يوم غضب بقابس التونسية ضد التلوث الكيميائي والأمن يقمع
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
تونس- تجددت أمس الأربعاء احتجاجات أهالي محافظة قابس جنوب تونس إثر تكرر حالات اختناق عدد من التلاميذ والأهالي في المناطق المحاذية للمجمع الكيميائي بالمنطقة، حيث تجاوز عدد الذين نقلوا للمستشفيات 100 إصابة خلال اليومين الأخيرين، بحسب مصادر إعلامية محلية.
وخرج الآلاف من السكان في مسيرة انطلقت من ساحة الشهداء بالمدينة نحو منطقة شط السلام الأكثر تضررا من تسربات المجمع، مطالبين بتفكيك وحداته الصناعية، بدعوة من حركة "أوقفوا التلوث" تنديدا بما اعتبرته لا مبالاة السلطة تجاه ما يحدث في المحافظة من تلوث وأمراض خطيرة.
وقد فرّقت قوات الأمن المحتجين باستعمال القنابل المسيلة للدموع في محاولة لمنع وصولهم إلى المجمع.
"هدية مسمومة"يُشار إلى أنه تم إنشاء هذا المجمع سنة 1969 بمنطقة شط السلام، وهو يحتوي على 51 وحدة إنتاج صناعية كيميائية، ويحول مادة الفوسفات إلى جملة من المواد الأخرى كالحامض الكبريتي والحامض الفسفوري الذي يحتوي على مادة الفوسفوجيبس.
وجاءت هذه المسيرة بعد يوم من اجتماع عدد من نشطاء المجتمع المدني مع ممثلي لجنة أرسلها رئيس الجمهورية قيس سعيد من العاصمة تونس لتفقد الوحدات الصناعية والخروج بتقرير مفصل عن حقيقة ما يحدث بالمجمع الكيميائي، وضمت اللجنة ممثلين عن وزارتي البيئة والصناعة.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال الحبيب قيزة الموظف السابق بالمجمع الكيميائي التونسي والأمين العام للكونفدرالية التونسية للشغل إن المجمع يعد "هدية مسمومة" لأبناء الجهة أضرت بالمنطقة على جميع المستويات، خاصة الصحية والاجتماعية.
وأكد تردي الوضع الصحي مع غياب الخدمات اللازمة وطالب بالوقف الفوري للمجمع، مشيرا إلى وجود دراسة جاهزة لنقله إلى منطقة "منزل الحبيب" بالجنوب بعيدا عن السكان، واعتبر أن غياب الإرادة السياسية يعد السبب الرئيسي لتواصل الأزمة.
من جهته، أكد الوزير السابق والقيادي في حركة الشعب وأحد أبناء المنطقة محمد مسيليني للجزيرة نت حصول ضرر كبير لمدينته قابس جراء ارتفاع نسب التلوث، موضحا أنه من حق المواطن التظاهر والتعبير عن رفضه للوضع الحالي. وأكد أن غياب قرار الدولة من شأنه أن يؤجج الأوضاع، وأن السلطة مطالبة بالتحرك الفوري لحماية المواطن من التلوث والأمراض المنتشرة.
إعلانوتتمثل أهم مطالب المجتمع المدني الناشط في مجال البيئة وضد تلوث المدينة جراء المجمع الكيميائي في إلغاء القرارات الحكومية الصادرة في الخامس من مارس/آذار الماضي والمتعلقة بإنشاء مشاريع الهيدروجين الأخضر ووحدة جديدة لإنتاج الأمونيا، مع التمسك بتنفيذ قرار حكومي صدر سنة 2017 يقضي بتفكيك وحدات المجمع الصناعية الملوثة.
هذا وأثبتت دراسة حديثة أجريت منذ 3 أشهر بطلب من المجمع نفسه عدم التطابق مع المعايير الدولية والوطنية بخصوص تصريف المياه المستعملة وشبكات الصرف الصحي، وهو ما يفسره تلوث البحر، وكشفت الدراسة نفسها المنشورة على الموقع الرسمي للمجمع تسجيل انبعاثات ملوثة للهواء وأقرت بمشاكل وحدات الإنتاج.
في حين أكد تحقيق أجراه مختبر "فاكيتا الفرنسي" منذ حوالي سنة إثر إجراء تحليلات للمياه وللرواسب قرب المجمع الكيميائي، إلقاء 14 ألف طن من الجبس الفوسفوري، إلى جانب إلقاء الماء والطين المحتويين على مستويات عالية من المعادن الثقيلة في البحر.
معاناة السكانويحمّل سكان المنطقة المجمع مسؤولية تدهور الوضع البيئي في قابس وتسببه في انتشار أمراض العقم والتشوهات الخلقية والحساسية وأمراض الجهاز التنفسي، وتعاني المحافظة من ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السرطان.
وأكدت دراسة محلية أجريت على منطقة شط السلام أن 40% من أطفال المنطقة المجانبة للمجمع الكيميائي مصابون بأمراض تنفسية، و10% من العائلات مصابة بسرطان الرئة، في حين بلغت نسبة الأسر المصابة بسرطان الكلى حوالي 12%.
وقالت المواطنة كريمة الشريف للجزيرة نت إنها خسرت اثنين من أبنائها بسبب مرض الالتهاب الكبدي، واضطرت لبيع أرضها ومسكنها المجاور للمجمع واستقرت في المدينة حتى تحمي عائلتها من التلوث والاختناق اليومي بالغازات السامة.
وأكدت أنها أيضا تعاني من مرض الفشل الكلوي، محملة التلوث الصادر عن المجمع السبب المباشر في إصابة ابنيها بمرض الفيروس الكبدي، وأشارت إلى أنه "تم التلاعب بتقريرهما الطبي، مما دفعها اليوم لرفع قضية تطالب فيها بحقهما".
من جهته، قال عبد الحليم كروف (70 عاما) رئيس جمعية مرضى السرطان في منطقة غنوش بمحافظة قابس للجزيرة نت إن سرطان الجيوب الأنفية هو الأكثر انتشارا في الجهة، وأرجع السبب الرئيسي إلى الغازات السامة الصادرة عن المجمع الكيميائي. وأوضح أنه أنشأ الجمعية بعد تجربة خاصة مع هذا المرض.
وقال محمد الماجري، أحد السكان بشط السلام للجزيرة نت "كل عائلة بالمنطقة تواجه مشكلات صحية، وذاقت طعم الفقد والمرض"، وتحدث عن إصابة حفيده بمرض مزمن منذ أن كان عمره سنتين، وأوضح أنه يحتاج تنفسا اصطناعيا بصفة يومية، إلى جانب إصابة زوجته السابقة بهشاشة العظام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات المجمع الکیمیائی للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان
كما تتبع الفيلم -الذي يحمل عنوان "غنائم الانسحاب"- مصير الجيش الأفغاني الذي أنفقت عليه واشنطن مليارات الدولارات، وجنوده الذين تلقوا تدريبا أميركيا ليصبح بعضهم مرتزقة لاحقا في حرب أخرى بين روسيا وأوكرانيا، وذلك من خلال مقابلات خاصة بمسؤولين عسكريين وسياسيين أفغان.
ففي 31 أغسطس/آب 2021، غادر آخر جندي أميركي الأراضي الأفغانية، وبعد ساعات قليلة اقتحمت وحدات النخبة من قوات "بدر 313" التابعة لحركة طالبان مطار العاصمة كابل متسلحة بعتاد أميركي. وجاء ذلك بعد أن سيطرت الحركة خلال شهر واحد على مراكز المدن الأفغانية.
ويظهر في الفيلم المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي وهو ينفي أن تكون القوات الأميركية قد تركت معدات وأسلحة عسكرية في أفغانستان، إلّا أن تقرير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، أكد أن الوزارة سلمت الكونغرس تقريرا -لم ينشر في وسائل الإعلام- تذكر فيه أن حجم ما تركته الولايات المتحدة خلفها من معدات يقدر بـ 7 مليارات و100 مليون دولار.
ويوضح جيسون ديمبسي، المساعد الخاص السابق لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية في أفغانستان، أن المعدات التي تركها الأميركيون وراءهم هي نفسها التي قدموها للجيش الأفغاني، ويشير إلى أن طلبان لم يكن لديها طائرات هيلوكوبتر حتى وصلت إلى كابل، وأنها أخذت -وفق قوله- المروحيات التي تركت للجيش الأفغاني، كما استولت على كافة الأسلحة بعد انهياره.
ويعتبر ديمبسي أنه من العار أن الأميركيين تركوا أسلحتهم خلفهم وعجزوا عن تشكيل جيش أفغاني قادر على القتال.
ويقر بلال كريمي نائب المتحدث الرسمي للحكومة الأفغانية سابقا -في شهادته- بسيطرة طالبان على الأسلحة الأميركية، ويقول إن "الأسلحة والعتاد من الغزاة والقوات المساندة لهم قد وصلت إلى أيدي مجاهدي الإمارة الإسلامية وهي آمنة الآن"، مشيرا إلى أن أفغانستان تمتلك حاليا قوة مكونة من وزارة الدفاع والمخابرات ووزارة الداخلية التي تملك قوات أمنية.
وعن مصير المعدات الأميركية التي وقعت في أيديهم، قال قائد الأركان الأفغاني قاري فصيح الدين فطرت إن "قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) حاولت إعطاب ما تركته خلفها من أسلحة ومعدات، لكن بعضها بقي سليما وصار في قبضة الإمارة الإسلامية، أما المركبات والمعدات التي دمرت جزئيا فنحاول إعادة تأهيلها وإصلاحها لاستخدامها".
وتمكن الفريق الذي أعد الفيلم الوثائقي من الوصول إلى قاعدة مطار كابل العسكري وتوثيق عدد من الطائرات العسكرية التي تستخدم في نقل الجنود والمعدات العسكرية، فضلا عن طائرات هيلوكوبتر قتالية أظهرت حالة معظمها أنها جاهزة للعمل.
وحسب بلال كريمي، فقد عمل الأميركيون قبل مغادرتهم على تدمير الطائرات وإتلافها، لكن الإمارة الإسلامية أصلحتها منذ توليها السلطة، وبعضها أصبحت جاهزة، ويجري العمل على إصلاح البقية، وفق تعبيره.
ويقول العقيد عباس دهوك، وهو مستشار عسكري سابق للخارجية الأميركية، إن الأميركيين تخوفوا بعد انهيار الحكومة الأفغانية أن تقوم طالبان باستخدام المعدات لخدمة مصالحها الخاصة، أو بيعها في السوق السوداء أو بيعها لدول مثل إيران أو روسيا أو الصين.
ويكشف -في شهادته- أن الطائرات والمعدات الحساسة قام الأميركيون بتعطيلها إلى حد ما، لكنه لا يستبعد أن تكون المعدات التي قدمتها الولايات المتحدة للقوات الأفغانية من مروحيات أو عربات الهمفي أو أسلحة قد انتقلت إلى طالبان قصدا.
كما تمكن الفريق الذي أعد الفيلم الوثائقي من دخول قاعدة بغرام العسكرية، التي كانت تعد من أكبر القواعد الأميركية في شمال العاصمة كابل، لكن لم يسمح له بالتصوير.
وعن حجم المعدات التي سيطرت عليها طالبان، جاء في الفيلم الوثائقي الذي بثته الجزيرة أن تقارير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان والتي استندت إلى تقارير وزارة الدفاع الأميركية، تؤكد أن طالبان سيطرت على أكثر من 900 مركبة قتالية مدرعة، و18 ألفا و414 مركبة ذات عجلات متعددة الأغراض عالية الحركة، و23 ألفا و825 مركبة تكتيكية خفيفة من نوع همفي.
كما استطاعت طالبان السيطرة على 131 طائرة من مختلف الأنواع منها 3 طائرات ضخمة تستخدم لنقل الجنود، وما يقرب من 33 طائرة هيلوكوبتر من نوع بلاك هوك، و56 ألف بندقية آلية و258 بندقية من طراز أم 4 وأم 16، إلى جانب 17 ألفا و400 جهاز رؤية ليلية، وأكثر من 150 ألف جهاز اتصال مختلف.
أين اختفى الجنود الأفغان؟
وعن مصير آلاف الجنود الأفغان الذين تركتهم الولايات المتحدة للمجهول، أظهرت المعلومات الواردة في تقارير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان أن كثيرا من الجنود والضباط الأفغان فروا من أفغانستان إلى الدول المجاورة مثل طاجاكستان وباكستان وإيران.
ويضيف التقرير أن عددا غير معروف من عناصر القوات العسكرية والأمنية المنحلة الذين بقوا في أفغانستان قد انضموا، إما إلى صفوف قوات طالبان أو تحالفوا مع جماعات أخرى مناهضة لطالبان أو جماعات مسلحة إقليمية مثل تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان.
والتقى الفريق الذي أعد الفيلم الوثائقي بشمس الدين أمرخي، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة في الجيش الأفغاني المنحل والذي عاد إلى أفغانستان أخيرا بعد مغادرته جبهة القتال في روسيا. ويقول إنهم ذهبوا إلى إيران للعمل بعد سقوط الحكومة وهناك شجعهم بعضهم على الذهاب إلى روسيا للمشاركة في الحرب الأوكرانية، لأن هناك كثيرا من المال.
وكشف أمرخي أن نحو 300 أفغاني شاركوا في الحرب الأوكرانية.
غير أن بلال كريمي، نائب المتحدث الرسمي للحكومة الأفغانية سابقا، أكد أن "الإمارة الإسلامية أعلنت العفو العام عن جميع أفراد الحكومة السابقة عسكريين ومدنيين، وحتى الآن يعيش عشرات الآلاف من أبناء النظام السابق في أفغانستان، وهناك ما يقارب 500 ألف مسؤول يعملون في الإمارة أو في الهيئات الحكومية".
Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 22:35 (توقيت مكة)آخر تحديث: 22:35 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ