أكد الدكتور محمد سعيد عطالله، من علماء وزارة الأوقاف، أن الدين الإسلامي يُحرّم بشكل قاطع بيع الأعضاء، مشيرًا إلى أن الفقر أو ضيق الحال ليس مبررًا شرعيًا لهذا الفعل.

واستشهد «عطالله»، خلال لقائه مع الإعلامية مروة مطر، ببرنامج «أنا والناس»، المذاع على قناة «النهار»، بحديث نبوي شريف يؤكد أن الإنسان سيُسأل يوم القيامة عن جسده، موضحًا أن دار الإفتاء المصرية أصدرت فتوى في 9 أغسطس 2022 تؤكد التحريم القطعي لبيع الأعضاء، لأن الإنسان لا يملك جسده، بل هو أمانة من الله.

ولفت إلى أن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وخلق جسده بتوازن ودقة متناهية، مستشهدًا بقصة حكيم اليونان سقراط الذي توصل إلى توحيد الله من خلال التأمل في خلق العين، مشيرًا إلى أن أي نقص في هذا التوازن يؤثر على صحة الإنسان.

وفيما يتعلق بمسألة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة (الإيصاء)، أوضح أن دار الإفتاء المصرية أصدرت فتوى بتاريخ 27 أكتوبر 2024 تُجيز هذا الأمر بخمسة شروط صارمة، وهي الإرادة الحرة، بمعنى أن يكون الإيصاء بإرادة حرة للمتبرع دون أي ضغط، ولا يكون هناك مقابل مادي، وألا يتم تقاضي أي ثمن أو مبلغ مالي مقابل التبرع، فضلاً عن عدم اختلاط الأنساب، وألا يشمل التبرع أعضاء قد تتسبب في اختلاط الأنساب مثل الأعضاء التناسلية، علاوة على احترام رغبة الموصي، وأن يتم الالتزام بما أوصى به المتوفى، سواء كان التبرع لشخص محدد أو بشكل مطلق، وأخيرا عدم التمثيل بالجسد، بحيث ألا يؤدي أخذ الأعضاء إلى التمثيل بجسد المتوفى، لأن الإسلام أمر بالحفاظ على حرمة جسد الميت كما هو في حياته.

وأكد أن السبب الرئيسي وراء الانحرافات الأخلاقية والفكرية لدى الشباب يعود إلى غياب الرقابة الأسرية وضعف الوازع الديني، مشددًا على أهمية التربية الصالحة وغرس القيم الدينية في نفوس الأبناء، مذكّرًا بأن الرزق مقسوم ولا يجب السعي إليه بأي وسيلة حتى لو كانت محرمة.

اقرأ أيضاًتأجيل محاكمة أخصائي تحليل متهم بالإتجار في بيع الأعضاء البشرية بالجيزة

الدكتور أحمد كريمة: بيع الأعضاء الجنسية الصناعية حرام يؤدي لفتنة.. فيديو

عبد الله النجار: التبرع بالأعضاء جائز وليس في حرمة إلا في حالة البيع.. فيديو

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: دار الإفتاء المصرية الدين الإسلامي التبرع بالأعضاء القيم الدينية الرقابة الأسرية بيع الأعضاء الانحرافات الأخلاقية بیع الأعضاء

إقرأ أيضاً:

خمسُ كاملاتٍ أوقفتْ المعجزات

في صباحٍ هادئ، كنتُ أقرأ مع ابني سورة النمل، فتوقّفتُ طويلا أمام مشاهدها العجيبة: سليمان عليه السلام يرى ما لا نرى، ويسمع دبيب النملة وهي تخشى على قومها، ويفهم خطاب الهدهد وهو يحلّق فوق مملكة سبأ. عالمٌ كبيرٌ من المعجزات الحسيّة التي رافقت الأنبياء، من موسى وعصاه، إلى عيسى وشفائه للمرضى، إلى صالح وناقته التي خرجت من الصخر.

معظم الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن جاؤوا بآياتٍ كونية، خارقة، محسوسة، تراها العيون وتلمسها الأيدي. لكنني عندما تأمّلتُ تاريخ الوحي بعد بعثة محمد ﷺ وجدتُ شيئا لافتا: توقّفت المعجزات المادية الكبرى، وانتهى عهد الآيات الكونية التي كانت تباغت الأقوام، وتحسم الموقف بين الإيمان والتكذيب حسّا لا جدال فيه.

لماذا تغيّر هذا النظام الكوني؟ لماذا اختفى نمط المعجزات الحسية تماما بعد البعثة الخاتمة؟ وجدتُ الجواب في سورة الإسراء، في قوله تعالى: "وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ.. وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفا". ومع هذا التأمل، كان الحوار الذي دار بيني وبين ابني سببا في إدراك عددٍ من المعاني العميقة، المستفادة من كتاب الله، حول سرّ توقّف المعجزات الحسية بمجيء رسول الله ﷺ.

أولا: لأن الرسالة الخاتمة جاءت رحمة للعالمين

المعجزات الحسية لم تكن مجرد آيات، بل كانت -في كثير من الأحيان- مقدّمات لعذابٍ عام إذا أصرّ القوم على التكذيب. قوم ثمود كُذِّبوا ثم طُحِنوا، وقوم عاد قُضي عليهم بالريح، وقوم لوط بالصّيحة، وقوم نوح بالطوفان.. كان نظام الكون قبل بعثة محمد ﷺ قائما على الآية ثم العذاب.

لكن الله قال عن نبيه الخاتم: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ"، ومن تمام هذه الرحمة رفع العذاب الاستئصالي عن البشرية، فلم يعد الكافر يُهلك بالخسف، أو الصيحة أو الريح أو النار، بل أُرجئ الحساب إلى يوم القيامة.

ولو استمرت المعجزات الحسية كما كانت، لكان تكذيبها يستوجب العذاب، ولما بقي على وجه الأرض كافر. فكانت الحكمة الإلهية أن يُرفع نظام المعجزة المادية، وأن يُترك البشر لرحمة الله في الدنيا، وعدله الكامل في الآخرة.

ثانيا: لأن التاريخ أثبت أن المعجزات لم تغيّر قلوب المعاندين

في سجلّ الإنسانية، لم يكن الجاحدون ينتفعون بالمعجزات، بل كانت تصبح -كما قال العلماء- "وبالا عليهم"، لأنهم يشاهدون الحقّ ثم يعاندون فيزدادون بُعدا وهلاكا. المعجزة لم تكن تُنتج إيمانا للقلوب المغلقة، بل تُنتج حُجّة عليهم. ولهذا قال تعالى: "وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ". فجاء الإسلام بنمطٍ جديد: ليس المطلوب أن تُجبَر البشرية على الإيمان الصادق عبر الظواهر الخارقة، بل أن تختار الحقيقة بعقلها وفطرتها. معجزة تُرى بالعين قد تُرعب، لكنها لا تهذّب، أما كلمة تُفهم بالعقل فقد تهزّ الإنسان من داخله.

ثالثا: لأن معجزة الإسلام هي معجزة عقلية ـ خالدة تتجاوز حدود الزمن

المعجزة الحسية يشاهدها قوم ثم تُصبح قصة، أما القرآن فهو معجزة تُشاهد بالعقل، وتتكرر كل يوم، ومفتوحة لكل جيل إلى قيام الساعة. القرآن ليس معجزة واحدة، بل هو منظومة من الإبداع والإعجاز: عمق لغوي، منظور تشريعي، تناسق كوني، دلائل غيبية، منهج إصلاحي، إشراق روحي.

وهو المعجزة الوحيدة في التاريخ التي يمكن لأي إنسان -عالما كان أو عاميا- أن يتذوقها، ويُعيد اكتشافها في كل عصر. لذلك تغيّر النظام الكوني في عهد الرسول ﷺ: لم يعد البشر بحاجة إلى معجزات حسية تأتي وتختفي، لأن بين أيديهم معجزة خالدة، لا تنتهي، ولا تشيخ، ولا تتعطّل.

رابعا: لأن البشرية نضجت.. وأصبحت قادرة على الاقتناع لا الإكراه

من معاني الحكمة الربانية أن الإنسان قد وصل -في عصر الرسالة الخاتمة- إلى مستوى من الوعي يسمح له أن يتعامل مع القرآن بالعقل والقلب، لا بالخوف من العذاب المادي. البشرية أصبحت مستعدة: أن تُقنع وتُحاور، أن تبحث وتستدل، أن تُؤمن عن اقتناع لا عن قهر.

وأصبح الأصل هو التدافع الإنساني، والاختبار، والاجتهاد، والإحسان في العمل: "وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا". إنه إعلان إلهي بأن مرحلة الطفولة البشرية -التي كانت تحتاج الآيات الخارقة- قد انتهت، وأن الإنسان اليوم قادر على أن يُقبل على الله من باب الفطرة والعقل والحوار. لم تعد الحاجة إلى الخسف، ولا الصاعقة، ولا الناقة التي تخرج من الصخر؛ بل أصبحت حاجة الإنسان إلى آيةٍ تهدي العقل قبل العين، وتُصلح القلب قبل الجسد.

خامسا: لأن الرحمة الإلهية اقتضت أن يُترك البشر لصناعة مستقبلهم

بعد الرسالة الخاتمة، لم يعد الله يُظهر آيات حسية لفرض الإيمان، ولا يُهلك الأقوام استئصالا؛ بل ترك الإنسان في ميدان الاختيار، يعمل، ويتنافس، ويجتهد، ويبحث، ويتحاور: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ". ومن يُحسن عملا، تتنزل عليه الرعاية الربانية، والنصر، والتوفيق. ومن يُعرِض، يُمهَل إلى يومٍ لا ريب فيه. هذه هي السنة الجديدة التي بدأت بنزول الوحي على محمد ﷺ: سنة الإقناع بدل الإكراه.. وسنة رحمة بدل الاستئصال.. وسنة العقل بدل المعجزة الحسية.

خاتمة: ارتفاع مستوى الخطاب الإلهي.. وارتقاء الإنسان

توقّف المعجزات الحسية ليس نقصا في عصر الرسالة الخاتمة، بل هو ارتقاء للبشرية وتكريم لها من الله سبحانه وتعالى، ونقلة من مرحلة المعجزات إلى مرحلة الهداية المباشرة بالقرآن.

لقد أراد الله أن يدخل الإنسان عصر النضج، عصر الإيمان الحرّ، عصر الإقناع لا القمع، عصر الرحمة لا الهلاك، عصر الكلمة التي تبني، لا الصاعقة التي تهدم.

مقالات مشابهة

  • طالما بأكلك ملكيش حاجة.. مليونير يحرم زوجته الثانية من ميراثها الشرعي
  • حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة.. عالم أزهري يوضح
  • علي جمعة: باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر الإنسان
  • دعاء الشفاء .. 10 كلمات لمن أصابه تعب أو ألم في جسده
  • حكم تعويض المماطلة في سداد الدين
  • حكم الدين في عدم الإنجاب.. أزهري: الشخص الذي يرفض النعمة عليه الذهاب لطبيب نفسي
  • خمسُ كاملاتٍ أوقفتْ المعجزات
  • عالم بالأزهر يوضح مفهوم الوسطية في الإسلام (فيديو)
  • إبراهيم عيسى: الدين عند الله هو الإسلام.. ودخول الجنة أمر إلهي
  • “التحالف الإسلامي” يوقّع مذكرة تعاون مع الصندوق السعودي للتنمية