خبير إسرائيلي: تعزيز احتلال الضفة يجري عمليا بدون إعلان رسمي
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
يرى الباحث والخبير الإسرائيلي ميخائيل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، أن الضفة الغربية المحتلة تسير نحو تعزيز احتلالها (أو ضمها حسب تعبيرهم) تدريجيا بحكم الأمر الواقع من دون أي إعلان رسمي.
ويؤكد أن هذا التطور يجري بفعل خطط سياسية تقودها الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إضافة إلى ضعف السلطة الفلسطينية وتآكل قدرتها على الحكم، فضلا عن تصاعد مستويات العداء والاحتكاك بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ اندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة.
يستعيد ميلشتاين -في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت- محادثة أجراها قبل سنوات مع مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، وربما خلال خدمته ضابطا رفيعا في الاستخبارات الإسرائيلية، توقع خلالها المسؤول الفلسطيني أن تتحول إسرائيل والضفة الغربية إلى كيان واحد بحكم الواقع، رغم أن أغلبية الإسرائيليين يرغبون في الحفاظ على طابع دولتهم اليهودي.
وأوضح المسؤول أن السلطة الفلسطينية تضعف تدريجيا وربما تختفي من دون انهيار مدوٍ، الأمر الذي سيقود إلى اندماج الضفة داخل إسرائيل من دون منح الفلسطينيين حقوق مواطنة.
ويحذر ميلشتاين من أن هذا السيناريو إن حصل فسيؤدي إلى تعاظم الضغوط الدولية والداخلية لإجبار إسرائيل على الاعتراف بتلك الحقوق، بحيث تفرض المعادلة الديمغرافية والديمقراطية نتائجها على إسرائيل، ويشير إلى أن سموتريتش يعمل منذ سنوات على الدفع بخطة تهدف إلى "تغيير الحمض النووي للضفة الغربية" والوصول إلى نقطة اللاعودة التي تمنع أي إمكانية للفصل بين الشعبين.
وفي الأسبوع الماضي، كُشف عن خطة تنفيذية مفصلة تتناغم مع رؤية سموتريتش التي أعلنها عام 2017، وتقوم على "ضم" (احتلال) 82% من أراضي الضفة بما في ذلك بيت لحم وقلقيلية، وترك جيوب فلسطينية معزولة تشبه "البانتوستونات" التي أنشأها نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
تداعيات دولية وتهديد داخليويحذّر المقال من أن تعزيز احتلال الضفة ستكون له تداعيات زلزالية على مكانة إسرائيل الدولية، إذ يُنتظر أن يزيد من عزلة تل أبيب ويضاعف من حجم الضغوط الخارجية، لا سيما في ظل إمكانية فرض عقوبات اقتصادية قد تطال كل مواطن.
إعلانكما أن تعزيز احتلال الضفة سيؤدي إلى توتر متصاعد مع العالم العربي: فمصر تخشى ما تعتبرها "مؤامرة" تهدف إلى دفع سكان غزة نحو سيناء، في حين أوضحت دولة الإمارات أن "الضم" يهدد "اتفاقيات أبراهام" التي تشكل إنجازا إستراتيجيا للحكومة الإسرائيلية، أما الأردن، فهو يتوجس من احتمال "ضم" غور الأردن، مما قد يضرب أسس العلاقة بين عمَّان وتل أبيب.
وفي الداخل، يرى ميلشتاين أن تعزيز احتلال الضفة سيزيد من هشاشة الوضع الإسرائيلي في لحظة تشهد فيها البلاد انقساما داخليا عميقا وحربا تخلو من الإجماع الوطني، ويضيف أن مثل هذه الخطوة ستفرض على إسرائيل مسؤولية إدارة ملايين الفلسطينيين الذين سيخضعون لسيطرتها، وستؤدي إلى تصاعد المخاطر الأمنية، فضلا عن تفاقم الاعتداءات العنيفة التي ينفذها مستوطنون متطرفون، وهي ظاهرة قائمة بالفعل.
ويذهب المقال إلى أن نقاش تعزيز احتلال الضفة يسلط الضوء على ضبابية الفوارق بين حزب الليكود والتيار الديني القومي، فكلاهما يعتبر السلطة الفلسطينية عدوا مباشرا، ورغم أن حزب الصهيونية الدينية بزعامة سموتريتش قد لا ينجح وفق الاستطلاعات الأخيرة في تجاوز نسبة الحسم بالانتخابات، فإن رؤيته تُفرض على الدولة بأكملها، مما سيغيّر طابعها السياسي والاجتماعي لسنوات طويلة، من دون أي استفتاء شعبي أو نقاش وطني جدي.
الدور الأميركي
ويشير الباحث والخبير الإسرائيلي إلى أن غياب إستراتيجية عقلانية يدفع إلى تبني أفكار وهمية مثل إحياء خطة "الإمارات الفلسطينية" عبر شيوخ محليين في الخليل، أو دعم مليشيات عشائرية على شاكلة عصابة أبو شباب في غزة كخيار بديل للسلطة. إلا أن الغالبية الساحقة من الفلسطينيين تنظر إلى هؤلاء على أنهم متعاونون مع الاحتلال، مما يعني أن تلك الرهانات محكومة بالفشل.
ويرى ميلشتاين أن الولايات المتحدة، وتحديدا الرئيس دونالد ترامب، كانت الجهة الوحيدة التي نجحت عام 2020 في كبح جماح تعزيز احتلال الضفة مقابل اتفاقيات أبراهام، وهو نفسه الذي أجبر إسرائيل سابقا على توقيع وقف إطلاق النار في غزة مطلع العام الحالي، لكنه يشير إلى أنه حتى اللحظة لا توجد إشارات إلى ضغوط أميركية مماثلة لمنع تل أبيب من المضي قدما بخططها الحالية، سواء في غزة أو الضفة.
ويختم ميلشتاين بالتأكيد على أن الجمهور الإسرائيلي يجب أن يفرض نقاشا وطنيا معمقا حول مستقبل العلاقة مع الفلسطينيين بعيدا عن الشعارات الغامضة، ويذكّر بأن إحدى ركائز المفهوم الذي انهار في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كان الاعتقاد بأن إسرائيل تستطيع الاستمرار في التطبيع مع العالم العربي من دون التطرق إلى القضية الفلسطينية، إلا أن هذه السياسة أثبتت فشلها، ومع ذلك لم يجر أي تحقيق جدي في إخفاقات الماضي ولم تُستخلص العبر، بل تستمر القيادة في تكرار الأخطاء ذاتها.
ويشدد كذلك على أن الانتخابات الإسرائيلية المقبلة يجب أن تضع هذا الملف في الصدارة، وأن تكون بمثابة فرصة للجمهور الإسرائيلي لإظهار استيعابه دروس الماضي، وفي مقدمتها ضرورة التشكيك في كل مسلّمة تفرضها القيادة من فوق.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات من دون إلى أن
إقرأ أيضاً:
“حشد”: تصعيد “إسرائيلي” غير مسبوق للاستيطان والضم والانتهاكات بحق الفلسطينيين في الضفة والقدس
الثورة نت /..
أكدت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، اليوم السبت، أن الفترة الراهنة تُعد من أخطر المراحل التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل تصعيد “إسرائيلي” غير مسبوق في جرائم وسياسات الاستيطان والضم الاستعماري.
وأشارت الهيئة، في بيان صحفي على موقعها الإلكتروني، إلى أن العدو الإسرائيلي صادق على بناء 764 وحدة استيطانية جديدة، إلى جانب الإعلان عن شرعنة 19 مستوطنة إضافية في الضفة الغربية بفلسطين المحتلة.
واعتبرت ذلك “يشكل تسريعاً واضحاً لمشروع الضم وفرض الوقائع الاستعمارية على الأرض، بهدف منع أي فرصة واقعية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس، عبر تفتيت الجغرافيا الفلسطينية وعزل المدن والقرى عن محيطها.
وحذرت “حشد” من التوسع الاستيطاني المتسارع الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يقدّر عدد المستوطنين قرابة مليون مستوطن في الضفة الغربية والقدس المحتلة، موزعين على 147 مستوطنة ، وأكثر من 224 بؤرة استيطانية، مع تسجيل إنشاء عشرات البؤر الجديدة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
ولفتت إلى أن العدو الإسرائيلي دفع بخطط لبناء ما يقارب أكثر من 50 ألف وحدة استيطانية جديدة، في سياق مخطط استعماري منظم يهدف إلى إعادة رسم الخريطة الديموغرافية وتعميق السيطرة على الضفة الغربية.
وأدانت بشدة تصاعد اعتداءات المستوطنين الارهابية والتي تندرج ضمن سياسة ممنهجة تنفذ بتكامل واضح بين جيش العدو الإسرائيلي ومليشيات المستوطنين، حيث يتبادلون الأدوار في الاعتداء على الفلسطينيين ومقدراتهم.
وأشارت الهيئة الدولية إلى أنها وثقت والمنظمات الحقوقية 1,229 اعتداءً للمستوطنين عام 2023، و1,423 اعتداءً عام 2024، فيما بلغ عدد الاعتداءات حتى ديسمبر الجاري نحو 1,860 اعتداءً، بمعدل لا يقل عن أربع اعتداءات يومياً، شملت حرق منازل، اقتلاع أشجار، تخريب محاصيل، واعتداءات مباشرة على المدنيين، في ظل إفلات كامل من العقاب.
وأوضحت أنها ترصد تصعيداً خطيراً في سياسات التهجير القسري، لا سيما في المنطقة “ج” التي تشكل نحو 60% من مساحة الضفة الغربية، حيث كشفت معطيات وتوثيق الاوتشا عن ترحيل أكثر من ألف فلسطيني منذ بداية عام 2025، إلى جانب تهجير ما يقارب 32 ألف فلسطيني خلال الفترة الأخيرة في محافظات شمال الضفة خصوصاً من التجمعات البدوية وفي جنين وطوباس وطولكرم عبر اقتحام المخيمات والقصف ، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي، ومنع البناء، في إطار سياسة تغيير ديموغرافي قسري تخدم مشروع الضم الاستعماري.
وأكدت “حشد” أنها هذا التصعيد الاستيطاني يترافق مع انتهاكات جسيمة وجرائم حرب بحق السكان المدنيين، حيث أسفرت سياسات العدو الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 عن استشهاد 1,119 فلسطينياً في الضفة الغربية والقدس، وإصابة أكثر من 12 ألفاً، واعتقال 24,083 مواطناً، بينهم 1,600 طفل، ضمن سياسة أمنية شاملة تهدف إلى القتل والقمع والترهيب والتطهير العرقي وفرض السيطرة بالقوة.
كما رصدت الهيئة أكثر من 450 عملية اقتحام للمسجد الأقصى والقدس خلال عام 2025، بما في ذلك اقتحام مقر وكالة “الأونروا” في حي الشيخ جراح ورفع علم العدو الإسرائيلي عليه، في محاولة واضحة لتقويض دور الوكالة واستهداف حق العودة.
ورأت أن مجمل هذه الجرائم والسياسات تشكل منظومة استعمارية متكاملة من الاستيطان ، والتمييز العنصري، وارهاب المستوطنين، التهجير، والضم الاستعماري، وترقى إلى جريمة تطهير عرقي واضطهاد ممنهج وفق أحكام القانون الدولي، وتهدد الوجود الفلسطيني على أرضه.
وشددت الهيئة الدولية على ضرورة تحرك دولي عاجل وفاعل لوقف جرائم الاستيطان واعتداءات المستوطنين فوراً، ومحاسبة قادة العدو الإسرائيلي أمام القضاء الدولي، وفرض إجراءات وعقوبات رادعة علي دولة الكيان الإسرائيلي، وضمان حماية المدنيين الفلسطينيين، ومنع تحويل الضفة الغربية والقدس إلى واقع استعماري دائم يقوض السلم والأمن الإقليمي والدولي وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.