متظاهرون يحيون ذكرى فيضانات إسبانيا المميتة
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
تظاهر الآلاف في مدينة فالنسيا الإسبانية، اليوم السبت، إحياءً للذكرى السنوية الأولى للفيضانات التي وقعت العام الماضي وخلفت عشرات القتلى وخسائر مادية تقدر بالملايين في الممتلكات والبنى التحتية.
وجابت مجموعات من المتظاهرين، بعضهم يحمل لافتات كتب عليها "عدالة"، وسط ثالث أكبر مدينة في إسبانيا قبل التظاهرة.
تأتي هذه الاحتجاجات بعد مرور نحو عام من تسبب أمطار غزيرة في 29 أكتوبر 2024 بفيضانات في بلدات قريبة من فالنسيا، ما أسفر عن مصرع 229 شخصا، وهي الكارثة الطبيعية الأكثر حصدا للأرواح في إسبانيا منذ عقود.
وشارك آلاف الأشخاص في الاحتجاج الذي دعت إليه منظمات اجتماعية ومدنية وعمالية.
ومن المقرر أن تنتهي المسيرة قرب مقر الحكومة الإقليمية في فالنسيا. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: إسبانيا فالنسيا فيضانات
إقرأ أيضاً:
ما ينبغي أن يقال في ذكرى تحرير ليبيا
تاريخ 23 أكتوبر هو الذكرى السنوية لـ "التحرير"، والإشارة هنا إلى الإعلان عن تحرر البلاد من قبضة النظام السابق العام 2011م، حيث أصبح هذا اليوم عطلة رسمية كل عام من ذلك التاريخ، غير أن هناك ما ينبغي عن يقال عن هذا الحدث، ذلك أن التحرير اقتصر على التخلص من قبضة الاستبداد والدكتاتورية، ولم يتسع ليشمل التحرر من كل مظاهر الاستبداد وتوابعه التي ما تزال حاضرة إلى اليوم.
المسؤولون الليبيون الذين تعاقبوا على المناصب الحيوية في البلاد تلبسوا، بدرجات متفاوتة، بالسلوك الدكتاتوري: تفردوا بالقرار، وأقصوا الخصوم، ووقعوا في تجاوزات خطيرة، وإذا نظرت بشكل أعم، فإن في عقول جُل الليبيين دكتاتور صغير يحرك سلوكا يعرقل الانتقال وتخطي هذا الوضع البائس، ولهذا أسبابه ودوافعه.
ثقافة التسامح والحوار وقبول الرأي الآخر واحترام القوانين والعمل بشكل منظم ومنضبط ومؤسسي لا تزال مفقودة في الواقع الليبي، والاستثناء مساحته محدودة، واذا غابت هذه القيم والمبادئ، فإن البديل هو موروثات الدكتاتورية التي هي قرين التخلف.
لهذه الأسباب تعثر الانتقال بعد سقوط الدكتاورية في البلاد، ولهذه العلل يمكن أن تستمر حالة التخبط الراهنة، وأي جهود ومساعي لتجاوز الأزمة الخانقة سيكون نتيجها الإخفاق ما لم تراع الأسباب الحقيقة لاستمرار حالة التخلف والفشل في السير بثقة وثبات صوب الاستقرار والنهوض.
المنخنق السياسي والانفلات الأمني والتردي الاقتصادي والاجتماعي هي انعكاس لحالة التخلف التي هي إفراز المرحلة الدكتاتورية، ذلك أن جذور التأزيم في مختلف أبعاده ترجع إلى حقبة الاستبداد، والشواهد على ذلك عديدة، وليس هذا محل استعراضها، وبالتالي فإن تخطي الأزمة يكون من خلال التحلل من أفات التخلف والاستبداد.
سياسيا تقف ليبيا اليوم على مفترق طريق له ثلاث مخارج: إما السير الصحيح صوب الاستقرار والنهوض عبر الأخذ بمقومات الانتقال الصحيح، وإما المراوحة باستمرار حالة النزاع الراهنة، والمراوحة لا تعنمي الثبات على هذا الوضع، بل هي سير إلى المجهول وانزلاق إلى وضع أشدا تعقيدا وتأزيما، وثالث المخارج هو العودة إلى الاستبداد.
المسار الانتقالي الرشيد إلى فضاء الحريات والحقوق والمؤسسات وسيادة القانون له اشتراطاته ومقوماته، وهو مسار شاق وطويل، ولكن لا بديل عنه للولوج إلى التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والانحراف عنه يكون بسبب غياب الرؤية والمعرفة وخوار الهمة والهزيمة النفسية، وهذا فرق جوهري عند الحث عن مقومات الانتقال وعوامل نجاحه.حالة المراوحة تغذي شرايين الاستبداد وتمهد له الطريق، ذلك أن الغالبية العظمى من المواطنين يستجيبون إلى ما يعتقدونه الخلاص من الفوضى والاضطراب السياسي والأمني والتردي الاقتصادي والاجتماعي، ويكونون عرضة للتسليم بالحكم الدكتاتوري اعتقادا أنه وسيلة الوصول إلى بر الآمان، لذلك فإن استمرار الحالة الراهنة هي بمثابة الدفع باتجاه البديل الاستبدادي.
المسار الانتقالي الرشيد إلى فضاء الحريات والحقوق والمؤسسات وسيادة القانون له اشتراطاته ومقوماته، وهو مسار شاق وطويل، ولكن لا بديل عنه للولوج إلى التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والانحراف عنه يكون بسبب غياب الرؤية والمعرفة وخوار الهمة والهزيمة النفسية، وهذا فرق جوهري عند الحث عن مقومات الانتقال وعوامل نجاحه.
دراسة لمعهد "أيديا انترنشنوال" أكدت أن تحقيق الانتقال من حالة التخلف والاستبداد إلى الاستقرار والنهوض تعتمد بدرجة كبيرة على القيادة التي تشرف على مرحلة الانتقال، وأن هذه القيادة ينبغي أن تتحلى بسمات وخصائص من أهمها:
ـ الرؤية والتخطيط الاستراتيجي للانتقال.
ـ القدرة على التعبئة واحتواء كافة المكونات والقوى على الأرض.
ـ التحمل والاستعداد للتضحية في مواجهة التحديات.
ـ الاعتماد على كوادر مؤهلة للسير بقاطرة الانتقال صوب محطتها الاخيرة.
والحقيقة أن أبرز سبب من أسباب تعثر عملية الانتقال في ليبيا بعد العام 2011م هو الافتقار إلى القيادة وفق الخصائص المشار إليها، ذلك أن من أشرفوا على تسيير المرحلة الانتقالية وقعوا في شرك ردود الفعل، وانقادوا وفق رغبات ومصالح ومطالب مختلف الفواعل على الأرض، السياسية، الأمنية، الاجتماعية..الخ.
"جوهان غالتنغ"، المختص في قضايا النزاع والسلم، يرى أن حلقة النزاع في دول الأزمات يمكن أن يمتد عمرها بالمراوحة بين فترة قصيرة من السلم تعقبها مواجهات مسلحة، وأن هذا الوضع قابل للاستمرار ما لم يتم كسر حلقة النزاع بمقاربة تنهي النزاع كليا، تقوم هذه المقاربة على ركيزتين أساسيتين:
1 ـ الإجراءات التأسيسية وتشمل عدد من المقاربات الجزئية هي العدالة البناءة التي تعالج جذور الأزمة، والتحول الثقافي الذي يفرض قيم التسامح والحوار كبديل للتنازع، المؤسسات القوية، السياسية والاقتصادية والقضاءية، والمجتمعية، التي تملئ الفراغات وتعالج المشكلات.
2 ـ الإجراءات الوقائية، وتتضمن وضع دستور ينظم العلاقات ويحفظ الحقوق، والتنمية الاقتصادية التي تحقق مستوى مقبول من العيش الكريم، والتعليم الذي يلعب دورا في بناء الوعي.
إن الخلاصة النهائية لإجراءات كسر حلقة النزاع هي بناء مجتمع ناضج رافض للنزاع ومحرك رئيسي باتجاه الاستقرار والتقدم على مختلف المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.