عندما يقف الإنسان أمام مرآة الزمن، يتلمس ـ على استحياء ـ أثقال السنين التي انقضت، متسائلًا عن معنى عقوبة التقدم في العمر: هل هي فقط مجرد خطوط تتسلل إلى الملامح، أم أنها تتجاوز تجاعيد الروح التي تسكننا؟
ربما لا يكون التقدم في العمر، بمثابة عقوبة تُفرض، لأنه يُجَسِّد رحلة إنسانية تحمل في طيَّاتها دروسًا عميقة، تختبر صبرنا، وتدعونا للتأمل، لتقدير اللحظات الصغيرة، والاحتفاء بكل نبضة قلب تنبض بها أرواحنا.
مع مرحلة التقدم بالعمر، قد ينتاب الإنسان شعورًا بأن كل شيئ حوله توقف، أو انتهى تمامًا، لكن ذلك الإحساس ربما يكون بداية حقيقية لمرحلة جديدة من حياته، خصوصًا أن قسوة الأيام ومراراتها لن تستمر إلى الأبد.
لذلك قد تستوقفنا لحظات تأملٍ في كل ما يحيط بنا، تجنبًا لعقوبة التقدم في العمر، لأنه «لا شيء في معترك الحياة يتحول إلى حقيقة ثابتة إلا بعد التجربة، وعندما تقع التجربة فإن ثمنها يكون قد دُفع بالكامل».
على امتداد رحلة أعمارنا القصيرة، كنا نعتقد أننا اقتربنا من فَهْم المعنى الحقيقي للحياة، لكن الواقع الذي يستعصي على الإدراك، أثبت أن نظرتنا ستظل قاصرة، خصوصًا عندما نقف مشدوهين أمام مرآة الزمن، يراودنا الإحساس باقتراب تنفيذ عقوبة التقدم في العمر.
للأسف، مع مرور الوقت، نزداد يقينًا بأن هذه الدنيا لا تستحق كل ما نفعله من أجلها، ولكي نتجنب عقوبة التقدم في العمر، علينا أن نحاول ـ بكل الوسائل الممكنة ـ الاستفادة القصوى مما تبقى من أعمارنا، لتصويب أهدافنا وتصحيح أخطائنا، وإدراك أمنياتٍ لم نستطع تحقيقها.
يقينًا، عندما نتقدم بالعمر، وصولًا إلى مرحلة النضوج، أو الضَّعْف والوَهَن، تتغير قناعاتنا، حول اختيارات سابقة، ارتُكبت بحُسن نية، أو سوء تقدير، لينتابنا شعور مُلِح بضرورة الاعتذار لأنفسنا، عن حماقات أو اختيارات خاطئة.. لو عاد بنا الزمن مرة أخرى، ما كان علينا أن نفعلها!
إذن، علينا ألا نتوقف عند مرحلتي «ليس بالإمكان»، أو «لو كنتُ أستطيع»، والابتعاد عن كل ما يعكِّر صَفْوَ حياتنا، فيما تبقى من العُمر، وتجنب مرارات السنين، خصوصًا تلك التي لم تبرح ذاكرتنا، كمشاعر مكتومة، أو كلمات مُخْتَزَلة، أو قرارات تبدو متخاذلة.
لذلك، عندما نفكر قليلًا.. وبهدوء، سنجد أنه كان من الأفضل أن نعيش كما نحب، وليس كما يريده ويتوقعه الآخرون، وعدم إرضاء غيرنا على حساب أنفسنا، وأن نواجه بشجاعة عقوبة التقدم في العمر، بدلًا من الصمت و«تجاهل الخيبة»!
أخيرًا.. قد نُدرك أن التقدم في العمر ليس عقوبة تُثقل كاهل الروح، بل هو تكريم لحكاياتنا وتجاربنا التي صنعتنا، ومرآة صادقة تعكس عمق الإنسان وجماله الداخلي، وفي كل لحظة نضجٍ تكون فرصة لإعادة اكتشاف ذواتنا من جديد.
فصل الخطاب:
يظل الإنسان نابضًا بالحيوية والشباب، طالما لديه القدرة على أن يحلُم.. لكنه يتداعى بالشيخوخة عندما يبدأ مرحلة استحضار الذكريات.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزمن الشيخوخة محمود زاهر حنين الماضي وجع الفراق التقدم في العمر
إقرأ أيضاً:
الصادرات المصرية تواصل التقدم
ركزت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية خلال عام 2025 جهودها بشكل مكثف على تهيئة «مناخ استثمارى جاذب» ومحفز، معتمدة فى ذلك على التنسيق المؤسسى والتحول الرقمى لتذليل العقبات البيروقراطية، حيث تم التنسيق مع ما يقرب من 60 جهة حكومية مختلفة عبر عقد 37 اجتماعاً تنسيقياً، لضمان تبسيط الإجراءات الاستثمارية وتقليل زمن إنجازها، وقد ساهمت الوزارة بفاعلية فى تطوير «استراتيجية الاستثمار الأجنبى المباشر» الطموحة للفترة 2025-2030.
جاء هذا التطوير بالتعاون مع مؤسسات دولية مهمة مثل البنك الدولى ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، بهدف تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى وجذب استثمارات مستدامة، وتتوافق هذه الاستثمارات الجديدة المستهدفة بشكل مباشر مع التوجيهات الصادرة عن المجلس الأعلى للاستثمار، ما يضمن اتساق الرؤى، وقد أدت هذه الجهود المثمرة إلى خفض الإجراءات الاستثمارية فى قطاعات حيوية مثل السياحة، حيث انخفض عدد الإجراءات من 39 إلى 9 إجراءات فقط.
وقاد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، عدداً من الاجتماعات الاستراتيجية الموجهة، بما فى ذلك لقاءات مكثفة مع بعثات البنك الدولى لتفاصيل صياغة استراتيجية الاستثمار الأجنبى المباشر.
وشدد وزير الاستثمار خلال هذه اللقاءات على الأهمية القصوى لـتحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات بشكل مستمر، لتحقيق قفزات ملموسة فى معدلات النمو الاقتصادى، كما استعرض الوزير مؤشرات التجارة الخارجية الأخيرة.
وأشار الخطيب إلى الارتفاع القياسى فى قيمة الصادرات غير البترولية التى بلغت 40.6 مليار دولار بنهاية الفترة «يناير- أكتوبر 2025»، مسجلة بذلك نمواً قدره 19% مقارنة بالعام السابق، بالإضافة إلى ذلك، سجلت الصادرات الإجمالية زيادة فى شهر أكتوبر وحده بلغت 1% لتصل إلى 3.835 مليار دولار، ما يؤكد استمرار الزخم فى حركة التجارة، كما ناقش الوزير خططاً مهمة لـتوطين صناعة الدراجات النارية محلياً لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
كما ناقش وزير الاستثمار موازنة برنامج رد أعباء الصادرات، والتى خصص لها مبلغ ضخم بلغ 45 مليار جنيه للعام المالى 2025/2026، ما يظهر التزام الحكومة بدعم المصدرين، وتم التأكيد خلال الاجتماعات على أهمية التركيز على تعظيم عوائد صندوق مصر السيادى من خلال إدارة الأصول المملوكة للدولة بكفاءة عالية، وكل هذه الجهود تدعم بشكل مباشر رؤية الوزارة الاستثمارية والتجارية.
كما شهد عام 2025 تحقيقاً ملموساً فى مجال التجارة الخارجية، حيث بلغت قيمة الصادرات غير البترولية 40 مليار و614 مليون دولار، مسجلة نمواً قوياً بنسبة 19% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وهذا يمثل زيادة قدرها 6.466 مليار دولار فى فترة قياسية، ما يعكس نجاح السياسات التى تبنتها الوزارة فى دعم التنافسية وتسهيل عمليات التصدير، كذلك، ارتفعت الصادرات الشهرية فى أكتوبر إلى 3.835 مليار دولار.
وفيما يتعلق بالصادرات الشهرية نمواً بنسبة 1%، وهو نمو مدعوم بشكل رئيسى ببرامج رد الأعباء التى خصصت لها الحكومة موازنة ضخمة لتعزيز قدرة المصدرين على المنافسة فى الأسواق العالمية.
وعلى صعيد الاستثمار، أسهمت جهود التيسير الحكومى فى جذب استثمارات محلية وأجنبية متنوعة، وذلك من خلال طرح حزم تيسيرات جديدة ومحفزة لقطاعات بعينها.
وتستهدف الوزارة فى المرحلة القادمة إطلاق حزم تيسيرات وسياسات جديدة ومستمرة، لزيادة جاذبية الاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء، مع العمل على الانتهاء من إقرار الخطة الاستراتيجية الاستثمارية الشاملة، التى تركز بالأساس على جذب الاستثمار الأجنبى المباشر النوعى، والمساهمة فى تنويع مصادر الاقتصاد بعيداً عن القطاعات التقليدية.