أولياء الله.. سرُّ النور في زمن العتمة
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، أن وجود أولياء الله الصالحين في الأمة فرض كفاية؛ بمعنى أنه لا بد أن يكون في كل زمان ومكان من يدعو الله فيستجيب له، ليبقى الإيمان حيًا في قلوب الناس، وليكون هؤلاء الأولياء دليلًا على وجود الإله واستمرار رحمته في الأرض.
مفهوم الولاية والصلاحوقال الدكتور علي جمعة في حديثه عن مفهوم الولاية والصلاح، إن الإمام السيوطي أشار إلى أن دائرة أولياء الله هي من فروض الكفايات، موضحًا أن الله عز وجل أقام في كل عصر من يلجأ إليه الناس ليدعو لهم فيستجاب دعاؤه، فيشعرون بحلاوة القرب من الله، وتطمئن قلوبهم باستجابة الدعاء.
وبيّن أن الدين يتكوَّن من ثلاث ركائز: العلم، والعبادة، والدعوة إلى الله، فالعلم يقوم عليه العلماء والفقهاء والمفسرون، أما الدعوة فهي عمل الدعاة في خدمة الناس، وتشبه في عصرنا الحالي العمل الاجتماعي والجمعيات الأهلية. بينما تتجلى العبادة في الإحسان والتربية الروحية، وهي المهمة التي قامت بها طائفة الأولياء لحفظ جانب الإحسان في الأمة.
وأشار الدكتور جمعة إلى أن الأولياء الحقيقيين لا يعلنون عن أنفسهم ولا يطلبون مكانة أو شهرة، فالولاية لا تُعيَّن رسميًا، وإنما "يعيّنهم الله والخلق"، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ:"إذا أحبَّ الله عبدًا نادى في الملأ الأعلى: إني أحب فلانًا فأحبوه..."
وأضاف أن من وُفِّق للقاء ولي من أولياء الله عليه أن يطلب منه الدعاء، كما كان يفعل النبي ﷺ مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ قال له:"أشركنا في صالح دعائك يا أُخيّ."
وأكد جمعة أن عداوة بعض الناس لأولياء الله أمر متكرر في التاريخ، كما كان هناك أعداء لأنبياء الله، فالولي امتداد لنور النبوة، لكنه لا يوحى إليه. أما ما يظهر على أيديهم من خوارق للعادة فهي كرامات، أقرّ بها أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية، مثل ما ورد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه كان يسمع سلام الملائكة.
وشدد المفتي السابق على أن الأولياء يستحون من الكرامات التي تظهر عليهم، لأنهم لا يسعون إليها، مشبهًا حياءهم من ذلك بحياء البكر من دم حيضها، موضحًا أن الولي لا يريد أتباعًا ولا شهرة، وإنما يريد أن يرشد الناس إلى الله بالذكر والفكر.
وقال إن بعض الناس يربطون علاقتهم بشيوخهم بما يظهر من كرامات، في حين أن الولاية ليست في الخوارق بل في الأدب مع الله، مؤكدًا أن انتظار الكرامات أو طلبها يُعد نقصًا في التوحيد والإيمان والإحسان.
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالقول:"الولي هو من يُعلِّمك الأدب مع الله، لا من تُجرى على يديه الخوارق، فالخوارق فضل من الله، لكن الإيمان الصادق هو أن تعبده دون انتظار المعجزات، بل لأنك تعرفه وتوقن به."
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جمعة علي جمعة ومفتي الجمهورية السابق أولياء الله الصالحين الأولياء أولیاء الله
إقرأ أيضاً:
عبادة بسيطة يحبها الله تجعل نفسك مطمئنة وتنير وجهك.. علي جمعة يوضحها
قال الدكتور علي جمعة ، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، إن الله سبحانه وتعالى يخاطبُ العالمين؛ العالِمَ والجاهلَ في كلِّ العصور، وبكلِّ الألسنة، فيرسم لنا برنامجًا بسيطًا نستطيع أن نحقِّق فيه ما أَمَر، وأوَّل ذلك قولُه تعالى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 2 - 4]، مفتاحٌ تستطيع به وحدَه أن تقيم الإسلامَ كلَّه في نفسك، وأن تصلَ إلى النفسِ المطمئنة.
﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ قبل الفجر؛ استيقِظْ، وما الذي يجعلك تستيقظ؟ إنك تريدُ الله. صلِّ ركعتين، واختمهما بركعةٍ للوتر؛ فقد كان رسولُ الله ﷺ «يصلِّي صلاةَ الليلِ مثنَى مثنَى، فإذا خشي الصبحَ أوتر بركعة» (رواه أحمد في مسنده).
صلِّ بالليل؛ فإن الليل صاحبُ القرآن، والليلُ فيه السكينة، وفي ثُلُثِه الأخير ينزل ربُّنا سبحانه وتعالى إلى السماءِ الدنيا فيقول: «من يسألني فأُعطيَه، من يستغفرني فأغفر له» (البخاري).
فالله سبحانه وتعالى يُعطيك فرصة، وفي هذه الأوقات بركة، وهذه البركة تتنزّل فيها الأسرارُ والأنوار؛ الأسرارُ التي تنبثق من قلبك لتعلَم الأدبَ مع الله، والأنوارُ التي تُطمئِن قلبَك وتُوجِد البركةَ في حركاتك وسكناتك في يومك.
جرِّب قيامَ الليل؛ فإن الله يُنوِّر به القلوب، ويغفر به الذنوب. جرِّب قيام الليل؛ فهو مفتاحٌ بسيط، ولكن الله سبحانه وتعالى ذكَره في سياق بناء شخصيَّة عبادِ الرحمن. وأنت في قيام الليل كُن خائفًا من الله، خائفًا من عذابِه، مُلتجِئًا إليه سبحانه وتعالى؛ فإن هذا يجعلك تعيش في جوٍّ آخر غير الجوِّ الذي يريدون أن نعيش فيه، فتكون نفسُك لوَّامةً في بداية الأمر، ثم لا تزال ترتقي حتى تصيرَ راضيةً مرضيَّةً بعد ذلك، مطمئنَّةً في نهاية المطاف، كاملةً في سيرها إلى الله بعد ذلك.
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن تُراثُ المسلمين جديرٌ بالتأمُّل والاستفادةِ منه في دراسةِ النفسِ البشريَّة، حيث تكلَّموا عن مراتبِ النفس السبع.
فالنفسُ الأمَّارةُ بالسوء، قال تعالى: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [يوسف: 53]،
والنفسُ اللوَّامة، قال تعالى: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: 2]،
والنفسُ المُلهَمة، قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 7 - 10]،
والنفسُ المُطْمَئِنَّة، قال تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ﴾ [الفجر: 27]،
والنفسُ الراضيةُ ثم النفسُ المرضيَّة، قال تعالى: ﴿ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾ [الفجر: 28]،
والنفسُ الكاملة. ولكلِّ مرتبةٍ من مراتب هذه النفوس خصائصُ وعلاماتٌ وصفات.