تناولت وسائل إعلام إسرائيلية ما وصفته بـ"الفشل الإستراتيجي" الذي مُنيت به إسرائيل في حربها على قطاع غزة، بعد عامين من القتال، مشيرة إلى أن إسرائيل عجزت عن هزيمة حركة حماس أو حتى إضعافها.

ووصف محلل الشؤون العسكرية في القناة 13 ألون بن دافيد الحرب ضد حماس بأنها "الأطول والأصعب في تاريخ إسرائيل" موضحا أن عدد القتلى الإسرائيليين بلغ 1972 شخصا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 913 جنديا، إضافة إلى أكثر من 30 ألف مصاب، منهم أكثر من 10 آلاف تم تشخيصهم بإصابات نفسية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4نصر عسكري وهزيمة سياسية.. نتنياهو ونهاية حرب غزة بمعايير إسرائيلlist 2 of 4ما الأبعاد الإستراتيجية العسكرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة؟list 3 of 4حماس والجهاد والجبهة الشعبية: نرفض أي وصاية أجنبية على غزةlist 4 of 4ترامب: اتفاق غزة سيصمد وحماس وإسرائيل تعبتا من القتالend of list

وأشار بن دافيد إلى أن الثمن الفلسطيني كان فادحا وغير مسبوق في أي حرب سابقة خاضتها إسرائيل، إذ تتحدث الإحصاءات الرسمية عن نحو 65 ألف قتيل، في حين ترجح التقديرات أن العدد الحقيقي يقترب من 100 ألف، أي ما يعادل تقريبا 5% من سكان قطاع غزة.

وفي سياق متصل، قال خبير الشؤون الفلسطينية الدكتور روني شاكيد إن الصراع مع الفلسطينيين "لن ينتهي قريبا" مضيفا أن السلام المنشود يتطلب تغييرا في النهج الإسرائيلي ذاته، وليس فقط من الطرف الآخر.

وأوضح أن إسرائيل ما زالت "تعيش في وهم" أنها قادرة على حل المشكلة عسكريا في وقت تزداد تعقيدا مع مرور الوقت.

ورأى شاكيد أن حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "سلام شامل في الشرق الأوسط" بدا بعيدا عن الواقع الميداني، مضيفا أن إسرائيل ما زالت غارقة في صراعها مع الفلسطينيين رغم كل الوعود والمبادرات التي أُطلقت خلال السنوات الماضية.

إخفاق تاريخي

أما الرائد في الاحتياط جلعاد آخ (رئيس حركة "جنود احتياط حتى النصر") فقد أقر بأن الجيش الإسرائيلي فشل رغم كل قوته في القضاء على حماس، مشيرا إلى أن حماس بقيت صامدة رغم الهجمات الواسعة التي طالتها.

وأضاف آخ أن "الجيش الذي تمكن من ضرب إيران والحوثيين لم يستطع إنهاء وجود حماس" معتبرا أن حماس حققت ما لم يحققه حزب الله في لبنان أو حتى الجيوش العربية في حروبها السابقة مع إسرائيل، مشددا على أن صمودها "يمثل إخفاقا عسكريا وتاريخيا" لإسرائيل.

إعلان

واعتبر أن إطلاق سراح قيادات المقاومة ضمن صفقات التبادل، مثل صفقة شاليط سابقا، سيؤدي إلى ظهور قادة جدد من طراز يحيى السنوار، متسائلا بمرارة "ماذا سيفعل كل هؤلاء غدا صباحا؟" في إشارة إلى القلق من عودة المقاومة إلى المواجهة بعد انتهاء التبادل.

وفي تعليق يعكس الغموض السياسي المحيط بمرحلة ما بعد الحرب، قال خبير الشؤون السياسية الأميركية يفتح ديان إن إسرائيل لا تعرف ما ينتظرها في المرحلة الثانية من صفقة التبادل، ولا ما إذا كانت بنودها ستصب في مصلحة حماس.

وأوضح ديان أن المبادرة التي قدمها ترامب تضم أكثر من 20 بندا "قد تنطوي على تنازلات مؤلمة" لإسرائيل، على حد وصفه.

وفي المقابل، تحدث عضو الكنيست من حزب الليكود أوشر شكاليم عن مستقبل غزة بعد الحرب، مؤكدا أنه لا يتوقع قيام أي مشروع استيطاني هناك في المرحلة الراهنة لكنه شدد على ضرورة إبقاء فكرة الاستيطان مطروحة على جدول النقاش السياسي.

وأعرب شكاليم عن ثقته في أن الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيتخذان "القرارات الصحيحة لمصلحة إسرائيل" داعيا إلى التريث قبل الحكم على مخرجات المرحلة الأولى من التفاهمات الجارية بشأن غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات ترجمات

إقرأ أيضاً:

هل يمكنا اليوم إعلان هزيمة نتنياهو؟

منذ انطلاق العدوان على غزة تحرّكت حكومة بنيامين نتنياهو تحت شعارات أمنية واستراتيجية كبيرة: تفكيك قدرات المقاومة، وإعادة فرض هيبة الدولة الإسرائيلية، استعادة ما سمتْه "الردع" المفقود، وإحكام السيطرة على الساحة الداخلية والسياسة الإقليمية بما يخدم موقعه السياسي الشخصي. بعد مرور فترة الحرب، بات واضحا أن هذه الأهداف، المعلنة وغير المعلنة، لم تتحقق، بل إن كثيرا منها انقلب إلى خسائر سياسية واستراتيجية جعلت من "انتصار" نتنياهو رواية غير قابلة للإقناع.

أولا، عسكريا: من المفروض أن تؤدي حملة عسكرية واسعة إلى إضعاف قدرات الخصم وتقليل قدرته على ممارسة الضربات والإرهاب مستقبلا. واقع المواجهة كشف عن عكس ذلك: رغم الكلفة البشرية والمادية الهائلة التي تكبدتها غزة، فقد عادت المقاومة إلى لعب دور فاعل على المستوى الرمزي والميداني، قدرة الفصائل على التكيّف، على استمرار شبكة النضال الشعبي، وعلى تحويل معاناة الشعب إلى رصيد معنوي وسياسي، حطمت فرضية "التفكيك الجذري" التي سعت إليها إسرائيل. وفي بعض المحطات، أظهرت الحرب محدودية القدرة الإسرائيلية على حسم ساحات قتال حضرية معقدة دون ثمن سياسي ودبلوماسي باهظ.

ثانيا، سياسيا داخليا: كانت لدى نتنياهو رغبة ضمنية في استثمار الحرب لتوطيد مركزه السياسي، وتهدئة الشارع الإسرائيلي، وإعادة بناء صورة القوة؛ النتيجة عكست صورة مغايرة: انقسام داخلي عميق، واحتجاجات، وتآكل شرعية حكومية لدى قطاعات من الجمهور وحتى في أوساط تحالفاته التقليدية. فقد زلزل فشل تحقيق أهداف الحرب السرديةَ التي بنَت عليها حكومته؛ أن الحرب ستكون طريقا للانفراج السياسي، فبدلا من استعادة الثقة تزايدت الأسئلة عن القيادة والقدرة على التخطيط والحدّ من الكلفة.

ثالثا، الأخلاقي والإعلامي: سعى الخطاب الرسمي الإسرائيلي لأن يرسم صورة جيش أخلاقي وجبهة داخلية متضامنة. لكن انكشاف مشاهد الدمار المدني، وانشقاقات التقارير الإعلامية الدولية، وتصاعد أصوات الاحتجاج العالمية تجاه ما جرى في غزة، أحدث تآكلا في رواية "الشرعية الأخلاقية الإسرائيلية. المقاومة لم تكن فقط جيشا ميدانيا، بل اكتسبت أبعادا رمزية وأخلاقية في معركة السرد، ما حوّل خريطة التعاطف الدولية إلى عامل ضغط سياسي ودبلوماسي على تل أبيب.

رابعا، دبلوماسيا وإقليميا: الهدف الإسرائيلي المرجو غالبا ما يكون إعادة تشكيل المعادلات الإقليمية بما يخدم مصالحه الاستراتيجية؛ والحرب، بدلا من أن تعزز موقع إسرائيل، أدت إلى تحولات إقليمية أكثر تعقيدا: تحريك مواقف بعض اللاعبين الإقليميين، وزيادة عزلة إسرائيلية في بعض المحافل، وإعادة ترتيب أولويات القوى الإقليمية بحيث أصبح لملفات أخرى وزن أكبر في حساباتها (قضايا اللجوء، والأمن القومي للدول المجاورة، وصعود صوت التضامن الشعبي مع الفلسطينيين). هذه التحولات لم تصب في مصلحة مشروع نتنياهو الذي اعتمد على افتراض أن قوة السلاح ستترجم إلى مكاسب دبلوماسية.

خامسا، اقتصاديا واستراتيجيا طويل المدى: الحرب تركت آثارا عميقة على اقتصاد إسرائيل وميزانيتها الدفاعية، كما كشفت هشاشة بعض السلاسل الحيوية والاعتماد على موارد خارجية للتموضع الدولي. الكلفة المتراكمة، إلى جانب التداعيات على صورة إسرائيل الاقتصادية والاستثمارية، تقلل من هامش المناورة السياسي لحكومة تسعى للاستفادة من الصراع لأهداف قصيرة المدى.

سادسا، البُعد الرمزي للمقاومة: نجاح المقاومة في تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني سياسيا وإعلاميا هو ما حسم الموقف المعنوي للرأي العام الإقليمي والدولي. فعندما يصبح "الرمز" أقوى من "الهدف" العسكري، يتحول النصر والاختبار ليس إلى من يقول إنه هزم الآخر على مستوى التضاريس العسكرية فقط، بل من يُقنع العالم والأجيال التالية بأن مشروعه أقرب للعدالة والشرعية. في هذا المعيار، نجحت المقاومة في كسب ساحة السرد العالمي على حساب تحركات نتنياهو.

خلاصة: هزيمة نتنياهو ليست بالضرورة احتفاء بانهيار مؤسسات أو خسارة فورية في ساحة معركة معينة؛ إنها فشل مركب يتكوّن من عدم تحقيق الأهداف المعلنة (تفكيك المقاومة وفرض هيبة مطلقة). والواقع أن الحرب أنتجت عكسها: مقاومة أقوى رمزيا، وشرعية دولية متغيرة، وانقسام داخلي إسرائيلي، وتكاليف اقتصادية ودبلوماسية طويلة الأمد. لذلك، ما يمكن تسميتها "هزيمة" هنا هي هزيمة استراتيجية لسردية القوة التي رمى نتنياهو عليها مستقبله السياسي والأمني، وهزيمة كهذه لها انعكاسات تتجاوز لحظة الصراع وتعيد رسم حدود الممكن السياسي في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • محللون: إسرائيل تضع 3 سيناريوهات لقضية نزع سلاح حماس
  • إسرائيل تفرج عن 13 أسيرا أردنيا ضمن صفقة التبادل (أسماء)
  • هل يمكنا اليوم إعلان هزيمة نتنياهو؟
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يخشى تفكك حكومته بعد وقف الحرب
  • حماس: سنسلم إسرائيل اليوم 4 جثمانين محتجزين في إطار صفقة التبادل
  • إسرائيل تضع مدير مستشفى كمال عدوان على قائمة الاحتياط ضمن صفقة التبادل
  • قطر : الوسطاء في اتفاق غزة قرروا تأجيل القضايا الأصعب لوقت لاحق
  • رئيس وزراء قطر: الوسطاء أجّلوا القضايا الأصعب في مفاوضات غزة
  • إسحاق بريك .. نتنياهو لن يحقق هزيمة حماس بالكامل
  • قادة إسرائيليون سابقون: الحرب انتهت وحماس حصلت على ما تريد