جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-25@18:12:57 GMT

الجمعيات التعاونية.. الفكرة والمفكر

تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT

الجمعيات التعاونية.. الفكرة والمفكر

 

 

ناجي بن جمعة البلوشي

في خضم التحولات الاقتصادية العميقة التي تشهدها الساحة العالمية المتسارعة، نرى أنه لا زالت هناك عند البعض بقايا من الأفكار التقليدية يراد تطبيقها رغم كل مؤشرات الفشل التي سجلتها التجارب المحلية والإقليمية ومن هذه الأفكار العودة إلى تأسيس أو تفعيل الجمعيات التعاونية الاستهلاكية.

ونحن هنا لنضع ما يجب علينا وضعه وليكون واضحا من الجوانب المختلفة ومنها الخروج من المسلمات بل وإعادة تقييم جذرية لمثل هكذا أفكار وتشكيلها إلى أفكار ترقى لحل أو حلحلة تحدٍ ما، وليس اختلاق تحد وإشكال لم يكن موجودا أصلا؛ فالجمعيات التعاونية الاستهلاكية التي طالما صُورت كأدوات مثالية لتحقيق العدالة الاقتصادية والتعاون المجتمعي، ربما باتت اليوم تواجه تساؤلات حاسمة حول جدواها وأثر إنشائها ودعهما بلا حدود.

في عالم تتسارع فيه ديناميكيات الأسواق المفتوحة والعولمة المتشابكة والفضاء الإلكتروني المفتوح وتفعيل اتفاقيات التجارة الحرة العابرة للقارات بين الدول والأقاليم، فإنه لا يمكن لنا التبصر في هذه الفكرة كفكرة جديدة مبتكرة؛ بل هي مسودة قديمة عُثر عليها في زمن آخر. ولا يمكن لنا إنكار أن الجمعيات التعاونية الاستهلاكية نشأت في سياق اجتماعي واقتصادي محدود؛ حيث كانت تُمثل رد فعل جماعي على اعتقاد سائد بوجود احتكار للأسواق وتحكُّم في غلاء الأسعار، وحينذاك هيمن على تلك الأفكار خطاب التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع للتغلب على ما يلاقيه المجتمع من تحدٍ وإشكال، لكن هذا الخطاب انتهى فور غزو الاستثمارات المنافسة والمتطورة للعالم؛ بل وعندما وُضِع المستهلك والمستفيد أمام الخيارات المتعددة والتي لا حصر لها.

ومنذ ذلك الحين، أمسى المعتقد الذي كان سائدًا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بعيد المنال في بيئة اقتصادية مرنة لا حدود لها، خاصة وأن اليوم تحكمها قوانين العرض والطلب المتغيرة، والتنافسية الحادة، والانفتاح التجاري الذي أزاح الحواجز وحوَّل الأسواق المحلية إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين عمالقة الاقتصاد العالمي. وإذا أردنا أن نتحدث بالصراحة المطلقة فإنه وفي هذا السياق نقول: تبقى فكرة “التعاون” و”الاقتصاد التعاوني” في الجمعيات من أجل النجاح على المنافسة، مجرد وَهْمٍ لا أكثر، ولسبب بسيط هو افتقارها إلى القدرة على المنافسة الفعّالة؛ فالجمعيات، مهما وُضعت لها كل ممكنات نبل أهدافها، إلّا أنها غالبًا ما تُعاني من بطء إداري مزمن وضياع في التركيز وانتهاء من السوق، وذلك لمحدودية مواردها، وعجز في مواكبتها الابتكار التكنولوجي والتطورات اللوجستية التي تتطلبها الأسواق الحديثة والخبرة التي تتجاوب فوراً مع ما يمكن أن يكون.

إنَّ الأسواق المفتوحة والعولمة، التي وفَّرت فُرصًا غير مسبوقة لتدفق السلع والخدمات، خاصة لأولئك الذين يملكون فروعًا أخطبوطية في الإقليم، وبها فَرضت معايير جديدة صارمة للنجاح: السرعة، والكفاءة، والابتكار، والقدرة على استيعاب حجم أكبر من العمليات الاقتصادية وانفتاح كبير للموارد والدعم.

وفي مواجهة هذه المعايير لا ولن يستطيع نموذج الجمعية التعاونية الاستهلاكية التقليدي أن يجابهه بل سيكون ضعيفًا لا محالة؛ بل وأكثر من ذلك، قد يتحول إلى عبء على أعضائه والمجتمع والاقتصاد برمته؛ ذلك لأنَّ الاعتماد على العضوية الطوعية والحوكمة الديمقراطية، رغم ما تحمله من قيمة أخلاقية مجتمعية أصيلة، إلّا أنه لا يتناسب مع متطلبات السوق الديناميكية التي تحتاج إلى قرارات سريعة ومستثمرة بشكل عقلاني بعيدًا عن التردد الجماعي. كما إن محدودية رأس المال المخصص لهذه الجمعيات، تجعلها غير قادرة على المنافسة مع الشركات الكبرى التي تستثمر مئات الملايين من الريالات، ومنها ما يُصرف خصيصًا على البحث والتطوير والتسويق واكتشاف سلاسل الإمداد العالمية.

وإذا أردنا أن نضع رأيًّا في الانفتاح الاقتصادي الذي تشهده السلطنة فإننا نرى من زاوية التنمية الاقتصادية، أن المضي قدمًا أو التوجه في تفعيل الجمعيات التعاونية الاستهلاكية ربما قد يحجب النظر في الحاجة إلى بناء مؤسسات اقتصادية أكثر كفاءةً وابتكارًا، وقادرة على التكيف مع متطلبات السوق العالمية. كما قد يخلق جانب التمكين المُفرِط وهمًا زائفًا بالاستقلالية الاقتصادية وسياسة السوق الحُر، مما يُعطِّل جهود تطوير البنية التحتية التجارية وتحسين بيئة الأعمال بشكل عام.

أما من الناحية الاجتماعية، فقد تسهم هذه الجمعيات في تعزيز بعض القيم الإيجابية مثل التعاون والتضامن المجتمعي، لكن ذلك لا يمكن أن يُغطِّي على محدوديتها في خلق فرص عمل ذات جودة، أو تعزيز الاقتصاد الحقيقي عبر الاستقطاب النوعي في ذات المجال، كما إنها ستقضي على ما تبقى من محال صغار المستثمرين في الحارات والمناطق الصغيرة.

أما عن التجارب، فإذا أردنا أن نتصفح نموذجًا فيما مضى من تجارب، فإن قوات السلطان المسلحة وشرطة عُمان السلطانية والحرس السلطاني العُماني، على دراية بتجاربهم ويمكن للجميع الاستفادة والتعرف على تجاربهم من قرب، وعندها لا تحتاج مثل هذه الأفكار إلى مراجعة نقدية عميقة، فبدلًا من التفكير فيها كنموذج اقتصادي مستقل، يجب إعادة توجيه الطاقات نحو بناء اقتصاد تنافسي يستوعب التطور العالمي، ويكفل تنمية اقتصادية مُستدامة قائمة على الكفاءة والابتكار.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حج الجمعيات 2026.. شروط ورابط التقديم وسعر الاستمارة

حج الجمعيات الأهلية 2026.. يرغب عدد كبير من الراغبين في أداء فريضة الحج، معرفة شروط التقديم على حج الجمعيات الأهلية، ورسوم الاستمارة الإلكترونية، وذلك بعد بدء وزارة التضامن الاجتماعي تلقي طلبات التقديم.

وتقدم «الأسبوع» للزوار والمتابعين في السطور التالية، كل ما يخص حج الجمعيات الأهلية 2026، ضمن خدمة تقدمها في مختلف المجالات، ويمكنكم المتابعة بالضغط هنــــــــا.

رسوم استمارة التقديم الإلكترونية لحج الجمعيات الأهلية

تبلغ قيمة استمارة التقديم الإلكترونية لـ حج الجمعيات الأهلية 200 جنيه للفرد الواحد، وتشمل مجموعة من البيانات المُهمة من ضمنها اسم الإدارة الاجتماعية التابع لها محل سكن المتقدم وأيضاً التوقيع على أنه مراجعة الطلب، وأن الحاج مستوفي الشروط المعتمدة ولائق صحياً وبدنياً وقادر على خدمة نفسه، وفقا للوزارة.

رابط التقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026

وأتاحت وزارة التضامن للراغبين في أداء فريضة الحج المستوفيين لكافة الشروط التقدم بطلباتهم إلكترونيًا عن طريق البوابة الموحدة للحج من خلال الضغط على الرابط هنـــــــــــــــا.

شروط التقديم على حج الجمعيات الأهلية

حددت الوزارة عددًا من الشروط الواجب توافرها في الراغب بأداء فريضة الحج لهذا الموسم، منها:

- أن يكون أحد أعضاء الجمعية العمومية للجمعية الأهلية المسجل بعضويتها عند تقديم الطلب.

- أن يكون مسددًا للاشتراك السنوي، سواء كان عضوًا عاملًا أو منتسبًا.

- أن تكون الجمعية أو المؤسسة مقيدة قبل تاريخ 1 يوليو 2025م.

- ألا تكون الجمعية أو المؤسسة قد أقيمت ضدها دعاوى قضائية لحلها أو حل مجلس أمنائها من الجهة الإدارية أو إحالتها للنيابة العامة.

- أن يكون المتقدم مقيمًا بدائرة المحافظة وفقًا لبطاقة الرقم القومي أو أن يقدم مستندًا دالًا على عمله أو إقامته بالمحافظة المتقدم منها في حال اختلافها عن المثبت بالبطاقة.

- ألا يكون قد سبق للمتقدم أداء فريضة الحج من قبل طوال حياته، حيث سيتم التحقق من ذلك عقب إعلان نتيجة القرعة من خلال شهادة التحركات.

-أن يكون كامل الأهلية لأداء المناسك، ومصري الجنسية.

- ألا يقل سن المتقدم عن 21 عامًا في 8 فبراير 2026م (الموافق 20 شعبان 1447هـ)، ويُستثنى من ذلك المرافق لأحد الوالدين بشرط ألا يقل عمره عن 18 عامًا.

- لا يُشترط وجود محرم شرعي للسيدات دون 45 عامًا.

- يشترط وجود مرافق للمتقدمين الذين تزيد أعمارهم على 75 عامًا، وفقًا للسن المحدد في 8 فبراير 2026م.

- يشترط وجود مرافق من نفس الجنس لأصحاب الإعاقة الحركية أو البصرية وفقًا للتقرير الطبي المعتمد من وزارة الصحة.

موعد التقديم على حج الجمعيات الأهلية

وبدأت وزارة التضامن الاجتماعي، في تلقي طلبات التقديم حج الجمعيات الأهلية 2026 من الراغبين في أداء فريضة الحج لموسم حج 1447هجريا إلكترونياً، على يستمر التقديم حتى يوم الخميس الموافق 6 نوفمبر المقبل.

اقرأ أيضاًحج الجمعيات الأهلية 2026.. الشروط ورابط التقديم لأداء الفريضة

عاجل.. «التضامن» تفتح باب التقديم لـ حج الجمعيات الأهلية 2026 اليوم

رسوم استمارة التقديم الإلكترونية لحج الجمعيات الأهلية 2026

مقالات مشابهة

  • حج الجمعيات الأهلية 2026.. رابط وخطوات التسجيل والشروط المطلوبة
  • فلسفة الذكاء الاصطناعي.. الوعي بين الفكرة والآلة
  • حج الجمعيات 2026.. شروط ورابط التقديم وسعر الاستمارة
  • لا تهاون مع الفساد.. وزير الزراعة يحيل مخالفات الجمعية التعاونية بالعسيلية للنيابة
  • وزير الزراعة يحيل مخالفات «الجمعية التعاونية بالعسيلية» للنيابة العامة
  • وزير الزراعة يحيل مخالفات "الجمعية التعاونية بالعسيلية" للنيابة العامة
  • طريقة التقديم فى حج الجمعيات الأهلية
  • استمرار دوام الاستهلاكية المدنية ليوم غد
  • اجتماع لمناقشة سبل تعزيز أداء جمعية معين التعاونية في العاصمة