إبراهيم شعبان يكتب: المرحلة الثانية لخطة ترامب.. النجاح أو الانفجار
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
على مدى عامين متواصلين، استمرت حرب الإبادة في غزة والتي دفع ثمنها الشعب الفلسطيني، نتيجة صفقة سياسية
أراها خسارةً: لم تُحرّر أرضًا، ولم تُنزل هزيمة استراتيجية بالعدو الإسرائيلي، بل اقتصرت على صفقة أطلقت خلالها سراح آلاف من الأسرى مقابل استشهاد نحو 70 ألفاً وإصابة ضعفهم، في حملةٍ قاسية أعقبت موجة "طوفان الأقصى".
المهم الآن هو المرحلة الثانية من خطة ترامب بعد وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والأسرى. وأرى أن هذه المرحلة أشد خطورة وأصعب بكثير من الأولى. فإن كانت الأولى أنهت الحرب جزئياً وأدّت إلى تبادل أسرى ورهائن، فالثانية إما أن تُكمل طريقَ الهدنة أو أن تُعيد الحرب بأبشع صورها.
وهنا يبرز دور الولايات المتحدة وترامب تحديداً. خصوصا وأن نتنياهو يتحدث عن انتصارٍ على حماس، لكنه يطالب بنزع سلاحها وفق خطة ترامب، وفي المقابل فإن حماس سبق أن أظهرت أن سلاحها ليس بندًا يسهل التخلي عنه، خصوصاً وأن التخلي المفاجئ يواجه رفضاً واضحاً من قيادات الحركة. وبالتالي، فإن نجاح الوساطة الأمريكية في المرحلة الثانية، يتطلب ضغطًا حقيقيًا على نتنياهو وردعًا للانحياز الأمريكي الصريح لإسرائيل.
من جانب آخر، فإن الشارع الفلسطيني والقوى والفصائل مطالبون بممارسة ضغوط على حماس لقبول ترتيبات جديدة. لكن ذلك يعني أن الحركة ستكون قد دفعت ثمنًا باهظًا، يتمثل في خروجها طواعية من طابور المقاومة الفلسطينية بعد مغامرة طوفان الأقصى.
الوضع في غزة يبقى مجهولاً ومشحونًا بالسيناريوهات الخطرة كذلك، خصوصا وأن مسألة تشكيل قوة دولية للدخول إلى القطاع ما زالت ملفًا ملغومًا: لا نعرف حجمها، ولا تكوينها، ولا جنسيتها، ولا الضمان بأن تكون آمنة من فعل حماس أو من انتهاكات إسرائيل المتكررة من قبل ضد منظمات الأمم المتحدة.
وهكذا واذا كانت المرحلة الأولى من خطة ترامب شملت وقف إطلاق النار، وانسحابًا إسرائيليًا جزئياً، وتبادلًا للمعتقلين والرهائن، ولقيت ترحيبًا في إسرائيل وغزة. فإن هناك بندًا آخر في الخطة لم يُحسم بعد وقد يهدد وقف النار: وهو هل تقبل حماس بالتخلي عن سلاحها؟ فيما تحدثت بعض المصادر عن نية الحماس الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية خلال فترة انتقالية.
كافة التحليلات ترى أن أمام غزة خيارين: إما السماح لحماس المتضررة بالاستمرار في إدارة القطاع بقبول إسرائيلي ضمني أو الانتقال تدريجيًا إلى سلطة فلسطينية أخرى، وهو خيار يرفضه نتنياهو. في المقابل، فإن نتنياهو دعم مجموعات عشائرية مسلحة في غزة، ما زاد الانقسامات وعمّق الصراعات الداخلية، وقد يدفع بالقطاع لحرب أهلية بفتنة إسرائيلية.
الخلاصة: المرحلة الثانية من خطة ترامب تقف عند مفترق طرق؛ إما أن تُمهّد لثبات نسبي وإنهاء لدوامة العنف، أو أن تُفضي إلى انفجارٍ أعنف. ونجاحها مرتبطٌ بقدرة المجتمع الدولي على فرض حلولٍ عادلة وحيادية، وبمدى استعداد حماس للتنازل عن سلاحها طواعية أو بضغط محكم يضمن حماية المدنيين وحقوقهم. وبضغط أكبر على نتنياهو المتعطش دوما للدماء طوال 18 سنة في حكم تل أبيب، وإلا فستظل غزة وحاضنتها الفلسطينية عرضةً لسيناريوهاتٍ قاتمة لا نُحمد عقباها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الشعب الفلسطيني طوفان الأقصى خطة ترامب وقف إطلاق النار المرحلة الثانیة خطة ترامب
إقرأ أيضاً:
معاريف تفضح نتنياهو.. رئيس حكومة الاحتلال يتعمد إفشال خطة ترامب للسلام في غزة
تتجه الأنظار إلى واشنطن حيث من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 ديسمبر الجاري.
ويأتي هذا اللقاء في ظل حالة من الغموض تكتنف مصير المرحلة الثانية من خطة ترامب للسلام وإعادة الإعمار في قطاع غزة.
وتكشف المحللة السياسية الإسرائيلية آنا برسكي في تقرير لصحيفة "معاريف" عن استراتيجية "الانتظار" التي تتبناها حكومة نتنياهو إزاء الخطة الأمريكية. وتقوم هذه الاستراتيجية على "عدم الرفض المباشر" للمبادرة لتجنب إحراق الجسور مع واشنطن، ولكن في الوقت ذاته، "عدم الاندفاع إلى الأمام".
وتراهن الحكومة الإسرائيلية على أن "الواقع في المنطقة سيفعل ما يفعله"، وتترك المبادرة الأمريكية تنطلق دون أن تظهر كمن يُفشلها عمداً.
وتؤكد برسكي أن الأطراف الفاعلة تتبنى ثلاث رؤى متباينة بشكل جوهري حول ترتيب الخطوات في غزة:
تطالب الرؤية الإسرائيلية بترتيب واضح يبدأ بـ "نزع سلاح حماس وإزالة سيطرتها" أولاً، ثم يلي ذلك فقط إعادة الإعمار ودخول القوة الدولية والانسحاب الإسرائيلي.
تقترح رؤية الوسطاء (دول الخليج ومصر والولايات المتحدة) ترتيباً معاكساً يبدأ بـ "بدء الإعمار"، وتشكيل حكومة تكنوقراط، ودخول القوة الدولية، ومن ثم معالجة ملف حماس "بالتدريج".
رؤية ترامب المتوقعة يدرك نتنياهو أن ترامب لن يقبل بالشرط الإسرائيلي المسبق، ويتوقع أن يطالب البيت الأبيض بـ "تقدم متواز" يشمل فتح معبر رفح، والبدء بإنشاء قوة الاستقرار، وتعيين حكومة تكنوقراط، وبدء نقاش عملي حول نزع سلاح حماس بشكل متزامن.
ويواجه نتنياهو ما تصفه برسكي بـ “كابوس مزدوج”، أمنياً: تخشى المؤسسة الإسرائيلية أن أي ترتيبات جديدة قد تسمح للطرف الآخر بالنمو والتقوّي، استناداً إلى التجارب السابقة، وسياسياً فإن أي خطوة قد تُفسر على أنها موافقة ضمنية على بقاء حماس أو إعادة الإعمار، قد "تفجر المعسكر اليميني" داخل إسرائيل، مهددة الائتلاف الحكومي لنتنياهو.
وتشير "معاريف" إلى صعوبة إيجاد دول توافق على إرسال جنود لقوة حفظ الاستقرار، حيث من المتوقع أن "دول أوروبا ستكتفي بالشعارات، ولن ترسل جنودها إلى غزة".