27 غشت، 2025

بغداد/المسلة: يدخل البرلمان العراقي مجدداً في جدل قانوني وسياسي بعد التصويت المثير على قائمة السفراء، حيث تحولت الجلسة الأخيرة من ساحة نقاش إلى ميدان طعن محتمل أمام المحكمة الاتحادية.

ويستند نواب معترضون إلى وقائع واضحة تمثلت في انسحاب نحو ثلاثين نائباً وانكسار النصاب القانوني، لكن المضي في التصويت أضفى على المشهد شبهة دستورية وسياسية يصعب تجاوزها بسهولة.

وتكشف تفاصيل الجلسة أن الأمر لم يقتصر على آلية التصويت فقط، بل على مضمون العملية برمّتها، إذ أعلن رئيس الجلسة محمود المشهداني أن القائمة تبدأ باسم وتنتهي باسم من دون أن يتسنى للنواب الاطلاع على السير الذاتية للمرشحين.

ويطرح هذا الأسلوب سؤالاً حول مدى احترام معايير الشفافية والرقابة البرلمانية، في وقت تتكرر فيه الاتهامات بأن المناصب الدبلوماسية تحولت إلى امتياز عائلي للأحزاب وقادتها.

ويؤكد هذا السياق أن إشكالية التعيينات الدبلوماسية في العراق ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لمسار بدأ منذ 2003، حيث تدار عملية اختيار السفراء ضمن نظام محاصصة يوزع المناصب على الكتل وفق معادلة غير مكتوبة.

وتحوّلت المواقع الدبلوماسية، التي يفترض أن تمثل وجه العراق في الخارج، إلى مقاعد لتثبيت النفوذ أو لتوزيع المكافآت السياسية على الموالين وأبناء الزعامات.

وتعيد الأزمة الراهنة إلى الواجهة تاريخاً طويلاً من الاعتراضات التي تكررت مع كل دورة برلمانية، حيث تسربت أسماء لا تملك أي خلفية في العمل الخارجي، بل عُيّنت بمنطق المكافأة الحزبية.

وعلى الرغم من ملاحظات ديوان الرقابة المالية ووزارة الخارجية، فإن الاعتبارات السياسية كانت في كل مرة تتغلب على متطلبات الكفاءة، ليظل العراق أمام مشهد دبلوماسي يتجدد فيه سؤال الشرعية قبل سؤال الكفاءة.

واعتبر مراقيون إن ما جرى في جلسة التصويت الأخيرة ليس مجرد خطأ إجرائي، بل هو انعكاس لبنية النظام السياسي نفسه، حيث تتغلب توازنات المحاصصة على قواعد العمل المؤسسي. وما ستقرره المحكمة الاتحادية قد لا يغير في جوهر المعادلة، لكنه سيضع الجميع أمام اختبار جديد حول معنى البرلمان، وحدود استقلالية القرار الدستوري، ومكانة العراق في علاقاته الخارجية حين يصبح السفير مرآة للصفقة لا للخبرة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

السوق العراقي: جائزة النفط في قبضة القوى العظمى

7 أكتوبر، 2025

بغداد/المسلة: يعتمد النهج الأمريكي في العراق على تعزيز الإصلاحات المؤسسية والشفافية، بهدف خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الخاصة. ويركز هذا النهج على إعادة هيكلة القطاعات الأمنية والمالية، مع دفع المجتمع المدني نحو المشاركة فيما.  تسعى واشنطن إلى ترسيخ نموذج اقتصادي يعزز التنمية المستدامة من خلال شراكات القطاعين العام والخاص، لكن هذا النهج يواجه تحديات بسبب البيروقراطية المحلية والفساد المستشري.

وتميل الصين إلى نهج أكثر براغماتية، مستفيدة من مرونة استثماراتها في بيئات غير مستقرة. تركز بكين على مشاريع البنية التحتية الضخمة، مثل الطرق والموانئ، عبر قروض ميسرة واتفاقيات “النفط مقابل البنية التحتية”.

هذا النهج يتيح تنفيذاً سريعاً للمشاريع دون اشتراط إصلاحات سياسية صارمة، مما يجعل الصين شريكاً مفضلاً لدى الحكومة العراقية، لكنه يثير تساؤلات حول الديون طويلة الأمد واستدامة المشاريع.

تدخل القوى الإقليمية

وتتنافس دول إقليمية مثل إيران والسعودية وتركيا على حصة في السوق العراقي.

وتستفيد إيران من قربها الجغرافي والثقافي لتعزيز نفوذها التجاري، بينما تسعى السعودية إلى استثمارات استراتيجية لموازنة النفوذ الإيراني.

تركيا، بدورها، تركز على المشاريع التجارية والطاقة، مستغلة موقعها كجسر بين آسيا وأوروبا. هذا التنافس الإقليمي يعقد المشهد، حيث يصبح العراق ساحة لصراع النفوذ الاقتصادي والسياسي.

ويواجه العراق تحدياً في تحقيق التوازن بين هذه القوى.

ونجاحه يعتمد على قدرته على الجمع بين الكفاءة الصينية في تنفيذ المشاريع والدعم المؤسسي الأمريكي، مع ضمان الرقابة ومكافحة الفساد.

موقع العراق الاستراتيجي واحتياطاته النفطية الضخمة تجعله جائزة اقتصادية، لكن استمرار عدم الاستقرار قد يعيق تحقيق التنمية المستدامة. يبقى السؤال: هل يستطيع العراق تحويل هذا التنافس إلى فرصة للنمو أم سيظل ساحة لصراع القوى الكبرى؟

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • مجلس السلام
  • العراق الأول عربيا في توقعات نمو الاقتصاد لعام 2026
  • الحكيم: ثقتي بالقانون الانتخابي
  • رشيد:مأساة مخيم الهول يجب ألا تتحول إلى وصمة عار على ضمير الإنسانية
  • السوق العراقي: جائزة النفط في قبضة القوى العظمى
  • مسلة الأخبار: موجز احداث العراق والعالم
  • العراق يتصدر العرب باقتناء الذهب
  • مسلة الأخبار
  • لا نريد برلمان يشبه ( الأمم المتحدة ) من كثرة الجنسيات الأجنبية ؟ الانتخابات المقبلة .. لا نريد استغفالنا من جديد !
  • الأحزاب تُغلق آذانها أمام الجفاف: أزمة المياه لا تُحرّك السياسيين.. فقط الانتخابات تهمهم