رحل عن عالمنا اليوم الثلاثاء العالم الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية بعد 
مسيرة علمية ودعوية حافلة خدم خلالها الإسلام والدعوة الوسطية لعقود طويلة.

ويُعد الدكتور أحمد عمر هاشم أحد أبرز رموز الأزهر الشريف في العقود الأخيرة، إذ جمع بين العلم والدعوة والإدارة، وشغل مناصب رفيعة، أبرزها رئاسة جامعة الأزهر، وكان عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء، واشتهر بخطابه الديني الوسطي.

وتعيد "الوفد" نشر حواره الأخير تخليدا لذكراه العطرة وإلى نص الحوار ..

*الهدف من الهجوم على الإمام البخارى هو هدم السنة

*كل نظام فى الدنيا له ما له وعليه ما عليه

*بيت العائلة المصرية رسالة لدعم أمان الوطن والدعوة إلى السلام العالمى ونبذ الفرقة والعدوان

*الرئيس السيسى يعرف قيمة العلم وقدر العلماء

*من يهاجم إمام الدعاة فى قلوبهم مرض وغرض.. فهو واحد من الأئمة القلائل الذين سطروا اسمهم فى التاريخ بأحرف من نور

*عودة الحرس الجامعى أمر مهم لضبط إيقاع العمل الطلابى مع عدم التدخل فى شئون هيئة التدريس

*الأزهر اكتسب مكانته العالمية بسبب وسطيته ومنهجه القويم الذى نبذ التطرف والتشدد

الفجور ليس من الفن والإبداع

 

عالم من علماء الأزهر الشريف وعضو هيئة كبار العلماء وأستاذ علم الحديث، تولى العديد من المناصب الرفيعة مثل رئيس جامعة الأزهر سابقاً ونائباً برلمانياً، وعضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وله العديد من المؤلفات والكتب، وقام بعمل مناظرات عديدة ضد طيور الظلام والتيارات الظلامية، وكان ولا يزال من مدرسة أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر والحجة لا تواجه إلا بالحجة.

فضيلة العالم الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى حوار جرىء لـ«الوفد» قائلاً: قدمنا حياتنا وأقصى ما فى وسعنا الإنسانى من أجل بناء وعى كامل ومنهج وسطى معتدل لمجتمعنا الإسلامى، ولكن مع هذا الذى بذلناه وقدمناه فالوضع الراهن يحتاج إلى مزيد من مضاعفة الجهود لمقاومة التيارات المتطرفة، فالإرهابيون يستندون إلى أدلة مغشوشة على فكرهم المتطرف ولابد من العودة للحوار المعلن بيننا وبين هؤلاء الذين اعتنقوا هذا الفكر لتأمين الجبهة الداخلية منهم.

وأضاف «هاشم»: علينا ألا ننساق وراء ما أطلق عليه الديانة الإبراهيمية الجديدة، ومن يشكك فى الأمام البخارى، فهو أصح كتاب بعد كتاب الله، وتجديد الخطاب الدينى المقصود به الأمور الدينية والشرعية التى تجددت فى الحياة وتحتاج لرأى الشرع فيها وتكون بالموعظة الحسنة.. وإلى نص الحوار.

 

*انتفض المسلمون عقب تطاول أحد السفهاء على رسولنا وقدوتنا النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) ما ردك على من يتطاولون ؟

- إن نصرة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) ضد المسيئين له لا تكون كمثلها من الأمور المسفة والألفاظ البذيئة، مضيفاً أن المسلمين والأئمة والدعاة أرفع من أن يواجهوا هؤلاء بما يتحدثون به، وعلينا التعريف بقدر الرسول وتوضيح منزلته والتذكير بأنه قال أنا سيد بنى آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول من يشفع، مؤكداً أن الذين يتطاولون عليه جاهلون ومتجاهلون ورموا أنفسهم فى متاهات الضلالة.

نبينا الكريم أشرف سيرة فى الوجود وأعظم مخلوق على الإطلاق وأفضل من وجد فى الأرض وفى السبع الطباق وهو خاتم النبيين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) رفع الله ذكراه فى العالمين، وقال جبريل أتدرى يا محمد كيف رفع الله ذكرك؟ قال الله أعلم، قال ربك يقول لا أذكر إلا ذكرت معى، ويقترن اسمه باسم الله ونشهد بشهادة التوحيد لله والرسالة لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).

*ما الهدف من إنشاء بيت العائلة المصرية؟

- إن إنشاء بيت العائلة المصرية رسالة مهمة لدعم أمان الوطن والدعوة إلى السلام العالمى والتعايش السلمى، ونبذ الفرقة والعدوان والإرهاب الذى يتهدد الأوطان، ففيه جمع للكلمة وتوحيد للصف، كما أمرت كل الأديان.

فكرة تعميم بيت العائلة المصرية فى دول العالم لها فائدة بلا شك وهى دعم السلام العالمى والتعايش السلمى، وانتشارها فى أرجاء الدول فيه أمان وسلام وبعد عن العدوان.

*تم تكريمك مؤخراً من رئيس الجمهورية فماذا عن شعورك أثناء التكريم ؟

- أقول الحمد لله والشكر لله، نتوجه بالشكر للسيد الرئيس أكرمه الله على تكريمه للسادة العلماء والدعاة، وكنت واحداً ممن كرمهم فى كلمته ومصافحته لى وتقديم الدعم المعنوى والروحى والأدبى للدعوة الإسلامية.

قدمنا حياتنا وأقصى ما فى وسعنا الإنسانى من أجل بناء وعى كامل ومنهج وسطى معتدل لمجتمعنا الإسلامى، ولكن مع هذا الذى بذلناه والذى قدمناه فالوضع الراهن يحتاج إلى مزيد من مضاعفة الجهود لمقاومة التيارات المتطرفة، فالإرهابيون يستندون إلى أدلة مغشوشة على فكرهم المتطرف ولابد من العودة للحوارالمعلن بيننا وبين هؤلاء الذين اعتنقوا هذا الفكر لتأمين الجبهة الداخلية منهم.

وأنا واحد من الذين حاوروا فى الثمانينيات هذا الفكر فى ندوات مفتوحة وعلانية، لكى نسمع منهم ونجيبهم حتى حصنا الجبهة الداخلية ونظرت الدول العربية إلى هذا الحوار، وأخذته من التليفزيون المصرى على قنواتهم لتذيعه باستمرار.

*كيف ترى مصطلح تجديد الخطاب الدينى؟

-  دعوة تجديد الخطاب الدينى هى دعوة حق ونداء صدق، لأن البلاغة هى مطابقة الكلام لمقتضى الحال، ومن أجل ذلك فمعنى تجديد الخطاب الدينى مواكبة هذا الخطاب لكل عصر، لأن القرآن الكريم تبيان لكل شىء، ولأن السنة المطهرة تفصيل لما أجمل فى القرآن، وعلى العلماء أن يجددوا فى خطابهم الدينى ليتماشى مع كل المستويات.

فالأمور الدينية والشرعية تجددت فى الحياة وتحتاج لرأى الشرع فيها وتكون بالموعظة الحسنة، إذ كان يتم عن طريق المنبر والإذاعة والتليفزيون، أما الآن فقد جدت آليات أخرى مثل المواقع الإلكترونية والسوشيال ميديا والوسائل الحديثة.

*البعض استغل مصطلح تجديد الخطاب الدينى ليشكك فى التراث والأحاديث النبوية والهجوم على البخارى فما ردك؟

- إن السبب وراء الهجوم على الإمام البخارى رحمة الله عليه، هو هدم السنة كلها، كونه أكبر إمام فى علم حديث رسول الله عليه وسلم «حين يطعن فى أصح كتاب، وفى أكبر الأئمة، يكون انهارت أمامه السنة كلها ولذلك صوبوا سهامهم إلى هذا الإمام».

الإمام البخارى كان يمتلك قوة شديدة فى الحفظ وقدراً عالياً فى العلم والفهم، والفقه "العلماء قالوا إن فقه البخارى فى تراجمه وهى التى كانت منحة من الله سبحانه وتعالى"

لذلك يعد صحيح البخارى أعظم كتاب بعد القرآن الكريم والمؤسسات الدينية جادة فى تصحيح وتجديد الخطاب الدينى، كما أن العلماء والمفكرين يسهمون فى تصحيح تلك المفاهيم المغلوطة وتصويب الخطاب الدينى ولكنهم بحاجة إلى أن يعطوا فرصة حتى يواجه الأزهر الشريف المفاهيم المغلوطة للإرهابيين، موضحاً أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر والحجة لا تواجه إلا بالحجة.

*بين الحين والآخر يتم الهجوم على  أمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى وأعلم مدى العلاقة التى كانت تجمعك به فبماذا ترد عليهم ؟

-  من يهاجم فضيلة الإمام متولى الشعراوى فى قلوبهم مرض وغرض فهو واحد من الأئمة القلائل الذين سطروا اسمهم فى التاريخ بأحرف من نور، ربنا منحه موهبة بعلم يسمى علم الموهبة وعلم الموهبة لا يدرس فى كتب ولا يتعلم فى جامعة إنما هو علم يهبه الله لمن يشاء مصداقاً لقوله تعالى «واتقوا الله ويعلمكم الله» فمن هذا الطراز كان الإمام الشعراوى درة فى تاريخ الدعوة الإسلامية وفى تاريخ مصر والعالم العربى والإسلامى والأجيال المتلاحقة

من العلماء الذين عايشوه وحضروه يعتزون بأنهم رأوا الشيخ الشعراوى وجالسوه رضى الله عنه، فقد جمع بجانب العلم العمل، فكان ولياً من أولياء الله الصالحين. من يهاجمونه لا يعرفون قدره ولا قيمته.

*الولايات المتحدة الامريكية تحاول تصدير للعالم مشروع جديد تحت مسمى "الديانة الابراهمية الجديدة " وهو مشروع بدأ الحديث عنه مؤحرا أساسه العامل المشترك بين الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية بإعتبارها أديان إبراهمية نسبة إلى النبى إبراهيم علية السلام ..ما ردك على هذا الكلام المثار ؟

-لا يصح أن نقول هناك دين مختلق نسبة إلى اختلاق الأديان فى محاولة لتجميعها فى دعوة واحدة أو دين واحد كما يزعمون، فهذا خطأ كبير لأن سيدنا موسى عليه السلام أرسله الله وسيدنا عيسى عليه السلام أرسله الله، وبشر برسول يأتى من بعده وهو خاتم الأنبياء والمرسلين جاء بالكتاب والسنة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذى قال: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبداً كتاب الله وسنتى».

*البعض يطالب بتغييرالمناهج بجامعة الأزهر خصوصاً عقب تورط  بعض طلاب الأزهر فى حادث استشهاد النائب العام الأسبق هشام بركات فما ردك؟

- إذا كان قد ثبت تورط هؤلاء فى حادث اغتيال المستشار هشام بركات النائب العام الأسبق فليحاسب هؤلاء ويراجع فكرهم المتشدد ويحاكمون.

  * مقاطعاً.. طبقاً لتحقيقات النيابة العامة وتحريات الأمن الوطنى فهم متورطون فى الحادث؟

- إذن كما ذكرت يراجع فكرهم المتشدد ويحاكمون على ما اقترفت أيديهم الملوثة بالدماء، ولكن بالنسبة لمناهج الأزهر فلا حاجة لتغييرها ويتم تخريج الآلاف منها سنوياً دون مشاكل فكرية والغالبية يعملون فى الداخل والخارج بكفاءة وإخلاص.

*بصفتك رئيس جامعة الأزهر سابقاً" أم ضد عودة الحرس الجامعى؟

- مع عودة الحرس الجامعى لأنه مهم لضبط إيقاع العمل الطلابى مع عدم التدخل فى شئون هيئة التدريس بالجامعات.

*وبصفتك نائباً برلمانياً سابقاً ما الأخطاء التى وقع فيها نظام الرئيسالأسبق حسنى مبارك ؟

- كل نظام فى العالم له ما له وعليه ما عليه والنظام الذى يأتى بعده يصحح ما قد وقع فيه السابق ويجدد ما يحتاج إلى تجديد وهذه سنة الحياة، فالإنسان يخطئ ويصيب ونحن الآن على طريق الإصلاح والتصحيح.

*وأخيراً بماذا تحب أن نختم حديثنا هذا ؟

- لا تخف من أى شىء روعك * كن مع الله يكن ربى معك

وإذا نابك كرب فاصطبر * وادع مولاك وكفكف أدمعك

ما لنا إلا إله واحد * فاسأل الكون وقل من أبدعك

وسل الحمل جنينا فى الحشى * من رعاك الآن من ذا أشبعك

وسل البدر مضيئاً فى الدجى * باعثا أنواره ما أروعك

وسل الشطآن عن أمواجها * وسل البحر أتدرى منبعك

وسل الصبح تجلى مسفراً * بعد ليل فاغر من أطلعك

وسل رسول الله قل يا مصطفى ***يا شفيع الخلق من قد شفعك

إنه ربى إله واحد * كن مع الله يكن ربى معك.

 

 

الدكتور أحمد عمر هاشم فى سطور..
 

الدكتور أحمد عمر هاشم من مواليد 6 فبراير 1941، ولد بقرية بنى عامر مركز الزقازيق وهو أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو مجلس الشعب المصرى السابق، حيث تخرج فى كلية أصول الدين جامعة الأزهر عام 1961، ومن ثم حصل على الإجازة العالمية عام 1967، ثم عين معيداً بقسم الحديث بكلية أصول الدين، ثم حصل على الماجستير فى الحديث وعلومه عام 1969، ثم حصل على الدكتوراه فى نفس تخصصه، وأصبح أستاذ الحديث وعلومه عام 1983، ثم عين عميداً لكلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987، وفى عام 1995 شغل منصب رئيس جامعة الأزهر.

وطالب «هاشم» عام 2000، عندما كان يشغل منصب رئيس جامعة الأزهر، بسحب رواية «وليمة لأعشاب البحر» للروائى السورى حيدر حيدر من السوق ومنع تداولها، قائلاً: «إن الفجور ليس من الفن والإبداع»، كما طالب بإصدار قانون يجرم ويعاقب كل من يعتنق الفكر البهائى، واصفاً البهائية بأنها فئة ضالة تدعى النبوة وتسعى إلى هدم الإسلام.

ومن الوظائف التى تولاها الدكتور أحمد عمر هاشم أثناء مسيرته المهنية، عضوية مجلس الشعب بقرار من رئيس الجمهورية السابق حسنى مبارك، وعضو المكتب السياسى للحزب الوطنى، وعضو مجلس الشورى المصرى بالتعيين وعضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأيضاً شغل منصب رئيس لجنة البرامج الدينية بالتليفزيون المصرى.

وتعد من أهم مؤلفات «هاشم» كتاب «الإسلام وبناء الشخصية» و«من هدى السنة النبوية» و«الشفاعة فى ضوء الكتاب والسنة» و«الرد على منكريها» و«التضامن فى مواجهة التحديات» و«الإسلام والشباب» و«قصص السنة والقرآن» و«ليلة القدر».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أحمد عمر هاشم الدكتور أحمد عمر هاشم الرئيس السيسي الدکتور أحمد عمر هاشم بیت العائلة المصریة تجدید الخطاب الدینى صلى الله علیه وسلم رئیس جامعة الأزهر الأزهر الشریف وعضو مجلس

إقرأ أيضاً:

حوار الوفد مع العشماوي عن وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام

وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام! ذكر الدكتور محمد إبراهيم العشماوي أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف فى حواره مع الوفد وقال سيد الطائفة، الإمام الجنيد البغدادي رضي الله عنه: "الحكايات جند من جنود الله، يقوِّي بها قلوب المريدين!".

وقال سيدنا الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: "الحكايات عن العلماء والصالحين؛ أحبُّ إليَّ من كثيرٍ من الفقه؛ لأنها آداب القوم وأخلاقهم!".

إن الرؤى والكرامات عبارة عن حكايات، يحكيها المرء عن نفسه، أو يحكيها غيره عنه، وهي أوقع في النفوس من العلم المجرد، ومن الوعظ المباشر؛ ولهذا قال الجنيد: "إنها تقوِّي قلوب المريدين!".

أي: تثبِّت اعتقادهم، وتقوِّي يقينهم!

ولهذا لا تعجب إذا وجدتَ تراجِم علماء الإسلام - في كتب التراجِم والتواريخ والطبقات - محشوَّة بذكر الرؤى والكرامات، فهي من أهم عناصر الترجمة؛ لدلالتها على فضله وصلاحه، بل يذكرها علماء الحديث في تراجِم الرواة، كالدليل على عدالتهم!

ونحن نتساءل: من أين عرف المؤرخون والمترجِمون هذه الرؤى والكرامات؟!

والجواب الضروري لهذا السؤال؛ أن الرائي حكاها عن نفسه أو عن غيره؛ لأنه لا سبيل إلى معرفة الرؤيا المنامية إلا من الرائي!

فلماذا حكاها إذن؟! أليس هذا تزكية للنفس؟!

والجواب: أن لهم في حكايتها مقاصد لا تخفى على بصير، وهي تختلف باختلافهم، فمنهم من يحكيها دفعًا للتهمة عن نفسه، أو ترغيبا للناس في الأخذ عنه، أو في فعل الخيرات وترك المنكرات، أو لغرس محبة الصالحين في قلوبهم، وتقوية الجانب الروحي عندهم. وغير ذلك من المقاصد الصالحة!

أما الرؤيا الصالحة نفسها فهي جزء من النبوة، كما صرح به المعصوم - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في [صحيحه]، وسماها (مبشرات)، فبين بذلك بعض وظائفها، وهي أنها تبشر صاحبها بأنه على خير!

والقول في الكرامات كالقول في الرؤى والمنامات، غير أن الكرامة قد يشاهدها كثير من الناس، فتكون حكايتها من الناس لا من صاحبها!

ويكفي لكي تعلم مكانة الرؤيا أن الله تعالى ذكرها في غير موضع من القرآن، محتفيا بها، سواء وقعت لأنبياء أو لغيرهم!

كما احتفى بها أهل الحديث، فترجم البخاري في صحيحه كتابًا، وسماه كتاب [التعبير]، وأورد فيه كثيرا من المرائي!

وصنف الحافط ابن أبي الدنيا كتاب [المنامات]، وأورد فيه كثيرا من الرؤى المنامية!

وذكر الفقيه ابن أبي جمرة في مقدمة [شرحه على البخاري] عشرات الرؤى المنامية، التي ساقها للاستبشار بها، وللدلالة على فضل كتابه!

ووقفت على رؤيا للقرطبي حكاها عن نفسه، في [شرحه على صحيح مسلم]، في موضع لا يحضرني ذكره الآن!

هذا جانب من احتفاء القرآن والسنة وأهل العلم بهما، بمسألة الرؤى والمنامات!

على أنه لا ينبغي أن نبني عليها أحكاما شرعية، ولا أن تتوقف حياتنا عندها، وإن كان يستحب العمل بما وافق الشريعة منها، وقد ذكر ابن القيم في كتابه [الروح] عمل بعض السلف بالرؤى المنامية الصادقة!

وأما الكرامات فليس أدل على احتفاء القرآن بها؛ من ذكرها في مواضع مختلفة، كما وقع لسيدتنا مريم، ولأهل الكهف، ولصاحب موسى!

وترجم لها الإمام النووي في [رياض الصالحين] بباب [كرامات الأولياء]، وصنف الشيخ يوسف النبهاني كتابًا ضخما سماه [جامع كرامات الأولياء]!

ومما يدل على أهميتها؛ ذكرها في كتب العقائد الإسلامية، لاتصالها بمعجزات الأنبياء، بل قالوا: "كل ما كان معجزة لنبي؛ جاز أن يكون كرامة لولي، إلا ما اختص به الأنبياء!".

وأنشد الشيخ اللقاني في منظومته المباركة [جوهرة التوحيد]:

وأثبتنْ للأوليا الكرامةْ

ومن نفاها فانبذنْ كلامهْ!

هذه سطور كتبتها - على عجَل - جوابًا على سؤال مَن سأل: لماذا تذكر الرؤى المنامية الصالحة التي رأيتَها أو رؤيت لك؟!

مقالات مشابهة

  • حوار الوفد مع الدكتور عمارة عن معني علوم الحديث وأنواعها
  • حوار الوفد مع الدكتور مبروك عطية عن ما لايذكرمن السيرة المطهرة وسبب ذلك
  • الفريق أحمد خالد: الإسكندرية ارتبط اسمها منذ نشأتها بالفكر والتنوير والانفتاح على العالم
  • غسان سكاف رجل حوار استثنائي
  • حوار الوفد مع العشماوي عن وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام
  • القيامة اقتربت.. أحمد كريمة: كثرة الخبث من علامات الساعة
  • وزير الثقافة ينعي الناشر محمد هاشم
  • الدكتور أحمد فؤاد هنو ينعي الناشر الكبير محمد هاشم
  • مفتي الجمهورية ينعى الدكتور ثروت مهنا أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر
  • الدكتور محمد ورداني: الشخصية السوية لا تقوم على مظاهر سطحية