يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واحدًا من أصعب فصول مسيرته السياسية، في ظل تطورات ميدانية متسارعة في قطاع غزة، وتزايد الضغوط الداخلية والخارجية، خاصة بعد تعالي الأصوات المنادية بفتح تحقيقات داخلية بشأن الأداء العسكري والسياسي لحكومته خلال الحرب. ورغم ما يبدو من تماسك حكومي في الكنيست، إلا أن المستقبل لا يبدو مضمونًا بالنسبة لنتنياهو.

فتح: ذريعة عدم تسليم الجثامين محاولة من نتنياهو للتنصل من التزاماتهعملية جراحية دقيقة لـ نتنياهو تثير تساؤلات حول مستقبله السياسي فى إسرائيل

في مداخلة مع قناة "القاهرة الإخبارية"، قدم الدكتور رمزي عودة، خبير الشئون الإسرائيلية، قراءة تحليلية شاملة لمشهد سياسي إسرائيلي مرتبك، وتساؤلات لا تتوقف حول مستقبل الرجل الأقوى في إسرائيل.

حكومة نتنياهو... ثقة مشروطة في ظل العاصفة

أكد الدكتور رمزي عودة أنه لا يزال من المبكر الحُكم على مصير نتنياهو بشكل نهائي، مشيرًا إلى أن حكومته ما زالت تحظى بثقة الكنيست، وهو ما يمنحها استقرارًا مؤقتًا رغم الغضب الشعبي المتزايد. وأضاف أن المشهد الإسرائيلي يشهد تغيرات كبيرة على وقع الحرب، ما يجعل الحديث عن إزاحة نتنياهو الآن سابقًا لأوانه، لكنه ليس مستحيلًا على المدى القريب.

ترامب يدخل على الخط: دعم سياسي أم تدخل في السيادة؟

في تطور لافت، أشار عودة إلى التصريحات الصادرة عن الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، والتي طالب فيها بمنح نتنياهو "حصانة سياسية". هذه التصريحات أثارت جدلاً واسعًا، واعتُبرت بمثابة رسالة غير مباشرة للمعارضة والساسة الإسرائيليين بأن واشنطن – أو على الأقل جزءًا من نخبها – لا تريد إنهاء مستقبل نتنياهو السياسي الآن.

وعدّ عودة هذه التصريحات محاولة أمريكية لمنح نتنياهو فرصة أطول للبقاء في الحكم، خاصة في ظل الحرب الجارية على غزة، والتي وصفها ترامب سابقًا بأنها "حرب إبادة".

لجان التحقيق تنتظر.. ونتنياهو يراوغ

أوضح خبير الشؤون الإسرائيلية أن نتنياهو نجح، حتى اللحظة، في تعطيل لجان التحقيق التي كان من المفترض أن تبدأ عملها لتقييم الأداء الحكومي والعسكري خلال الحرب، مستفيدًا من استمرار العمليات العسكرية. لكن عودة حذر من أن هذه المراوغة لن تستمر طويلًا، خاصة مع توقف القتال أو الوصول إلى هدنة، حيث سيكون من الصعب تجاهل مطالب التحقيق والمحاسبة.

وأشار إلى أن اتهامات التلاعب بالمعلومات، وإخفاء الحقائق عن اللجان المختصة، قد تُسهم في تفاقم أزمة نتنياهو، وتُعرضه لمساءلة سياسية حادة.

إخفاق سياسي وعسكري... وصناعة "وهم النصر"

لفت عودة إلى أن نتنياهو فشل في حسم المعركة كما وعد في بدايتها، وأن هناك ما وصفه بـ"الإخفاقات السياسية والعسكرية"، التي تُثير غضب الشارع الإسرائيلي، وتضع علامات استفهام كبرى حول جدوى الحرب. وأردف أن نتنياهو يحاول حاليًا استغلال ما سماه بـ"نشوة النصر" لتضليل الرأي العام الداخلي، والإيحاء بأن الحرب حققت أهدافها، بينما الواقع يُشير إلى عكس ذلك.

سيناريوهات المستقبل..هل ينجو نتنياهو؟

1. بقاء مؤقت بدعم من التحالفات واليمين المتطرف:
إذا استمر الدعم داخل الكنيست، ونجح نتنياهو في تجنّب لجان التحقيق، فقد ينجو سياسيًا لبعض الوقت، مستفيدًا من الانقسامات داخل المعارضة.

2. تحقيقات تُسقطه سياسيًا:
في حال بدء عمل لجان التحقيق، وتأكيد تقارير الفشل والإخفاق، قد يجد نتنياهو نفسه أمام سيناريو الإقالة أو حتى المحاكمة، خاصة مع تراكم الملفات ضده.

3. انتخابات مبكرة تُنهي مستقبله:
إذا استمر الضغط الشعبي والسياسي، قد تضطر إسرائيل إلى الذهاب نحو انتخابات مبكرة تُنهي عهد نتنياهو، خاصة إذا فشل في الحفاظ على تماسك حكومته.

طباعة شارك نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي قطاع غزة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي قطاع غزة لجان التحقیق

إقرأ أيضاً:

إحباط داخل إسرائيل.. حكومة نتنياهو لا تملك السيطرة على تنفيذ اتفاق غزة

بينما تعتقد قطاعات واسعة من الاسرائيليين أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب تقدم فرصةً برزت بعد عامين منها، عندما أدرك الاحتلال وحماس أن الاتفاق أفضل من الجمود الدموي، بجانب إطلاق سراح الرهائن، لكن الخطة ذاتها تحمل في طياتها نقاط ضعف قد تعيق تنفيذها بالكامل، وبالتالي فقد تُصبح هذه الفرصة النادرة إخفاقًا تاريخيًا آخر أمام الاحتلال.

البروفيسور إيلي فوديه أستاذ الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية، وعضو المجلس التنفيذي لمنظمة "ميتافيم"، وعضو تحالف الأمن الإقليمي، ذكر أنه "بعد عامين من هجوم حماس، وُقّع اتفاق قد يُبشر ببداية عهد جديد، وقد جاء نتيجة اجتماع مسألتين: أولاهما ضغوط هائلة مارسها ترامب ومساعدوه، ومن خلال حلفائه، مصر وقطر وتركيا، على حماس، وثانيهما أن الاحتلال وحماس وصلتا نقطة تُسمى في العلاقات الدولية "الجمود المؤلم للطرفين"، حيث أدركا أن الاتفاق أفضل من الوضع الحالي".


وأضاف في مقال نشرته القناة 12العبرية، وترجمته "عربي21" أن "حماس التي تعرضت لضربات عسكرية قاسية، وتم القضاء على معظم قياداتها في غزة، حصلت على ضمانات بعدم تجدد القتال، وإلا لما وافقت مُسبقًا على التخلي عن ورقة الرهائن، وهذا يُبقيها عاملًا مهمًا في المفاوضات حول مستقبل القطاع والقضية الفلسطينية عمومًا، ويُقدم انتصارًا على مستوى الوعي، بصمودها في المعركة، رغم كل الصعاب، بل وإعادتها القضية الفلسطينية لمركز الاهتمام الإعلامي".

وأشار أن "الاحتلال حقق إنجازات عسكرية على جبهات متعددة، وألحق أضرارًا بالغة بحماس، لكنه لم يُقضَ عليها بعد، ونجا قادتها من محاولة الاغتيال في الدوحة، وبعد عامين من الحرب، أدرك الجيش، الذي يعتمد بشكل كبير على جنود الاحتياط، أنه يُجرّ إلى حرب استنزاف في غزة، قد تستغرق وقتًا طويلًا، وتُسفر عن سقوط العديد من الخسائر، كما أدى إرهاق المجتمع الاسرائيلي من الحرب، والضغط المستمر من المظاهرات من أجل المخطوفين، إلى شعور بالإرهاق من التحرك العسكري، وإدراك أن الوقت لا يعمل لصالح المخطوفين".

وأوضح أن "خطة ترامب تتيح فرصة عظيمة للحل، ومن خلال في بحثي حول إخفاقات الصراع العربي الإسرائيلي، اكتشفت أن المشكلة تكمن في أن كل فرصة مثالية لا تُستغل فعليًا، وهناك أمثلة كثيرة على الإخفاقات: خطة ريغان 1982؛ مبادرة السلام العربية 2002، خارطة الطريق 2003، وغيرها، وتكمن مشكلة خطة ترامب المكونة من 20نقطة في أنها عبارة عن عدة خطط أو خطة واحدة بمراحل متعددة، دون جدول زمني مفصل، وشروط الانتقال من مرحلة لأخرى".

وأشار أنه "يجري حاليًا إنجاز المرحلة الأولى، وتشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وتقديم المساعدات الإنسانية، وقد أُدخلت بالفعل تغييرات على خطة ترامب الأصلية في هذه المرحلة، سواءً فيما يتعلق بعدد الأسرى المفرج عنهم، أو بخط انسحاب الجيش، ويرجّح أن تنتهي هذه المرحلة بنجاح، لأن شروطها مقبولة من جميع الأطراف منذ البداية، ولكن بجانب الفرحة التي سادت نهاية الحرب وإطلاق سراح الرهائن، فإن استمرار المفاوضات بشأن المراحل التالية يطرح مشاكل معقدة".

وأضاف أن "القضايا الرئيسية التي تنتظر الأطراف هي إنشاء إدارة مؤقتة لحكم غزة مسؤولة عن تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية، وقد طُرحت أسماء لقيادتها مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي يثير العداء لدى الجانبين العربي والإسلامي، وصولا لتفكيك حماس، ونزع سلاح القطاع، وانسحاب الجيش، ودخول قوة عربية/دولية.

وبالتالي والكلام للكاتب، فإن هذه هي المرحلة الحاسمة التي ستُختبر فيها جدية جميع الأطراف في الالتزام بالاتفاق، ويُحتمل أن تُشكل كل قضية بؤرة لتأخير المفاوضات، وربما حتى انفجارها، مع أن حماس تقدّم الاتفاق كوصفة لتعزيز شرعيتها في المجتمع الفلسطيني".


وختم بالقول إن "تأثير الاتفاق على السياسة الداخلية في دولة الاحتلال كبير جدا، فقد خلق تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب الشقوق الأولى في الحكومة اليمينية، ومن المفترض أنه مع تقدم المفاوضات، ستزداد معارضة اليمين، مما يهدد بقاء الحكومة، ومن المنطقي افتراض أن انتهاء الحرب وعودة المختطفين سيؤديان لتعزيز المطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، وهذه المطالب، بجانب استمرار المفاوضات، ستؤدي للتقدم في الانتخابات".

وتشير هذه القراءة الاستشرافية لمآلات الاتفاق في غزة أن الرؤية الإسرائيلية تعتمد الإصرار على مواصلة المفاوضات الفورية بوساطة أمريكية ومصرية، وربط مراحلها المختلفة، مما يعتبر الوصفة الأمثل لنجاح خطة ترامب، رغم أن تنفيذها يعتمد على عوامل عديدة خارجة عن سيطرة الاحتلال، وهنا قد يكشف حجم الإخفاق الذي مني به منذ اللحظة الأولى التي شنّ فيها حرب الإبادة على غزة، حتى نهايتها.

مقالات مشابهة

  • لماذا يخاف نتنياهو من عودة تركيا إلى غزة؟
  • مناهضة الاحتلال: نتنياهو يحاول تضليل الشارع الإسرائيلي بنشوة نصر وهمية
  • بعد وقف إطلاق النار.. تجميد العقوبات ضد إسرائيل في الاتحاد الأوروبي
  • وزير الخارجية يسلم رسالة من الرئيس السيسي لرئيس وزراء الهند.. ويؤكد أهمية تنفيذ وقف الحرب بغزة
  • رمزي عودة: نتنياهو يحاول تضليل الشارع الإسرائيلي بنشوة نصر وهمية
  • فشل عسكريا في غزة وحاول ترامب إنقاذه.. ما مصير المستقبل السياسي لـ نتنياهو؟
  • عملية جراحية دقيقة لـ نتنياهو تثير تساؤلات حول مستقبله السياسي فى إسرائيل
  • القضاء الإسرائيلي يمهل نتنياهو شهرا لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر
  • إحباط داخل إسرائيل.. حكومة نتنياهو لا تملك السيطرة على تنفيذ اتفاق غزة