سواليف:
2025-08-14@15:02:21 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 14 من سورة الحجرات: “قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ”.
يحلو كثيرا لبعض معادي الإسلام أن يفسّروا الآية بأنها تعني أن الإيمان درجة متقدمة على الدين، وبناء على هذا الفهم يقولون بأنهم طالما آمنوا بالله إلها خالقا، فهم ليسوا بحاجة الى الإسلام لأنه مرحلة تجاوزوها الى الأرقى.


يعتبر هذا التفسير من باب ليّ أعناق الآيات لتتوافق مع غرض خبيث، فلو فسّرنا الآية بسياق نزولها أي تأويلها أولا ثم بالمعنى اللغوي على إطلاقه ثانيا، لوجدنا أنها نزلت قي قوم محددين من بني أسد، أرادوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عطاء بحجة أنهم من المؤمنين، فنزلت هذه الآية لتبين أنهم أسلموا بحكم الأمر الواقع لكن الإيمان الحقيقي لم يتمكن من نفوسهم بعد، فليس مجرد النطق بالشهادتين كافيا لاعتبار المرء مسلما.
ودلالة أن هذه الآية ظرفية أي متعلقة بظرف متزامن لنزولها، أن الإِخبار جاء فيها بالأمر:(قل) أي أنها إجابة على مسألة وقعت، وليدلهم على أن الإيمان ملازم للإسلام، بدلالة استعمال (لمّا) التي تفيد الحصول المؤكد للأمر مع التتالي بلا انقطاع عنه.
لكن كل الآيات، حتى الظرفية منها، تأتي دائما لتبيان حالة يمكن أن يقاس عليها بمثلها أن تحققت شروط لحالة أخرى تماثلها، لذلك جاءت الآية التي تليها وهي 15 لتفسر من هم المؤمنون حقا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِم فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ”.
إذاً، هل يمكن للمرء أن يكون مسلما لكنه غير مؤمن، أو مؤمنا وهو غير مسلم؟.
منطقيا، يمكن للمرء التظاهر بالإسلام أو الإيمان تكسبا بذلك أو تجنبا لخسارة، لأنها قناعات وجدانية لا يعلم حقيقتها غير علام الغيوب، لكنه إذ ذاك ليس صادقا في ادعائه.
وعليه فجوابا على الشق الأول، فلا يمكن للمرء أن يكون مسلما وهو غير مؤمن، وصدق إيمانه يتبدى من تحقيق الشروط الثلاثة الآنفة الذكر: 1- الإيمان بالله وبرسوله، 2- عدم التشكيك بما جاء به الرسول (القرآن) واليقين بأنه من الله، 3- تصديق ذلك عمليا بالتضحية في سبيل هذا المعتقد بالنفس والمال.
هنا نجد انتفاء الحاجة الى الإجابة عن الشق الثاني: (هل يمكن أن يبقى المرء مؤمنا وهو غير مسلم؟)، إذ أنه كيف يؤمن بالله ولا يؤمن برسوله وهما جاءا متلازمين ؟، فجاء النص (آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)، ولم يفصل تعالى الإيمان به عن الإيمان برسوله، أي أنه بعد أن بين الله الرشد من الغي بإنزاله الرسالة الخاتمة، فإن هذا النص القرآني القطعي الدلالة، يحدد أنه لا يعتبر مؤمنا بالله من لا يؤمن برسوله، لأن ذلك تكذيب بما أنزل الله.
وجاء عطف الشرط الثاني: (لَمْ يَرْتَابُوا) على الشرط الأول باستعمال (ثم) لتفيد لزوم المشاركة على التوالي غير اللصيق لأن فهم القرآن يحتاج الى تفكر وتأمل عقلي لإزالة الإرتياب (الشك)، والذي متى ما تحقق، فسيلحق به وجوبا الشرط الثالث (جاهدوا..)، وعندما يستكمل المرء ذلك كله .. يعد صادقا في إيمانه.
نخلص في النتيجة أن هنالك درجات لتعمق الإسلام والإيمان في نفس المرء، ولأن التلازم المنهجي والمبدئي بينهما متحقق، فهما عندما يرتقيان معا عند الشخص، يتّحِدان، فيهديان المرء الى اتباع صراط الله المستقيم، ولا يكون عندها من الذين آمنوا لكن إيمانهم لم يصدقه عملهم، لأن منهم من كذب برسل الله فغضب الله عليهم، ومنهم من أشرك بالله فكان من الضالين.
يبقى الشرط الثالث (الجهاد بالمال وبالنفس) لازما للتفريق بين من يقول أنا مسلم لكنه قاعد عن الجهاد في سبيل الله، بالمال بدعم المجاهدين وبالنفس بمشاركتهم، فهذا من الأعراب الذين يدعون انتسابهم الى أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكنهم في حقيقتهم لم يدخل الإيمان في قلوبهم، لأنه ران عليها فحجب حب عرض الدنيا عن قلوبهم الإيمان.
هذا أدى الى حرمانهم من صفة الإيمان، التي هي المنجاة الوحيدة من سخط الله، واستحقه المسلم الذي أسقط فريضة الجهاد، فقعد مع القاعدين، فكيف بمن يهاجم المجاهدين بحجة أنهم يتسببون بإيذاء المدنيين …..هل يطمع أن يعتبر مؤمنا!؟.

مقالات ذات صلة صبر ساعة.. 2025/08/14

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن جعل الشواطئ متاحة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية؟

في بلجيكا، أطلقت وكالة إنتر عام 2006 برنامج "شمس، بحر.. بلا قيود" بهدف تحسين إمكانية الوصول إلى الشريط الساحلي. اعلان

تجلس مونيك، وحفيدتها الصغيرة على ركبتيها، مستمتعة برحلة على شاطئ بحر الشمال مستخدمة كرسياً متحركاً شاطئياً. في بلجيكا، هناك ثمانية شواطئ متاحة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، مثل هذا الشاطئ في أوستند.

تقول مونيك براكن لـ "يورونيوز": "لطالما أردت تجربة الأمواج والبحر، لكن لم يكن ذلك ممكناً بالنسبة لي".

أطلقت وكالة "Inter" عام 2006 برنامج "شمس، بحر.. بلا قيود" لجعل الساحل البلجيكي متاحاً للجميع. ويوفر البرنامج مجاناً كراسي متحركة شاطئية، بعضها كهربائي، إضافة إلى كراسي طفو خاصة "تيرالو" تساعد على دخول المياه بسهولة.

وتضيف مونيك: "لقد أحببت التجربة. كنت مبللة تماماً عند الخروج من البحر، وكان الأمر رائعاً. والأحفاد استمتعوا أيضاً لأنهم رأوا جدتهم في البحر".

كل موقع مجهز بغرف تبديل ملابس، ودورات مياه، إلى جانب مواقف سيارات مخصصة ومنحدرات وصول، وتقع هذه المرافق بالقرب من محطة ترام. ونظراً لاتساع الشواطئ البلجيكية، أُنشئت مسارات صلبة على الرمال لتسهيل وصول الكراسي المتحركة إلى المياه.

Related ماراثون نوفا بوست: احتفال بالدمج والتضامن مع ذوي الاحتياجات الخاصة في كييفقطر: أفكار وتقنيات فريدة لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من عيش تجربة كأس العالم معلمة رياضة تشارك شغفها مع أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بدبي سباحة بمرافقة

يوضح بارت بارمنتيير، مؤسس البرنامج، أن الحلول كان لا بد من تكييفها مع خصوصية بحر الشمال، قائلاً: "أحياناً تكون المسافة بين الشاطئ والمياه بعيدة، كما أن البحر هنا مضطرب، وهو أمر يختلف عن البحر المتوسط، ما يشكل تحدياً خاصاً في بلجيكا".

ويشير إلى أن أنظمة "سي تراك"، وهي مسارات مزودة بمقاعد آلية تتحرك على قضبان من الشاطئ إلى داخل البحر لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من دخول المياه بشكل مستقل، والمستخدمة في بعض الشواطئ باليونان وإيطاليا وقبرص، لا تناسب الساحل البلجيكي. ويرى أن جعل الساحل متاحاً للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية يتطلب بنية تحتية ومعدات مناسبة، إلى جانب توفير المساعدة عند الحاجة.

في حال الضرورة، يقوم المساعدون بدفع الكراسي على الرمال ومرافقة المستفيدين أثناء السباحة. ويقول كيكو شيلك، مساعد سباحة في البرنامج بأوستند، وهو يشير إلى أحد كراسي "تيرالو": "ندخل المياه مع الأشخاص الذين لم يسبق لهم زيارة البحر، نرافقهم مع حركة الأمواج، والأمر ممتع حقاً".

أما جويس فينكه، المسؤولة عن تدريب المرافقين، فتتحدث بتأثر عن مستخدمين يرغبون برؤية البحر لآخر مرة في حياتهم.

خدمة مجانية

الخدمة مجانية بالكامل للمستفيدين، ويموَّل معظمها من البلديات. ويقول ماكسيم دونك، مستشار الوصولية في بلدية أوستند، لـ "يورونيوز": "المستفيدون لا يدفعون شيئاً، فنحن نريد أن يكون الساحل خدمة عامة للجميع".

ويضيف أن للمشروع بعداً سياحياً أيضاً: "هذا الصيف، استخدم 372 شخصاً هذه الخدمة في أوستند، منهم نحو 100 فقط من المدينة أو من إقليم فلاندرز، فيما جاء الباقون من خارجها، ما يجعله مهماً جداً للسياحة".

وفي أوروبا، توجد مبادرات مشابهة، مثل تصنيف Handiplage في فرنسا، الذي يحدد الشواطئ المؤهلة لذوي الإعاقة الحركية، بما يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2008، التي تكفل لهم حق الوصول المتساوي إلى الترفيه والرياضة.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • ما هو الجذام وكيف يمكن تجنب هذا المرض المعدي؟
  • ملتقى الجامع الأزهر: الإيمان واليقين سبب صمود المسلمين في غزوة مؤتة.. وغزة اليوم تعيد المشهد
  • خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية
  • عاجل | وزير الخارجية الفرنسي: لا يمكن لإيران تحت أي ظرف من الظروف امتلاك أسلحة نووية
  • كيف يمكن جعل الشواطئ متاحة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية؟
  • رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله
  • الاتحاد الأوروبي و26 دولة يحذرون: الأزمة الإنسانية في غزة لا يمكن تصورها
  • هل يمكن إحياء أنابيب نفط كركوك بانياس؟.. تفاصيل مثيرة يكشفها متخصص
  • الاتحاد الأوروبي: الحرب لا يمكن أن تحل مشكلة قطاع غزة