عربي21:
2025-12-12@13:42:51 GMT

الفلسفة: رحلة الإنسان نحو الحقيقة والحكمة

تاريخ النشر: 27th, August 2025 GMT

لطالما كانت الفلسفة جزءا جوهريا من مسيرة الفكر الإنساني، حيث سعى الإنسان منذ القدم إلى فهم العالم من حوله وطرح الأسئلة الكبرى التي تتعلق بالوجود والمعرفة والأخلاق. وتُعد الفلسفة -التي تعني في أصلها الإغريقي "حب الحكمة"- ميدانا فكريا يعكس الرغبة العميقة في الوصول إلى الحقيقة من خلال العقل والمنطق.

تُميز الفلسفة بطريقتها النقدية وتحليلها العميق للمفاهيم، فهي لا تكتفي بتفسير الظواهر، بل تتجاوزها لتسأل عن الأسباب والمعاني، من قبيل: ما هو العدل؟ ما الذي يجعل الفعل أخلاقيا؟ هل الإنسان حر حقا؟ وهي بذلك تختلف عن العلوم الطبيعية التي تعتمد على المنهج التجريبي، إذ تعتمد الفلسفة على التفكير العقلي والمنطقي، وتُعد أداة لفهم الذات والواقع بأسلوب تأملي منهجي.



شهد التاريخ الفلسفي بروز أسماء خالدة، مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو في الفلسفة اليونانية، والذين وضعوا اللبنات الأولى للفكر الغربي، بينما برز في الحضارة الإسلامية فلاسفة مثل الفارابي، وابن سينا، وابن رشد، ممن سعوا إلى مواءمة العقل والنقل، وأسهموا في ترسيخ مكانة الفلسفة في الفكر الإسلامي والعالمي.

وتتفرع الفلسفة إلى مجالات عدة، أبرزها: الميتافيزيقا (دراسة ما وراء الطبيعة)، نظرية المعرفة (الإبستمولوجيا)، والأخلاق، والمنطق، والفلسفة السياسية. ويُعنى كل فرع منها بسؤال جوهري يسهم في تشكيل رؤية الإنسان للعالم من حوله.

وفي العصر الحديث، لم تتراجع الفلسفة عن دورها، بل تطورت لتتناول قضايا معاصرة مثل الذكاء الاصطناعي، وحقوق الإنسان، والعولمة، وفلسفة اللغة، مما منحها حضورا متجددا في النقاشات الفكرية والاجتماعية.

كما أن تدريس الفلسفة في المؤسسات التعليمية بات يُنظر إليه كوسيلة فعالة لتنمية التفكير النقدي وتعزيز مهارات الحوار واحترام الآراء المختلفة. فالفلسفة لا تعني بالضرورة الاتفاق على إجابة واحدة، بل تكمن قيمتها في فتح أفق النقاش وتقبل التعددية الفكرية، وهو أمر تزداد الحاجة إليه في المجتمعات المعاصرة.

الفلسفة، باختصار، ليست ترفا فكريا، بل دعوة مفتوحة للتفكير الحر والمسؤول في قضايا الحياة والإنسان
اليوم، في ظل التحديات الأخلاقية والثقافية التي تواجه البشرية، تعود الفلسفة لتلعب دورا محوريا في إعادة طرح الأسئلة الوجودية، وبناء جيل واعٍ قادر على التفكير الحر واتخاذ المواقف المبنية على التأمل العميق، لا على ردود الأفعال السطحية.

وتزداد أهمية الفلسفة في زمن تتسارع فيه التغيرات التكنولوجية والثقافية، حيث تقدم للإنسان فرصة للتأمل في القيم التي تحكم سلوكه، وتعيد إليه التوازن بين المادة والروح، وبين التقدم والضمير.

وتسهم الفلسفة أيضا في إثراء الحوار بين الحضارات، من خلال قدرتها على كشف الجوامع الإنسانية المشتركة وتقديم أرضية فكرية للحوار بين الثقافات المختلفة، بعيدا عن التعصب والانغلاق. إنها مجال فكري يتجاوز الزمان والمكان، ويستمر في طرح الأسئلة الكبرى التي تُلهم البشرية عبر العصور.

الفلسفة، باختصار، ليست ترفا فكريا، بل دعوة مفتوحة للتفكير الحر والمسؤول في قضايا الحياة والإنسان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الفلسفة الفكر الحضارة الحوار الانسان حوار فكر حضارة فلسفة قضايا وآراء قضايا وآراء مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

رحيل محمد هاشم.. صوت النشر الحر صنع أجيالا وأضاء قلب القاهرة الثقافي

فقدت الساحة الثقافية المصرية اليوم واحدًا من أبرز رموزها وأكثرهم تأثيرًا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، برحيل الناشر محمد هاشم، مؤسس دار ميريت وأحد أعمدة حركة النشر المستقل في مصر، ومع إعلان الخبر، عمّت موجة واسعة من الحزن بين الكتّاب والقراء والنشطاء الثقافيين، ممن عرفوا دوره الريادي وشهدوا أثره العميق في تشكيل مشهد أدبي أكثر حرية وجرأة.

أعلن الدكتور أحمد مجاهد، المدير التنفيذي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، خبر الوفاة عبر صفحته على “فيسبوك”، ناعيًا هاشم بكلمات مؤثرة قال فيها: “لا حول ولا قوة إلا بالله، وداعًا للصديق محمد هاشم أحد العلامات البارزة في مسيرة الثقافة والسياسة بمصر”، مضيفًا أنه نشر بالأمس فقط منشورًا يشكو فيه من إصابته بالإنفلونزا التي منعته من حضور خطوبة ابنته.

الخبر وقع كالصاعقة على الوسط الثقافي، فمحمد هاشم لم يكن مجرد ناشر، بل كان شخصية محورية ساهمت في صياغة موجة جديدة من الكتابة المصرية والعربية منذ أواخر التسعينيات.

وُلد محمد هاشم عام 1958 بمدينة طنطا، وبدأ مسيرته المهنية صحفيًا وكاتبًا، جذبته الكتابة منذ سنواته الأولى، لكنه وجد نفسه لاحقًا في موقع أكثر تأثيرًا: موقع الناشر الذي يفتح الباب للأصوات الجديدة ويمنح المساحة للنصوص الخارجة عن المألوف.

في عام 1998، أسس هاشم دار ميريت في وسط القاهرة، في زمن لم تكن فيه حركة النشر المستقل قد نشأت بعد. جاءت ميريت كحلمٍ متمرد، صغير في حجمه، كبير في أثره. 
وقد أسسها هاشم بفلسفة واضحة: النشر يجب أن يكون حرًا، محرّرًا من الرقابة والخوف، ومفتوحًا للكتابة التي تُقلق السائد.

ومع السنوات، تحولت ميريت إلى منصة للأصوات الشابة التي كانت تبحث عن مساحة للتعبير، وقدمت كتّابًا صاروا لاحقًا من أبرز أسماء الأدب المصري المعاصر.

تميّز مشروع هاشم بأنه لم يكن تجاريًا بقدر ما كان ثقافيًا مقاومًا، ودار ميريت لم تكن مجرد دار نشر، بل بيتًا مفتوحًا للكتّاب والفنانين. مقرها في وسط البلد أصبح ملتقى أدبيًا يوميًا، تلتقي فيه الأجيال وتتقاطع فيه التيارات الفكرية، وتُصنع فيه – على طاولة صغيرة – التحولات الكبرى في الكتابة الجديدة.

احتضنت الدار نصوصًا جريئة، اجتماعية وسياسية وفنية، ونشرت أعمالًا أثارت نقاشات واسعة، ورفضت الاستسلام للرقابة، وقدّم هاشم عشرات الكتب التي خرجت من النطاق المحلي إلى الشهرة العربية، وكانت سببًا في إطلاق موجة من الأدب المعاصر المتحرر من القوالب التقليدية.

وبفضل روحه الداعمة، تحولت ميريت إلى مدرسة: مدرسة في الحرية، وفي احترام الكاتب، وفي الإيمان بأن الكلمة الصادقة قادرة على تغيير الوعي.

على المستوى الإنساني، كان محمد هاشم شخصية محبوبة، بسيطة، صريحة، لا يخشى قول رأيه، ولا يتردد في دعم موهبة يراها تستحق. كثير من الكتّاب يعتبرون أن بداياتهم الحقيقية كانت على يديه، وأنه كان “اليد الخفية” التي دفعتهم نحو الجرأة والثقة.

لم يسعَ يومًا إلى الأضواء، ولم يتعامل مع الكتابة كسلعة، بل كرسالة. وقد عرف عنه انحيازه الدائم للحريات، ومواقفه السياسية الواضحة دفاعًا عن العدالة وحقوق الإنسان.

برحيل محمد هاشم، تفقد الثقافة المصرية أحد أهم حراس الكلمة الحرة، وواحدًا من أكثر الفاعلين الذين أثّروا في شكل الكتابة ونقلوها إلى آفاق جديدة، لقد بنى ميراثًا ثقافيًا سيظل حاضرًا في الكتب التي نشرها، والكتّاب الذين آمن بهم، والجيل الذي فتح أمامه أبواب النشر الحرّ.

ستظل «ميريت» شاهدة على بصمته، ليس فقط كدار نشر، بل كفكرة… وموقف… ورجل أحب الثقافة بصدق، ودفع ثمن هذا الحب من عمره وصحته وراحته، اليوم يرحل محمد هاشم، لكن أثره باقٍ، صامتًا أحيانًا، مرتفعًا أحيانًا أخرى.. تمامًا كما أحب أن يكون.

طباعة شارك الساحة الثقافية الناشر محمد هاشم مؤسس دار ميريت أعمدة حركة النشر مشهد أدبي

مقالات مشابهة

  • رحيل محمد هاشم.. صوت النشر الحر صنع أجيالا وأضاء قلب القاهرة الثقافي
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • “كتاب جدة” يستهل ندواته الحوارية بـ”الفلسفة للجميع”
  • رحلة العمر
  • المرور يعلن إغلاق ميدان الشهداء وطرق الوصول إليه خلال افتتاح المتحف الوطني
  • ترامب يكشف عن تفاصيل جديدة بشأن مجلس السلام في غزة: رؤساء وملوك يرغبون في الانضمام إليه
  • قيادي بالعدل: المشاركة في الانتخابات اختبار حقيقي لقدرة المجتمع على حماية اختياره الحر
  • وسيم الأسد ينكر التهم الموجهة إليه أمام القاضي
  • إنكار وسيم الأسد للتهم الموجهة إليه أمام القاضي يثير تعجب السوريين
  • الاعتصام بالله .. معركة الوعي التي تحدد معسكرك، مع الله أم مع أعدائه