونسائِهم وشيوخِهم". كما وجَّه تحيةَ إجلالٍ لأهل غزة الصامدين، القابضين على جمر الكرامة، وبشَّرهم بأنَّ النصر آتٍ لا محالة، وإن تأخرت بوادرُه أو بعدت أسبابُه.

وفي خلال حديثه عن الموقف المصري، أكَّد مفتي الجمهورية أنَّ مصر ما زالت تؤدي واجبها التاريخيَّ تجاه القضية الفلسطينية بوَعْيٍ وشرف، على الرغم من الهجمة الشرسة التي تستهدف دَورها، مشيرًا إلى أن القيادة المصرية رفضت بكلِّ وضوح محاولات تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم، وتمسَّكت بحقوقهم الثابتة في وجه الابتزاز السياسي، في موقف سيخلِّده التاريخ بمِداد الشرف والكرامة.

وفي ختام كلمته، توجَّه المفتي بالشكر إلى السادة العلماء والوزراء والمُفتين المشاركين في المؤتمر، كما عبَّر عن تقديره العميق للجهات الرسمية والتنفيذية والإعلامية التي ساهمت في نجاح فعاليات المؤتمر.

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية يستقبل مفتي القدس والديار الفلسطينية للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء

«تصعيد خطير».. مفتي الجمهورية يدين قرار الوزراء الإسرائيلي باحتلال قطاع غزة

مفتي الجمهورية يستقبل سفير كازاخستان ويشيد بمتانة العلاقات بين البلدين

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يؤكد دعمه للمركز الثقافي في لندن خلال مؤتمر الإفتاء العاشر
  • مكتب المفتي: احتضان القاهرة مؤتمر الإفتاء العالمي يعكس مكانة مصر الدينية والعلمية
  • مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الجورجي على هامش مؤتمر الإفتاء العالمي
  • مفتي الجمهورية يفتتح المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء: «ارحموا عجز أهل غزة» ودعوة لإنسانية ضمير العالم وتحذير من استغلال الذكاء الاصطناعي في العدوان على فلسطين
  • مؤتمر الإفتاء العالمي العاشر.. هل الذكاء الاصطناعي بديل للمفتي البشري؟
  • مفتي الجمهورية يفتتح المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء.. ويؤكد: الخوارزميات تحوَّلت إلى أداة قتل في غزة
  • مفتي الجمهورية يستقبل مفتي القدس والديار الفلسطينية للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء
  • استقبال رسمي.. مفتي الجمهورية يرحب بكبار المفتين والوزراء المشاركين في المؤتمر العالمي
  • هل يجوز اشتراط مدة معينة في عقد الزواج؟.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم الشرعي