إيران في مرمى عواصم أوروبا.. تقرير يكشف "المشهد الخفي"
تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT
نشر موقع إلمونيتور تقريرا تحليليا، اعتبر فيه أن المواجهة الدبلوماسية الأخيرة بين إيران وبولندا بشأن مبيعات الطائرات المسيرة لروسيا، كشفت عن هشاشة الموقف الإيراني في أوروبا، في ظل ما وصفه التقرير بتراجع قدرة طهران على الموازنة بين التودد إلى أوروبا، وتعزيز تحالفها العسكري مع موسكو.
ويرى التقرير، أن هذه المواجهة بين وارسو وطهران، يعكس المأزق الأوسع الذي تواجهه إيران، مع تنامي انحيازها العسكري إلى موسكو في ظل الصراع الأوكراني، مما جعلها في عزلة متزايدة أوروبا، وتضاؤل نفوذها في الدبلوماسية النووية.
ماذا حدث؟
لجأ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة للرد على الانتقادات البولندية لمزاعم توريد طهران طائرات بدون طيار إلى روسيا، إذ كان يأمل في إظهار التحدي.
إلا أن هذا التبادل أبرز مدى هشاشة الدبلوماسية الإيرانية الأوروبية في ظل الصراع الأوكراني وتنامي انحيازها العسكري إلى موسكو.
وبدأ الخلاف بعد أن حثّ وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي طهران علنا على وقف مبيعات الطائرات بدون طيار وتراخيص إنتاجها إلى روسيا، متهما طهران بمساعدة موسكو في حربها في أوكرانيا.
ونشر سيكورسكي على موقع إكس: "من الجيد أن يكتب وزير خارجية إيران باللغة البولندية، لكن كان من الأفضل عدم بيع طائرات بدون طيار أو تراخيص إنتاجها لروسيا خلال عدوانها على أوكرانيا".
وأضاف لاذعا، مشيرا إلى أنه بدلا من "تصدير الثورة الإسلامية وتخصيب اليورانيوم"، ينبغي على إيران التركيز على "إعادة بناء الحضارة الفارسية، التي أذهلت العالم يوما ما".
وردّ عراقجي بسرعة، ونشر باللغتين الفارسية والبولندية، وقال إنه دعا نظيره البولندي لتبادل وثائق مدعومة بالأدلة بشأن هذه القضية.
وكتب عراقجي: "التهرب من المساءلة، وتكرار الادعاءات التي لا أساس لها، والإدلاء بتصريحات تدخلية لن يحل المشكلة".
كما استشهد بالتاريخ لتخفيف حدة المواجهة، مذكّرا وارسو بأنه خلال الحرب العالمية الثانية، آوت إيران أكثر من 100 ألف لاجئ بولندي وساعدت في تأسيس جيش بولندي على نفطها.
وأضاف: "يحاول أشخاص معادون للعلاقات الودية بين إيران وأوروبا اختلاق روايات لا تعكس الروابط التاريخية، بما في ذلك تلك بين إيران وبولندا".
عرض مسيرة إيرانية
ومع ذلك، كان التبادل أكثر بكثير من مجرد مشاعر تاريخية، فقد جاء بعد أيام قليلة من حدث رفيع المستوى داخل البرلمان البريطاني، حيث عرضت جماعة "متحدون ضد إيران النووية"، ومقرها الولايات المتحدة، ما زعمت أنه طائرة مسيرة إيرانية الصنع من طراز "شاهد-136" تستخدمها القوات الروسية على نطاق واسع في أوكرانيا.
وقد أثار العرض، الذي حضره مسؤولون بريطانيون وبولنديون، غضب طهران.
وندد عراقجي بالحدث ووصفه بأنه حيلة من تدبير "اللوبي الإسرائيلي ورعاته"، متهمًا الحكومات الغربية بـ"أداءات سخيفة" تهدف إلى مزيد من تقويض علاقات إيران الأوروبية.
وبالنسبة لطهران، أعادت هذه الحادثة للواجهة واحدة من أكثر مشاكلها الدبلوماسية إلحاحاً: الاتهام بأن طائراتها المسيرة من طراز "شاهد" منحت روسيا تفوقا حاسما في الضربات ضد الأهداف المدنية وأهداف البنية التحتية الأوكرانية.
وبينما تُصرّ إيران على أن تعاونها الدفاعي مع موسكو يعود إلى ما قبل الحرب ولا يشمل الطائرات المسيرة المستخدمة في أوكرانيا، فقد قدمت أجهزة الاستخبارات الغربية والسلطات الأوكرانية مرارا وتكرارا أدلةً من حطام الطائرات تُشير إلى خلاف ذلك.
وردّ مارك والاس، رئيس منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، على نفي عراقجي، متهمًا القيادة الإيرانية بنشر العنف وممارسة القمع في الداخل والخارج.
وكتب والاس على موقع "إكس": "إيران في حالة تراجع تاريخي، لأنكم (يقصد عراقجي) وخامنئي قد رعيتما وكلاء إرهابيين مُهلكين الآن، وأرسلتم طائراتكم المسيرة الانتحارية القاتلة حول العالم".
لطالما وضعت الحرب في أوكرانيا إيران في وضع دبلوماسي حرج.
فبعد تعميق تعاونها العسكري مع روسيا في ظل العقوبات الغربية التي ضغطت على البلدين، تجد طهران نفسها الآن أكثر اعتمادا من أي وقت مضى على موسكو في التكنولوجيا والتجارة والغطاء الدبلوماسي في الأمم المتحدة.
لكن هذا الاعتماد يأتي بتكلفة باهظة، وهي تزايد العزلة عن أوروبا، وتضاؤل نفوذها في الدبلوماسية النووية، وتضرر سمعتها حتى لشركائها التقليديين غير الغربيين.
"رواية طهران"
كما يأتي الخلاف المتعلق بالطائرات المسيرة بعد بضعة أشهر فقط من المواجهة المؤلمة التي استمرت 12 يوما بين إيران وإسرائيل، والتي كشفت عن نقاط ضعف في رواية طهران الرادعة.
ورغم أن الصواريخ الإيرانية اخترقت أجزاءً من أنظمة الدفاع الإسرائيلية، إلا أن هذه الحادثة قللت من مزاعم طهران بالهيمنة الإقليمية وأثارت شكوكا بشأن قوتها العسكرية.
في الداخل، حاولت قيادة طهران إعادة صياغة قضية الطائرات المسيرة على أنها نفاق غربي، حيث اتهمت وسائل الإعلام الرسمية الحكومات الأوروبية بازدواجية المعايير - إذ أدانت إيران على ما يُزعم أنها عمليات نقل أسلحة، بينما استمرت في تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة.
لكن إصرار إيران على قدرتها على التودد إلى أوروبا، وتسليح روسيا، وبسط نفوذها الإقليمي في آنٍ واحدٍ بدأ يتلاشى.
فقد حذّر الاتحاد الأوروبي مرارا وتكرارا من أن نقل الطائرات المسيرة الإيرانية قد يُؤدي إلى فرض عقوبات إضافية، بينما خفّضت أوكرانيا مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع طهران.
حتى الحكومات المتعاطفة، مثل الصين والهند، توخّت الحذر، مُدركةً مخاطر التقارب الوثيق مع دولةٍ مُتهمة بتأجيج حربين كبيرتين على سمعتها.
وذكر تقرير إلمونيتور: "ربما كان استحضار عراقجي للتراث الثقافي المشترك - مُستدعًا ذكرى اللاجئين البولنديين - يهدف إلى تخفيف وطأة الصدمة، لكنه سلّط الضوء أيضا على حاجة إيران المُلحّة إلى إنقاذ سمعتها في أوروبا في وقتٍ يتآكل فيه نفوذها إقليميا وعالميا".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات إيران موسكو الدبلوماسية النووية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وسائل التواصل الاجتماعي روسيا الدبلوماسية الإيرانية الأوروبية أوروبا مدن أوروبا إيران موسكو الدبلوماسية النووية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وسائل التواصل الاجتماعي روسيا الدبلوماسية الإيرانية الأوروبية أخبار إيران الطائرات المسیرة فی أوکرانیا بین إیران
إقرأ أيضاً:
إيران تطلق 3 أقمار اصطناعية جديدة من قاعدة روسية وسط توتر مع الغرب
تواصل إيران خطواتها المتسارعة في مجال التكنولوجيا الفضائية، مع إعلان وسائل إعلام إيرانية عن موعد جديد لإطلاق ثلاث أقمار اصطناعية محلية الصنع إلى الفضاء بالتعاون مع روسيا، في خطوة تعكس الشراكة التقنية بين البلدين وسط تصاعد الضغوط الغربية على طهران.
وذكرت وكالة "نور نيوز" القريبة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الخميس، أن صاروخا روسيا من طراز "سويوز" سيحمل الأقمار الإيرانية الثلاثة إلى المدار الأرضي في 28 كانون الأول / ديسمبر الجاري، انطلاقا من قاعدة فوستوتشني الفضائية الواقعة في أقصى الشرق الروسي.
وبحسب الوكالة، فإن هذه الدفعة الجديدة من الأقمار تأتي ضمن برنامج واسع تسعى من خلاله طهران إلى تعزيز قدراتها في الاستشعار عن بعد ومراقبة الموارد الطبيعية، إذ ستستخدم في الزراعة وإدارة المياه والرصد البيئي وتتبع التغيرات المناخية، إلى جانب تطوير أدوات دقيقة لمراقبة الأراضي الزراعية والكوارث الطبيعية.
تعميق التعاون الفضائي بين طهران وموسكو
ويعد هذا الإطلاق جزءًا من تعاون متنام بين إيران وروسيا في المجال الفضائي، حيث لجأت طهران خلال السنوات الأخيرة إلى التكنولوجيا الروسية لتجاوز العقوبات الغربية التي تعيق وصولها إلى المعدات والأنظمة الفضائية المتقدمة.
وكانت موسكو قد أطلقت في تموز / يوليو الماضي قمرًا اصطناعيًا إيرانيًا مخصصًا للاتصالات، ما اعتبر حينها نقلة مهمة في قدرات إيران على توفير بنى تحتية اتصال متطورة خارج نطاق الأقمار التجارية الغربية، وأكدت طهران حينها أن هذه الأقمار تساعدها في تحسين شبكات الاتصالات المدنية، بينما عبّرت مصادر غربية عن مخاوف من احتمال استخدامها أيضًا في أغراض مراقبة عسكرية.
أهداف مزدوجة.. مدنية وتكنولوجية
وتمثل الأقمار الجديدة خطوة مهمة في سعي البلاد لتحقيق "استقلال تقني" في مجالات مرتبطة بالأمن الغذائي ومراقبة البيئة، عبر توفير صور عالية الدقة للغطاء النباتي، ورصد التصحر، وتحليل الموارد المائية، وهي ملفات حساسة تواجهها إيران نتيجة سنوات من الجفاف وتراجع منسوب الأنهار.
كما يُتوقع أن تساهم المعلومات التي ستجمعها هذه الأقمار في تطوير استراتيجيات وطنية لمكافحة التلوث وتحسين إدارة المدن، خصوصًا في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
وكانت شركة "أميد فضاء" الإيرانية، العاملة في القطاع الخاص، قد بدأت مسارها الفضائي عام 2019 عندما شرعت في تطوير قمر "كوثر"، وتمكنت من الانتهاء منه بعد أربع سنوات من العمل المتواصل، واستنادا إلى الخبرة التقنية التي اكتسبتها خلال هذا المشروع، استطاعت الشركة إنجاز القمر الثاني "هدهد" خلال عام واحد فقط.