لجريدة عمان:
2025-10-15@04:16:22 GMT

رسوم ترامب لن تأتي بالوظائف الموعودة

تاريخ النشر: 14th, October 2025 GMT

ترجمة - قاسم مكي

هل ستحقق سياسات ترامب الحمائية الأهداف التي يتطلع إليها ناخبوه ؟ الإجابة: لا. أهم هذه الأهداف إيجادُ عدد كبير من الوظائف الجديدة في الصناعة التحويلية. هذا هو الوعد الذي قُدِّم للعمال الصناعيين السابقين وللمدن المتداعية التي يعيش فيها العديدون منهم. للأسف إنه وعد كاذب. ترامب يحكم من أجل خدمة مصالحه ولكن أيضا مصالح الأثرياء الذين يحمِّلُهم العديد من هؤلاء الناخبين (دون أن يكونوا مخطئين تماما في ذلك) مسؤوليةَ التسبب في محنتهم.

روبرت لورانس الأستاذ بمدرسة كنيدي في جامعة هارفارد والباحث بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي درس بالأرقام هذا الجانب في ورقة نشرت في يونيو تحت عنوان «إنهاء العجز التجاري بالكاد يزيد حصة التوظيف الصناعي في الولايات المتحدة.» تساءل لورانس عن حجم التوظيف الإضافي الذي سيتحقق إذا تم القضاء على العجز التجاري في التصنيع بواسطة حمائية ترامب. وبما أن ترامب مهووس بالعجوزات فهذا هو السؤال الصحيح.

نقطة البداية في حساب الأرقام هي الفصل بين القيمة المضافة (في السلع المصنَّعة) من إجمالي قيمة المبيعات. لماذا؟ لأن إنتاج القيمة المضافة هو الذي يوجد الوظائف. مثلا، إذا حلَّت سيارة انتُجت في الولايات المتحدة محل سيارة مستوردة قيمتها 30 ألف دولار ستكون القيمة المضافة الأمريكية (بخلاف المدخلات غير الصناعية كالمواد الخام) حوالي 15 ألف دولار.

في عام 2019 كانت قيمة إجمالي الصادرات الأمريكية من السلع الصناعية 820.1 بليون دولار وقيمة إجمالي الواردات 1605.4 بليون دولار. يعني ذلك عجزا يبلغ 785.3 بليون دولار. لكن القيمة المضافة المحلية في صادرات الولايات المتحدة كانت 456.7 بليون دولار فقط في حين بلغت القيمة المضافة الأجنبية في واردات الولايات المتحدة 860.5 بليون دولار. وهكذا كان العجز في القيمة المضافة 403.8 بليون دولار أو أكثر قليلا من نصف حجم العجز الإجمالي. تلك النسبة تبدو مستقرة تماما.

إجمالا، يلاحظ لورانس أن نسبة صافي القيمة المضافة في العجز التجاري في السلع المصنَّعة في عام 2024 كانت 21.5% من إنتاج الولايات المتحدة. وستكون تلك هي الزيادة في القيمة المضافة الأمريكية إذا تم القضاء على العجز التجاري.

كم هو حجم التوظيف الذي يمكن أن يتحقق من ذلك؟ حوالي 2.8 مليون وظيفة، وهو ما سيشكل ارتفاعا بنسبة 1.7 % فقط في حصة الصناعة التحويلية إلى 9.7% من إجمالي الوظائف بالولايات المتحدة. لكن نصيب عمال الإنتاج في الصناعة التحويلية الأمريكية في هذه الحالة سيكون 4.7%، أما الباقي (نسبة الـ 5% الأخرى) فتتكون من المديرين والمحاسبين والمهندسين والسائقين وموظفي المبيعات وما إلى ذلك. ستكون الزيادة في وظائف «العمال الكادحين أصحاب الأيدي المتشققة» 1.3 مليون وظيفة فقط أو 0.9% من إجمالي التوظيف في الولايات المتحدة. وهكذا قد «يتمخض جبل» رسوم ترامب الجمركية. لكنه «سيَلِد فأرا».

مثل هذا التقديرات تقريبية وتؤدي الغرض منها. لكنها أيضا متفائلة. فما لم يتغير التوازن بين الإنتاج والإنفاق لن يتقلص العجز التجاري على الإطلاق.

المصدر الداخلي الرئيسي للطلب والذي يعزز العجوزات الخارجية هو العجز المالي، لذلك المزيد من التشدد في الموازنة الفدرالية شرطٌ ضروري لتقليص العجز التجاري، خصوصا في اقتصاد يقترب من التوظيف الكامل.

لكن في الوقت الحاضر الأثر الصافي لكل من الرسوم الجمركية وقانون موازنة ترامب «الكبير والجميل» على العجز المالي قريب من الصفر. إضافة إلى ذلك، إذا تم القضاء على العجز الخارجي سيقلّ إنفاق الولايات المتحدة وستشعر بأنها أكثر فقرا.

ما هو أسوأ أن الرسوم الجمركية تشكل ضريبة على السلع. وبشكل عام، الناس الأكثر فقرا ينفقون نسبة أكبر من دخلهم على السلع مقارنة بمن هم أكثر ثراء. لذلك الرسوم الجمركية تراجعية (يعني ذلك أن تأثيرها النسبي على دخل الفقراء أكبر- المترجم). وقانون الإنفاق الكبير والجميل تراجعي أيضا في كل من الضرائب والإنفاق.

وكما يؤكد بول كروجمان، سيتضرر نفس الناس الذين يُفترض أن تساعدهم رسوم ترامب من التخفيضات في التأمين الصحي الذي تسبب في إغلاق الحكومة. فهذه (إذن) شعبوية من أجل الأثرياء.

ويقول خبير آخر في التجارة هو ريتشارد بولدوين الأستاذ بالمعهد الدولي للإدارة في لوزان ما يحاول ترامب أن يفعله هو بالضبط إحلال الواردات بتصنيعها محليا. إنها السياسة التي جربتها بلدان نامية عديدة خصوصا الهند ومعظم أمريكا اللاتينية ثم تخلت عنها قبل عقود. تركتها هذه البلدان لأنها فشلت؛ فالصناعات المحمية لم تنافس تلك التي خاضت المنافسة العالمية بلا حماية وكانت أكثر قدرة على استغلال الأسواق العالمية. لقد تخلفت كثيرا عنها. وسيأتي الوقت الذي سيحدث فيه نفس الشيء حتى للولايات المتحدة خصوصا إذا وضعنا في بالنا رفضها للعلم وتخليها عن الطاقة النظيفة. حمائية ترامب جريمة وحماقة.

وكما قال الفيلسوف الإغريقي القديم هيراقليطس لا يمكنك أن تعبر نفس النهر مرتين. الحنين إلى الماضي ليس استراتيجية. فهو لا يمكن أن يعود. وكما ذكرتُ في مقال في نوفمبر الماضي من المستحيل استعادة الوظائف الصناعية المفقودة. فحصة التوظيف في الصناعة تراجعت حتى في بلدان لديها فوائض تجارية ضخمة.

في البلدان الغنية ارتفع الطلب على السلع المصنَّعة ببطء نسبيا لأن الناس يرغبون في الخدمات فيما تقلل التقنية الحاجة إلى عمال الإنتاج. وفي الأجل الطويل من المؤكد تقريبا أن يكون كل هؤلاء العمال «روبوتات». لا شك أن تفكيك الصناعة أوجد مشاكل اجتماعية وسياسية كبيرة. في الواقع إذا قارنا تدهور الفرص في الصناعة بالنسبة لمن هم أقل تعليما مع ارتفاع حصة السكان الحاصلين على تعليم ما بعد ثانوي يمكننا أن نرى عاملا محركا للشعبوية اليمينية الحالية. وترامب والآخرون من أمثاله من نتائج ذلك. لقد كانوا بارعين تماما في استغلال سخط «من تخلفوا وراء الركب» ضد أولئك الذين أطلق عليهم توماس بيكيتي وآخرون وصف «اليسار البراهمي».

المأساة هي أن الشعبويين لا يقدمون حلولا. هم فقط يستغلون غضب وإحباط الطبقات العاملة التي تتردى أحوالها من أجل مصلحتهم ومصلحة الأثرياء الأنانيين. وحمائية ترامب الحمقاء تجسيد مثالي لهذه المقاربة.

وكما ذكر (الكاتب الأمريكي الساخر) هنري لويس منكن «هنالك دائما حل لكل مشكلة إنسانية... حل جذاب ومعقول وخاطئ» الرسوم الجمركية أوضح مثال لهذا الحل الزائف. على العقلاء إيجاد حل أفضل بكثير.  

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة القیمة المضافة العجز التجاری بلیون دولار فی الصناعة على العجز

إقرأ أيضاً:

وزير الاستثمار: حريصون على تعميق الصناعة المحلية وزيادة القيمة المضافة

بحضور الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس ووزير الصناعة والنقل، شهد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، اليوم، تدشين خطوط الإنتاج الجديدة بمصنع احدى الشركات بمدينة السادس من أكتوبر، وذلك بحضور المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، و فرانك مارس، عضو مجلس إدارة شركة مارس العالمية والجيل الرابع من العائلة المؤسسة للشركة.

وفي كلمته خلال حفل تدشين خطوط الإنتاج أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن توسعات لشركة مارس، باستثمارات تجاوزت 280 مليون دولار خلال الفترة من 2023 إلى 2025 كما أصبح مصنعها في مصر من أكبر خمس مصانع تمتلكها الشركة على مستوى العالم، وهو ما يُعد تأكيدًا واضحًا على الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري، وعلى قدرة الدولة المصرية على توفير بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة، مدعومة ببنية تحتية قوية وخدمات داعمة لأي توسع إنتاجي رغم ما يشهده العالم من تحديات اقتصادية غير مسبوقة.

وأكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن هذا الاستثمار يعد نموذجًا للتكامل بين الاستثمار والإنتاج والتصدير، وهو النهج الذي تتبناه الدولة المصرية في رؤيتها الاقتصادية الجديدة، من خلال تعميق الصناعة المحلية، وزيادة القيمة المضافة، وتعزيز قدرة المنتج المصري على المنافسة في الأسواق الدولية.

زيادة الصادرات 

وتابع أنه مع تشغيل هذه الخطوط الجديدة، سيرتفع حجم صادرات المصنع إلى أكثر من 90% من إجمالي إنتاجه، لتصل إلى أكثر من خمسين سوقًا في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، وهو ما يعزز موقع الشركة ضمن كبرى الشركات المصدرة للمنتجات الغذائية من مصر، ويُرسخ مكانة مصر كمركز إقليمي للتصنيع والتجارة، مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز وشبكة الاتفاقيات التجارية الممتدة مع مختلف دول العالم.

دعم القطاع الخاص

وأوضح الخطيب، أن وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، حرصت بالتعاون مع وزارة الصناعة والهيئة العامة للاستثمار، على تقديم الدعم للشركة في تنفيذ مشروعها الجديد، من خلال تيسير جميع الإجراءات والموافقات اللازمة، وضمان استفادتها من الحوافز المقررة في قانون الاستثمار، وذلك بالتنسيق الكامل مع مختلف الجهات المعنية لضمان سرعة الإنجاز ودقة التنفيذ.

وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لبحث ملف تشغيل مشروع حدائق تلال الفسطاطمتى بشاي: وفرة كبيرة في السكر أدت إلى انخفاض سعر الطن لـ 1500 جنيه

وتابع أن هذا المشروع يأتي في إطار توسعات كبيرة للشركات الأمريكية العاملة في مصر خلال العام الحالي، وهو ما يعكس قوة الشراكة الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة، واستمرار ثقة مجتمع الأعمال الأمريكي في فرص النمو داخل السوق المصري.

ترسيخ بيئة استثمارية

وأوضح وزير الاستثمار والتجارة الخارجية أن الحكومة المصرية، بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعمل على ترسيخ بيئة استثمارية طويلة الأجل تقوم على الوضوح والاستقرار، مع مواصلة الجهود لتخفيف الأعباء المالية غير الضريبية التي يتحملها المستثمرون، وتنظيم وحوكمة منظومة الرسوم والأعباء بما يحقق العدالة والاستدامة، مضيفاً بأننا نمضي بخطى ثابتة في التحول الرقمي وربط الجهات المعنية بالاستثمار من خلال منصات موحدة لتيسير الخدمات وتقليل زمن الإجراءات، بما يعزز الشفافية وسرعة الأداء.

وأشاد الوزير بالدور المجتمعي الذي تقوم به شركة مارس في مصر، من خلال دعم المبادرات التنموية والمجتمعية، وتوفير فرص تدريب وتشغيل للشباب، بما يعكس التزامها الحقيقي بالمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع المصري.

وأضاف أن ما تحقق يمثل رسالة واضحة بأن الدولة المصرية ماضية في دعم كل استثمار جاد يسهم في تعميق الصناعة المحلية، وزيادة الصادرات، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، كما تجسد استثمارات شركة مارس نموذجًا ناجحًا للتكامل بين رأس المال العالمي والكفاءة المصرية، وبين الخبرة الدولية والقدرة المحلية على التنفيذ.

 

طباعة شارك وزير الاستثمار الصناعة المحلية المنتجات الصادرات وزير الصناعة

مقالات مشابهة

  • ترامب: الولايات المتحدة قد تفرض رسومًا جمركية على إسبانيا بسبب الناتو
  • الولايات المتحدة تبدأ فرض رسوم جمركية على واردات الأخشاب والأثاث
  • الصين تبدأ المواجهة الجمركية مع الولايات المتحدة
  • بدء فرض الولايات المتحدة والصين رسوما متبادلة على الموانئ
  • الأسهم الأمريكية ترتفع بدعم آمال تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • استقرار الدولار مع تركيز الأسواق على التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • تطوير ضرائب القيمة المضافة في الاقتصادات النامية
  • إعادة النظر في ضرائب القيمة المضافة في الاقتصادات النامية
  • وزير الاستثمار: حريصون على تعميق الصناعة المحلية وزيادة القيمة المضافة