كيف أعادت استراتيجية الحرب الأمريكية تشكيل الاقتصاد المدني المصري عن بُعد؟
تاريخ النشر: 8th, September 2025 GMT
الكلمات حين تُستبدل لا تغيّر العناوين فقط، بل تُعيد صياغة المفاهيم والاتجاهات، فإذا رُفع شعار الحرب بدل الدفاع، فإننا أمام تحوّل في جوهر الاستراتيجية، من حماية التنمية إلى استنزافها، ومن عقد اجتماعي يحمي المواطن إلى عقد آخر يُسخّر المواطن لخدمة آلة الحرب، فيتحوّل الأمن من وسيلة للحياة إلى غاية تلتهمها.
منذ عام 2020 وحتى 2027 تشكّل خط زمني أمريكي متدرج الحلقات..
• بدأ بموجة تكنو-بيولوجية مع جائحة كورونا، حيث تحوّلت اللقاحات والبيانات الصحية إلى أدوات نفوذ سياسي واقتصادي.
• ثم تصاعد إلى تكنو-عسكرية مع حرب أوكرانيا وتصاعد التوترات في غزة وتايوان، حيث قفز الإنفاق العسكري العالمي إلى 2443 مليار دولار في 2023، بزيادة 6.8 في المئة، واحتفظت الولايات المتحدة وحدها بنسبة 37 في المئة من هذا الإجمالي (916 مليار دولار).
المواطن الذي يُنتظر منه أن يدفع الضرائب ويربط مصيره بدولته، يجد نفسه يموّل سياسات استثنائية، بينما تتراجع حصته من التعليم والصحة والخدمات. هكذا تتسرّب الحرب البعيدة إلى بيوت الناس، فيخبزها المواطن بعرقه قبل أن تُطلق رصاصة واحدة في شوارعه
• لينتهي إلى تكنو-اقتصاد مع حروب العملات والرقائق والطاقة الخضراء، حيث أُعيد تعريف سلاسل الإمداد العالمية وفق معايير القوة لا السوق.
انعكس ذلك على مصر بصورة مباشرة..
• تضاعفت فاتورة دعم الخبز إلى 127.7 مليار جنيه في 2023-2024 بزيادة 41.9 في المئة بسبب قفزات أسعار القمح.
• سجل التضخم الحضري ذروة تاريخية عند 38 في المئة في أيلول/ سبتمبر 2023.
• ارتفع الدين الخارجي إلى نحو 156.7 مليار دولار في الربع الأول 2025، ما ضيّق الحيز المالي وأثقل كاهل الاقتصاد المدني.
استدراك
غير أن الأرقام ليست سوى سطح الصورة، العمق يكمن في العقد الاجتماعي الذي يتعرض للاهتزاز مع كل صدمة أسعار أو خدمة دين أو قرار دولي يُدار عن بُعد. المواطن الذي يُنتظر منه أن يدفع الضرائب ويربط مصيره بدولته، يجد نفسه يموّل سياسات استثنائية، بينما تتراجع حصته من التعليم والصحة والخدمات. هكذا تتسرّب الحرب البعيدة إلى بيوت الناس، فيخبزها المواطن بعرقه قبل أن تُطلق رصاصة واحدة في شوارعه.
استنتاج
الخط الزمني الأمريكي لم يكن مسارا خارجيا محضا، بل سلسلة ارتدادات أصابت الاقتصاد المدني المصري عبر سباعية الأثر:
1- مزاحمة الموارد: تآكل نصيب الإنفاق الاجتماعي مقابل تصاعد كلفة الدعم والدين.
2- أسر سلاسل الإمداد: اعتماد على مصادر غذاء وطاقة معرضة للتسييس والتقلبات.
3- ازدواجية الاستخدام التكنولوجي: أولوية للتطبيقات الأمنية على حساب الابتكار المدني.
4- تشوّه الحوكمة: غلبة التعاقدات الاستثنائية على قواعد الشفافية والكفاءة.
5- عسكرة البيانات والفضاء السيبراني: تحميل الشركات والمجتمع كلفا أمنية متزايدة.
6- تحول سوق العمل: نزيف الكفاءات إلى قطاعات دفاعية وتقنية على حساب القطاعات الإنتاجية.
7- إعادة توزيع المخاطر: تحميل المواطن العبء الأكبر عبر التضخم وضرائب الاستهلاك وتراجع الحماية.
استشراف
كلٌّ في ميدان تخصصه، ليُبنى الوطن بعقول حرة قبل أن يُبنى بسواعد مرهقة. فبلادٌ تُحرّر عقولها هي بلادٌ قادرة على أن تحرّر مستقبلها
حتى 2027 لا يملك الاقتصاد المدني المصري رفاهية الانتظار. المسارات الثلاثة الواجب تبنيها هي:
- تحوّط مالي: إدارة دين رشيدة وتنويع مصادر التمويل مع ضبط التضخم وتحسين التنسيق بين السياسات النقدية والمالية.
- أمن الإمداد: عقود طويلة الأجل للغذاء والطاقة وتنويع الشركاء وبناء مخزونات استراتيجية.
- تمكين تكنولوجي مدني: رفع المحتوى المحلي في الصناعة الرقمية، وتحويل التقنيات العسكرية إلى تطبيقات مدنية منتجة.
في سطور..
الحرب حين تستبدل الدفاع تعيد تشكيل العالم كله عن بُعد، فتصل آثارها إلى رغيف الخبز في القاهرة، وسعر الوقود في الإسكندرية، وفرص العمل في بورسعيد. حماية الاقتصاد المدني لم تعد ترفا بل هي عنوان الأمن القومي الحقيقي.
في كلمات..
- تحرير العقول قبل تحرير السياسات.
- عودة الخبراء والمفكرين والمستشارين والبرلمانيين ورجال الدولة من المعتقلات إلى مواقعهم.
- كلٌّ في ميدان تخصصه، ليُبنى الوطن بعقول حرة قبل أن يُبنى بسواعد مرهقة. فبلادٌ تُحرّر عقولها هي بلادٌ قادرة على أن تحرّر مستقبلها.. والأيام دول.. والقرار للشعوب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الحرب اقتصاد مصر مصر اقتصاد حرب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاقتصاد المدنی فی المئة قبل أن
إقرأ أيضاً:
الدفاع المدني: طواقمنا انتشلت أكثر من 53 ألف شهيد منذ بدء الحرب على غرة
غزة - صفا
قال الدفاع المدني بقطاع غزة، إن طواقم الإنقاذ انتشلت (53,712) شهيدًا منذ بداية الحرب الإسرائيلية، ونقلت مركبات الإسعاف (23,952) شهيدًا، فيما انتشلت طواقم الإنقاذ (125,752) مصابًا، ونقلت مركبات الإسعاف (40,240) مصابًا.
وأضاف الدفاع المدني، في بيان اليوم الثلاثاء، أن طواقمه تلقت (635,000) إشارة منذ بداية الحرب، منها (121,000) إشارة مكررة، و(52,000) إشارة لم تتمكن الطواقم من الوصول إليها؛ بسبب عدم توفر الوقود أو عدم القدرة على التنسيق الميداني والدخول إلى المناطق التي وردت منها نداءات استغاثة، ومعظمها في محافظة الشمال.
وأوضح البيان أنه تم إجلاء (65,020) شخصًا من مناطق خطرة، واختطف الاحتلال (2,290) جثمانًا ورفاة شهيد من مناطق مختلفة في قطاع غزة، فيما اختفى قسريًا نحو (8,120) مواطنًا من مناطق متعددة في القطاع.
وأشار إلى إخماد (25,509) حرائق ناتجة عن استهداف مناطق مأهولة بالسكان، ومبانٍ تجارية واقتصادية، وأراضٍ زراعية وغيرها، فيما نقلت الطواقم (21,840) حالة مرضية.
ولفت إلى تنفيذ (12,586) مهمة إنقاذ بمركبات الدفاع المدني، بمرافقة كبّاشات أو باقرات حفّار، منوهًا إلى أن عدد المصابين الذين تحوّلوا إلى شهداء بلغوا (12,590)، بسبب عدم توفر الوقود لإخماد الحرائق أو منع الطواقم من التحرك وفقًا لما يقرّه القانون الدولي الإنساني وملحقات اتفاقيات جنيف.
وذكر أن عدد الجثامين التي تبخّرت وتلاشت بفعل الأسلحة الحرارية بلغ (2,840) شهيدًا، نتيجة استخدام أسلحة تطلق حرارة تتراوح بين 7,000–9,000 درجة مئوية، تُصهر كل من يكون في مركز الانفجار.
وبيّن أن الاحتلال استخدم نحو (105,000) طن من المواد المتفجرة، بما يعادل (620,000) غارة على قطاع غزة، منها (19,200) طن من المخلفات الحربية التي تُشكل خطرًا على حياة السكان والأراضي الزراعية.
وقال البيان، إن قوات الاحتلال استخدمت روبوتات تفجيرية لتدمير المباني والمنشآت والبنية التحتية، بمعدل 25 روبوتًا يوميًا، يحتوي كل واحد منها على 7 أطنان من المواد المتفجرة في مدينة غزة فقط.
وأضاف أن الدفاع المدني قدّم (140) شهيدًا و(355) مصابًا، أُصيب بعضهم أكثر من مرة، فيما بلغ عدد المعتقلين من كوادر الدفاع المدني (31) موظفًا، أفرج الاحتلال عن (11) منهم.
وأشار إلى أن الاحتلال أخفى جريمة استهداف كوادر الدفاع المدني في محافظة رفح، مع مركبتي إطفاء وإسعاف تتبعان للدفاع المدني، ومركبات تابعة للهلال الأحمر، كما استهدف الاحتلال نقطة الدفاع المدني في الكلية التطبيقية بشكل مباشر بواسطة طائرة مسيّرة.
ولفت إلى تعرّض (150) فردًا من الدفاع المدني للإجهاد البدني بسبب المجاعة ونقص الاحتياجات الغذائية والتغذوية.
وجاء في البيان، توقّف العمل كليًا في محافظة الشمال نتيجة الاجتياح البري، وتدمير مقدرات الدفاع المدني هناك، واعتقال مدير المحافظة واستشهاد نائبه ومديري المراكز، كما توقّف العمل بنسبة 95% في محافظة رفح بسبب الاجتياح الكامل، 80% في محافظة خان يونس، 85% في محافظة غزة، و25% في المحافظة الوسطى.
وفي ذات السياق، أوضح البيان أن المراكز الفاعلة حاليًا في غزة والشمال (4) مراكز، وفي المحافظة الوسطى (3) مراكز، وفي خانيونس (3) مراكز، وفي رفح (3) مراكز.
ونوه إلى أن عدد المقرات التي دُمّرت كليًا بلغ (14) مركزًا ومقرًا، وتضرر (3) جزئيًا، ودُمّرت كليًا (13) مركبة إطفاء، و(1) مركبة إنقاذ، و(3) مركبات تدخل سريع، و(6) صهاريج مياه، و(2) سُلَّم هيدروليكي، و(10) مركبات إسعاف، و(13) مركبة إدارية.
وتابع البيان "تضررت وأُعيد تأهيل (13) مركبة إطفاء وإنقاذ، و(3) صهاريج مياه، و(6) مركبات إسعاف بعد قصف مقراتنا، كما تعرّضت الطواقم للاستهداف المباشر وغير المباشر (50) مرة".
وقال إن الاحتلال منع طواقمنا من العمل كليًا في مناطق واسعة من محافظتي رفح والشمال، إضافة إلى أحياء النصر، الشاطئ، الصبرة، تل الهوا، الشجاعية، الزيتون الجنوبي، النفق الشمالي، أبو إسكندر، الشيخ رضوان، التفاح، الدرج، الزرقاء، الأوروبي، شرق خان يونس، القرارة، عبسان، بني سهيلا، خزاعة، معن، الفخاري، ميراج الشرقية والغربية، قيزان النجار، ومنطقة كلية العلوم والتكنولوجيا في خانيونس.
وشدد البيان على أنه لا يزال العديد من الشهداء في هذه المناطق لم يتم الوصول إليهم حتى الآن.