تحدث المفكر والروائي الدكتور يوسف زيدان، عن رؤيته لمفهوم التصوف وحقيقة الممارسات التي تصاحب الموالد الشعبية في مصر، مؤكدًا أن ما يحدث في تلك المناسبات هو "جنون فلكلوري جميل لا علاقة له من قريب أو بعيد بالتصوف الحقيقي".

وأوضح “زيدان”، خلال لقائه مع الإعلامي عمرو حافظ، ببرنامج "كل الكلام"، المذاع على قناة “الشمس”، أنه كان قد كتب رأيه في هذا الشأن عبر صفحته على فيس بوك، ونُشرت تصريحاته في عدد من الصحف، مشيرًا إلى أن بعض من وصفهم بـ"المشايخ بين قوسين" انزعجوا من كلامه وردوا عليه ببيانات رافضة، لكنه أكد أن القضية ليست في الرفض أو القبول، بل في تحديد معنى التصوف الحقيقي.

وقال: "التصوف نزعة إنسانية عامة موجودة في النفس البشرية، وهي طلب السمو والترقي الروحي، ولا ترتبط بدين معين، يمكن أن نجد صوفية بين الهندوس والنساك والمسيحيين واليهود، بل وحتى بين الفنانين الكبار الذين ينعزلون عن الناس بحثًا عن العمق والصفاء."

وأوضح أن التصوف في جوهره حالة روحية لا علاقة لها بالمشيخة أو الطرق المؤسسية، منتقدًا المقولة الشائعة "من لا شيخ له فشيخه الشيطان"، معتبرًا إياها "كلامًا فارغًا"، مدللًا بأمثلة من التاريخ الصوفي "محيي الدين بن عربي لم يكن له شيخ، والحلاج كذلك، وكذلك الحارث المحاسبي وذو النون المصري والنفري ورابعة العدوية، التي تُعد من أجمل الشخصيات في تاريخ التصوف."

وانتقد الصورة التي قدمتها السينما المصرية عن رابعة العدوية، واصفًا فيلمها بأنه "قلة أدب" في حق امرأة عاشت حتى الثمانين من عمرها ونالت احترام كبار العلماء مثل ابن تيمية، مشيرًا إلى أنه يكتب حاليًا رواية جديدة عن عبد القادر الجيلاني، الذي وصفه بأنه "أكبر شيخ صوفي على الإطلاق"، موضحًا أن عدد أتباع طريقته القادرية في العالم يتراوح بين 80 و100 مليون شخص.

واستشهد بقول عبد القادر الجيلاني: "الشيخ مرحلة في حياة السالك إلى الله، فإذا استقرت نفسه واهتدى طريقه، يقطع عن الشيخ، فيكون لكل منهما طريق إلى الله"، مؤكدًا أن العلاقة الدائمة بين الشيخ والمريدين "تحوّل الطرق الصوفية إلى تشكيلات أقرب للعصابات، لا للتجارب الروحية".

ولفت إلى أن الطرق الصوفية ظهرت بعد سقوط الخلافة العباسية في منتصف القرن السابع الهجري، كنوع من التعويض الروحي الشعبي بعد فقدان المسلمين لمركزيتهم الرمزية، مشيرًا إلى أن التصوف الأصيل أقدم من ذلك بكثير، ويمثل تجربة إنسانية تتجاوز الأديان والثقافات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدكتور يوسف زيدان يوسف زيدان مصر التصوف إلى أن

إقرأ أيضاً:

قانون ترامب.. ليس كبيرًا.. وليس جميلًا!

 

يُروَّج في بعض الدوائر السياسية والإعلامية لما يُعرف مجازًا بـ «قانون ترامب» أو سياساته المقترنة باسمه بأنها إصلاحات "كبرى وجميلة" تقلب موازين الاقتصاد والسياسة لصالح المواطن الأمريكي، لكن القراءة المتأنية تكشف لنا بوضوح أن هذا الوصف يحمل قدرًا من المبالغة وربما التضليل. ما هي أبرز بنود هذا القانون؟

يشمل هذا القانون "خفض ضريبة الشركات" من ٢٥٪ إلى ٢١٪، وإلغاء "ضرائب على الإكراميات" في جميع القطاعات، وزيادة "إنفاق الدفاع" بـ ١٥٠ مليار دولار، وتمويل "أمن الحدود" بـ ٧٠ مليار دولار، وتقليص "دعم الرعاية الصحية": من خلال خفض أكثر من ٧٠٠ مليار دولار من "ميديكيد".

أول ما يلفت النظر هو أن ما يُسمى بـ «قانون ترامب الكبير والجميل» لم يأتِ في سياق مشروع شامل للإصلاح البنيوي، بل جاء في صورة تعديلات ضريبية وإجراءات سريعة تخدم مصالح محددة: تخفيضات ضريبية كبيرة للشركات الكبرى والأثرياء تحت شعار «تحفيز الاستثمار» و«خلق الوظائف». لكن الواقع أظهر أن الجزء الأكبر من هذه الأرباح لم يُعاد استثماره في الاقتصاد الحقيقي، بل تم توجيهه لإعادة شراء الأسهم، ما عزز ثروات المساهمين والمديرين التنفيذيين بدلًا من تحسين حياة الشرائح الأوسع من المجتمع.
من الناحية الاقتصادية، لم يكن القانون «كبيرًا» بالمفهوم العميق للكلمة؛ أي لم يُحدث تحوّلًا نوعيًا في بنية الاقتصاد الأمريكي، بل عمّق الاختلالات القائمة، وساهم في زيادة العجز المالي للولايات المتحدة إلى مستويات قياسية.

أما من الناحية الجمالية، بمعناها الأخلاقي والسياسي، فلم يكن القانون «جميلًا». الجمال في السياسة لا يقاس بالشعارات الرنانة، بل بمدى تحقيق العدالة، والتوازن، والاستقرار، والاستدامة. وهنا تحديدًا أخفق القانون؛ إذ افتقر إلى العدالة الضريبية، وجاء محملًا بفلسفة ضيقة ترى في السوق وحده مفتاح الخلاص، متجاهلًا المسؤولية الاجتماعية للدولة تجاه مواطنيها الأقل حظًا.

بعيدًا عن العناوين المضلِّلة حول النمو والفرص، ظهرت آثار عميقة سلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي أبرزها:
١- تفاقم التفاوت الطبقي: إذ استفاد الأثرياء بشكل رئيسي، بينما تضرر محدودو الدخل عبر تقليص الخدمات.
٢- العجز المالي: ارتفع الدين الفيدرالي نتيجة فقدان الخزانة العامة لموارد ضخمة من الضرائب دون تعويض كافٍ من النمو الحقيقي.
٣- تراجع الاستثمار في البنية التحتية: بسبب تحويل الموارد من الإنفاق العام إلى الإعفاءات الضريبية.
٤- إضعاف العدالة الاجتماعية: حيث فقدت السياسات جانبها التوازني الذي يقي الفئات الضعيفة من السقوط تحت خط الفقر المدقع.

في النهاية، لم يكن «قانون ترامب» كبيرًا لأنه لم يُؤسس لرؤية اقتصادية عادلة وشاملة، ولم يكن جميلًا لأنه تجاهل إنسانية السياسة الاجتماعية، وأطاح بقيم التضامن المجتمعي لصالح مصالح نخبوية قصيرة المدى. حيث أظهرت التجربة أن تقليص الرعاية الصحية والغذائية لا يؤدي إلى اقتصاد أقوى، بل إلى مجتمع أكثر فقرًا، وأقل استقرارًا.

مقالات مشابهة

  • يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي والفيل لا تمتّ للحقيقة بصلة
  • يوسف زيدان: يزيد بن معاوية أمر بنصب خيمة شراب الخمر فوق الكعبة
  • قانون ترامب.. ليس كبيرًا.. وليس جميلًا!
  • محافظ كفر الشيخ يشدد على تنفيذ أعمال الرصف طبقًا للمواصفات.. صور
  • يوسف زيدان يكشف حقيقة تعاونه مع ناشر إسرائيلي: لا داعي لهذا الضجيج
  • عادل زيدان: الضغط الأمريكي على الاحتلال لإنجاح اتفاق شرم الشيخ يعد نجاحا للجهود المصرية بقيادة الرئيس السيسي
  • السيسي والتوظيف السياسي لمولد السيد البدوي
  • الإفتاء: التصوف جزء أصيل من الشريعة وليس خروجًا عنها
  • «جنون الأهداف» يهز شباك أوروبا 71 مرة خلال يومين