دمشق – في خطوة أثارت نقاشا واسعا في الأوساط الاقتصادية، أعلن مصرف سوريا المركزي عن خطة لطرح عملة جديدة قال إنها صُممت وفق أعلى المعايير الفنية المعتمدة لدى المصارف المركزية العالمية، وذلك ضمن مساع لتحديث البنية النقدية وتعزيز كفاءة أنظمة الدفع والتداول.

وأكد المصرف، في منشور على صفحته الرسمية في فيسبوك السبت الماضي، أن هذه الخطوة تمثل جزءا من برنامج إصلاحي أشمل يهدف إلى تعزيز الثقة بالعملة الوطنية، وتسهيل المعاملات اليومية، ودعم الاستقرار المالي في البلاد.

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية جدّد ما جاء في تقرير لوكالة رويترز قبل أيام حول نية البلاد حذف صفرين من عملتها، معتبرا أن الأمر يمثل "خطوة ضرورية ومهمة وسبَق أن قامت بها 70 دولة حول العالم". وأضاف في لقاء تلفزيوني أن تغيير العملة يعد "ركيزة محورية من ركائز إستراتيجية الإصلاح المالي والنقدي" وهو في الوقت ذاته "تعبير عن السيادة المالية وعلامة على الحرية".

الرؤية الرسمية والفوائد المتوقعة

وأوضح المصرف أن العملة الجديدة ستُدخل للتداول "بشكل أصولي وفق أحكام قانون مصرف سورية المركزي رقم 23 لعام 2002″، مشيرا إلى أن الكميات المطبوعة مدروسة بعناية لتتلاءم مع حجم الاقتصاد الوطني وتبقى ضمن حدود السياسة النقدية.

وأضاف أن الطباعة ستتم لدى مصدرين أو 3 مصادر دولية موثوقة باستخدام أحدث التقنيات المضادة للتزوير لضمان موثوقية التداول وحماية حقوق المتعاملين.

وتوقع المركزي أن يسهم الطرح الجديد في تبسيط العمليات النقدية اليومية، وتحسين إدارة السيولة، وتسهيل الدفع والشراء، إضافة إلى تعزيز السيطرة على التضخم، ورفع مستوى الثقة بالنظام المصرفي، وحماية صغار المودعين، فضلا عن تمكين إصلاحات مالية أوسع وترسيخ الثقة بالليرة السورية.

الكتلة النقدية المتداولة خارج المصارف تتجاوز 40 تريليون ليرة (غيتي)جدل بين المؤيدين والمعارضين

ووصف الخبير الاقتصادي الدكتور حسن غرة القرار بأنه "إجراء فني وتنظيمي ضمن إطار السياسة النقدية الشاملة، يهدف أساسا إلى تحسين إدارة التداول النقدي وتسهيل عمليات الدفع والشراء".

إعلان

وأوضح أن هناك كتلة نقدية ضخمة تتجاوز 40 تريليون ليرة سورية (نحو 3.7 مليارات دولار) متداولة خارج النظام المصرفي، ما يجعل من الخطوة فرصة:

لتعزيز الرقابة على حركة النقد الحد من التهريب تقليص الفاقد ويسهم حذف الأصفار في تخفيف العبء اليومي عن المواطنين.

في المقابل، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور فراس شعبو أن التوقيت غير مناسب رغم إقراره بأهمية تغيير العملة. وقال إن "العملة مرآة للاقتصاد، ولا يمكن إصلاحها دون إصلاح البنية الاقتصادية أولا"، مشيرا إلى تراجع الناتج المحلي من 70 مليار دولار عام 2010 إلى حدود 7 مليارات فقط حاليا، مع انهيار القطاع المصرفي، وضعف الاحتياطات النقدية، واستمرار العقوبات.

واعتبر أن الفوائد المحتملة تكاد تقتصر على تسهيل التداول وحل مشكلة السيولة مؤقتا، معتبرا أن الخطوة قد تبدو أقرب إلى إجراء رمزي منها إلى إصلاح فعلي.

تقييم فني: إصلاح تقني مشروط

وأكد الخبير المصرفي الدكتور إبراهيم قوشجي أن تغيير العملة "إصلاح تقني بحت لا يخلق ثروة جديدة ولا يلغي الأزمات الاقتصادية". وأوضح أن التضخم لا يرتبط مباشرة بحذف الأصفار، بل بأسباب هيكلية مثل عجز الموازنة وضعف الإنتاج المحلي وفقدان الاحتياطي الأجنبي. لكنه أشار إلى أن الخطوة قد تبعث برسالة إيجابية تبطئ تهافت المواطنين على العملات الأجنبية وتمنح سعر الصرف استقرارا مؤقتا.

التضخم السنوي في سوريا يقدَّر بنحو 150% حسب خبراء الاقتصاد (غيتي)

وبيّن قوشجي أن معدل التضخم في سوريا يبلغ 150%، ولن ينخفض إلا إذا ترافق الإصدار الجديد مع ضبط تمويل العجز وتقليل الواردات، حيث يمكن أن يتراجع إلى ما بين 60% و70%.

أما إذا نفذت الحكومة إصلاحات هيكلية شاملة تشمل الإنتاج المحلي، الاستثمار، مكافحة الفساد، وإعادة الإعمار، فقد ينخفض التضخم إلى أقل من 20% خلال 3 سنوات. لكنه حذّر من أن "مصير العملة الجديدة سيكون كمصير سابقتها إذا لم تُعالج جذور الأزمة الاقتصادية".

أبعاد رمزية وسياق تاريخي

الخبير حسن غرة لفت إلى أن طباعة العملة الجديدة وفق معايير دولية مضادة للتزوير من شأنه أن "يعزز ثقة المواطنين والمؤسسات بالعملة الوطنية ويحمي الاقتصاد من التضخم الناتج عن النقد المزيف".

وأشار إلى أن اختيار 8 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ذكرى سقوط نظام بشار الأسد المخلوع، موعدا لإطلاق العملة يحمل "دلالات رمزية وسياسية عميقة"، إذ يمثل قطيعة مع الماضي وبداية مرحلة جديدة، فضلا عن كونه أول إصدار تخلو أوراقه من صور عائلة الأسد منذ 5 عقود.

ووفق تقرير لرويترز، فإن العملة الجديدة ستدخل التداول مع الإبقاء على الإصدار القديم خلال فترة انتقالية.

ويأتي القرار بعد خسارة الليرة السورية أكثر من 99% من قيمتها منذ عام 2011، حيث تراجع سعر الصرف من نحو 50 ليرة مقابل الدولار قبل الحرب إلى حوالي 10 آلاف ليرة اليوم، ما انعكس مباشرة على أعباء المعاملات اليومية والتحويلات المالية وفاقم أزمة المعيشة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات العملة الجدیدة إلى أن

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية.. تفاصيل

ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية؛ حيث استعرض عددًا من الملفات الاقتصادية المُهمة، وذلك بحضور حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي، والدكتورة/ رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، و/ أحمد كجوك، وزير المالية، والدكتور/ شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، والمهندس/ حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، و/ ياسر صبحي، نائب وزير المالية للسياسات المالية، و/ رامي أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزيّ، ومسئولي الوزارات المعنية والبنك المركزي.

وقال المستشار/ محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، إن الاجتماع استعرض تطورات معدل التضخم خلال الفترة الأخيرة، حيث تمت الإشارة إلى أن معدل التضخم قد شهد انخفاضًا ملحوظًا خلال العام الجاري، حيث انخفض معدل التضخم العام في شهر أغسطس الماضي إلى 12% مقارنة بـ24% في شهر يناير الماضي.

 وأضاف: تمت الإشارة خلال الاجتماع إلى أن معدل التضخم الأساسي شهد أيضًا انخفاضاً من 22.6% في يناير 2025 إلى 10.7% في أغسطس 2025، وهو انخفاض كبير للغاية مقارنة بمعدل التضخم الأساسي الذي بلغ ذروته في الربع الأخير من عام 2023، ليصل إلى ما يقارب 40%.

 وأشار المستشار محمد الحمصاني إلى أنه تم التأكيد خلال الاجتماع على أن هذا التراجع جاء بفضل التنسيق والإجراءات التي تمت بين الحكومة والبنك المركزي في هذا الشأن، كما أن انخفاض معدلات التضخم جاء مدفوعاً بتباطؤ التطورات الشهرية التي سجلت معدلات أقل من متوسطها قبل عام 2022، وانخفاض أسعار السلع الغذائية التي تعافت من آثار الصدمات السابقة، فضلاً عن الانحسار التدريجي لأثر الصدمات السابقة على السلع غير الغذائية والخدمات ولكن بوتيرة أبطأ.

 وأوضح المتحدثة الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء أن اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية أشار إلى نجاح وزارة المالية في إصدار  طرح جديد من الصكوك السيادية بقيمة 1.5 مليار دولار على شريحتين، حيث تجاوزت طلبات الاكتتاب عليه 9 مليارات دولار، كما تم التأكيد في هذا الإطار أن هذا يعكس تحسنا كبيرا في نظرة المستثمرين الدوليين للاقتصاد المصري.

 وقال المستشار محمد الحمصاني إن الاجتماع استعرض تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بشأن تطورات الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع والعام المالي 2024/ 2025، الذي تضمن الإشارة إلى انخفاض معدلات التضخم وكذا ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج واستمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي حيث سجل ارتفاعا بنسبة ٥٪، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ ثلاث سنوات.

 وتابع المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء أن الاجتماع استعرض جهود حوكمة الاستثمارات العامة خلال العام المالي 2024-2025، حيث تمت الإشارة في هذا الصدد إلى أن قرار حوكمة الاستثمارات العامة أدى إلى حصر مختلف الشركات والهيئات المملوكة للدولة، ما أسهم في تدقيق أرقام الاستثمارات العامة بمختلف الهيئات والمؤسسات، كما انعكس إيجابًا في ضبط الإنفاق بالناتج المحلي الإجمالي.

غدا ..مدبولي يترأس اجتماع الحكومة لبحث عدد من الملفاتمدبولي يصدر قرارًا بتعيين هاني خضر رئيسًا لهيئة الرقابة النووية والإشعاعية ومحمود شحاته نائباًلمساعدة الأولي بالرعاية.. مدبولي يصدر قرارًا بإنشاء برنامج المنظومة المالية للتمكين الاقتصاديمدبولي: موافقة حماس على المبادرة الأمريكية توجه محمود واستجابة لدعوات السلام والاستقرار

وأوضح المستشار محمد الحمصاني أن الاجتماع ناقش وثيقة السياسة التجارية للدولة المصرية، حيث تمت الإشارة إلى أن  الوثيقة تُسهم في ربط الاستثمار بالتجارة في إطار متكامل، كما تُسهم في تحقيق المستهدفات من خلال الوصول بالصادرات إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030.

وأضاف: تم التأكيد في  هذا الإطار على أن أهداف السياسة التجارية تتضمن خفض العجز في الميزان التجاري من خلال تعظيم الصادرات وتعميق الصناعة المحلية، دون اللجوء إلى قيود تعرقل الاستيراد أو الإنتاج، وكذا اعتماد الاستثمار كأداة محورية لتحفيز القدرات الإنتاجية الموجهة للتصدير وتقليص الفجوة التجارية، والسعي نحو التحول إلى مركز إقليمي للصناعة والخدمات المُوجهة للأسواق الخارجية.

وأوضح أن الاجتماع أكد على أن وثيقة السياسة التجارية ترتكز على حماية الصناعة الوطنية من الممارسات الضارة من خلال أدوات التجارة المنظمة والالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية، بالإضافة إلى تحفيز الصادرات من خلال خطط تحرك مدروسة نحو الأسواق ذات الأولوية، وكذا تعزيز التنافسية وتيسير الإجراءات كبديل عن القيود في سياسات التجارة.

طباعة شارك مدبولي مجلس الوزراء الوزراء المجموعة الوزارية الاقتصادية

مقالات مشابهة

  • المركزي يحذّر من تأخير اعتماد قانون مكافحة غسيل الأموال
  • اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تعقد اجتماعها الرابع برئاسة محافظ مصرف ليبيا المركزي
  • حسني بي: المركزي قادر على كشف متاجري العملة.. وفرض رسوم على السحب يضر بالمواطنين
  • رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية.. تفاصيل
  • محافظ المركزي يعقد اجتماعاً موسعاً لمتابعة الخطط النقدية والتحول الرقمي
  • محافظ مصرف قطر المركزي يجتمع مع وزير التجارة والصناعة الهندي
  • قد يصبح أول رئيس حي يظهر على الدولار..الخزانة الأميركية تدرس سك عملة تذكارية تحمل صورة ترامب
  • تخطى 125 ألف دولار.. سعر بتكوين يسجل مستوى قياسي
  • السياسة النقدية الصينية بين الخصوصية والعالمية
  • المركزي يضخ 3 مليارات دينار لتغذية المصارف التجارية ويستأنف تغطية طلبات الحصول على النقد الأجنبي