فزغلياد: مخاوف من أزمة مصرفية أميركية تهدد الاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT
كشفت صحيفة فزغلياد الروسية في تقرير مطوّل عن مؤشرات متصاعدة لأزمة مالية جديدة قد تمتد آثارها إلى النظام الاقتصادي العالمي، على غرار ما حدث في عام 2008.
وأوضحت الكاتبة أولغا ساموفالوفا، أن الذهب ارتفع إلى مستويات قياسية جديدة تقترب من 4400 دولار للأوقية، في حين تراجعت الأسهم الأميركية وارتفعت عوائد سندات الخزانة، ما يعكس حالة توتر واسعة في الأسواق المالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السبب الرئيسي وراء هذا الاضطراب هو الخسائر الكبيرة التي تكبّدها مصرفان أميركيان نتيجة قروض متعثّرة، في مشهد يعيد للأذهان بدايات الانهيار المالي قبل 17 عاماً.
بوادر أزمة تتسعتؤكد فزغلياد، أن شرارة الأزمة اشتعلت من جديد بعدما أعلن بنك زايونز خسائر بقيمة 50 مليون دولار في الربع الثالث، ما أدى إلى تراجع أسهمه بنسبة 13%، في حين هبطت أسهم بنك ويسترن ألايانس بنحو 11% إثر اكتشاف عملية احتيال مرتبطة بأحد المقترضين.
ورغم مساعي السلطات الأميركية لاحتواء الوضع، فإن حالة القلق انتقلت بسرعة إلى الأسواق، وسط مؤشرات على هشاشة القطاع المصرفي.
وقال المحلل المالي توني سيكامور من شركة "آي جي" في تصريح نقلته وكالة رويترز، إن "الإجراءات التي اتُخذت عام 2023 كانت تهدف لتفادي أزمة مصرفية، لكنها في الواقع قد تكون مهدت الأرض لأزمة جديدة"، مشيراً إلى أن إفلاسات العام الماضي كانت مجرد مقدمة.
قلق المستثمرين و"جبل الجليد"وأوضح الخبير الروسي ألكسندر باختين من شركة "غاردا كابيتال" أن الخسائر المعلنة ليست سوى "الجزء الظاهر من جبل الجليد"، وأن ما يخفيه النظام المالي الأميركي "قد يكون أخطر بكثير".
وقال باختين، إن حجم الخسائر المعلن -رغم تواضعه النسبي- أثار مخاوف عميقة لدى المستثمرين من أن تكون هناك بنوك أكبر تواجه مشكلات مشابهة، ما دفعهم إلى بيع الأسهم على نطاق واسع، وأدى إلى فقدان البنوك الأميركية نحو 7% من قيمتها السوقية خلال أسابيع قليلة.
إعلانويضيف أن "الديون المتعثّرة في قطاع الأعمال الأميركي لم تعد مشكلة نظرية، بل أصبحت واقعاً يُنذر بانهيار تدريجي في بعض المؤسسات، مذكّراً بأن مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي نجح مؤقتاً عام 2023 في إنقاذ بنكي "وادي السيليكون" و"فيرست ريبابليك"، لكنه فشل في 2008 حين اجتاحت الأزمة الاقتصاد العالمي وتسببت في إغلاق 500 مصرف أميركي بين 2008 و2015.
النظام المصرفي على حافة الخطريحذر باختين من أن خفض أسعار الفائدة وحده لن يكون كافياً لتفادي الأزمة المقبلة، مضيفاً أن "أحداً لا يعرف الحجم الحقيقي للمشكلات داخل النظام المصرفي الأميركي".
وأشار إلى أنه إذا تجاوزت القروض غير المسددة مستويات حرجة، فقد يؤدي ذلك إلى "أزمة شاملة يصعب احتواؤها"، لافتاً إلى أن مثل هذه الأزمات لا يمكن التنبؤ بها مسبقاً، لأن انهيار الثقة يحدث فجأة وبسرعة تفوق قدرة السلطات على التدخل.
وفي السياق ذاته، أكدت الخبيرة المالية يوليا كوفالينكو، أن أزمة بهذا الحجم "لن تبقى داخل حدود أميركا"، موضحة أن انخفاض السيولة في البنوك الأميركية ينعكس فوراً على الاقتصاد العالمي نظراً لدور الولايات المتحدة المحوري في النظام المالي الدولي.
وقالت كوفالينكو، إن "ما يجري اليوم يشبه من نواحٍ كثيرة أزمة الرهن العقاري عام 2008، حيث تتكرر ظاهرة التعثّر في السداد والاحتيال المالي، ما يؤدي إلى تراجع استقرار المؤسسات الائتمانية".
تأثير متسلسل على روسيا والاقتصادات الناشئةورغم أن العلاقات الاقتصادية بين موسكو وواشنطن في أدنى مستوياتها، يرى باختين أن روسيا لن تكون بمعزل عن التداعيات. وأوضح أن الاقتصاد الروسي "لا يزال مندمجاً في الأسواق العالمية، وإن عبر قنوات مختلفة"، مضيفاً أن أي تراجع في الطلب العالمي على السلع الأساسية مثل النفط والغاز والمعادن سينعكس سلباً على الصادرات الروسية.
وقال الخبير، إن النتيجة ستكون "انخفاضاً في تدفق العملات الصعبة وتراجعاً في قدرة الشركات على استيراد المعدات والمواد الخام"، ما سيؤدي إلى تباطؤ الإنتاج الصناعي وتراجع أرباح الشركات والإيرادات العامة.
وفي اختتام تقريرها، شددت فزغلياد على أن العالم يقف على حافة أزمة مالية جديدة، في ظل تراجع الثقة في النظام المصرفي الأميركي، وعودة الذهب ليؤدي دوره كـ"ملاذ أخير" في مواجهة انهيار محتمل في الأسواق، معتبرة أن "الأزمة هذه المرة قد تكون أعمق وأكثر شمولاً من تلك التي عرفها العالم عام 2008".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات إلى أن
إقرأ أيضاً:
مصرف سوريا المركزي: لدينا خطة للاندماج في النظام العالمي فور إنهاء قانون قيصر
قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية إن إنهاء العمل بقانون قيصر الأميركي سيكون المحطة الأخيرة والأهم لتمهيد الطريق أمام دمج بلاده في النظام المصرفي العالمي.
وينتظر أن يصوت الكونغرس الأميركي اليوم الأربعاء على الصيغة النهائية لملحق إلغاء "قانون قيصر"، ليصبح قانونا تُرفع بموجبه العقوبات الأميركية عن سوريا بشكل نهائي ودائم قبل عيد الميلاد.
وترك هذا القانون -الذي تم تعليق العمل به منذ سقوط نظام بشار الأسد– أثرا سلبيا على معاملات دمشق المالية وقدرتها على إدارة الاحتياطات بعدما توقفت غالبية المصارف العالمية عن التعامل معها، كما قال في مقابلة حصرية مع الجزيرة.
وبسبب هذا القانون، لم يكن مصرف سوريا المركزي قادرا على القيام بمهام مثل طباعة العملة، وتحديد السياسة النقدية، وجلب السيولة، وهي أمور أكد حصرية الشروع في العمل عليها فور إنهاء العمل بعقوبات قيصر.
الاندماج في النظام العالميولم تكن سوريا قادرة على الاستفادة من التكنولوجيا المالية العالمية بسبب عقوبات قيصر، التي وصف حصرية برفعها بالمعجزة، مؤكدا أن الاستفادة منها يتطلب وضع سياسات وأهداف مالية واضحة ومحددة.
وقال حاكم مصرف سوريا المركزي إن الحكومة وضعت خططا لتطوير النظام المالي والمصرفي فور رفع عقوبات قيصر، وإن المصرف تلقى تدريبات في وزارة الخزانة الأميركية وتباحث مع بنوك كبرى بشأن خطواته المستقبلية.
وتسعى دمشق بعد رفع العقوبات للاندماج في النظام المصرفي العالمي على نحو يجعلها قادرة على جلب السيولة والاستثمارات الخارجية، وقد وعدت دول مثل قطر والسعودية والإمارات وتركيا، بضخ استثمارات كبيرة في سوريا فور إنهاء العمل بقانون قيصر.
ووضع المصرف إستراتيجية مصرفية تمتد حتى 2030، وتقوم على مكافحة غسل الأموال، وتعديل السياسة النقدية لتعزيز الثقة في النظام المالي السوري من خلال تشريعات يجري العمل على وضعها، كما قال حصرية.
إعلانوستعمل الحكومة -حسب المسؤول السوري- على دعم القطاع المصرفي حتى يتمكن من بناء ثقة عالمية، وتحديد سياسة نقدية تعزز جلب الاستثمارات والسيولة على نحو يساعد على تعزيز الاحتياطات، وتوفير مزيد من فرص العمل للسوريين.
وستكون دمشق قادرة على تصدير والنفط والغاز، وتحريك قطاع الاستيراد والتصدير، وجلب المعدات اللازمة لدعم القطاع الصناعي، وكلها أمور ظلت معطلة لسنوات بسبب قانون قيصر.
وفي العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تعليق العقوبات المفروضة على سوريا ضمن قانون قيصر لمدة 180 يوما.
وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، أقر الكونغرس الأميركي قانون قيصر لمعاقبة أركان نظام الأسد على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين في سوريا.
ومن شأن إلغاء القانون أن يمهد الطريق لعودة الاستثمارات والمساعدات الأجنبية لدعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، التي تأسست في مارس/آذار 2025.
وشكّلت العقوبات الأميركية عقبة كبيرة أمام انتعاش الاقتصاد السوري، ويُعتبر رفعها دليلا على نجاح الحكومة السورية الجديدة.
وفرض قانون قيصر لعام 2019 عقوبات واسعة النطاق على سوريا استهدفت أفرادا وشركات ومؤسسات مرتبطة بالأسد، الذي حكم سوريا بعد وفاة والده حافظ الأسد من عام 2000 حتى إطاحته في 2024.
وسُميت هذه العقوبات بالاسم الرمزي لمصور عسكري سوري سرب آلاف الصور المروعة التي توثق التعذيب وجرائم الحرب التي ارتكبها نظام بشار الأسد.