الإعدام في مصر: حين تتحول العدالة إلى مقصلة سياسية
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
في العاشر من أكتوبر من كل عام، يُحيي العالم اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، مؤكدا أن الحق في الحياة لا يُساوَم عليه. في مصر، تحولت هذه العقوبة من أداة قانونية إلى وسيلة للردع السياسي وتصفية المعارضين، وسط غياب العدالة وتواطؤ مؤسسي.
من الثورة إلى المقصلة
منذ ثورة يناير 2011، شهدت مصر تحولات سياسية عميقة، أبرزها الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013؛ بعده، لم يعد السجن العقوبة الوحيدة، بل أصبح الإعدام عنوانا للمرحلة، خاصة في القضايا السياسية التي افتقرت إلى المحاكمة العادلة.
105 مواطنين مهددون بالإعدام
يواجه 105 مواطنين مصريين أحكاما بالإعدام في قضايا سياسية، بينهم علماء، وأطباء، ومهندسون، وأساتذة جامعات، وشباب جامعيون؛ جميعهم تعرضوا لمحاكمات جائرة، واتهامات دون أدلة، أمام قضاء استثنائي يفتقر إلى أدنى ضمانات العدالة.
قضاء استثنائي وأحكام بالجملة
أنشأت السلطات دوائر الإرهاب وأعادت تفعيل القضاء العسكري ومحاكم أمن الدولة العليا طوارئ. في قضايا مثل فض اعتصام رابعة، والتخابر مع قطر وأحداث المنصة، وأتوبيس رشيد، وغيرها من القضايا؛ صدرت أحكام جماعية بالإعدام، بعضها غيابي، وبعضها استند لتحريات أمنية لا ترقى إلى مستوى الأدلة القضائية..
غياب المحاكمة العادلة
في معظم القضايا، غابت ضمانات المحاكمة العادلة: منع المحامين من الاطلاع الكامل، وغياب الشفافية في عرض الأدلة، وتجاهل شهادات النفي. تم تغليب الرواية الأمنية على التحقيقات المستقلة، مما أدى إلى أحكام جائرة بحق الأبرياء..
الإعدام كأداة للردع السياسي
لم يكن الهدف من هذه الأحكام تحقيق العدالة، بل الردع السياسي؛ أرادت السلطة إرسال رسالة واضحة: المعارضة السياسية ثمنها الحياة. وهكذا، تحولت المقصلة إلى أداة لتكميم الأفواه، لا لتطبيق القانون أو حماية المجتمع.
صمت دولي وتواطؤ داخلي
رغم الإدانات الدولية، استمرت السلطات المصرية في تنفيذ أحكام الإعدام بوتيرة متسارعة، فغياب الرقابة الدولية، وتواطؤ مؤسسات داخلية يفترض استقلالها، جعل حياة الإنسان رهينة قرار سياسي لا يخضع لأي مساءلة قانونية..
مقولة شهيرة قالها كوفي عنان: "الإعدام لا يُصلح مجتمعا، بل يُخيفه". وهذا ما استهدفه نظام الحكم في مصر خلال اثنتي عشرة سنة، حيث أسس جمهورية الخوف، فأخاف الناس بالقتل وبالسجن أو بالاثنين معا. وهكذا تسير الأمور في مصر، حيث تحققت بشكل غير خاف على أحد نتيجة طبيعية للاعتداء على الحق في الحياة. يقول بيتر بننسون: "الحق في الحياة هو أول الحقوق، ومن يُلغيه يُلغي كل ما بعده"، فلم تعد في مصر حرية تعبير عن الرأي، أو حرية تجمع سلمي، ولا حرية حركة، وسيطرت على المشهد الحقوقي المصري حالة إهدار وضياع لحقوق الإنسان.
بالأرقام: الإعدام في مصر
منذ 2013، صدر 1565 حكما سياسيا، نُفذ منها 105 أحكام. في النصف الأول من 2025، صدر 269 حكما بالإعدام، منها 17 نهائيا و197 إحالة للمفتي. وفي 2024، صدر 380 حكما، منها 31 سياسيا. لقد أصبحت مصر ضمن أكثر ثلاث دول تنفيذا للإعدام عالميا..
في هذه المناسبة العالمية نرفع الصوت عاليا: لا للإعدام كأداة سياسية، لا لمحاكمات جائرة، لا لصمت العالم أمام إزهاق الأرواح باسم القانون. العدالة لا تُبنى على المقصلة، بل على المحاكمة النزيهة، والحق في الحياة، والكرامة الإنسانية..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الإعدام مصر مصر إعدام حقوق الإنسان معتقلين قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الحیاة فی مصر
إقرأ أيضاً:
أنقرة وبغداد.. مياه دجلة تتحول إلى ورقة تفاوض إقليمي
13 نونبر، 2025
بغداد/المسلة: يفيد تحليل مراقبين بأن المشهد المائي بين بغداد وأنقرة يدخل مرحلة جديدة من التعقيد، بعدما بدت المؤشرات الأخيرة على استمرار التباين في المواقف بشأن تقاسم مياه دجلة والفرات، في وقتٍ تتصاعد فيه التحذيرات من اتساع رقعة الجفاف وتراجع المخزون المائي في السدود العراقية.
ويبدو أن تركيا تمضي في استراتيجيتها القائمة على ربط أي زيادة في الإطلاقات المائية باتفاقات اقتصادية وأمنية أوسع، فيما تفضّل الحكومة العراقية التمسك بخيار التفاهم الدبلوماسي، دون التصعيد، أملاً في بلورة صيغة تعاون طويلة الأمد تضمن حصة عادلة من الموارد المائية.
ومن وجهة نظر فنية، فإن غياب الاتفاقات الملزمة منذ ثمانينيات القرن الماضي جعل العلاقات المائية بين البلدين عرضة للتقلبات السياسية، حيث تحوّل الملف إلى ورقة ضغط متبادلة بين حكومتين تسعيان لتثبيت نفوذ إقليمي متداخل في مجالات الطاقة والحدود والأمن.
وتشير قراءات بيئية حديثة إلى أن العراق فقد نحو نصف موارده السطحية خلال العقد الأخير، بينما تراجعت إنتاجية الأراضي الزراعية في الجنوب بنسبة تقارب 60 في المئة بسبب الملوحة ونقص المياه، وهي مؤشرات تنذر بتحولات اجتماعية واقتصادية عميقة إذا استمر المسار الحالي دون حلول جذرية.
وتتحدث مصادر من داخل وزارة الموارد المائية عن ضغوط متزايدة لإعادة تفعيل اللجان الفنية المشتركة مع أنقرة، بعدما جُمّدت أعمالها خلال الأشهر الماضية نتيجة تباين وجهات النظر حول حجم الإطلاقات المطلوبة، في حين تؤكد تركيا أن أي التزام مائي مشروط بتطوير أنظمة الري وتقليل الهدر داخل الأراضي العراقية.
ولا يمكن نسيان أن الجانب التركي يربط الملف المائي بترتيبات اقتصادية تشمل تمويل مشاريع البنية التحتية داخل العراق، وهو ما تصفه دوائر عراقية بأنه “نفوذ اقتصادي مائي” يُضاف إلى النفوذ الجغرافي القائم على منابع النهرين.
وتقول التقديرات إن استمرار الأزمة الراهنة قد يؤدي إلى خسارة ما يقارب 70 في المئة من الأراضي الزراعية المنتجة خلال السنوات الخمس المقبلة ما لم تُفعّل مشاريع التحلية وإعادة التدوير والتعاون الإقليمي في إدارة الموارد.
ومن الضروري، بحسب خبراء المياه، أن يعيد العراق النظر في استراتيجياته الداخلية، عبر الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية وتوسيع الخزانات وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد، لضمان أمنه المائي بعيداً عن ضغوط السياسة الإقليمية.
وتشير المراصد المتخصصة إلى أن استمرار انخفاض مناسيب دجلة والفرات يعيد رسم الجغرافيا الزراعية للبلاد، بينما تؤكد الأحداث الأخيرة أن أزمة المياه لم تعد قضية بيئية فحسب، بل ملفاً سيادياً يمسّ استقرار الدولة ومكانتها الإقليمية.
على صعيد آخر، ترى تحليلات اقتصادية أن المقايضة بين المياه والنفط، وإن بدت حلاً مؤقتاً، تحمل في طياتها مخاطر سياسية قد تضعف قدرة بغداد على التفاوض المستقل مستقبلاً.
ومن زاوية أخرى، تبدو الحاجة ملحة لتدويل القضية ضمن أطر التعاون الإقليمي، وإشراك المنظمات الدولية لضمان تطبيق مبادئ العدالة المائية وحماية الحقوق التاريخية للعراق في نهري دجلة والفرات.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts