عالم بالأوقاف: الدين الإسلامي يحرم بيع الأعضاء.. والفقر ليس مبرراً
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
أكد الدكتور محمد سعيد عطالله، من علماء وزارة الأوقاف، أن الدين الإسلامي يُحرّم بشكل قاطع بيع الأعضاء، مشيرًا إلى أن الفقر أو ضيق الحال ليس مبررًا شرعيًا لهذا الفعل.
واستشهد «عطالله»، خلال لقائه مع الإعلامية مروة مطر، ببرنامج «أنا والناس»، المذاع على قناة «النهار»، بحديث نبوي شريف يؤكد أن الإنسان سيُسأل يوم القيامة عن جسده، موضحًا أن دار الإفتاء المصرية أصدرت فتوى في 9 أغسطس 2022 تؤكد التحريم القطعي لبيع الأعضاء، لأن الإنسان لا يملك جسده، بل هو أمانة من الله.
ولفت إلى أن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وخلق جسده بتوازن ودقة متناهية، مستشهدًا بقصة حكيم اليونان سقراط الذي توصل إلى توحيد الله من خلال التأمل في خلق العين، مشيرًا إلى أن أي نقص في هذا التوازن يؤثر على صحة الإنسان.
وفيما يتعلق بمسألة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة (الإيصاء)، أوضح أن دار الإفتاء المصرية أصدرت فتوى بتاريخ 27 أكتوبر 2024 تُجيز هذا الأمر بخمسة شروط صارمة، وهي الإرادة الحرة، بمعنى أن يكون الإيصاء بإرادة حرة للمتبرع دون أي ضغط، ولا يكون هناك مقابل مادي، وألا يتم تقاضي أي ثمن أو مبلغ مالي مقابل التبرع، فضلاً عن عدم اختلاط الأنساب، وألا يشمل التبرع أعضاء قد تتسبب في اختلاط الأنساب مثل الأعضاء التناسلية، علاوة على احترام رغبة الموصي، وأن يتم الالتزام بما أوصى به المتوفى، سواء كان التبرع لشخص محدد أو بشكل مطلق، وأخيرا عدم التمثيل بالجسد، بحيث ألا يؤدي أخذ الأعضاء إلى التمثيل بجسد المتوفى، لأن الإسلام أمر بالحفاظ على حرمة جسد الميت كما هو في حياته.
وأكد أن السبب الرئيسي وراء الانحرافات الأخلاقية والفكرية لدى الشباب يعود إلى غياب الرقابة الأسرية وضعف الوازع الديني، مشددًا على أهمية التربية الصالحة وغرس القيم الدينية في نفوس الأبناء، مذكّرًا بأن الرزق مقسوم ولا يجب السعي إليه بأي وسيلة حتى لو كانت محرمة.
اقرأ أيضاًتأجيل محاكمة أخصائي تحليل متهم بالإتجار في بيع الأعضاء البشرية بالجيزة
الدكتور أحمد كريمة: بيع الأعضاء الجنسية الصناعية حرام يؤدي لفتنة.. فيديو
عبد الله النجار: التبرع بالأعضاء جائز وليس في حرمة إلا في حالة البيع.. فيديو
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: دار الإفتاء المصرية الدين الإسلامي التبرع بالأعضاء القيم الدينية الرقابة الأسرية بيع الأعضاء الانحرافات الأخلاقية بیع الأعضاء
إقرأ أيضاً:
هل يأثم الإنسان عند قراءته للقرآن حال لبسه حذاء علق به نجاسة.. الإفتاء توضح
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم قراءة القرآن حال لُبس الحذاء؟ فإني أرى كثيرًا من الناس يقرؤون آيات من القرآن الكريم في الطرقات والمواصلات العامة وساحات الانتظار ونحو ذلك وهم يلبسون أحذيتهم، فهل تجوز قراءة القرآن الكريم حال لُبس الحذاء مع ما قد يَعلَق به من أوساخ في هذه الحال؟
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: لا مانع شرعًا من قراءة القرآن الكريم حال لُبس الحذاء، ما دام الإنسان خاليًا مما يمنع من القراءة كجنابة ونحوها، والأمر بالقراءة على السعة، إلا ما استثناه الشارع بخصوصه، وليس مما استثناه قراءة القرآن في النعال، وإن كانت القراءة له على غير حال لبس الحذاء من كمال الأدب مع الله عزَّ وجلَّ وكتابه الكريم، وهي أفضل متى أمكن.
حكم قراءة القرآن حال لُبس الحذاء
وأوضحت انه قد ورد الأمر الشرعي بالحَثِّ على قراءة كتاب الله واستماعه والإنصات إليه مُطْلَقًا، ومِن المقرر أن الأمر المطلق يستلزم عموم الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال؛ فالأمر فيه واسعٌ، وإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق، وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثر مِن وجهٍ؛ فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجهٍ دون وجهٍ إلَّا بدليل.
فمِن أدلة الكتاب العزيز في الحث على قراءة القرآن والإنصات إليه على جهة الإطلاق قول الله تعالى آمرًا نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم وأمَّته من بعده: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [العنكبوت: 45]، وقال تعالى أيضًا: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، وهذا خِطابٌ للنبي الكريم وللمؤمنين بالحث على تلاوة القرآن الكريم والاستماع له، وامتثالُ ذلك يحصُل على أية حال إلا ما استثناه الشارع ونص عليه.
وكذا ورد الأمر من الله عزَّ وجلَّ لرسوله الكريم بتلاوة القرآن في أول نزوله، في قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4]، وكل أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أمرٌ لأمته ما لم يرد دليل أو قرينة تخصه صلى الله عليه وآله وسلم به.
ومن أدلة السنة: ما ورد عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اقْرَؤوا القُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَومَ القِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» رواه مسلم.
فالنصوص المطلقة الدالة على استحباب قراءة القرآن والأمر بها والاستماع إليه تقتضي مشروعية ذلك في جميع الأوقات وعلى كافة الأحوال إلا ما نص الشارع على استثنائه بخصوصه، ولا يصح تقييدها بوجهٍ دون وجهٍ إلَّا بدليل؛ لأنَّ ما تَوَسَّع فيه الشارع فإنَّا نَتَوَسَّعُ فيه بإذنه لنا فيه، وما ضيَّقه ضيَّقناه؛ فجازت تلاوة القرآن حال لُبس الحذاء، إلا أنه ينبغي تحرِّي طهارة الحذاء عن نجاسة ظاهرة من باب تمام الأدب مع كلام الله عزَّ وجل.
ومما يؤكد ذلك ما تقرر في قواعد الشرع: "الأَصْلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى التَّحْرِيمِ"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 60، ط. دار الكتب العلمية).
ومما يُستأنس به أن الصلاة بالنعلين إذا كانا خالِيَيْنِ مِن النجس أمرٌ مشروع، وقد ورد في ذلك ما يربو على أربعين حديثًا تفيد الترخص بالصلاة فيهما تيسيرًا على العباد، ومراعاةً لما عليه أحوالهم، وما تجري به أعرافهم؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلمَّا رَأى ذَلِكَ القَوْمُ أَلقَوا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاتَه قَال: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟» قَالُوا: رَأيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَألْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا»، وقال: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَلْيَنظُرْ؛ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَو أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا» أخرجه الإمامان أبو داود، وأحمد.
وأفرد الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا في (مشروعيَّة الصلاة في النِّعَال)؛ روى فيه عن سَعِيدِ بْنِ يَزِيدٍ الأزْدِي أنَّهُ قَالَ: سَألتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ".
قال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 156، ط. دار الفكر): [وفي هذا الحديث من الفوائد مع ما ذكره المصنف أن الصلاة في النعل الطاهرة جائزة] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 494، ط. دار المعرفة): [قوله: (يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ) قال ابن بَطَّال: هو محمول على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة، ثمَّ هي من الرُّخَص، كما قال الإمام ابن دقيق العيد، لا من المُسْتَحَبَّاتِ؛ لأنَّ ذلك لا يدخل في المعنى المطلوبِ من الصلاةِ، وهو وإن كان من ملابس الزينة إلا أنَّ ملامسته الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة] اهـ.
وقال الإمام زين الدين المُنَاوي في "فيض القدير" (4/ 67، ط. المكتبة التجارية): [وقد اختلف نظر الصحب والتابعين في لُبس النعال في الصلاة: هل هو مستحب أو مباح أو مكروه؟ قال ابن دقيق العيد: والحديث يدل للإباحة لا للندب؛ لأن ذلك لا دخل له في الصلاة، وذلك وإن كان فيه كمال الزينة وكمال الهيئة لكن في ملامسته للأرض التي يكثر فيها النجاسة ما يقصر به عن هذا المقصود] اهـ.
فَلَمَّا كان التَّرَخُّصُ بالصلاة في النعال على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مناسبًا لطبيعةِ حَالِهِم وَمُقْتَضَى زَمَانِهِم؛ فلمْ تَكُنِ المساجدُ مبسوطةً بِالفُرُشِ كما هي عليهِ الآن؛ بل كانَ بِسَاطُهَا الحَصَى والتُّراب، بالإضافة إلى ما يمتاز به التراب عند المشي عليه من إزالة ما قد يعلق بالنعال من الأذى؛ إذ إنَّ ذراته تمتزج به فيزول بتتابع المشي ثم لا يبقى من أثره شيءٌ فيصير النعل غالب الوقت طاهرًا نظيفًا، ولذا كان التراب أحد الطهورين، مما يقتضي ألَّا تتأثر المساجد بشيءٍ من دخولِ المصلي إليها بنعلهِ، ومعلوم أن الصلاة تشتمل على قراءة القرآن وزيادة من ذكر ودعاء ونحو ذلك، فلما كان الأمر كذلك جازت قراءة القرآن حال لُبس الحذاء خارج الصلاة، كما هو الحال في الطرقات ووسائل المواصلات ونحو ذلك من باب أولى؛ لأنه من المعلوم أن السير في الطرقات لا يخلو عن ارتداء النعال، مما يدل على جواز قراءة القرآن حال ارتدائها.
قال الإمام ابن رُشْد المالكي في "البيان والتحصيل" (18/ 276، ط. دار الغرب الإسلامي): [في قراءة القرآن في الطريق، قال: وسئل مالك عن قراءة القرآن في الطريق، قال: الشيء اليسير] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 79، ط. دار ابن حزم): [أما القراءة في الطريق: فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يَلْتَهِ صاحبها... وروى أبو داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقرأ في الطريق] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "الشرح الكبير" (1/ 756، ط. دار الكتاب العربي): [ولا بأس بقراءة القرآن في الطريق] اهـ.